سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحكومة قامت بعمل جيد من خلال الاستجابة لتطلعات الشعب والبلاد ورهانات التنمية بمفهومها الشامل وهي مطالبة بالاستمرار تدخل الأخت لطيفة بناني سميرس رئيسة الفريق الاستقلالي بمجلس النواب في مناقشة التصريح الحكومي
السيد الرئيس، السيد الوزير الأول، السادة الوزراء، السيدات والسادة النواب. السلام عليكم ورحمة الله لقد تابع الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية باهتمام كبير التصريح الذي أدلى به السيد الوزير الأول أمام مجلس النواب يوم الاثنين 2 جمادى الثانية 14 الموافق ل17 مايو 2010، وقد ناقش الفريق بعمق ورمزية ما اشتمل عليه من رسائل وخطوط على الطريق موجهة إلى الشعب المغربي، تلح على إصرار الحكومة وعزمها الذي لاينثني على المتابعة الجدية والجادة لإنجاز الجيل الجديد من الإصلاحات التي دشنته عشرية العهد الجديد، من اجل إرساء وترسيخ دعائم دولة الحق والقانون وتحقيق وتمنيع الذات المغربية وتحقيق النمو والتنمية لتمكين المواطنين من العيش الكريم والاستقرار النفسي. وقد استحضر الفريق من هذا النقاش قوة الإرادة السياسية لجلالة الملك وهو يعين الوزير الأول من الحزب الذي تبوأ المكانة الأولى في الاقتراع التشريعي الأخير لسنة 2007، في إشارة واضحة من جلالته إلى الأخذ بالمنهجية الديمقراطية واحترام الإرادة الشعبية. ورأى الفريق في التصريح الذي تقدم به السيد الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي المحترم، دليلا على العمل الدؤوب والمجهود الجبار الذي تبذله الحكومة من أجل تمرية رسالته الواضحة والوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب المغربي، في السعي من أجل تخليق الحياة السياسية، والحياة العامة، فيما أقدمت عليه من إصلاحات جوهرية في هذا الاتجاه، وفيما تعتزم القيام به من أجل إقرار لمشهد سياسي واضح المعالم يرسخ روح الثقة والمسؤولية لدى المواطنين عبر القضاء على ما يعتري هذا المشهد من اختلالات باتخاذ الإجراءات القمينية بذلك. وأمل الفريق معقود على الحكومة على أن تبادر في الشروع في هذا العمل حتى يتسنى للمواطنين الدخول إلى الاستحقاقات القادمة وهم على بينة من أمرهم. واستعرض الفريق التزايد المستمر لاهتمام الحكومة بالعمل في انسجام تام مع البرلمان كمؤسسة دستورية أساس تنطلق منها ومن خلالها القوانين التي تطبع حياة البلاد، وكمرآة عاكسة للعمل الحكومي ومتابعة له، وعاكسة لانطباعات المواطنين وحاجياتهم وآرائهم وتطلعاتهم وتظلماتهم، واستعدادها لاتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة التي تضمن أجرأة هذا الانسجام، وتوفر الجو الملائم لتطبيقه في الأوجه المتعلقة بالتشريع والمراقبة وتوفير الآليات والظروف المناسبة للعمل. كما توقف الفريق من خلال التصريح على ما أقدمت عليه الحكومة من خلال برنامجها من انجازات غير مسبوقة في الملفات المتعلقة بالمجال الاقتصادي والمالي والاجتماعي وحتى القانوني ودون أن يهمل الفريق مجمل الظروف التي تحيط باشتغال الحكومة. فإنه ينتظر بثقة كبيرة أن تستمر الحكومة بل تضاعف الجهد فيما يتعلق بتحقيق الإنجازات المسطرة في برنامجها خلال هذه الفترة المتبقية من الولاية الحالية وأن تسعى إلى التجاوب. وبهذه الحمولة خولني الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية أن أتقدم بين يديكم بهذه القراءة المستقرئة للتصريح الذي تقدم به السيد الوزير الأول. زرع بعضهم الريح فحصدنا الأشواك ونزرع اليوم بذ ورا صالحة ستحصد الأجيال القادمة إن شاء الله ثمارهارها يانعة وقطوفها دانية. تصريح متكامل وقبل الخوض في تفاصيل هذا التصريح أود أن أشكر الوزير الأول ومن خلاله الحكومة على تكريس هذا العرف السياسي لما فيه من إيجابيات وما يحمله من دلالات، تؤشر كلها على تحولات في العمل السياسي المغربي. أما في موضوع التصريح النصف الولائي والذي نخصص هذه الجلسة لمناقشته، فإننا نعتبره متكاملا موضوعا وشكلا حيث أحاط بكل موضوعات العمل الحكومي ويظهر من حيث ترتيب أفكاره، وحدة مصطلحاته ومفاهيمه وكأنه محاسبة ذاتية موضوعية من خلال إظهار ما تم