تضمن التقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة 2008 ثمانية مقترحات لتعديل مقتضيات قانونية تتعلق بايقاف التنفيذ المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية وحق التصدي (الفصل 368) وإعادة النظر (379) وتبليغ الاخطار الجلسة (370 و372 من ق. م. م) وكذا الفصل 10 من القانون المتعلق بالتنظيم القضائي، والفصل 91 من ظهير 12 غشت 1913، والفصل 12 من ظهير 24 ماي 1955، إضافة الى الفصلين 31 و32 من المرسوم الملكي المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة (الشفعة في بيع الأصول التجارية). ونقدم فيما يلي ما ورد في مجلة المجلس الأعلى من مقترحات تظل قابلة للنقاش من ذوي الاختصاص: ******************* الفصل 361 من ق.م.م (إيقاف التنفيذ): إن بعض المقتضيات المسطرية المتعلقة بقضاء الأسرة والتي تم تضمينها في قانون المسطرة المدنية أظهرت الممارسة القضائية أنها تحتاج إلى إدخال بعض التعديلات عليها وذلك باستحضار إرادة المشرع من اقرارها، منها ما يتعلق بتنفيذ الأحكام. وكثيرا ما يكون النزاع جديا حول النسب أو الزوجية، وتحكم المحكمة بالنفقة أو بالإرث، ثم يتبين عدم ثبوت النسب أو عدم ثبوت الزوجية، ويسارع المحكوم له إلى تنفيذ الحكم المطعون فيه بالنقض والذي قد تتم الاستجابة إليه مما تثار معه صعوبات بشأن إرجاع الحالة الى ما كانت عليه. لذلك يظهر من المناسب اضافة فقرة أخيرة للفصل 361 من قانون المسطرة المدنية، حتى يكون للمجلس الأعلى صلاحية ايقاف تنفيذ الأحكام في تلك القضايا كالآتي: (يمكن كذلك للمجلس الأعلى أن يأمر بإيقاف تنفيذ القرارات الصادرة في قضايا الأسرة والمطعون فيها بالنقض عندما يكون محل النزاع متعلقا بثبوت النسب أو ثبوت الزوجية). الفصل 368 من ق.م.م (حق التصدي): إن التصدي الذي كان موكولا للمجلس الأعلى بمقتضى الفصل 368 من قانون المسطرة المدنية وتم إلغاؤه بمقتضى قانون 82/04 المنفذ بظهير 1993/9/10 كان يعطي للمجلس الأعلى بصفته محكمة نقض صلاحية التطرق لموضوع النزاع، إذا كانت القضية جاهزة للبت فيها، بدل إحالتها إلى محكمة الموضوع للبت فيها من جديد، وبالرغم مما قد يوجه من انتقاد لهذه الصلاحية المخولة لمحكمة النقض والتي تخرجها عن دورها كمحكمة قانون، فإنه من الأكيد أن تخول للمجلس الأعلى صلاحية البت في النزاع والحسم فيه لا ينقص من ضمانات المحاكمة العادلة، ولا يلحق ضررا بأطراف الدعوى بل إن من شأنه تقصير أمد المنازعات بين الخصوم، غير أنه يجب منح هذه الصلاحية في حدود ما تقتضيه المصلحة، وذلك بحصر الحالات التي يخول فيها المجلس الأعلى حق التصدي كالآتي: - 1 )إذا تبين للمجلس الأعلى أن المحكمة غير مختصة ولن يترتب على النقض والإحالة إلا التصريح بعدم الاختصاص وتعيين المحكمة المختصة عند الاقتضاء. - 2 ) إذا تبين أن الدعوى غير مقبولة ولن يترتب عن النقض والإحالة الا التصريح بعدم القبول. - 3 ) إذا كان الطعن للمرة الثانية، فإنه يمكن للمجلس التصدي والبت في الموضوع، أما إذا كان الطعن للمرة الثالثة، فإنه يجب على المجلس الأعلى البت في القضية بغرفتين أو بجميع الغرف والتصدي للبت في الموضوع. الفصل 379 من ق . م. (إعادة النظر): يقترح حذف الفقرة الرابعة من الفصل 379 من ق.م.م والتي تخول المجلس الأعلى إلغاء قرار صادر عنه دون مراعاة لمقتضيات الفصول 379 و372 و375 من ق.م.م، وهو مقتضى يترتب عنه إمكانية مراجعة قرارات للمجلس الأعلى دون اعتبار لكون قراره يكتسي قوة الأمر المقضي به، ولصدوره من أعلى هيئة قضائية لا معقب عليها. وقد جرت الممارسة القضائية على إحالة هذا الطعن على غرفتين مجتمعتين أو مجموع الغرف بدل البت فيه من طرف نفس الهيئة التي أصدرته، ومع ذلك يحبذ إلغاء هذه الفقرة حتى لا يسمح للمجلس الأعلى أن يحاكم نفسه بنفسه، وبالمقابل يتم الاحتفاظ بالطعن بإعادة النظر ضد قرارات المجلس الأعلى متى تحقق عنصر خارجي من العناصر المذكورة على سبيل الحصر في الفقرات 1 و2 و3 من الفصل 379 من ق. م.