اهتماما كبيرا لموضوعين مركزيين، الأول يهم الوضع الداخلي لحركة فتح، والثاني يهم توحيد الصف الفلسطيني وفي مقدمة ذلك تسريع الحوار مع حركة حماس بما يخدم قضايا الشعب الفلسطيني وعلى رأسها تقرير مصيره بإنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. ويقول أبو مروان عضو المجلس الثوري لحركة فتح في حوار مع جريدة العلم إن أعضاء المجلس الثوري تناولوا بالدراسة والتحليل التطورات الحاصلة داخل الساحة الفلسطينية، وانتهوا إلى أن الوصول إلى وجود دولة فلسطينية في سنة 2008 كما وعد بذلك الرئيس الأمريكي يبقى أمرا غير منطقي، وأن المفاوضات مع الإسرائيليين حتى الآن لم تصل إلى أي نتيجة مهما كانت صغيرة. ويبرز أبو مروان أن قوة المشروع الفلسطيني مرتبطة الى حد بعيد بصلابة الموقف الفلسطيني في إطار وحدة الصف، وتغييب المصالح العليا للشعب الفلسطيني على المصالح الذاتية للتنظيمات والفصائل الفلسطينية، موضحاً أن هذا التوجه هو الذي فرض على الاجتماع الأخير للمجلس الثوري إعطاء الأولوية للوضع التنظيمي لحركة فتح، وتوحيد الصف الفلسطيني وضمان الوحدة الوطنية اعتماداً على الحوار الفلسطيني الفلسطيني، ويشير أبو مروان الى أن حركة فتح طرف أساسي في معادلة الحوار الوطني، وأن استطلاعات الرأي اليوم في الشارع الفلسطيني تعطي لهذه الحركة 49% مقابل 13% لحركة حماس، حيث إن المواطنين الفلسطينيين مازالوا يعلقون الآمال على هذا التنظيم الذي رفع المشروع الوطني الفلسطيني ونقله من النسيان إلى الاعتراف الدولي.. في ما يلي نص الحوار: حاوره : عبد الفتاح الصادقي > س: كيف تقيمون الوضع العام للقضية الفلسطينية؟ ج: القضية الفلسطينية كما تعلمون قضية تاريخية و هي قضية عالمية وليست محلية ولا توجد أية قضية أخذت اهتمام المجتمع الدولي مثل القضية الفلسطينية ، هي قضية شعب، وقضية وطن وتكاد تكون قضية أمة، إنها القضية الأولى للأمة العربية والأمة الإسلامية في نفس الوقت. وقد كانت دائما منطقة الشرق الأوسط محط أطماع كل الدول، إذ لا يوجد أي فاتح في التاريخ أراد أن يسيطر على العالم إلا ويفكر في منطقة الشرق الأوسط نظراً لكونها منطقة استراتيجية. > س: طيب، ماهي التطورات التي تشهدها هذه القضية في الوقت الراهن ؟ ج: لابد من الإشارة الى ان القضية الفلسطينية دخلت في مراحل متعددة بدءاً بالثورة وقرارات الشرعية الدولية، وخروج دول مهمة من الصراع مثل مصر والأردن ، واعتراف إسرائيل بوجود الشعب الفلسطيني في أوسلو، الى اغتيال رابين لجعل إسرائيل تتراجع عن مسلسل السلام، إلى المحاولات الأخرى لإرجاع القطار الى السكة الأساسية من أجل الوصول الى حل ، نحن نعتقد أنه لا يوجد حل قريب، هناك أمور سلبية وأخرى إيجابية، فالأمور السلبية هي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي الآن أكثر دعما لإسرائيل ،والإسرائيليون معتمدون على الدعم الدولي للاستمرار في المخطط الصهيوني من حيث الاستيطان ومن حيث شق الطرق ومن حيث جدار الفصل العنصري، لكن إسرائيل بدون توقيع الشعب الفلسطيني لن تكتسب شرعية الوجود ، وحسب الشرعية الدولية وجودها مرتبط