الكتب الجيدة تؤسس آثارها على أنواع من المتعة، وهي لذلك غير محتاجة لإخفاء جمجمتها في رفوف المكتبات والأكشاك، بل تساهم في إنتاج وجودها المتعدد عبر الأثر الإبداعي والفكري الذي ترسمه، وهي تخطو في التاريخ. مثل هذه الكتب عصية على الانطفاء، لأنها تسعى بفرح كبير إلى التواصل مع القارئ بوضوح شامل يشن حروبه على الكسل المعرفي القائم. إنها تخلخل، تختلف، تدحض، تقدم الحجج، تجادل، تمانع، تقدم معرفة مغايرة بدون أن تغتال حراس الأفكار القديمة. إنها متعالية بعفوية لا حدود لها، تواجه كل إرادات الهيمنة التي تحاصر الفكر المبدع المختلف. ولذلك، فإن هذه الكتب استطاعت أن تلاقي مستوى كبيرا من التقبل من طرف المهتمين والقراء، واستطاعت أن تنتج حوارا فكريا ونقديا زرع الانقلابات في الجاهز والبالي من الأفكار».. منطلق هذا السؤال، هو الذي نسج نص «الاسم العربي الجريح» لعبد الكريم الخطيبي، وذلك ضمن جدلية لاتتوقف عن خلق التوتر في لغة الفكر والكتابة. إن فكرة السؤال، شكلت مع الخطيبي نمطا يريد ان يخترق به كل الخطابات الرمزية، ومن خلاله يسعى الى تأسيس نص مختلف لايكف عن المحافظة على قيم ثقافية معينة والعمل على توصيلها وإعادة انتاجها، وإنما كان يصر على وضع اساسيات الثقافة العربية موضع السؤال والبحث والنقد. من هنا جاء كتاب «الاسم العربي الجريح» لعبد الكبير الخطابي، ليتطرق الى موضوع الثقافة الشعبية من خلال الاثر الخطي وعلامات الوشم ثم موضوع الجسد عبر كتاب «الروض العاطر في نزهة الخاطر» للشيخ النفزاوي. موضوعان لأول مرة يتم التطرق لهما ضمن نسق الثقافة العربية طارحا بذلك مفهوم الاختلاف من خلال طرحه لامكانية قراءة التاريخ الثقافي العربي ومراجعة الوعي النقدي لقضاياه الكبرى، وممارسة استراتيجية التفكيك لفكر أسس نفسه في مرحلة تاريخية على الاطمئنان. للنصت هنا إلى قراءة تمجيدية مستحقة لهذا الكتاب القيم من قبل الأساتذة محمد بنيس، محمد نورالدين أفاية وفريد الزاهي.. محمد بنيس.. لا يزال الكتاب أكثر راهنية في واقعنا العربي مازلت اعتبر كتاب «الاسم العربي الجريح» لعبد الكبير الخطيبي أهم كتاب في ميدان البحث انجزه الخطيبي? وقد اصبحت الآن العلاقة بهذا الكتاب، علاقة تاريخية وتأملية في الآن. عندما قمت بترجمة «الاسم العربي الجريح»، شعرت ان ما يريد قوله الخطيبي عن الثقافة العربية هو شيء جديد، والممكن ان يكون له اثره في الفترة الثقافية للثمانينيات، سبب ذلك هو انه اول كتاب يأتي بمنظور جديد للجسد (العربي) وللثقافة الشعبية، ومصدر هذا المنظور الجديد هو المرجعية المعرفية التي اعتمدها الخطيبي. انها مرجعية تعتمد اللسانيات والسيميائيات والتحليل النفسي والبنيوية النقدية التي كانت مؤثرة في الحقل الفلسفي، وجميع هذه المعارف كانت تجد ذاتها غريبة عن الحقل الثقافي العربي، ولكن هذه المعرفة تصبح الدهشة امامها مضاعفة عندما تتجه الى الثقافة الشعبية. اذن، كنت امام كتاب تبين لي انه سيفيد الثقافة العربية الى حد بعيد. ويمكنني القول، الآن، ان صدور الكتاب شكل حدثا ثقافيا في عموم العالم العربي. هذا الحدث لا يعني ان الكتاب طبع بعدد مرتفع من النسخ او طبع طباعات متعددة، بل بالعمق الذي مارسه الكتاب في مختلف الاوساط الثقافية الفكرية والادبية والفنية على السواء. في هذا الكتاب يبرز مشروع الخطيبي الذي اطلق عليه النقد المزدوج، اي نقد الثقافة العربية التقليدية والثقافة الاوربية «التبريرية» فهو لم يناصر ثقافة على ثقافة، ولم يفاضل بينهما، بقدر ما اعطى الاولوية