م وتتعلق بوقائع مستجدة كظهور أدلة جديدة أو زوريتها. الفصلان 370 و372 من ق.م.م (تبليغ الإخطار بالجلسة): تنص الفقرة الثانية من الفصل 372 من ق.م.م على أنه : «يقدم بعد تلاوة التقرير وكلاء الأطراف ملاحظاتهم الشفوية إن طلبوا الاستماع إليهم ثم تقدم النيابة العامة مستنتجاتها». ورغم أن هذه الفقرة تظهر واضحة ولكنها مع ذلك أثارت إشكالا في التطبيق، وهذا الإشكال يرجع إلى ما ورد في الفصل 370 من ق.م.م الذي ينص على أنه: «يجب إخطار كل طرف باليوم الذي تعرض فيه القضية على الجلسة وذلك قبل انعقادها بخمسة أيام على الأقل». والبعض يرى أن عدم توصل الأطراف بالإخطار يعتبر سببا لإعادة النظر أمام المجلس الأعلى لأن تقديم ملاحظاتهم يتوقف على توصلهم بالإخطار، ولكن الرأي الآخر يعتبر أن طلب الاستماع يجب أن يقدم في عريضة النقض أو بعدها، وإن حالات إعادة النظر في قرارات المجلس الأعلى محددة على سبيل الحصر وليس منها مخالفة الفصل 370 من قم.م الذي ينص على وجوب توجيه الإخطار وتوصل الطرف - الذي لم يطلب المرافعة - بالاخطار. لذلك يقترح أن تصاغ الفقرة 2 من الفصل 372 من ق م.م كالآتي: «يقدم بعد تلاوة التقرير وكلاء الأطراف ملاحظاتهم الشفوية إن طلبوا الاستماع اليهم في عريضة النقض أو الجواب عنها، ثم تقدم النيابة العامة مستنتجاتها». وفي نفس السياق يقترح تعديل الفصل 370 من ق. م.م كالآتي: «يوجه إخطار لكل طرف باليوم الذي تعرض فيه القضية». الفصل 10 من القانون المتعلق بالتنظيم القضائي (إضافة غرفة عقارية لغرف المجلس الأعلى): اعتبارا لما للمنازعات المتعلقة بالملكية العقارية من أهمية فائقة، يوليها لها الخواص والدولة، على حد سواء بالنظر لقيمتها ودورها في النسيج الاقتصادي وتجسيدها لحق دستوري مقدس هو حق الملكية، فإن الحسم فيها من طرف أعلى هيئة قضائية يتطلب إحداث غرفة متخصصة بها، تتولى البت في هذا النوع من القضايا وفق رؤية اجتهادية موحدة، وتعمق في قواعد الفقه المالكي والقوانين المتعددة والمتشعبة التي تحكم العقار كالقانون المدني وقانون التحفيظ العقاري وقانون الإصلاح الزراعي وقوانين التعمير... وإن إحداث هذه الغرفة سيخفف العبء عن الغرفة المدنية وغرفة الأحوال الشخصية والميراث التي تبت في هذا النوع من القضايا، كما سيساعد على تقليص أمد البت فيها، مساهما في إدماج الرصيد العقاري المتنازع عليه في حركية الاقتصاد بسرعة. لذا، يقترح تتميم الفقرة الثالثة من الفصل 10 من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.338 بتاريخ 24 جمادى الثانية 1394 (15 يوليوز 1974) المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة حسب ما وقع تعديله بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.97.65 صادر في 4 شوال 1417 (12 فبراير 1997) بتنفيذ القانون رقم 93.95 كالآتي: «يقسم الى سبع غرف: غرفة مدنية تسمى الغرفة الأولى وغرفة للأحوال الشخصية والميراث وغرفة تجارية إدارية وغرفة اجتماعية وغرفة عقارية وغرفة جنائية». الفصل 91 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري (تنفيذ القرارات الاستعجالية): إن كل ما ضمن بالسجل العقاري من تسجيل وتقييد احتياطي يمكن أن يشطب عليه بموجب كل عقد أو حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به أو قرار استعجالي يثبت انعدام أو انقضاء الواقع أو الحق. وإن بعض السادة المحافظين على الأملاك العقارية يرفضون تنفيذ القرارات الاستعجالية ما لم يدل بشهادة عدم الطعن فيها أو برفض طلب النقض فيها متمسكين بالفصل 91 حسب صياغته الحالية. والواقع أن الفصل المذكور ينص على الحكم