بالاعتراف بدولة فلسطين ، هناك كذلك قضية عودة اللاجئين لا تحتمل أي بدائل، العودة والتعويض لمن لا يرغب في العودة. هذه كلها قضايا إيجابية بالنسبة لدولة فلسطين ، لكن هناك قضايا سلبية مثل خروج الدول العربية من ساحة الصراع. فالشعب الفلسطيني الآن سنده ضعيف، وأهم نقطة قوته أنه موجود على الأرض وأنه مصر على تقرير مصيره بإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. في سنة 65 كادت الصهيونية أن تبيد الشخصية السياسية للشعب الفلسطيني، وتنهي تقريبا ملف القضية الفلسطينية، إلا أن العكس هو الذي حصل، فقد أصبحت القضية الفلسطينية محور الصراع والاهتمام في المنطقة، وتكاد تكون محور السياسة في العالم. > س: على إثر هذه التطورات والتحولات ماهي أهم الخلاصات التي خرج بها المجلس الثوري لحركة فتح المنعقد أخيرا؟ ج : قبل الحديث عن الخلاصات لابد من الإشارة الى أن فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية دخلت في مسلسل السلام على أساس أنه في نهايته ستتحرر الأرض وسيتحرر الإنسان ، ويتم حق العودة وتُعلن القدس عاصمة لدولة فلسطين، هذا كله الآن لم يتحقق ، وكان لابد للمجلس الثوري أن يقوم بمراجعة هذا الوضع وتقييمه، خصوصاً وأن حماس استولت على غزة والسلطة الفلسطينية محصورة في الضفة الغربية. وكان لابد من تقييم لماذا الدول العربية دخلت مسلسل السلام، ولماذا دخل الشعب الفلسطيني انفاق أوسلو، على أساس اعتبار الاعتراف به وبمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني والاعتراف بالكيان السياسي للفلسطينيين من قبل إسرائيل والصهيونية لأول مرة في التاريخ، وكان لابد أيضا من معرفة ما بعد انهيار جدار برلين وسقوط الاتحاد السوفياتي حيث صار الانطباع العام في العالم أصبح محكوماً بدولة أحادية القطب هي الولاياتالمتحدةالأمريكية، الداعمة لإسرائيل. وكان من الضروري أيضاً معرفة التحولات العالمية في ظل تدخل أمريكا في العديد من الدول، مثل العراق وأفغانستان، وأمريكا اللاتينية ، ودعمها لإسرائيل في حرب لبنان، وسبب فشلها في إغلاق أي ملف من الملفات التي فتحتها، إذ أن أمريكا لم تستطع أن تسطر الخرائط كما تريد، وحصل استنزاف من طرف هذه الحروب ، أصاب الاقتصاد الأمريكي بالضعف، إذ بعدما كانت منذ عشر سنوات تنتج 50% من الإنتاج العالمي أصبحت الآن تنتج 25% ، لقد أصبحت هناك دول تزاحمها مثل الصين التي تتقدم بخطى واسعة كما تتقدم روسيا نحو استعادة مركزها الدولي، والهند كدولة علمية الآن لها باع طويل في ميدان تكنولوجيا المعلومات وهي الآن تضع قدمها بثبات من خلال حجم سكانها وتقدمها العلمي على الخارطة الدولية، كما أن أمريكا اللاتينية تمردت على الهيمنة الأمريكية، إذن نحن لسنا محكومين بالرهان على أمريكا أو لاشيء فالرهان الأساسي على الشعب الفلسطيني الصامد المتشبث بحقوقه وثوابته والتزامه بمواصلة المفاوضات، ولكن هذا لا يعني إطلاقا أنه سيكون هناك تنازل عن أي موضوع أساسي من قضايا الثورة. > س: أطرح السؤال من جديد، ماهي أهم الخلاصات التي خرج بها اجتماع المجلس الثوري؟. ج: أقول إن أهم شيء هو إعادة التقييم، هذه هي الخلاصة الأساسية والمجلس الثوري يعطي التوجيهات للقيادة التنفيذية، باعتبار أنه لا يصدر قرارات تنفيذية مباشرة، بل يرسم سياسات ويحدد المعالم.. > س: ماهي معالم هذه السياسات؟ ج: أهم هذه المعالم أنه لاتوجد دولة فلسطينية في سنة 2008 كما وعد بذلك الرئيس الأمريكي جورج بوش، فهذا الكلام غير منطقي وغير معقول، فقد دخلنا إلى النصف الثاني من هذه السنة، ولم يتحقق أي شيء على أرض الواقع، ولم نصل في المفاوضات مع الاسرائيليين إلى أي نتيجة مهما كانت صغيرة، إذن ما العمل أمام هذا الوضع؟ المعروف أن حركة فتح هي رافعة المجتمع الوطني بنضالها من أجل تحقيق الكيان السياسي للشعب الفلسطيني، حتى أن هذا المشروع ارتبط بفتح، ومن أجل ضمان قوة المشروع الوطني الفلسطيني يجب أن تهتم فتح أولا بقضاياها الداخلية وبعلاقاتها الخارجية، وهكذا تقرر خلال الاجتماع الأخير للمجلس الثوري للحركة أن يعطى للوضع التنظيمي لفتح الأولوية اللاّزمة، فحصلت تجديدات في كل الأقاليم عبر انتخابات، ونحن بصدد تحديد موعد مؤتمر التجديد لحركة فتح. وتقرر أيضا الاهتمام أكثر بالساحة الفلسطينية التي يجب ألا تبقى متشرذمة، وممزقة، لأن ذلك يمنح للاعداء الأعذار والمبررات بعدم وجود محاور فلسطيني يستطيع أن يلتزم بالقضية الفلسطينية، وهكذا وجه المجلس الدعوة إلى تجميع الساحة الفلسطينية وتوحيد الصف الفلسطيني، وعلى هذا الأساس أطلق الرئيس أبو مازن بعد المؤتمر، مبادرة الحوار مع حماس، وهو جاد في هذه الدعوة حيث سافر إلى اليمن واتصل بالرئيس حسني مبارك وانتقل إلى سوريا. > س: هل تستطيع حركة فتح لم الشمل الفلسطيني؟ ج: بكل تأكيد حركة فتح طرف أساسي في معادلة الحوار الوطني الفلسطيني، وكل المحاولات التي كانت تهدف إلى إقصاء حركة فتح أو إلى إبعادها عن الساحة الفلسطينية فشلت، واليوم تعطي استطلاعات الرأي في الشارع الفلسطيني لحركة فتح 49% ولحركة حماس 13%، إذن مازال المواطنون الفلسطنيون يعلقون الآمال على هذا التنظيم الذي رفع المشروع الوطني الفلسطيني لنقل الملف من النسيان إلى الاعتراف الدولي، إذن أهم الخلاصات التي ركزت عليها توجيهات المجلس الثوري لحركة فتح تتمثل في تقوية البنية الداخلية الفتحوية وبلورة خطة لتجميع الساحة الفلسطينية، حيث تكلف الإخوان الذين سعوا إلى المصالحة ما بين فتح وحماس بمضاعفة الجهود من أجل تحقيق ذلك، ومن المنتظر أن تعمل مصر على تنظيم اجتماع فلسطيني لكل التنظيمات والفصائل. > س: على ذكر المصالحة مع حماس، تحدثت الأخبار عن تعارض وتضارب المواقف وتشدد داخل المجلس الثوري بهذا الخصوص، هل من تفاصيل في الموضوع؟ ج: لا ! لم يكن هناك تعارض أو تضارب في المواقف، وإنما كان هناك تعدد وتنوع في التحليلات، وأخبركم بأن هذه الدورة كانت أقل حدة في المناقشات بالمقارنة مع الدورات السابقة، وحتى بالنسبة لموضوع الحوار مع حركة حماس لم يكن هناك تشدد في المواقف ولم يعبر أي كان عن رفضه لهذا الحوار، صحيح أن البعض داخل المجلس الثوري، تحدث عن غياب الرغبة الصادقة لدى الإخوان في حماس من أجل الوصول إلى المصالحة الحقيقية، وذهب هذا