إنجازه وما هو في طريق الإنجاز. واعتبارا لهذا الصدق في التعامل مع معطيات العمل الحكومي الذي أحاط به التصريح الذي نحن بصدده، وحرصا على إعطاء هذا النقاش الجدية والموضوعية اللازمتين في العمل السياسي، حددنا لأنفسنا منهجية صارمة لتقديم قراءتنا فيه ومناقشته، وحيث لا يجوز اعتماد خطاب سياسي يخلط بين إكراهات العمل الميداني، وتصريحات النوايا، والمزايدات السياسوية غير القابلة لأي تقييم عقلاني. فقد اعتمدنا في قراءة هذا التصريح على عدد محدد جدا من وثائق العمل يكون أولها التصريح الحكومي ليوم 24 أكتوبر 2007، ثانيا قوانين المالية الثلاثة لسنوات 2008/2009/2010 التي قدمتها الحكومة منذ تنصيبها وصادقنا عليها، بالإضافة إلى التصريح الجديد. وبالطبع باقي آليات العمل ومؤشراتها التي تمكنا من الاطلاع عليها وجمعها وفحصها وتحليلها خلال هذه المدة الزمنية التي تحملت فيها هذه الحكومة مسؤولية تدبير الشأن العام الوطني. وباختصار شديد فإن المنهجية التي تضبط وتؤطر لهذه المداخلة ستنطلق من السؤال المركب التالي: بماذا التزمت هذه الحكومة عند تنصيبها وعلى ماذا تعاقدت مع الشعب المغربي من خلالنا؟ ماذا أنجزت مما تعاقدت عليه؟ وماذا تبقى لها؟ وكيف حددت أولويات عملها؟ وللإنصاف، وفي نفس الاتجاه، يجب، بل يكون من الضروري التذكير بالإكراهات العامة؟ وانطلاقا من هذه الأسئلة ستعتمد هذه القراءة ثلاثة محاور مركزة، حيث يتطرق الشق الأول لإعادة قراءة التصريح الحكومي الأصل في علاقته بثوابت الأمة، والمحور الثاني للإصلاحات العامة والشق الثالث يخصص لقراءة متأنية في السياسات العامة التي انتهجتها هذه الحكومة مع محاولة اقتفاء آثارها الميدانية. I التصريح الحكومي _ الأم وثوابت الأمة: السيد الرئيس، السيد الوزير الأول، السادة الوزراء، السيدات والسادة النواب. إن انطلاق مناقشتنا للتصريح الحكومي الجديد تحت هذا العنوان له دلالته، والتي يجب إظهارها واختصارها في كلمة واحدة وهي أنه لا مستقبل بدون هوية، وأن مستقبلنا في هويتنا التاريخية بكل حمولاتها الفكرية والدينية والسياسية. وبالتالي يكون علينا أن لا نسمح للعولمة التي تفرض نفسها اليوم وبشكل غير مسبوق، أن تكون مرادفة لمحو الخصوصيات الفردية والجماعية، وعليه فإن معرفة واختيار مناهج الاستفادة من مزايا الانفتاح على الآخر، يجب أن تكون على نفس قياس إمكانية التأثير فيه. هذا لأن قيمتنا المضافة في هذا المجال هي ثقافتنا وهي هويتنا، ولهذا فإن الهاجس الأساسي الذي يؤطر مداخلتنا في هذا المحور هو البحث من خلال إعادة قراءة التصريح الحكومي الأصلي ليوم 24 أكتوبر 2007، عن ما التزمت به الحكومة في موضوع ترسيخ وتركيز هذه الثوابت ومدى نجاحها في ذلك، في عالم يعرف تحولات ثقافية سريعة ومتسارعة تكون قادرة على طمس الهويات وخلط المفاهيم إذا لم تكن مصاحبة ومؤطرة بالحزم واليقظة اللازمتين لصونها وتمنيعها. إن المشروع الذي اشتغلت عليه هذه الحكومة إلى حدود اليوم، جاء يؤكد وبصريح العبارة أنه برنامج ينبع من الثوابت الراسخة للأمة، هذه الثوابت الذي حددها التصريح نفسه في التمسك بالإسلام والنظام الملكي والقضية الوطنية الأولى لكل المغاربة. فإذا كان النظام الملكي هو أهم محدد للثقافة السياسية لكل المغاربة وهذا على مدى 14 قرن. فإن التصريح الذي منحنا على أساسه الثقة لهذه الحكومة، استمد مجمل أفكاره من خطب جلالة الملك بصفته أميرا للمؤمنين وضامنا للوحدة الترابية ووحدة الشعب والحامي للحريات الفردية والجماعية والساهر على احترام الدستور، والتي تتجاوب في التزام تام مع كل ما تفتقت عنه نضالات الشعب المغربي، ومطالب الأحزاب الصادقة. وحيث أن هذا الأمر لا يختلف عليه اثنان اليوم فيما يخص العمل السياسي في المغرب، فإن تذكيرنا به هنا اليوم، هو لرفع اللبس الذي يقع فيه البعض، أحيانا عن جهل وفي الأغلب عن قصد، للتفريق بين ما تقوم به الحكومة وما يقوم به جلالة الملك، لنقول وبشكل واضح نهائي أنه في البداية والنهاية كل المؤسسات الدستورية هي رهن إشارة الشعب والأمة وموجودة وتعمل في خدمته بشكل مضبوط سياسيا ودستوريا. أما في موضوع خدمة ديننا الحنيف، أخذت هذه الحكومة على