قالت صحيفة «واشنطن بوست» أن الجيش الأميركي يسير وفق خطته لسحب 50 ألف جندي من العراق مع نهاية الصيف، لكنه يواجه الآن الاحتمال المخيف الذي طال انتظاره، وهو أن خروجه يمكن أن يتصادف مع فراغ في السلطة مشابه لذلك الذي جر البلد إلى الحرب الأهلية عام 2006. ومع اقتراب ما يسميه نهاية مهمته القتالية في العراق، سيبقي الجيش الأميركي على قوة نيران أساسية للمستقبل القريب. لكنه سيضطر للتكيف مع الموارد المتضائلة والنفوذ وحرية الحركة وتدفق الأموال، كما لم يسبق له ذلك من قبل. وسيخفض قواته وسط مواجهة سياسية بالعراق في أعقاب انتخابات 7 مارس البرلمانية التي لا تبدو لها نهاية في الأفق. وقالت الصحيفة إن القادة الأميركيين يراقبون عن كثب، وبقلق، عملية التشكيل البطيء للحكومة وسط مخاطر متزايدة عبروا من خلالها هم ونظراؤهم العراقيون عن مخاوفهم من احتمال عودة تمرد المليشيات الشيعية وتصدع قوات الأمن على امتداد الخطوط الطائفية. لكن إدارة أوباما ملتزمة حتى الآن بجدولها الزمني المحدد الذي يدعو لسحب 50 ألف جندي، نصف الإجمالي الحالي تقريبا، بحلول الأول من شتنبر المقبل، وإتمام انسحاب القوات الأميركية مع نهاية عام 2011. كما أنها خيبت أيضا أمل بعض العراقيين الذين يودون رؤية واشنطن تلعب دورا أكثر توكيدا في وساطة المأزق السياسي. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين أن مجال العمليات الخاصة الأميركية سيظل إلى حد كبير بدون تغيير بعد الأول من شتنبر ، حيث ستبقى نخبة تقدر بنحو 4500 جندي موكلين باستهداف شبكات الإرهاب بالاشتراك مع القوات الخاصة العراقية. وستكون أولى أولوياتهم مقاتلة مجموعات المتمردين السنة مثل القاعدة في العراق والمليشيات الشيعية التي تواصل شن هجمات ضد القوات الأميركية. وقد تم تعزيز الألوية القتالية السبعة التي ستبقى بعد الصيف، والتي أعيد وصفها مؤقتا بألوية المشورة والمساعدة، بضباط كبار لديهم خبرة في التدريب. وسيحتفظ الجيش بلواء في بغداد، وآخر في محافظة الأنبار، غرب العاصمة. أما الألوية الخمسة الباقية، التي يقدر كل واحد منها بما بين 3000 و5000 جندي، فستقسم بين القطاعين الشمالي والجنوبي. ولن يكون للقوات الأميركية وجود يُذكر في معظم المناطق العمرانية ، وسيتم نشرها في المحافظات الجنوبية، حيث تحسن الأمن هناك بدرجة ملحوظة في الشهور الأخيرة. وقال القادة الأميركيون إنهم سيدرسون مطالبة البيت الأبيض بتأجيل موعد الانسحاب المحدد فقط في حالة الانهيار الكامل للعملية السياسية، ذاك السيناريو الذي يرونه غير محتمل. لكنهم يقولون إنهم قلقون من أن المزيد من التأخير في جهود تشكيل ائتلاف حاكم يمكن أن يشل المؤسسات العراقية الأساسية التي قضوا سنوات يحاولون دفعها للأمام، بما في ذلك الجيش والشرطة والنظام العدلي. ومضت الصحيفة إلى أنه رغم تواري المليشيات الشيعية عن الأنظار في الشهور الأخيرة، فقد قال المسؤولون الأميركيون والعراقيون بإمكانية تغير الوضع إذا تصاعدت المناوشات السياسية، وخاصة إذا شعرت بعض الفصائل بأنها أقصيت من الحكومة الجديدة. والتهديد الذي كان يشكله المتمردون السنة قد تلاشى إلى حد ما في الشهور الأخيرة بعد اعتقال ومقتل العشرات من الزعماء المشتبه فيهم، بما في ذلك مقتل اثنين من كبار زعماء القاعدة. ويأمل القادة الأميركيون أن يبقوا على نحو 50 ألف جندي في العراق على الأقل إلى ما بعد الربيع ; وربما أبعد من ذلك، ويضيفون أنهم يمكن أن يضغطوا بقية الانسحاب في الشهور الأربعة أو الخمسة الأخيرة من عام 2011. وعندما ينخفض المستوى إلى 50 ألفا ، فمن المتوقع أن تزيد نسبة المقاولين المدنيين. ويتوقع الجيش أن يكون لديه 75 ألف مقاول يعملون في العراق مع نهاية الصيف، حيث يقومون بكل شيء من أمن القواعد إلى التدريب على الأسلحة المتقدمة. كذلك يتوقع المسؤولون العسكريون الأميركيون الإبقاء على وجود بسيط، لكنه مهم على امتداد حدود العراق مع إيران وسوريا، التي تعد بوابة تهريب الأسلحة والمقاتلين. ويخطط المسؤولون الأميركيون أيضا لإبقاء قوة معتبرة على امتداد الأراضي المتنازع عليها في شمال العراق، حيث كانت القوات الموالية للحكومة الكردية الإقليمية ووحدات الجيش العراقي التقليدية قاب قوسين من صراع مسلح في السنوات الأخيرة.