يأتي هذا الكتاب الجديد للأستاذ عبد الكريم غريب، تلبية لحاجات ملحة مرتبطة بالمقاربات النظرية والتطبيقية للتواصل والتنشيط وأساليبهما وتقنياتهما. وإذا كانت أهم الأدبيات التي تناولت هذه المواضيع، تعمد في الغالب إلى العزل المصطنع بين التواصل والتنشيط، فإن الباحث في هذا المؤلف الجديد، ينظر إلى أن التواصل والتنشيط في واقعهما الوظيفي، شبيهان بتوأمين طبيعيين، لكونهما يشكلان وجهين لعملة واحدة؛ فإن التواصل كفعل لايمكن أن يتم إلا عبر أسلوب أو تقنية من تقنيات التنشيط؛ كما أن التنشيط لايضمن وجوده في غياب التواصل الذي يشكل قاعدة له ومجال فعله الحقيقي. ولتحليل هذه الوظيفة الترابطية العضوية بين شقي التواصل والتنشيط، أفرد الباحث ضمن مؤلفه هذا الفصول الستة التالية: - تطرق في الفصل الأول إلى المقاربة المحددة للعلاقة الوظيفية بين كل من التواصل والتنشيط، على اعتبار أن التواصل يكون السياق الذي ظهرت فيه أهم النظريات والأساليب التواصلية التي تحكمت في بناء أهم قوانين وأساليب التواصل، حيث إن الوظيفة التواصلية قد اضحت من ضرورات التبليغ والاستقبال للخطاب المنشود، وأنه في غياب هذه الوظيفة الأساس، تتحول العلاقة بين الفرد والجماعة أو داخل المجتمع برمته، إلى فراغ يصعب تعويضه. وإذا ما كانت مقاربة التواصل، قد تمت في غياب لمدة طويلة في معزل عن التنشيط؛ فإن التطور السريع، الذي عرفه التواصل على مستوى النظريات والتقنيات بمختلف المجالات التربوية منها على الخصوص قد حدا بالعديد من الباحثين الى تغذية الوعي، بأن مجالي التواصل والتنشيط، متكاملان على المستوى الوظيفي بشكل كبير، إذ لا مجال للحديث عن تواصل من دون تنشيط والعكس صحيح. - شكل الفصل الثاني، في هذه الدراسة؛ مجالا لمناقشة وتحليل أساليب التواصل وتقنياته؛ ذلك، أن موضوع التواصل، أضحى يطرح حاليا داخل مناخ العولمة، عدة تساؤلات؛ تتصدرها مسألة الوعي بهاجس إرساء مناخ للتواصل المتسم بالتناغم، سواء على المستوى المحلي، المرتبط بالتوتر اليومي في مجتمعنا وداخل الأسر والمؤسسات التعليمية والتربوية؛ أو تعلق الأمر، بالتواصل بين مختلف الشعوب والأمم، داخل كون أضحى شبيها بقرية صغيرة؛ لأن الوعي، هو العقل المدبر، الذي تتجلى مجالاته في التحليل الشمولي والتوجيه والتسيير الملائم؛ مما يسر مسألة الثقة المتبادلة للنجاعة المستديمة. كما أن حرية التعبير، ضمن السياق التواصلي، تمثل قوة تخدم حاجيات الفرد المتواصل وتزيد من مستوى نجاعة آداءاته. - ولقد أحاط الفصل الثالث، بأهم تقنيات التواصل لبلوغ التواصل الناجع؛ انطلاقا من الكتابة التي شكلت داخل تاريخ الإنسانية، أعظم الاختراعات؛ وهي لاتقتضي تطبيق قوة مادية للطبيعة على أشياء مادية من أجل تلبية حاجيات إنسانية؛ وإنما تخدم إنتاجا للعقل البشري؛ ويتعلق الأمر باللغة في هذا المنطلق، وتناسب اللغة والكتابة الحاجة للتواصل. هذا إلى جانب مختلف أساليب التواصل الحديثة، السمعية والبصرية والإعلامية الحديثة... أما الفصل الرابع، فلقد تم فيه التركيز على التواصل داخل المؤسسة المدرسية؛ وهو مجال، يتوقف على التعريف بأهم الاستراتيجيات التواصلية والتنشيطية للإدارة التربوية في تنمية وتطوير مهامها، حتى تكون ناجعة في مختلف وظائفها؛ كما يركز في الوقت نفسه، على المناخ الطبيعي الذي ينبغي أن يسود بين المدرسين القدامى والجدد وسبل التواصل الكفيلة بتحقيق الانسجام والتكامل في تأدية الوظائف التربوية والتنشيطية المنوطة بهم. - خصص الفصل الخامس، للإحاطة بأهم تقنيات التنشيط، على اعتبار أنها تشكل الأداة والوسيلة الضروريتين لتحقيق التواصل الفعال. ومادام مجال تقنيات التنشيط يزخر بالعديد من الأنماط والأدوات والأساليب التنشيطية؛ فلقد حاول الباحث ما أمكن، تقديم أهمها، ضمن هذا الفصل؛ حتى يتسنى تسليح المنشطين والقائمين على التواصل، بأهم الوسائل الضرورية لهذا الغرض. - أما الفصل السادس والأخير، فقد ارتبط بموضوع تقييم التواصل والتنشيط؛ ذلك، أن مسألة التقييم تشكل وسيلة ضرورية للتعرف على مستوى العتبة المحققة والمرغوب في بلوغها لتطعيم التغذية الراجعة، وتجويد بالتالي التواصل أو التنشيط، وفق ماهو منشود. وإذا كان هذا المؤلف، قد يجيب على حاجات ملحة للمدرسين والمكونين والمنشطين بمختلف المؤسسات؛ فإن الأهم فيه، هو غناه ب مختلف الأساليب التواصلية والأدوات التنشيطية، مما سوف، قد يسعفه لتشكيل مرجعية أساسية للمهتمين بهذين المجالين المرتبطين بالتواصل والتنشيط. جاء هذا الكتاب في 464 صفحة من الحجم المتوسط عن منشورات عالم التربية، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء - 2008.