عاتقها العمل على ترسيخ دعائم الهوية الوطنية المغربية معتبرة الإسلام دعامتها الأولى الأساسية طبقا للمذهب المالكي، واقترحت العمل على تقوية الروح الإسلامية والعناية بالتربية الإسلامية في التعليم وفق منظور الميثاق الوطني للتربية والتكوين. فبالرجوع إلى الميزانيات الفرعية لقطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية نستنج الالتزام الحكومي في هذا الموضوع، ويتجسد في الأرقام المالية التي عرفت منحى تصاعدي ما بين 2008 و2010 حيث انتقلت الإعتمادات المخصصة لهذا القطاع من مليار و337 مليون درهم في سنة 2008 إلى مليار و728 مليون سنة 2009 لتصل إلى أكثر من مليارين و 94 مليون درهم في هذه السنة. وفي نفس اتجاه تقوية الهوية وحسن الإنتماء للوطن، نؤكد أن هذا يمر عبر إعادة الاعتبار لموروتنا الثقافي، وفي هذا الإطار نثمن دعم الحكومة للعمل الذي يوم به المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وفق توجهات الخطاب الملكي بأجدير. وفي موضوع الوحدة الترابية التي تعتبر أحد أهم ركائز الإجماع الوطني للمغاربة، التزمت هذه الحكومة بمواصلة التعبئة من أجل الانتصار للمبادرة الملكية الرامية إلى تخويل الأقاليم الجنوبية نظام الحكم الذاتي في إطار الوحدة الترابية والسيادة الوطنية، وأكدت كذلك عزمها على تقوية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومواصلة مختلف الأوراش المفتوحة والمبادرة بوضع برامج أخرى قصد إنعاش الشغل والاستثمار والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين. وإذا كان موضوع المسيرة التنموية لأقاليمنا الجنوبية يثير الاهتمام، فإننا نعتبره وبصفة عامة في مساره الصحيح ويسير بوتيرة مرتفعة. إن الاطلاع في عين المكان على المنجزات والأوراش المفتوحة تؤكد ذلك، وهذا على الأقل الانطباع الايجابي التي خرجنا به منذ زيارتنا الميدانية الأخيرة لهذه الأقاليم. وعليه فإننا نعتبر ونقر بأن موضوع وحدتنا الترابية وبالنظر إلى التطورات والمستجدات الأخيرة، أنه يسير وفق الرؤية المغربية وذلك على الصعيدين الداخلي والخارجي. فعلى المستوى الأول، نعتبر أن وحدة الجبهة الداخلية تزيد كل يوم صلابة وتماسكا ومناعة، وعلى المستوى الخارجي فإن هذه الرؤية تكتسب كل يوم تعاطفا ومساندة جديدتين. وهذا يكون أولا، بفضل وضوح ومصداقية الطرح المغربي لموضوع الحكم الذاتي وثانيا بفضل التحرك الايجابي والفعال للآلية الديبلوماسية الوطنية. إن هذا التحول الذي عرفه موضوع الحكم الذاتي، على المستوى الأممي وباقي المنظمات الدولية وكذلك المكانة التي أصبح يأخذها في السياسات الخارجية لمعظم دول المعمور منذ الإعلان عنه من طرف جلالة الملك، لم يأت من فراغ، بل إنبنى على عمل دؤوب ومستمر في الزمن. وكذلك الشأن بالنسبة للاقتناع الحاصل اليوم لدى جل الفاعلين الدوليين في الإقرار الصحيح بالمسؤولية المباشرة والواضحة للجزائر في هذا النزاع المفتعل. السيد الرئيس، السيد الوزير الأول، السادة الوزراء، السيدات والسادة النواب. إن الجمع بين تحصين الجبهة الداخلية والاستمرار في العمل التنموي لأقاليمنا الصحراوية والتحرك الفعال للمغرب على المستوى الخارجي، هي الثلاثية الناجعة وهي سبيلنا إلى كسب رهان وحدتنا الترابية والتي نحن على مرمى حجر منها ووفق منظورنا الوطني. ونؤكد هنا أن هذا التناغم والتفاعل بين هذه الثلاثية هي التي جعلت أفواجا مهمة من المغاربة المحتجزين بمخيمات تندوف تركب كل الصعاب للالتحاق بأرض الوطن رغم الحصار العسكري المضروب عليهم. إخواني أخواتي: إذا كنا اليوم مع هذه الحكومة، كما كنا دائما في موضوع وحدتنا الترابية مطمئنين على مستقبل صحرائنا ومتفائلين على المسار النهائي لطرحنا الوطني في موضوع الحكم الذاتي فلا يمكنني تفويت الفرصة اليوم، لأشكر السيد الوزير الأول الذي ذكرنا في تصريحه ليوم الاثنين بموضوع عزيز وغالي ولا يقل تشبثنا به عن تشبثنا بأي حبة رمل من صحراءنا، أي موضوع سبتة ومليلية والجزر المجاورة السليبة. إن دعوة الجارة إسبانيا إلى الحوار في موضوع المدينتين والجزر المجاورة من أجل إنهاء الاحتلال هو أحد أهم عناصر التصريح الجديد للسيد الوزير