بينما القرارات الاستعجالية، يجب أن تنفذ بقوة القانون كما ينص على ذلك الفصل 153 من قانون المسطرة المدنية ما لم يقيدها قاضي المستعجلات، لذلك يقترح تعديل الفصل المذكور بالاشارة الى القرارات الاستعجالية بدل الاقتصار على لفظ الحكم. الفصل 12 من ظهير 24 ماي 1955 المتعلق بتجديد كراء المحلات التجارية والحرفية (تقدير التعويض عند الهدم وإعادة البناء): إن الفصل 12 من ظهير 55/5/24 يسمح لمالك الرقبة باسترجاع محله لهدمه وإعادة بنائه مقابل منحه مالك الأصل التجاري تعويضا يوازي كراء ثلاث سنوات، ولا يوجد ضمن مقتضياته ولا ضمن مقتضيات الظهير المذكور ما يلزمه بإعادة بنائه داخل أجل معين، وكثيرة هي الدعاوى التي عرضت على قضاة الموضوع من طرف مالك الأصل التجاري يكون موضوعها هو إلزام مالك الرقبة بإعادة البناء، لكن العمل القضائي مستقر على عدم الاستجابة لمثل هذه الطلبات، بعلة أن مالك الرقبة غير ملزم قانونا بإعادة البناء داخل أجل معين، والنوازل المعروضة على المحاكم تفيد أن غاية المالك من سلوك هذه المسطرة ليس إعادة البناء ولكن الاستحواذ على محله بدون تعويض وحرمان مالك الأصل التجاري من التعويض الكامل وكذا حقه المشروع المتمثل في حق الأسبقية على غيره في الرجوع لمحله. لذا يقترح تعديل الفصل 12 بإضافة فقرة تلزم مالك الرقبة بإعادة البناء داخل أجل معقول، وإذا لم يفعل، ألزامه بتعويض مالك الأصل التجاري عن فقدانه لأصله التجاري تعويضا تاما في إطار الفصل 10 من نفس القانون. كما يقترح أن يتضمن التعديل عبارة تلزم المحكمة قبل الحكم بالإفراغ في إطار الفصل 12 بإجراء خبرة احتمالية تحدد التعويض الكامل مقابل الإفراغ للرجوع إليها عند الحاجة، ذلك أنه عندما يثبت للمحكمة سوء نية المالك، وهو حرمان مالك الأصل التجاري من محله وتقرر تعويض المكتري استنادا لذلك تعويضا كاملا، يتعذر عليها تقدير هذا التعويض لكون المحل هدم واندثرت عناصر الأصل التجاري هذه الخبرة الاحتمالية السابقة للهدم يمكن الرجوع إليها عند الحاجة لتقدير التعويض. الفصلان 31 و32 من المرسوم الملكي المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة (الشفعة في بيع الأصول التجارية) إن ظهير 1955/5/24 لم يتعرض لحق الشفعة، وبالتالي عندما يتعلق الأمر بطلب الشفعة المنصب على الأصل التجاري فإنه يرجع في ذلك الى القواعد العامة ، غير أن الفصلين 31 و 32 من المرسوم الملكي المحدد للتشريع المطبق علىالعقارات المحفظة أوردا صيغتين متباينتين وهما السقوط والتقادم. إذ ينص الفصل 31 منه على ما يلي: «إن المشتري يمكنه بعد تقييد شرائه أن يبلغه لكل من له حق الشفعة ويسقط حق هذا الأخير إن لم يمارسه داخل ثلاثة أيام من تاريخ هذا التبليغ تضاف إليها آجال المسافة». وينص الفصل 32 على أنه: «وفي حالة ما إذا لم يقم المشتري بهذا التبليغ فإن حق الشفعة يتقادم...». وإن السقوط هو غير التقادم، أي أن صاحب الحق في الشفعة في الحالة الأولى إذا لم يمارس حقه داخل الأجل القانوني يسقط حقه بينما في الحالة الثانية أي في حالة التقادم، يمكن له تدارك الخلل الشكلي وتصحيح المقال وتعتبر هذه الدعوى مبررا لقطع التقادم، وحان الوقت لرفع الغموض الملاحظ في الفصلين المذكورين بتحديد ما إذا كان الأمر يتعلق بتقادم أو سقوط. وإن كان المرجح تركه في خانة السقوط لاعتبار أساسي، ذلك أن صاحب حق الشفعة هو في الأصل ليس له على الشيء المطلوب استشفاعه أي حق وإنما يسعى لاكتساب هذا الحق عن طريق انتزاعه من يد المشفوع بوسيلة قانونية سنها له المشرع، ومادام الأمر كذلك تعين عليه تقديم طلبه باستحقاق الشفعة داخل الأجل المحدد له قانونا تحت طائلة سقوط حقه بمرور الأجل ولا يؤثر في هذا الأجل سلوكه لدعوى معيبة إذ أن هذه ليس من شأنها ايقاف الأجل وذلك مراعاة لاستقرار المعاملات.