تعد أزمة السكن بمدينة الدارالبيضاء واحدة من المشاكل التي يعاني منها أغلب البيضاويين رغم الجهود المبذولة للقضاء على هذه الأزمة الاجتماعية. كما تعد كذلك من أهم الأسباب المؤدية إلى بروز العديد من الأمراض النفسية والعصبية، وما الأرقام الرهيبة المسجلة في هذا الإطار إلا دليل على ذلك. فعدم تمكن بعض الأفراد من إيجاد مأوى يكفل لهم الاستقرار وعيش حياة كريمة أدى بهم في غالب الأحيان إلى الانهيار العصبي التام أو فقدان عقولهم والدخول في دوامة لامنتهية من العزلة والانطواء مع الذات، وهذا بالضبط ما حدث لسيدة في عقدها الرابع، متزوجة وأم لثلاثة أطفال، ظلت ومنذ زواجها سنة 1998، تنتقل رفقة زوجها من منزل إلى آخر، حيث كانوا يكترون المنازل التي قطنوها طيلة تلك الفترة مع صاحب ذلك من تشتت وعدم الاستقرار النفسي والعاطفي والأسري، إضافة إلى ارتفاع قيمة الكراء، فلن تتمكن هذه السيدة من احتمال هذا الوضع أمام عجزها عن امتلاك منزل يجمع شمل أسرتها لتصاب بانهيار عصبي حاد تسبب في دخولها إلى مصحة الأمراض العقلية والنفسية، فمكثت هناك لمدة شهرين حتى تحسنت حالتها، ولكن الأمور جرت عكس ما كان متوقعا، حيث عادت السيدة إلى المستشفى من جديد بعد أن عجز زوجها عن توفير ثمن الأدوية التي كانت تتناولها وبقاء الأسباب التي أدت إلى انهيارها على حالها. هذا دون الحديث عن الأسر التي تعاني من ارتفاع عدد أفرادها الذين يتقاسمون في بعض الحالات غرفة أو غرفتين والأسر التي تعيش في دور الصفيح والمساكن العشوائية بضواحي مدينة البيضاء، كالهواريين ودار بوعزة وبوسكورة... مما ينعكس سلبا على نفسيتهم ويتسبب في إصابتهم في الكثير من الأحيان والأمراض والعقد النفسية ويجعلهم فريسة للقلق والاكتئاب والعصبية الزائدة في ظل عجزهم عن تحقيق أحلامهم وآملهم أو النظر إلى مستقبلهم الذي يرونه غامضا وضائعا من بين أيديهم.