الأول ، وهو أمر محمود ومرغوب وضروري لاستكمال وحدتنا الترابية . هذا لأننا نعتبر الوضع الحالي شاذا ومرفوضا. لأنه غير معقول، في بداية القرن الواحد والعشرين أن تبقى دولة أوروبية مستعمرة لجزء من بلد دخلت معه مجموعة كبيرة من الدول منذ أكثر من 20سنة في شراكة إستراتيجية، توجت بمنحه صفة الوضع المتقدم في العلاقات السياسية والاقتصادية... وهي علاقات مفتوحة على مزيد من الترسيخ والتركيز. ففي هذا الموضوع نطلب من الحكومة توضيح برنامج عملها في المستقبل القريب، والذي نتمنى صادقين أن يأخذ كل أشكاله ومحتوياته السياسية والدبلوماسية مع هذه الحكومة. نعم، هذا محك جديد لحكومتنا لكن لا محيد عنه، لأنه في النهاية لا مهادنة ولا مزايدة مع التراب. وهذه جبهة دبلوماسية جديدة ستكون هذه الحكومة قادرة على فتحها وربطها بالإضافة إلى ربح التحديات التي يتطلبها متابعة الإصلاح التصحيحي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية... II الإصلاحات والاكراهات: إن الوقوف عند بعض الإصلاحات المتعلقة بتدبير الشأن العام، التي باشرتها هذه الحكومة طبقا للمنظور والأجندة التي تعاقدت بشأنها، لا يستقيم من دون إظهار الاكراهات والتحديات العامة التي كان يجب رفعها وبشكل قبلي. الاكراهات: إن الاكراهات المقصودة هنا هي نوعان: إكراهات هيكلية وأخرى ظرفية. 1.2 الاكرهات الهيكلية: فيما يخص هذه الاكراهات نقف باختصار شديد عند الاكراهات المرتبطة بالمالية العمومية والإطار الماكرو اقتصادي. على اعتبار أنها إكراهات وتوازنات موضوعية لا يمكن تجاوزها لاعتبارات سياسية، فهذا النوع من الاكراهات لا يكون دائما في المتناول التحكم فيها لأن مصدرها يكون مرتبط بالتفاعلات الخارجية ومن هنا تكمن الصعوبة بالنسبة لبلد كالمغرب، آثر الانفتاح على محيطه الدولي بدل الانغلاق. وبالتالي فتقييم تعاطي الحكومة مع هذا النوع من الإكراهات لا يجب أن يكون على أساس إمكانية تصحيحها وتغييرها بقدر ما يكون صائبا وموضوعيا إذا ما إنصب على مقاربة تعاطيها وتعاملها مع هذه المتغيرات ومعرفة مدى اجتهادها للحد من آثارها للإسستمرار في العمل التنموي رغم الصعاب. واعتبارا لهذا الطرح، نؤكد أن هذه الحكومة اشتغلت منذ ما يقارب ثلاثة سنوات في ظل ظرفية مالية واقتصادية عالمية صعبة وغير مستقرة. أنتجت إكراهات إضافية للتحديات الداخلية. ورغم ذلك فإنها استطاعت المحافظة على التوازنات الماكرو اقتصادية الأساسية والحفاظ على النسيج الاقتصادي، تحقيق نسب نمو، متفاوتة من سنة إلى أخرى، لكن محترمة في الإجمال، والتحكم في التضخم وضبط عجز الميزانية العامة وميزان الأداءات... والتقليص من البطالة والرفع من وتيرة الاستثمار العمومي، الذي وصل الى مستويات غير مسبوقة في تاريخ المالية العامة المغربية. 2- الاكراهات الظرفية: فبالإضافة إلى الاكرهات ذات الطابع الهيكلي، واجهت هذه الحكومة إكراهات ظرفية. منها اضطراب السوق النفطية وسوق المواد الغذائية الدولية والأزمة المالية العالمية بالإضافة إلى موجة الاضطرابات الجوية التي أسفرت عن كوارث طبيعية، كان على هذه الحكومة التدخل والتحرك للحد من آثارها المباشرة وغير المباشرة. فخلال سنة 2008 ورغم بلوغ الأزمة الغذائية أوجها على المستوى العالمي، الى درجة أن أصبح التهديد بمجاعة حقيقية يهدد بعض الدول عبر المعمور. وكذلك ارتفاع سعر النفط بشكل ملحوظ، تحملت هذه الحكومة كل مسؤولياتها في الموضوع إلى درجة أننا بقينا في المغرب نتابع أخبار هذه الأزمة عبر الفضائيات لكن من دون أن نحس بها بشكل مباشر، كأننا غير معنيين بها. وفي موضوع الأزمة المالية العالمية التي هزت كل الأسواق المالية عبر العالم، بادرت الحكومة إلى تمنيع اقتصادنا ومنضومتنا المالية من خلال تدابير وإجراءات وقفنا عندها من خلال مناقشة القانون المالي للسنة الجارية. فجراء هذه الأزمة تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجهة نحو المغرب بأكثر من 7 ملايير درهم عند متم سنة 2009 وتراجعت وتيرة مداخيل المغاربة المقيمين بالخارج حيث وصلت إلى 10.3% بدل 14.6% عند بداية نفس السنة وكذلك الأمر بالنسبة لعائدات الأسفار التي تراجعت إلى 