الخط : إستمع للمقال طفا على السطح خلال اليومين الماضيين، وبالضبط بعد حلول رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بمجلس النواب، خلال الجلسة الشهرية، نقاش حول موضوع تضارب المصالح الذي وقع فيه رئيس الحكومة إثر دخول إحدى شركاته الى صفقة استراتيجية ضخمة تتعلق بتحلية المياه. وكان موقع "برلمان.كوم" سباقا للتنبيه إلى هذا الاختلال الخطير قبل الحسم في مسار الصفقة، بل وقبل موافقة اللجنة الوطنية للاستثمارات على هذا الاستثمار، وحذر الموقع اكثر من مرة من تداعيات ما يعتزم رئيس الحكومة الإقبال عليه،وخطورته على البلاد بصفة عامة. ولم يكتف موقع "برلمان.كوم" بالتحذير من تنازع المصالح لدى رئيس الحكومة فقط، بل حذر من امتداده الى وزراء آخرين في الحكومة،وهو ما قد يشكل سابقة وخرقا سافرا للقوانين. اكثر من كل هذا ،فإن موقع "برلمان.كوم" كان قد عمل بحس استباقي ونبّه إلى خطورة تضارب المصالح قبل أن يتولى أخنوش رئاسة الحكومة، وقدم معطيات وأرقاما حول هذا الأمر وكشف تجليات هذه الخطورة، وكيف سيؤثر هذا الموضوع على المواطنين، خصوصا وأن أخنوش يعتبر زعيم مؤسسات مهيمنة على قطاع حيوية ومنها المحروقات في المغرب، وهو ما تبينت حقيقته للمغاربة بل وشعروا بتداعياته إثر تولي هذه الحكومة تدبير الشأن العام، حيث غرق المغاربة في غلاء غير مسبوق في تاريخهم الحديث والقديم،إضافة إلى الارقام المهولة لحجم البطالة التي ناهزت 22 في المائة. ولسائل أن يسأل، هل كان على الفاعلين والمعنيين والمتابعين أن ينتظروا حتى تكمل حكومة أخنوش نصف ولايتها، لكي يعترف رئيسها أمام نواب الأمة بشكل أو بآخر، بكل ما نشرناه وأعدنا نشره في حينه وقبل حينه؟ بل وإن مجلات وصحف دولية نقلته عن موقعنا بكل مهنية مشيرة إلى اسم المصدر، ليصرخ بعض البرلمانيين محتجين وإن كان بشكل متأخر نسبيا عن مساهمات شركات رئيس الحكومة في الاستثمار، في عهد تدبيره للشأن العام،في مشاريع وأوراش استراتيجية ذات حساسية كبرى، ولعل صفقة إنجاز محطة تحلية مياه البحر مجرد مثال واحد وإن كان صارخا. وفي هذا الصدد، أكد عبد الصمد حيكر، عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، في تصريح لموقع حزبه، أن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية لاحظت في سابقة خطيرة، بأن رئيس الحكومة وقع في شبهة خطيرة لتضارب المصالح، وذلك بحصول الشركة التي يساهم فيها، بأكبر صفقة تتعلق بأكبر محطة لتحلية المياه بجهة الدارالبيضاءسطات. وأضاف حيكر في تصريحه، أن رئيس الحكومة ترك موضوع البنية التحتية لكي يستغل منبر البرلمان ويجيب بصفته صاحب شركة أو مساهم في شركة استفادت من هذا المشروع، مؤكدا أن هذا الأمر خطير جدا، وهو دليل على أن رئيس الحكومة ليس لديه أي مشكل أن يعيش حتى النخاع في وضعية تضارب المصالح، ويدافع عن نفسه بكون المشروع خضع لصفقة وبطريقة قانونية، متسائلا "من يقدر على منافستك وأنت رئيس الحكومة". وأشار حيكر في تصريحه، إلى أن هذا الأمر يفسر التراجع الذي يعرفه تحسين مناخ الأعمال ويفسر أيضا تراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية لأكثر من 50 في المائة في عهد هذه الحكومة، في إشارة منه إلى احتكار أخنوش لكل الصفقات الكبرى بالبلاد، عبر مجموعته الاقتصادية التي تنشط في عدة قطاعات، المحروقات، الهيدروجين، الأكسجين، الماء، في البر وفي البحر وفي الجو... وفي ظل هذه الوضعية، وبعدما تم الجهر بوجود شبهة تضارب مصالح رئيس الحكومة خلال جلسة دستورية ومن داخل قبة البرلمان، فكيف يمكن للمغاربة أن يثقوا بأن الزيادات والغلاء الذي تعرفه مجموعة من المواد ببلادنا الخدمات، المواد الغذائية، اللحوم، المحروقات، البوطا.. لن يتوسع ليمتد غدا إلى الماء الصالح للشرب؟ بل ومع سعي رئيس حكومتنا لبسط سيطرته ووضع يديه على أهم القطاعات المثمرة بالبلاد، سياسيا واقتصاديا، خاصة بعد تعيين مقربين منه بمؤسسات ذات بعد محوري واجتماعي، يبقى التساؤل المطروح، هل سيشمل نفوذ عزيز أخنوش قطاعات ذات حساسية خطيرة لارتباطها بالامن الاجتماعي ؟ إن المأمول طبعا هو أن يعي رئيس الحكومة خطورة الأمر، ويرفع يده عن مثل هذه القطاعات الاستراتيجية ذات الحساسية الكبرى، والتي لا يجب أن يكون التحكم فيها بين أيدي الخواص، فما بالك بالخواص من قادة الأحزاب.. وهنا نتساءل عن سر غياب الرؤية في مثل هذه الصفقات.. بل ونستحضر إمكانية إشراف صندوق الإيداع والتدبير والمكتب الشريف للفوسفاط أو المكتب الوطني للماء الصالح للشرب على مثل هذه الاستثمارات.. هذا بغض النظر عن خطورة تضارب المصالح وتنازعها بشكل مخيف جدا. إن مثل هذه الاستثمارات يجب أن ترعاها الدولة، إذ بالرغم من حيويتها الكبيرة وكونها مدرة للثروة فهي قطاعات غير مشغلة بشكل كبير، لأن آليات البرمجة والتصفية والشفط والضخ الآلي هي الفاعل الأساسي في مثل هذه المحطات، وبالتالي فالثروة الناتجة عنها تذهب مباشرة لجيوب الفاعلين فيها. الوسوم أخنوش عزيز المصالح المتضاربة المغرب جهة الدارالبيضاءسطات رئيس الحكومة محطة تحلية مياه البحر