البعض إلى القول بأن حماس لها مخططها الخاص، فبعدما أنجزت الهدنة مع إسرائيل رغم هشاشتها، تعتقد أن ذلك ترسيخ لوجودها في غزة من أجل خلق شبه دولة إسلامية على أرض فلسطين، وبالتالي فهي غير مستعجلة لحل القضية الفلسطينية، وحسب هذا التحليل فإن البرنامج الحقيقي لحركة حماس لايتضمن التشبث بالوحدة الوطنية الفلسطينية، فهي تفضل إحكام القبضة على قطاع غزة أكثر من الرغبة في ما تقتضيه الوحدة الوطنية الفلسطينية والتي تقتضي بالضرورة التراجع عن الانقلاب الذي حصل في غزة والذهاب إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية، بمشاركة جميع أبناء الشعب الفلسطيني. إذن كما قلت سابقا لم تكن هناك معارضة للحوار، وإنما إحاطة وتحذير والمساهمة في رسم صورة واضحة أمام المقرر السياسي. > س: وماذا عن الاهتمام بالعلاقات الخارجية لحركة فتح؟ ج: إن الجوانب المذكورة سابقاً غير كافية، ولذلك اهتمت توجيهات المجلس الثوري بضرورة تقوية العلاقات الخارجية لحركة فتح مع مختلف الدول والتنظيمات في العالم، وخصوصاً تلك التي تتعاطف مع الشعب الفلسطيني، وكحركة تحرير وطني فلسطيني، خلفت فتح علاقات متينة جداً مع الأحزاب والقوى السياسية العربية، ومنذ انطلاقتها جعلت الاعتماد على الأمتين العربية والإسلامية بنداً أساسيا في مصدر قوتها، إلا أنه حصل نوع من التراخي بعد اتفاق أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية على الأراضي المحتلة، ولذلك كان القرار الفتحوي هو الاهتمام بقوة بهذه العلاقات والعمل على أن تعود القضية من جديد لتكون قضية مركزية للأمة، وتجاوز النتائج السلبية للوضع الراهن، لأن الانقلاب الذي قامت به حماس خلق نوعاً من العزوف عن الاهتمام بالشأن الفلسطيني في الشارع العربي، فهذه الصورة يجب ترميمها. والمعروف أن الأحزاب العربية وتنظيمات المجتمع المدني تولي للقضية الفلسطينية أهمية قصوى » مثل الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني التي ظلت مكافحة عندما كان يرأسها المجاهد أبوبكر القادري أطال الله عمره، ومازالت نشيطة تحت رئاسة الأستاذ محمد بنجلون الأندلسي، وهو العمل الذي نأمل أن يوجد في جميع الدول العربية، وفي نفس الإطار لابد من إعادة العلاقات مع الدول الصديقة مثل روسيا والصين، حيث كانت هناك لجنة الصداقة الفلسطينية السوفياتية، وكان رئيسها أبومازن، وقد لعبت دوراً مهما ومؤثراً في القضية الفلسطينية، كما أن علاقتنا مع الصين بدأت قبل انطلاق الثورة أي في سنة 1964 عندما زارها المرحوم أبو عمار، حيث حصلنا منها على دعم هائل وعدد كبير من أطرنا وكوادرنا تدربوا في هذا البلد الصديق، ونفس الشيء بالنسبة للهند ودول عدم الانحياز في ذلك الوقت، فمن غير المعقول أن نفرط في هذا الرصيد من المساندة والدعم، الذي نتج عنه إصدار كمّ هائل من القرارات لفائدة القضية الفلسطينية. لقد حصلنا على قرار تأييد الدولة الفلسطينية، وقرار حق العودة، وقرار اعتبار الصهيونية شكلا من أشكال التمييز العنصري، وقرار عدم شرعية الاحتلال الاسرائيلي للضفة االغربية ، وعدم شرعية ضم القدس، وغيرها من القرارات الأخرى التي جاءت بفضل العلاقات الخارجية لفتح ومنظمة التحرير الفلسطينية. > س: بخصوص التوجيه المتعلق بالحوار مع حماس، كيف سيتم هذا الحوار؟ وهل هناك خريطة طريق؟ ج: نحن مصرون على الحوار، وقد كانت لنا لقاءات بين الحركات الفلسطينية في القاهرة قبل انقلاب حماس، فهناك تسطير واضح لكيفية جمع الساحة الفلسطينية، من خلال تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وإدخال الإخوان في حماس والجهاد الإسلامي وتجديد هياكل ومؤسسات المنظمة التي تعتبر الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وحكومة لكل الفلسطينيين في الداخل والخارج، ويعتبر المجلس التشريعي في داخل السلطة الوطنية الفلسطينية جزء من المجلس الوطني الفلسطيني، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لها مرجعية السلطة في الداخل، وبالتالي لابد من إحياء المبادرة اليمنية التي أعلن الإخوان في حماس عن قبولها في لقاء بصنعاء برعاية الرئيس اليمني، وبعد ذلك تبين أن الإخوان في حماس لا يريدون التفاوض على كل بند بها، والإخوان السوريون يحاولون تقديم نصائح بخصوص الوحدة الوطنية الفلسطينية خصوصا وأنهم دخلوا في مفاوضات من أجل استرجاع الجولان، ويريدون أن يكون الموقف الفلسطيني سليما وقويا، وقد سمعنا أن الرئيس الأسد استقبل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، كما استقبل الرئيس أبو مازن في دمشق، وهو العمل الذي يندرج في إطار الهدف المرسوم وهو تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية. > س: وماذا عن الشروط المسبقة قبل الدخول في حوار مع حماس؟ ج: بخصوص الحوار مع حماس، كان هناك شرط تراجعها عن الانقلاب الذي قادته في قطاع غزة، ولكن بعد المجلس الثوري سقط هذا الشرط، وأصبحنا نفاوض إسرائيل حول زوال الاحتلال، كان من الضروري فتح كل الأبواب من أجل الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإذا كانت هناك عراقيل ستظهر من الآخرين، وليست منا، إذن نحن حريصون على الوحدة الوطنية الفلسطينية وفي سبيل هذه الوحدة نضحي بالكثير، ونحن مستعدون الآن أن تأتي لجنة عربية لتجتمع في غزة، ومستعدون للذهاب في المفاوضات إلى انتخابات تشمل المجلس التشريعي والرئاسة. س: نلاحظ بشكل عام أن الحوار هو مجرد أحلام، كيف يمكن فعلا الدخول في تحقيق وتفعيل هذه المبادرة؟ > ج: إن هذا التفعيل لن يتم إلا بالوحدة الوطنية الفلسطينية، والقضية لن تنتهي بين اليوم وغد، ما هو واقع، هو أن يكون هناك إجماع على سياسة عليا للمنظمة، وفي إطار الوحدة الوطنية الفلسطينية، هناك ثوابت أهمها الوحدة الوطنية وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ولذلك حتى قبول إقامة الدولة الفلسطينية على جزء من الأراضي الفلسطينية، لم يتقرر إلا باتفاق الجميع في عام 1974 في المجلس الوطني الفلسطيني، كما أعلن عن الدولة الفلسطينية في المجلس الوطني بتونس سنة 1989 باتفاق الجميع، حيث وقف جورج حبش وياسر عرفات متشابكي الأيدي. > س: ألا تعتقدون أن التعثر الذي يعرفه الحوار الفلسطيني تتحكم فيه أيادي خارجية؟ ج: هناك المناخ الدولي الذي يصعب معه الوصول إلى نتائج ملموسة ترضي الشعب الفلسطيني في الداخل أيضا صعب جدا، منذ عام 2000 إلى الآن والشعب الفلسطيني محاصر، الرئيس أيضا كان محاصرا، الشعب الفلسطيني ليست عنده موارد لا فلاحية ولا صناعية ولا تجارية، ولذلك لابد من العمل على رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، من أجل تحمل أعباء المراحل القادمة... > س: لكن هل هناك أطراف خارجية تعرقل الوحدة؟ ج: بلا شك هناك أطراف خارجية لا تريد الوصول بالقضية الفلسطينية إلى مبتغاها الوطني. وهناك اجتهادات مختلفة في العالم العربي والإسلامي بخصوص التعاطي مع القضية الآن، على عكس ما كان في الماضي، حيث كان يحصل نوع من الإجماع داخل القمم العربية، اليوم لا توجد قرية في العالم بمعزل عن التأثير الخارجي... وبالتالي التأثير موجود ولا يستطيع سياسي عاقل، أن لا يأخذ في الحسبان موضوع تطور السياسة الدولية ولا يأخذ بعين الاعتبار المحيط الجيوسياسي الذي يتواجد به، ولا يأخذ بالحسبان إمكانيات الشعب الذي يناضل من أجله. س: أنتم رسمتم صورة سوداء على الوضع الراهن، ومع ذلك بعض المحليين يشيرون حاليا إلى وجود بعض الانفراج بمنطقة الشرق الأوسط خصوصا على الواجهة السورية الإسرائيلية، والوضع في لبنان، ألا تعتقدون بأن هذه الأجواء يمكن أن تؤثر إيجابيا على القضية الفلسطينية بشكل عام؟ > ج: قبل الإجابة عن السؤال لابد أن نفرق بين تعامل إسرائيل مع الدول العربية وبين تعاملها مع القضية الفلسطينية، فتعامل إسرائيل مع الدول العربية يدخل ضمن التوسع والامتداد الذي يمكن أن تستغني عنه، مثل ما حصل في لبنان، وسيناء، التي انسحبت منها، لكن تعاملها مع الأرض الفلسطينية، يرتبط بالوجود الإسرائيلي نفسه، ولذلك لا تستطيع أن تقول إنه إذا كانت إسرائيل تساهلت مع سوريا، فستفعل نفس الشيء مع القضية الفلسطينية. إن تساهل إسرائيل مع الدول العربية، مرده إلى كون كل الحروب التي مارستها إسرائيل خلقت ترهلا على مستوى البنية السياسية الإسرائيلية، ومن الصعب جدا أن يكون هناك إجماع سياسي في إسرائيل وخصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وبعد حرب لبنان التي دفعتها إليها أمريكا، من أجل شرق أوسط جديد، تبين أنه حتى البنية العسكرية الإسرائيلية، تغيرت كثيرا ولا تستطيع التقدم لإنجاز ما حققه التاريخ. وتبين أن هناك خللا استراتيجيا في إسرائيل، إذ أن إسرائيل أصبحت غير قادرة على شن حروب جديدة، غير قادرة على شن حروب كبيرة، وقد فقدت وظيفتها في القيام بالحروب نيابة عن حلفائها وخصوصا أمريكا... > س: لماذا لم يسْتغل الفلسطينيون هذا الوضع حتى الآن؟ ج: لأن الوضع معقد تتحكم فيه عدة عوامل داخلية وخارجية. هناك الحصار المفروض على شعبنا، وهناك الدول العربية التي دخلت في اتفاقيات سلام مع إسرائيل، والشعب الفلسطيني يعيش شبه عزلة، كما أن إمكانية الدخول في الحرب أصبحت مستبعدة، فلا يمكن شن ا لحرب ضد جيش يمتلك ترسانة عسكرية متقدمة جدا على الصعيد العالمي، في منطقة محدودة جدا، كيف تصمد في منطقة مثل غزة مثلا لا تتجاوز 365 كلم.