9.2% بدلا من 21.6% عند بداية السنة. فرغم هول هذه الأرقام بادرت الحكومة وبشكل استباقي إلى تشكيل لجنة لليقظة الإستراتيجية من أجل الحد من آثار هذه الأزمة وذلك بشكل شمولي سواء من خلال تدعيم الضمانات الممنوحة للبنوك لتمويل تسيير القطاعات المتضررة وتأجيل تسديد الديون وكذلك الأمر على المستوى الاجتماعي حيث اهتمت الدولة بجانب التكوين لصالح المقاولات وسداد مساهمات المقاولات لدى الصناديق الاجتماعية. السيد الرئيس، السيد الوزير الأول، السادة الوزراء، السيدات والسادة النواب. هذه هي بعض الاكراهات، التي ميزت سنوات تحمل هذه الحكومة لمسؤوليتها. والتي أردنا التذكير بها هنا من أجل إعطاء لمناقشتنا موضوعية ومصداقية، والتي على ضوئها يمكننا قراءة وفهم ومناقشة السياسات الإصلاحية أو التصحيحية التي سطرتها الحكومة. الإصلاحات التي قامت بها هذه الحكومة أي تقييم؟ دائما وطبقا لنفس المنهجية التي أفصحنا عنها في مدخل هذه الكلمة، إن قراءتنا في الإصلاحات التي أنجزتها هذه الحكومة تنطلق من البرنامج الأولي ومحاولة استقراء ما أنجزته الحكومة خلال هذه المدة الزمنية التي تفصلنا عن تاريخ تنصيبها وتحملها للمسؤولية العمومية بشكل فعلي، وسأحاول أن أتطرق وبشكل مركز على التوالي إلى الإصلاحات ذات الطابع السياسي والإداري (1)، والإصلاحات ذات الطابع الميزانياتي والجبائي (2). الإصلاحات ذات الطابع السياسي والإداري في باب الإصلاحات السياسية والإدارية، كانت الحكومة التزمت بتحيين الميثاق الجماعي ومراجعة المنظومة المتعلقة بالمالية المحلية بالإضافة إلى مراجعة التقسيم الجماعي لجعله أكثر ملاءمة مع التطور العام للجماعات المحلية ومكانتها في التنمية المحلية، وهذا ما تأتى بالفعل حيث دخلنا تجربة 2009 بترسانة قانونية جديدة أوضحت نسبيا الرؤية للتدبير المحلي سواء على مستوى طرق اختيار النخب المحلية أو على مستوى الاختصاصات. غير أن وعد إعادة النظر في التقسيم الجماعي لم يعرف طريقه بعد للتنفيذ. ولأهمية هذا المعطى في التحديد المجالي وماله من آثر على تحديد الإمكانيات الطبيعية والمادية لكل جماعة نطلب من الحكومة مباشرة هذا الأمر في أسرع وقت، أو على الأقل إطلاق الدراسات والمشاورات في هذا الموضوع حتى تتمكن الحكومة من مسايرة العمل المرتقب الذي سيسفر عنه عمل اللجنة الملكية حول الجهوية، وفي نفس الاتجاه نطلب من الحكومة أن تطرح للنقاش منظورها للاتركيز الإداري. السيد الوزير الأول المحترم: لقد أكدتم في تصريح 24 أكتوبر 2007 وانطلاقا من تحليلكم لنتائج اقتراع 7 شتنبر 2007 أن الجميع مطالب ، حكومة وأحزاب سياسية ومجتمع مدني بالتعبئة من أجل انخراط الهيئة الناخبة في العمليات السياسية والانتخابية من أجل الرفع من مستوى المشاركة على اعتبار أنها أساس المواطنة الحقيقية والملتزمة بقضايا الوطن. وإن كنا نتفق مع هذا الطرح، نرى من جهتنا أن أهم السبل إلى الرفع من مستوى المشاركة الانتخابية في المستقبل هو المبادرة في أسرع وقت، إلى فتح نقاش عمومي ورسمي حول الآليات والضوابط القانونية والأخلاقية التي ستؤطر العمليات الانتخابية في المستقبل القريب، هذا أولا، حتى لا نبقى دائما في دوامة قوانين آخر دقيقة وثانيا، وهو الأهم، حتى يأخذ الكل وقته الكافي لإشراك الجميع في بلورة هذا المنظور لنتمكن من إخراج ضوابط محسومة ونهائية، غير قابلة لا للمزاجية ولا للتمويه التاكتيكي ولا للتأويل السلبي. أما على المستوى الإداري، ونقحم تحت هذا العنوان كل ما له علاقة بتدبير الشأن العام بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء فيما يخص التعامل اليومي للمواطن المغربي مع إدارته، وما يتطلب ذلك من تبسيط المساطر وعقلنتها وجعل الإدارة المغربية فعلا في خدمة المواطن أو ماله علاقة بتحسين مناخ الأعمال وتخليق الحياة العامة. في كل هذه الأبواب وغيرها نعتبر أن الحكومة قامت بمجهود ملموس الى حدود اليوم وهي مستمرة في اشتغالها على ملفات أخرى كملف إصلاح القضاء، وبالفعل لقد أوفت هذه الحكومة بالتزاماتها في مجال تعزيز الإطار المؤسساتي للوقاية من الرشوة ودعم المنظومة الوطنية للنزاهة من خلال المصادقة