لطريقة جديدة في تناول موضوع تكاثرت الصراعات حوله، وهو موضوع الثقافة الشعبية من ناحية، ثم موضوع محرم هو الجسد الواقعي، لهذا اعود الآن لأتأمل هذا التأثير فاجد ان هناك، اولا، قضايا اصبحت متداولة ومشتركة في الثقافة العربية بفضل صدور هذا الكتاب، وفي مقدمتها قضايا الجسد الواقعي. لاول مرة، يظهر الجسد كتصور فكري وكتجليات في عدة خطابات بطريقة تختلف عما كان عليه متداولا في الخطابات السابقة، وفي الوقت ذاته، اصبح مفهوم الاختلاف من المفاهيم التي تتحكم في وضعية مجموعة من الخطابات كيفما كان موقعها ضمن الثقافة العربية، ولعل من ابرز القضايا التي ظهرت مع هذا الكتاب، هي قضية الجنس او (الجماع) فهذه القضايا غير المفكر فيها اصبحت ذات شأن في الاهتمام الثقافي لنخبة موسعة من الكتاب والادباء والفنانين العرب، وما اعطى لهذا الموضوع (الجنس / الجماع) بروزا في الثقافة العربية هو اعتماد الخطيبي كتاب الشيخ النفزاوي «الروض العاطر في نزهة الخاطر» اي ان الخطيب اتى بعنصر جديد في الدراسة العربية، وهو العودة الى الاعمال التي كانت الثقافة العربية تجعلها في مكان (الانحطاط). ان الشيخ النفزاوي، كما ظهر من خلال تحليل الخطيبي، شخص عالم لمبادئ الحداثة عندما يعتمد في تفسير الاحلام على اللغة، كما ان العودة الى العلاقة بين الاثر الخطي (الخط و الوشم) والبحث في دلالة هذا الاثر مقابل الاثر الصوتي، يفتح للثقافة العربية امكانية اعادة قراءة التاريخ الثقافي بكامله. واعادة القراءة هنا، تعني مراجعة الاحكام الصادرة بخصوص الثقافة العربية القديمة، والوعي النقدي لقضايا كبرى نعاني منها، ومن اهمها العروبة والوحدة. شخصيا، تعلمت كثيرا من «الاسم العربي الجريح» لانه جاء في فترة كان النقد الاجتماعي او التاريخي منشغلا بالماركسية كما كانت سائدة آنذاك، ولاول مرة ستنفتح الثقافة العربية على ما يجعل (النقد المزدوج) مشروعا صالحا للتطبيق في حقول عديدة. اتذكر بعض ردود الفعل، في المشرق والمغرب على اثر صدور كتاب «الاسم العربي الجريح»، من بينها، ان هناك من رمى بالكتاب، تعبيرا منه عن رفض الشعوذة او رفض لغة انتقلت من الحدود الاستعارية الى حقل المعرفة. هذا النموذج لرد الفعل على الكتاب له اشكال اخرى، ولكن ما لاحظته هو ان «الاسم العربي الجريح» تحول في فترة وجيزة بعد ترجمته الى اللغة العربية، من مجرد كتاب يحمل عنوانا غامضا الى كتاب يدفع بالثقافة العربية الى مواجهة عجزها عن معرفة ذاتها، و عن التعامل مع نفسها بطريقة مفاجئة. تأكيدا ان اثر كتاب «الاسم العربي الجريح» يمكن رصده من خلال الكتابات المتداولة في العالم العربي بعد صدوره، و لايزال الاثر حاضرا حتى الآن، وهذا برأيي هو ما يعطي ل «الاسم العربي الجريح» وضعية الكتاب التحديثي في الثقافة العربية. محمد نور الدين أفاية جرح الإسم الشخصي!! اندرجت كتابات الخطيبي في سياق مغربي وعربي، فرض على بعض المثقفين المغاربة الانخراط في فكر جديد ينظر الى التراث والغرب والواقع بطريقة يريدها مختلفة. وتميزت كتابة الخطيبي في مراحلها الأولى سواء في البحث السوسيولوجي أو النقد الاجتماعي أو الكتابة والفن والجسد والشعب، بكونها تقدم صاحبها بأنه كاتب فقط. أما كتاب «الاسم العربي الجريح»، لاتعبر ترجمته العربية عن مضامينه الحقيقية، لأن ترجمته هي «جرح الاسم الشخصي»، والذي أدرجه الخطيبي ضمن أبحاثه السوسيولوجيا، منطلقا في ذلك من اعتبار هذا العلم علما نقديا لايكتفي بوصف وملاحظة الواقع المعطى، بل هو علم يجب أن يمارس ونمارس