، وهي أقل من عمالة الدارالبيضاء، لكن الحرب الأخرى... حرب في ميدان العلاقات العامة الدولية نجحت السلطة الوطنية الفلسطينية في تحقيق بعض المكاسب، فقد فكت الحصار عن الشعب الفلسطيني شيئا ما، فهذا نجاح مؤقت على مستوى العلاقات العامة. وتقييمنا العام كما سبق أن ذكرت هو أننا مازلنا بعيدين عن الحل الحقيقي والعادل للقضية الفلسطينية، والمطلوب في هذا الوضع المتأزم أن نوفر ا لحد الأدنى من شروط العيش واستمرار الحياة، ونحن بحاجة إلى الهدْنة والحوار مع حماس لأن ذلك يخفف من الأزمة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل الحصار والقمع والتجويع.. > س: كيف تقيمون أجواء التهدئة والانفراج على الواجهة السورية الإسرائيلية؟ ج: إلى حد الآن ليس هناك انفراج حقيقي، بل محاولات للوصول إلى الانفراج، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تعامل الإسرائيليين مع القضية الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني يختلف عن تعاملهم مع الدول العربية الأخرى، وهم يؤيدون رجوع القضية الفلسطينية إلى الوصاية العربية بحيث يعود الأردن للضفة الغربية، ومصر لقطاع غزة، لأنهم يعتقدون أن ذلك يساهم في القضاء على القضية الفلسطينية، ولكن لا أحد يمكن أن يقبل ذلك سواء الأردنيون أو المصريون أو الفلسطينيون. وأعتقد جازما أن القضية الفلسطينية مرتبطة أشد الارتباط بالشعب الفلسطيني وبالكيان الفلسطيني وبالوحدة الفلسطينية، ولذلك يجب أن تتضافر جهود الجميع من داخل الساحة الفلسطينية ومن خارجها لدعم الكيان الفلسطيني الموحد. ولابد أن أذكر بأن الاسرائيليين مستعدون لتقديم تنازلات على المستوى العربي من أجل تشديد القبضة على المستوى الفلسطيني، والانفراج الإسرائيلي العربي لا يعني أوتوماتيكيا تحقيق الانفراج الإسرائيلي الفلسطيني: > س: هل هناك جدولة زمنية لتحقيق التهدئة داخل الساحة الفلسطينية؟ ج: هذه الجدولة لا يحددها طرف واحد، ونحن نسعى إلى تحقيق التهدئة وتوحيد الصف الفلسطيني في أقرب وقت ممكن، لأن الاستحقاقات القادمة قد تترك الشعب الفلسطيني معزولا، خصوصا عندما تصل سوريا إلى اتفاق مع إسرائيل. فأمامنا أخطار حقيقية، ولذلك لابد من الإسراع في إنجاز الحوار الوطني الفلسطيني، حتى لا يستفيد الآخرون من التشتت الذي تعرفه الساحة الفلسطينية، ونحن نأمل أن تدخل الأحزاب العربية على الخط وتدفع حماس إلى التجاوب مع مبادرة الحوار الوطني الفلسطيني وتغليب المصالح الوطنية العليا عن المصالح الحزبية الضيقة. > س: أمام هذا الوضع، هل أنتم متفائلون بمستقبل القضية الفلسطينية؟ ج: المناضل دائما متفائل، وصاحب الحق لا يمكن أن يكون إلا متفائلا، أولا هذه القضية تاريخية، ولا يمكن لفلسطين أن تنتقل من مكانها كما لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يهجر إلى مكان آخر والدليل أن إسرائيل في عز قوتها وغطرستها لم تستطع تحقيق ذلك. وثانيا الكيان الصهيوني في تقهقر على جميع المستويات كما أشرت إلى ذلك سابقا، صحيح أن ا لوضع الفلسطيني لا يسر الصديق، ولكن مع ذلك فأبناء الشعب الفلسطيني يقاومون من أجل الحياة في وطنهم...