على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وإنشاء وتفعيل دور الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، ووضع الآليات المسطرية لتنفيذ التشريع الخاص بالتصريح بالممتلكات، وكذلك الأمر بتنصيب وحدة معالجة المعلومات المالية لتفعيل قانون مكافحة غسل وتبييض الأموال، ونفس الشيء يحسب لهذه الحكومة فيما يخص تفعيل مجلس المنافسة لما له من دور استشاري للحد من كل التجاوزات التي من شانها أن تضر بالمناخ التنافسي للاقتصاد الوطني. ودائما في مجال الشفافية، إننا نرى في تشكيل الحكومة للجنة خاصة للإشراف على ترشيد وعقلنة صفقات الدراسات أمر مهم من شانه صون المال العام والحد من الزبونية في إبرام صفقات للدراسات من دون موضوع ولا حاجة ولا أهمية، ونعيد نفس الشيء فيما يخص الدفع بكل القطاعات الوزارية إلى الإعلان عن إبرام الصفقات الخاصة بها عبر البوابة الالكترونية. الإصلاحات ذات الطابع الجبائي والميزانياتي: السيد الرئيس، السيد الوزير الأول، السادة الوزراء، السيدات والسادة النواب. في صلة بموضوع تخليق وترشيد الحياة العامة في علاقة بتدبير الموارد المادية للدولة، نثمن مجهود الحكومة في إصدار المرسوم الجديد للمحاسبة العمومية لما لذلك من علاقة في مجال حكامة التدبير الميزانياتي كمدخل أساسي لحسن تدبير المال العام من خلال الضبط والمحاسبة اللازمتين وكذا تحصين الموارد المالية للدولة. ففي موضوع الموارد المالية، لقد كانت الحكومة ومن خلال تصريح 2007 قد عبرت عن رأيها في النظام الجبائي المغربي، واعتبرته مقارنة مع الدول ذات المستوى المماثل في النمو، بأنه ذا نسب عالية الى درجة أنها تعيق تنافسية مقاولاتنا ووعدت في هذا الصدد بسياسة جبائية جريئة ومبسطة تخدم التنافسية وتحفز الاستثمار وتخلق فرص شغل إضافية، بالإضافة الى الرفع من مستوى الموارد الجبائية للدولة. وبالفعل فقد انطلقت الحكومة في أجرأت مجموعة من هذه الآراء والأفكار إبتداء من قانون المالية برسم سنة 2008 وأكملت المسار مع القوانين المالية برسم سنتي 2009 و 2010، حيث اطلعنا في حينها على إجراءات جبائية جديدة مست كل أنواع الجبايات تقريبا وخاصة المباشرة منها وبأبعاد اجتماعية واقتصادية ترمي على التوالي الى تكريس العدالة الضريبية والرفع من مستوى التنافسية. وقد أصبحت الموارد الذاتية، أي الجبائية، وعلى الخصوص المباشرة منها تحتل مكانة مهمة وتصاعدية داخل هذه البينة مقارنة مع باقي الأدوات التمويلية سواء غير المباشرة أو الاستثنائية وهذا مؤشر مهم على استقلالية اقتصادنا ومناعته. ففي موضوع التدبير اليومي للميزانية، نؤكد لكم السيد الوزير الأول ما كنا دائما نطرحه من خلال نقاشنا السنوي لقوانين المالية على ضرورة عصرنة تدبير الموارد العمومية، وإن كنا نعرف أن الحكومة تتوفر على منظور جديد يرتكز على النتائج فنحن نستغل هذه الفرصة للمطالبة بالإسراع بتنزيله على ارض الواقع وتعميمه على كل الإدارات والقطاعات العمومية، وكذلك الأمر بالنسبة لنظام التدبير المندمج للنفقات لما له من أهمية كآلية تتيح تتبع مسار الاعتمادات المالية وأوجه صرفها، وفي نفس الإطار نؤكد على ضرورة بحث سبل ترشيد وعقلنة النفقات المرتبطة بعيش الإدارة وجعلها تتماشى مع مستوى الإنتاجية الإدارية. السيد الوزير الأول: دائما في إطار التدبير المعقلن لميزانية الدولة خاصة وأنكم أكدتم أن الحكومة مقبلة على العديد من الإصلاحات ومنها تعديل القانون التنظيمي للمالية، هذا النص نعتبره، عماد التدبير المالي والاقتصادي للدولة، وأن تعديله في أسرع وقت هو أمر ملح وضروري، هذا لأنه وبصيغته الحالية يحد جدا من إمكانية البرلمان في التعامل مع القوانين المالية، وأستغل هذه الفرصة خاصة وأنكم أكدتم استعداد الحكومة الانفتاح على البرلمان والتعامل بإيجابية مع مبادراته التشريعية، للتأكيد أن فريقنا يتوفر على تصور في موضوع القانون التنظيمي للمالية الذي وضعه في شكل مقترح قانون وينتظر مناقشته الى جانب باقي المقترحات التي تحمل أفكار تشريعية مهمة قمينة بسد فراغات قانونية أو تصحيح أخرى قائمة. III السياسات العمومية: السيد الرئيس، السيد الوزير الأول، السادة الوزراء، السيدات والسادة النواب. إن الوقوف المتأني عند بعض السياسات العمومية لمن شانه أن يساعد على وضوح الرؤية واستقراء المجهود الحكومي على ضوء حجم الخصاص والعجز والإمكانيات المتاحة. إن المغرب كان دائما مطالبا بنهج سياسات متعددة لكن موازية على أصعدة مختلفة، تتراوح بين سد الخصاص في البنيات التحتية العامة والهيكلية والتخفيف من حدة العجز الاجتماعي في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والحد من تدني القدرة الشرائية للمواطنين...