أكدت مصادر من وزارة العدل أن برنامج تعيين بعض المسؤولين القضائيين الجدد ببعض المحاكم المغربية، يندرج في إطار التدابير الاعتيادية التي تقوم بها وزارة العدل في هذا الشأن، وأن عملية التعيينات الأخيرة ستتلوها عمليات أخرى في المستقبل المنظور. وإذا كان بعض المتتبعين يعتبرون أن هذا التوجه يندرج في إطار تهييء الشروط الضرورية لإنجاح مشروع إصلاح القضاء فإن مصادر من داخل وزارة العدل تؤكد بأن هذه التعيينات كان من المفروض القيام بها منذ مدة، إما لملء بعض مواقع المسؤولية التي ظلت شاغرة، أو لتطبيق التقليد المتعلق بالتداول على المسؤوليات وعدم السماح ببقاء نفس المسؤول القضائي في موقع معين لمدة طويلة، وذلك اعتمادا على ضوابط وقواعد معروفة مسبقا، ولكن هذه المصادر لم تنف وجود علاقة بين هذه العملية وإصلاح القضاء في إطار شمولي ، باعتبار أن هذا الأخير يستوجب وجود فريق عمل جديد سواء على مستوى المركزي أو الجهوي أو المحلي، وهذا الفريق ينبغي أن يتمتع بعناصر الكفاءة المهنية والاستقامة في السلوك والجدية في العمل، وهذا يعني إعادة هيكلة الجسم القضائي وقطاع العدل في مجمله، ولكن بشكل تدريجي يأخذ بعين الاعتبار المكتسبات المتراكمة، ويعمل على معالجة الثغرات والنقائص. والملاحظ أن عمليات التعيينات الجديدة همت المدن الكبرى ومختلف الحواضر المغربية بعدد من جهات المملكة، وتشمل الدارالبيضاء والرباط والقنيطرة ووجدة وأكادير وفاس والناضور والحسيمة وشفشاون وسطات والجديدة والمحمدية وبني ملال وتزنيت.. ويشكل الاهتمام بالموارد البشرية واستفادة مختلف جهات المملكة بالخبرة والتجربة التي اكتسبها رجال القضاء في ممارستهم المهنية عنصرا معززا لإشاعة الثقة والنزاهة والفعالية في دور المؤسسة القضائية وإذكاء روح المبادرة والابتكار لدى القضاة مع تقوية الأخلاقيات المهنية. ويؤكد المتتبعون أن نجاح ورش إصلاح القضاء يستلزم التركيز على مجموعة من المحاور، التي تهم معالجة المشكل المتعلق ببطء تنفيذ الأحكام القضائية» وتبسيط المساطر وتوحيد الاجتهاد القضائي، وإعادة النظر في دور النيابة العامة بما يضمن حماية المؤسسة القضائية وتدعيم استقلال القضاء، وتفعيل المفتشية العامة بالوزارة وجعل التفتيش اداة استشارية معززة للدور الاصلاحي للمؤسسة القضائية، وتوفير الآليات التشريعية والإجرائية لإعادة النظر في مسألة الامتياز القضائي، ومعالجة مشكل ازدواجية القوانين بما يضمن تكريس مبدأ المساواة في العدل والقانون وفي اللجوء الى المحاكم وفي الاحتكام الى نص قانوني واحد، دون إغفال معالجة الجوانب المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء وحرية الرأي والتعبير والاعلام والديمقراطية وحقوق الانسان، المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولاشك أن في مقدمة أهداف الإصلاح تحقيق الثقة والمصالحة بين المواطنين والمؤسسة القضائية باعتبار أن المواطن مازال حتى الآن، ينظر للقاضي بعين الريبة باعتباره خصما وليس حكما. وتوضح مصادر من وزارة العدل أن الحكومة منكبة على ورش إصلاح القضاء وفق المحاور الست للإصلاحات التي حددها جلالة الملك في خطابه السامي بمناسبة ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2009، وهو ما أكده الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي أمام البرلمان، حيث اعتبر إصلاح القضاء من أهم الأوراش الهيكلية التي تباشرها الحكومة، مشيرا الى إعداد مشاريع قوانين تصب في اتجاه تعزيز ضمانات استقلال القضاء من الناحية المؤسساتية وتحصينه بدعم وسائل المراقبة، وابرز أهمية تبسيط المساطر القضائية وتقريب القضاء من المتقاضين، وضمان شروط المحاكمة العادلة، في دعم التفتح لدى المواطنين في الجهاز القضائي بكل مكوناته.. وإذا كان النهوض بالموارد البشرية والبنيات التحتية مدخلا لتوفير شروط نجاح هذا الورش الكبير، فإن الوزير الأول أكد أن ميزانية قطاع العدل سجلت ارتفاعاً ملحوظا، خاصة في مجال الموارد البشرية والبنيات التحتية الضرورية لتفعيل مخطط التحديث والعصرنة الكفيل بجعل العدالة قادرة على رفع التحديات وترسيخ الديمقراطية وروح المسؤولية وسيادة القانون وتوفير البنية الملائمة للرفع من وتيرة النمو.