عليه السؤال بحكم أن وظيفته النقدية ينبغي أن تضع خطة عامة يكون النقد السوسيولوجي جبهة من جبهاتها. كما حاول الخطيبي، في هذا الكتاب، أن ينفلت كما كان يقول من مركزية الثقافة العربية الإسلامية والاهتمام بالثقافة الشعبية، لأنه كان يؤكد أن فكر الاختلاف يتموضع على هامش الميتافيزيقيا، وهو مطالب بطرح الأسئلة التي لم تطرح بعد عن القوى الدفينة الثاوية في اللاشعور، والتي يتحرك بها جسم الشعب دون أن نستطيع صياغة دلالاتها القوية في الإبداع الثقافي العام. لذلك كان يتعلق الأمر بالنسبة إليه القيام بأركيولوجية للصمت، كما كان يقول ميشيل فوكو، على اعتبار أن الصمت ليس هو الامتناع عن الكلام، بل هو لغة مختلفة يتعين عليها معرفة كيفية استنطاقها ومحاورتها. والهامش إذن، ليس هو تلك القوى الاجتماعية المرغمة على التحرك على قارعة الطريق، بل هو أيضا تعبير عن مسائل ثقافية وحضارية بالغة الغنى والتعقيد. فالبادية والفلاح والعامل والطبقات المتوسطة والفقيرة والمرأة، قوى هامشية تحمل من الامكانات المكبوتة والمنسية ما يجعل أمر قياس عنفها أمرا صعبا. فالمركز في هذا المعنى شيء وهمي، لذلك يتعين مساءلة المركز بالهامش. فالهامش ليس هو البعيد عن صناعة الحدث أو اتخاذ القرار، أي أنه الأكثر بعدا من المركز دون أن يفقد ارتباطه بالنسيج العام للسلطة العامة، وإنما الهامش عنصر لامتحدد كإطار محدد، لأنه ينطلق بالاختلاف والتعدد والصراع. لهذا السبب يصبح السؤال الفكري، وكما عمقه الخطيبي أكثر في كتاب «المغرب المتعدد» في عمقه تفجيرا للتناقض وتعبيرا عن الصراع، فالهامش كان يعني بالنسبة للخطيبي رصيدا هائلا من المكبوت، يجب تفجيره بطرح الاسئلة العميقة عليه واتخاذه سندا للفكر المختلف، على أن يصب هذا التفجير في مسالك الحرية المبدعة، وأن يخدم نشوء كينونة مختلفة ومتجددة على الدوام. لذلك فمفهوم الشعب، يعبر عن تناقض وتعدد وهو السؤال حول الفوارق التي يعيش فيها المرء، وهي التي تمزقه وتحييه في الحياة وتميته في الموت. من هنا، فإن فكر الاختلاف ليس محرما أو إثما، بل نداء للتجاوز والإبداع والحوار المتحرر، لأن مجتمعا لانعترف فيه باختلافتنا ولانمارس فيه النقد كمهمة فكرية، هو مجتمع محاصر من كل جانب ويغتال الخيال والفعل الإبداعي المتحرر. هذا الأفق الفكري الذي دشنه هذا الكتاب، وعمل الخطيبي على تعميقه في نصوص أخرى، نشعر بحزن شديد أنه توقف في لحظة مازال الفكر المغربي في حاجة الى إعادة تنشيطه وتطويره، ولاشك أن الجيل الجديد من الباحثين والمثقفين المغاربة يواجهون باستمرار هذا الانفتاح الفكري المغري، على الرغم من الإلتباسات الثقافية المختلفة التي تشوش على النظري وإعادة البناء. فريد الزاهي الفكر التعددي التحرري حين ظهرت الترجمة العربية لكتاب عبد الكبير الخطيبي (La blessure du nom propre) سنة 1980 عن دار العودة ببيروت بعنوان «الاسم العربي الجريح»، كانت كتابات عبد الكبير الخطيبي قد أخذت طريقها الى القارئ العربي بفضل الترجمات التي قام بها محمد برادة وزبيدة بورحيل وعبد السلام بنعبد العالي للكتابات السوسيولوجية والفكرية للكاتب. وكانت الكثير من المحددات والمقترحات الفكرية التي يعمل بها تحليلا وتفكيكا، ونقدا للفكر العربي قد غدت سارية المفعول في الكثير من الكتابات. غير أن الجدة التي يكتسبها هذا المؤلف، لم تكن وليدة الترجمة فقط، فقد ترك الكتاب أثرا واضحا في الفضاء الثقافي الفرنسي، عبر عنه رولان بارث وقتها، وكان قد مارس التدريس بكلية الآداب بالرباط، بنص