أعلن الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، نيته القيام بزيارة إلى جزر الكوريل، التابعة لروسيا والتي تدعي اليابان ملكيتها، بعدما اختتم زيارته للصين، حيث زار مقبرة للمقاتلين الروس والسوفييت الذين قتلوا خلال حربين بين روسياواليابان عامي 1905 و1945. وفي بيان صدر بعد اجتماع الرئيس ميدفيديف مع نظيره الصيني، هو غينتاو في بكين، ندد الجانبان بمحاولات تحريف تاريخ الحرب العالمية الثانية، وتمجيد من أشعلوا تلك الحرب وتلويث صورة المحاربين المحررين، وكان واضحا أن البيان يقصد اليابان بالتحديد. والجدير بالذكر أن رئيس روسيا زار الصين في الوقت الذي شاب فيه توتر شديد العلاقات اليابانية الصينية، بعدما اعتقل حرس الحدود الياباني قبطانا لسفينة صيد صينية بالقرب من جزر سينكاكو التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها، ولكن تسيطر عليها اليابان. وقال عضو في الوفد الروسي إن الهدف من زيارة الرئيس ميدفيديف المرتقبة إلى الكوريل، هو تأكيد اتفاق وجهتي نظر روسيا والصين على عدم جواز إعادة النظر في نتائج الحرب العالمية الثانية، وأكد العضو أن توحيد السياسة بين روسيا والصين تجاه اليابان أمر منطقي، لأنهما الخاسر الأكبر من سياسات اليابان العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية. والخلاف بين روسياواليابان حول تبعية جزر الكوريل، ما زال يشكل العائق الرئيس أمام توقيع معاهدة سلام بين البلدين. وقد تم توثيق حق اليابان في هذه الجزر يوم 7 فبراير 1885، عند توقيع أول اتفاق روسي ياباني حول التجارة وترسيم الحدود. وانتقلت السيطرة على الجزر إلى موسكو بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وانتشرت فيها القوات السوفييتية بين شهري أغسطس وسبتمبر من عام 1945، وفي فبراير عام 1946 تم ضمها رسميا إلى أراضي الاتحاد السوفييتي. و يوم 19 أكتوبر من عام 1956 تم توقيع إعلان مشترك بين اليابان والاتحاد السوفيتي ينهي حالة الحرب، وبموجب هذا الإعلان وافقت موسكو على تسليم طوكيو جزيرتين من الجزر الأربع بعد توقيع معاهدة سلام. غير أن تمديد اليابان لاتفاقيتها الأمنية مع الولاياتالمتحدة عام 1960، جعل الحكومة السوفييتية ترفض النظر في قضية الجزر خشية أن تنتشر فيها قوات أميركية. ولم تتمكن موسكو وطوكيو من التوقيع على معاهدة السلام منذ عام 1945، بسبب النزاع حول الجزء الجنوبي من جزر الكوريل. وتدعي اليابان ملكيتها لأربع جزر في جنوب مجموعة الكوريل، في حين لا ترى روسيا سببا للتشكيك في الهوية الروسية لهذه الجزر، التي تعتبر أن الاتحاد السوفييتي حررها من الاحتلال الياباني في نهاية الحرب العالمية الثانية. وسرعان ما أثار كلام الرئيس الروسي عن زيارته المزمعة لجزر الكوريل، عاصفة سياسية في طوكيو، ودعت الحكومة اليابانية الرئيس الروسي إلى إلغاء زيارته المقررة. وجاء على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة اليابانية، يوسيتو سينغوكو، إن طوكيو أبلغت موسكو وجهة نظرها حيال الزيارة عبر قنوات مختلفة. وردا على سؤال الصحفيين عما إذا كان الجانب الياباني يدعو الرئيس ميدفيديف إلى الامتناع عن زيارة جزر الكوريل الجنوبية، أجاب سينغوكو قائلا: انعم، هذا صحيحب. أما وزير الخارجية الياباني الجديد، سيجي مايهارا ، فذهب أبعد من ذلك، إذ من المعروف عن الوزير الشاب أنه اكتسب صفة االصقورب في السياسة اليابانية بفعل تصريحاته المتشددة بشأن جزر الكوريل الجنوبية. لقد حذر مايهارا من أن العلاقات الروسية اليابانية ستصطدم بعوائق جدية، في حال تمت زيارة ميدفيديف إلى جزر الكوريل. الرد الياباني الانفعالي يعد خطأ تكتيكيا، حيث إن اليابانيين جعلوا من زيارة روتينية يقوم بها الرئيس الروسي إلى الجزر معضلةً سياسية، ناهيك عن أن ما بدر منهم سيجعل زيارة الجزر مسألة مبدأ بالنسبة للرئيس الروسي، كما أن رحلة ميدفيديف إلى هذه الجزر ليست أمرا استثنائيا، فالرئيس هو ضامن الدستور، ومن واجبه زيارة جميع أنحاء البلاد مهما كانت نائية، وحل المشكلات التي تواجهها. كما أن امتناع الرئيس عن القيام بهذه الرحلة الآن، من شأنه أن يفسح المجال لاتهامه بالضعف وبتقديم تنازلات غير مبررة لطوكيو. وقد أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية، أندري نيستيرينكو، الخميس الماضي أن موسكو ترفض محاولات اليابان لمنع زيارة الرئيس الروسي إلى جزر الكوريل، وقال في مؤتمر صحفي في موسكو: ايحدد الرئيس الروسي مسار جولاته داخل البلاد بنفسه، وتعد أية تدخلات من الخارج بهذا الشأن أمرا غير مقبولب.