حكومة العثماني تلف وتدور وتحول الحوار الاجتماعي إلى منطقة رمادية.. تبادل الأدوار بين رئاسة الحكومة والوزراء مؤشر سلبي يزيد من منسوب الاحتقان
* العلم: الرباط – عزيز اجهبلي تحول الحوار الاجتماعي هذه الأيام إلى كرة من ثوب، تتقاذفها الأرجل، من رئيس الحكومة إلى أي وزير من وزرائه لكي يلعب الدور المسنود له في مسرحية طال تشخيصها ولم تصل إلى النهاية بعد. ففي الوقت الذي لم يتمخض فيه الاجتماع الذي عقده وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت مع زعماء المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، كل واحدة على حدة، عن أي جديد يذكر، ها هو محمد يتيم وزير الشغل والادماج المهني يخرج الاثنين 14 يناير الجاري ليقول داخل البرلمان إن الحكومة ملتزمة بمواصلة الحوار الاجتماعي في شموليته وفي جميع أبعاده. لقاء وزير الداخلية مع ممثلي المركزيات النقابية، حول الحوار الاجتماعي الذي عرف تعثرا في مجرياته، بسبب عدم التوصل إلى اتفاق مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، خلا من أي تفاوض بشأن العرض الحكومي الجديد، لتبقى دار لقمان على حالها، فكانت اللقاءات عبارة عن جلسات استماع، قامت بها وزارة الداخلية، للذكرى والتذكير فقط وإعادة تكرار مطالب النقابات على المسامع، لا أقل ولا أكثر، لكن المركزيات النقابية كانت واعية أشد الوعي بخلفيات تغيير وجه المفاوض الحكومي، الذي في نظرها لن يغير شيئا من موقفها بشأن قيمة الزيادات المقترحة. تبادل الأدوار بين أعضاء الجهاز التنفيذي في قضية مصيرية لفئة عريضة من الشعب المغربي، له هدف رئيسي واحد، جعل من الحوار الاجتماعي ومأسسته المنطقة الرمادية بالإضافة إلى اللعب على الزمن، الشيء الذي دفع مثلا بالفريق الاستقلالي، أن يعتبر دخول وزارة الداخلية على الخط وبمفردها لمحاورة المركزيات النقابية وإخلاء المكان لها ومغادرة رئاسة الحكومة لطاولة التفاوض والحوار، مؤشرا سلبيا، وتساءل الفريق الاستقلالي في هذا الصدد عن الطبيعة الازدواجية والحالة السيزوفرينية، التي تعاني منها حكومة العثماني، وما مدى فعالية تغيير المخاطب بالنسبة للحوار الاجتماعي، وفي مصلحة من ذلك؟ الوزير يتيم يمسح الطاولة بالمرة في معرض رده على طلب إحاطة الاثنين، ويتعلق ب «مستجدات الحوار الإجتماعي»، تقدم بها الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، وكأنه يقول لنواب الأمة ومن خلالهم للشعب المغربي وللطبقة العاملة، إن لقاءات المركزيات النقابية مع وزارة الداخلية ما هي إلا عملية لذر الرماد في العيون، وفي نفس الوقت يرد على العثماني رئيس الحكومة، الذي انتصر إلى مبادرة وزارة الداخلية، وقال في الجلسة الشهرية بداية الأسبوع الماضي، إن لقاء الوزير عبد الوافي لفتيت مع قياديي المركزيات النقابية، جاء بتكليف منه وأنه لن يتم توقيع أي اتفاق بين النقابات ووزير الداخلية إلا بحضوره. هكذا يكون العثماني قطع الطريق أمام امكانية نجاح التفاوض مع وزير الداخلية، وفي نفس الوقت إعلان عن تجاوز كل ما يمكن أن يقول الوزير يتيم على أنه راكمه عبر لقاءاته مع المركزيات النقابية على المستوى القطاعي أو المركزي. الوزير يتيم مرة أخرى لم يعر كلام العثماني، ولا انتصاره لوزارة الداخلية أي اهتمام وقال بكلام يلفه الغموض، وتحدث باسم الحكومة، وكأنه هو الرئيس، وقال إن هذه الحكومة جادة في مواصلة الحوار الاجتماعي في إطار استحضار المسؤولية والتوافق قصد بلورة ميثاق اجتماعي مستدام يضمن تنافسية المقاولة ويدعم القدرة الشرائية بالقطاعين العام والخاص. وقال أيضا، إن الحوار الاجتماعي ليس أمرا ميسرا لأنه ثنائي وثلاثي التركيب، بل حوار سداسي يجمع الحكومة وأربع مركزيات نقابية وكذا الاتحاد العام لمقاولات المغرب. وبهذا الكلام يكون يتيم قال قولة حق وأعلن عن فشل الحوار، لكنه كان من واجبه تحديد المسؤولية في هذا الفشل.