لا يختلف إثنان على أن القبور في الشريعة الإسلامية لها قدر كبير من الحرمة ولا يجوز لأحد التهاون فيه ولا الاعتداء عليه، وهذه الحرمة تقتضي من المسلمين وخاصة المسؤولين منهم العناية بالمقابر بالقدر الذي يحفظ للميت حرمته ويصون كرامته. نسوق هذا الكلام من الوضعية الكارثية التي توجد عليها مقبرة معروفة عند أبناء سطات ب “الطويجين” شرق المدينة والتي أصبحت بنيتها التحتية في وضعية مزرية يندى لها الجبين نباتات عشوائية وطفيليات تغطي المكان ولا يكاد المشيعين ولا الزوار الذين يلجونها من أجل الترحم على قريب أو عزيز عليهم الوصول إلى القبور إلا بمشقة الأنفس، هذا إن لم يتعثروا بحفرة من الحفر التي نبشتها الكلاب الضالة المنتشرة هنا وهناك ناهيك عن الأزبال التي تغطي الفضاء.
وقد تزامن مع عمليات الدفن عدد من الموتى ظهر يوم الجمعة 5 أبريل الجاري هطول أمطار الخير، الشيء الذي أظهر بجلاء تقاعس مدبري الشأن العام في أداء واجبهم تجاه حرمة المقبرة، عندما أصبحت الطريق المؤدية إلى مكان الدفن عبارة عن أوحال وبرك مائية استعصت على المشيعين تجاوزها مما جعلهم يعبرون عن تذمرهم واستيائهم للوضعية الكارثية للمقبرة المذكورة، إذ صبوا من خلالها جام غضبهم على المسؤولين المحليين، مطالبين المنتخبين منهم على اعتبار أن المقابر ملك جماعي ومندوبية الأوقاف والشؤون الإسلامية باعتبارها جهة وصية روحيا ،بالتدخل العاجل من أجل إصلاح وتبليط محيط المقبرة والممرات المتواجدة بداخلها، لأنها ببساطة أصبحت لا تليق برفات الجثامين المدفونة بقبورها .
هذا وقد عاينت جريدة “العلم ” عن كثب معاناة المواطنين وأهالي وأقرباء الموتى من وضعية البنية التحتية للمقبرة التي حالت دون إتمام عمليات الدفن وتقديم التعازي في أريحية وأجواء خاشعة بسبب كثرة الأوحال والبرك المائية المنتشرة هنا وهناك، مما يتطلب من المسؤولين تخصيص ميزانية سنوية لصيانة المقابر ووضع إستراتيجية هادفة من أجل النهوض بهذه الأماكن التي توجد في وضعية لا تعبر عن آدمية البشر وسلوك الإسلام في احترام الذات البشرية، لكن يبدو أن التهافت وراء المناصب والكراسي أنست الجهات المسؤولة القيام بواجبها الديني والدنيوي.