وبالموازاة مع ذلك انتهاج سياسة مالية صارمة حفاظا على التوازنات العامة. فبصفة عامة كانت دائما هذه هي الإشكالية التي تؤطر عمل آية حكومة وبغض النظر عن لونها السياسي، وبالتالي فدورنا كمراقبين دستوريين لعمل الحكومة أن نناقش طريقة تعاملها مع هذه المعادلة وتحليل اختياراتها ومنهجية وضع أولوياتها في عمل وطرق تنفيذها مع إمكانية تقيمها وفق منظور علمي كلما تأتى ذلك. ومن هذا المنطلق وطبقا لنفس المنهجية التي وضعناها في بداية هذه المداخلة، أطرح السؤال لمعرفة بماذا واعدتنا هذه الحكومة في هذه القطاعات وماذا أنجزت منه الى اليوم؟ وحتى نتمكن من تجميع العناصر الأسياسية للإجابة عن هذا السؤال أقترح أن أقوم بقراءة سريعة في البرنامج الذي اقترحته هذه الحكومة على مجلسنا منذ ثلاث سنوات على الأقل، وذلك قبل الوقوف عند طرق تنفيذ هذه الالتزامات من طرف الحكومة على مدى السنتين والنصف الماضيتين. السياسات العامة في التصريح الأصلي للحكومة: وحيث يصعب الوقوف بتفصيل شديد عند كل الالتزامات التي سطرتها الحكومة لنفسها في هذا المجال سأقتصر على أهمها: - ففي مجال التعليم مثلا وعدت هذه الحكومة بمواصلة تفعيل أوراش الإصلاح المنبثق عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وذلك انطلاقا من النواقص التي شخصها التصريح بدقة والتي اعتبرها تحول دون تحقيق الأهداف المسطرة له. وانطلاقا من هذا التشخيص وعد التصريح الحكومي بإعداد: برنامج استعجالي بهدف الرفع من وتيرة الانجاز في بعض المجالات المرتبطة بالتربية والتكوين تعميم التعليم الأولي. تفعيل قانون إلزامية التعليم. مواصلة الاعتناء بالتمدرس في العالم القروي. الرفع من نسبة التمدرس بالتعليم العالي. وضع خطة وطنية لمحاربة الأمية. وفي المجال الصحي وعد التصريح بتحسين مستوى المؤشرات ووضع كل الوسائل المادية والبشرية الكفيلة بإصلاح المنظومة الصحية والارتقاء بها بالإضافة الى وضع إستراتيجية صحية، وكذلك العمل على تقوية تجهيزات المستشفيات الجهوية وفتح أقطاب طبية جديدة. ودائما في المجال الاجتماعي التزمت الحكومة بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين هذا رغم أن السنة التي قدمت فيها هذه الحكومة تصريحها كانت سنة جفاف بامتياز، احتاجت معه البلاد الى إسيتراد معظم حاجيتها من المواد الفلاحية من الخارج لتأمين السوق الداخلية وكذلك سنة تقلبات كبيرة في أسعار المواد الأولية، وضل معها سعر الطن من القمح اللين الى 420 دولار والقمح الصلب الى أكثر من 500 دولار للطن بدلا من 270 دولار. وفي نفس سياق العمل الاجتماعي تعاهدت الحكومة على تعميم الحماية الاجتماعية وتوسيع التغطية الصحية وتأمين الولوج الى الخدمات الاجتماعية. في مجال البنيات الأساسية وإيمانا من الحكومة بأهمية الأوراش الكبرى في التنمية الشاملة وعدت بإعطاء دفعة جديدة لسياسة هذه الأوراش والرفع من مستوى الاستثمارات فيها، وهمت هذه الأوراش كل البنيات التحتية وبشكل مرقم وبأجندة محددة ومست كل من الطرق والطرق السيارة والنقل السككي والموانئ والسدود والطاقة، وهذا كله مع جعل البيئة والتدبير المستدام للموارد الطبيعية في صلب الانشغالات التنموية. السيد الرئيس، السيد الوزير الأول، السادة الوزراء، السيدات والسادة النواب. إن قراءتنا في السياسات العامة لهذه الحكومة وذلك على مدى الثلاث السنوات المالية التي أشرفت عليها، يجعلنا نقر بأنها حكومة بميولات اجتماعية بامتياز، وبطموحات تنموية شاملة، حيث استطاعت أن توزع الممكن المالي والمادي بين أولويات إنتاج البنية التحتية والعمل بالموازاة مع ذلك على امتصاص الخصاصات الاجتماعية. ففيما يخص التجهيز العمومي وإنجاز البنيات التحتية، تجدر الملاحظة أن استقراء بنيات الميزانيات للسنوات الثلاث التي تهمنا هنا، سواء تعلق الأمر بالميزانية العامة أو ميزانيات المؤسسات العمومية أو الصناديق الخصوصية، تظهر جلها منحى تصاعدي يعطي الجانب الاستثماري أهمية على الهاجس الاستهلاكي. وهذا مؤشر على التزام الحكومة الرفع من مستوى الاستثمار العمومي وتقوية الشراكة مع القطاع الخاص، فقد انتقل الاستثمار العمومي من 43 مليار الى حوالي 115 مليار درهم سنة 2008، ليتجاوز 162 مليار درهم برسم السنة الحالية، وهمت كل القطاعات الحيوية من طرق وسدود ومطارات وموانئ... وما تأكيد الحكومة الانخراط والعمل فيما يخص سياسة الأوراش الكبرى عبر تقوية وتدعيم دينامية إنجاز المشاريع الكبرى للبنية التحتية إلا دليل على استمرار هذه الدينامية الاستثمارية في المستقبل. ففي موضوع السياسات الاجتماعية التي نقتصر فيها على قطاعي الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، نعترف أن الحكومة مستمرة في بذل مزيد من الجهد المتواصل لبولغ الأهداف التي سطرتها لنفسها. وفي قطاع التعليم وضعت الحكومة برنامجا استعجاليا يمتد على أربع سنوات وذلك ابتداء من سنة 2009 الى غاية سنة 2012، يأخذ بعين الاعتبار كل مكونات المنظومة التربوية ويتوخى معالجة المشاكل الأفقية والبيداغوجية لمنظومة التعليم في كل مستوياتها، وتفعيل إلزامية التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي والأمية. وحيث لانريد أن نقف عند بعض مظاهر مبادرات القرب التي تنهجها الحكومة خاصة لفائدة المعوزين من أجل التصدي لظاهرة الهدر المدرسي، كمبادرة مليون محفظة التي استهدفت 3.7 مليون تلميذ خلال الموسم الدراسي 2009/2010، والدعم المباشر للسر من خلال "برنامج تيسير"، الذي أصبح يعطي ثماره، فيما يخص الحد من ظاهرة الهدر المدرسي، وحيث يصعب تقييم هذا البرنامج الطموح أولا لأنه لازال في بدايته، وإن التقييم الأساسي الذي لا يمكن إغفاله هو هذا الجهد المالي الاستثنائي الذي خصت به الحكومة هذا القطاع الحيوي، حيث تجاوزت مخصصات هذا القطاع على مدى الثلاث السنوات 50 مليار و 500 مليون درهم أي ارتفاع بنسبة زادت عن 33.4% وهذه أرقام ونسب غنية عن أي تعليق. وفي المجال الصحي ووفق نفس المقاربة نؤكد أن المجهود الاستثنائي الذي توليه الميزانية العامة لهذا القطاع لخير دليل على حسن نوايا الحكومة في تنفيذ برنامجها في هذا القطاع، وبالفعل فإن ارتفاع الاعتمادات المخصصة لهذا المجال الحيوي بنسبة زادت عن 37 % خلال سنتين بالإضافة الى تخصيص مناصب مالية بلغت 2000 منصب خلال نفس المدة قصد الرفع من مستوى التأطير الطبي يبقى مؤشر كبير، من أجل تحسين المؤشرات الصحية في بلدنا وبلوغ الأهداف الإستراتيجية خاصة وفيات الأمهات والرضع، بالإضافة الى ضمان مستوى أعلى للولوجيات الى العلاجات الاستشفائية لفائدة الساكنة المعوزة في الوسطين القروي والحضري وضمان التكفل الشامل للدولة بالنسبة للأمراض المزمنة وكذلك توسيع نظام التغطية الصحية الأساسية. السيد الرئيس، السيد الوزير الأول، السادة الوزراء، السيدات والسادة النواب. طبقا للمنهجية التي انطلقنا منها في مناقشتنا لهذا التصريح والذي حاولنا أن تكون رؤيتنا له رؤية موضوعية ترى المنجزات على ضوء المعيقات والصعاب، حيث حاولنا وباختصار شديد أن نقف عند المنجزات مع إظهار الإشكالات المرتبطة سواء بالتمويل والتنفيذ. نعتبر أن هذه الحكومة قامت بعمل جيد من خلال الاستجابة لتطلعات الشعب والبلاد ورهانات التنمية بمفهومها الشامل، وأن لها أغلبية تسندها وبالتالي فهي مطالبة بالاستمرار في نفس وتيرة العمل الذي انطلقت به حتى تستكمل برنامجها وتحقق كافة التزاماتها وهي بالتالي قادرة على ذلك، هذا على اعتبار أن التصريح الجديد وقف عند منجزات نعتبرها مهمة مقارنة مع الالتزامات التي جاءت في التصريح الأصلي، وهذا مؤشر على جدية العمل وتناغم السياسات القطاعية لهذه الحكومة التي سنستمر في دعمها ومساندتها حتى تبلغ الأهداف التي التزمت بها، وهذا التزامنا معها منذ سنتين ونصف، والذي نرفض أن ننقضه لأي اعتبار كان. والله ولي التوفيق