يعتبر فيه أن الثقافة الفرنسية قد فقدت بحداثتها المفرطة ذاكرة ثقافتها الشعبية، وأنه مدين للخطيبي بجدة الرؤية والموضوع والتفكير. في بداية السبعينيات، كان المثقف المغربي واقعا تحت تأثير الفكر الماركسي وخاصة منه وجهته الايديولوجية والنضالية. وكانت مقاربة الثقافة الشعبية مشوبة بالحذر والمتخيل الشعبي مجالا تتلاقى فيه مختلف التأثيرات والسلط. لذا فإن الاسم العربي الجريح جاء أصلا لخلخلة هذا الاعتقاد بشكل مزدوج: أولا باعتبار مشروعية مقاربة الثقافة الشعبية كإرث نصي حاضر قابل للتحليل والتأويل والخلخلة، وثانيا باعتبار إمكان ادخال تصورات نظرية جديدة على الحقل الثقافي العربي كالسيميائيات وفكر الاختلاف وتحويلها الى مقاربة جامعة ذات بعد نظري تعددي، مخالف للأحاددية المنهجية السائدة في الفكر العربي المعاصر آنذاك. من ثم، فإن أهمية هذا الكتاب تنضاف الى السبق المعرفي الذي حققه كتاب «الحمى البيضا» عن القضية الفلسطينية (1974)، وهو من ناحية أخرى أبان عن التعددية المعرفية لكاتب يستطيع أن يتطرق للفكر السياسي، والثقافة الشعبية ويكتب المسرح والرواية وفقا للمنظور المعرفي والفكري نفسه. يتناول الاسم العربي الجريح مكونات محددة من الثقافة الشعبية والعالمة: الوشم والأمثال والباه والحكاية الشعبية والخط. وكأنه بذلك يرسم جغرافية جديدة للثقافة والمتخيل الشعبي من خلال تحويل هذه الثقافة الى موضوع للبحث، ومن خلال إعادة النظر في الخفيات التي تحكمها. فالحديث عن الجسد والجنس وبلاغة الجماع . موضوع كان لايزال مكبوتا وخاضعا لرقابة علماء الدين. وتناوله انطلاقا من رؤية تعتمد فكر الاختلاف كما تبلور بالأساس لدى نيتشه وهيدغر وجاك دريدا، يحقق في هذا المستوى قفزتين فكريتين: إبراز الأهمية النظرية والفكرية التي تكتسيها مثل هذه المقاربات الحركية وخصوبتها المفاهيمية والتحليلية من جهة، وإنتاج معرفة جديدة «بلورية» عن متخيلنا الثقافي، كان من اللازم إذن البدء بتكسير الفاصل العازل بين المكتوب والشفوي والمرئي واللامرئي، والصورة والنص، والاجتماعي والذهني. لذا فبالرغم من أن كل فصل في الكتاب يتطرق لموضوع محدد، فإن التواشج بين الجسم والخط، والحكاية والمثل .. لايمكن إلا أن يدرجنا في استراتيجية تعالقية للقراءة والتحليل. إن اهتمام الخطيبي بالهامشي والمسكوت عنه والمنسي والاجتماعي كان يشكل في السبعينيات اهتماما أيضا بطرق تناول هذا الهامش اليقظ. فهو ليس منظرا للاختلاف والتعدد والغيرية، ولا داعية له، إنه مؤول له وداعية لجعل كل فكر حي ويقظ فكرا ممكنا هنا والآن. فقد استطاع هذا الكتاب أن يحدث ما يشبه القطيعة في الثقافة المغربية: بين مرحلة الدوغمائية الفكرية، ومرحلة التحرر الفكري التعددي، وبين مرحلة نسيان الذات والإيمان بالوحدة كمعطى قبلي، ومرحلة بدأ فيها الحقل الثقافي المغربي يبحث في الذات والآخر من منطلقات جديدة، وينتبه للآخر الثاوي فيه، بين مرحلة أحادية المنهج ومرحلة التعدد المنهجي. ثمة خاصيات أخرى في الكتاب. فهو ممارسة جديدة للكتابة ونسيجها، وكأن المؤلف يمارس علينا لعبة نضطر من خلالها للتواطؤ النشيط مع مقدماته ومسارات تفكيره: فهو يزج بنا في نظام للرؤية جديد كل الجدة، وهو يمارس على مرآنا تفكيكيه للثنائيات وللعقل اللاهوتي، وهو من ناحية ثالثة يدعونا إلى تقاسم متعة القراءة ومتعة التفكير. من ثم، فإن جدة الكتاب تكمن أيضا وأساسا في هذه الاستراتيجية التي يستطيع من خلاله الخطيبي أن يحلل ويفكر وينتج المفاهيم وفي الآن نفسه أن يجعل قرائه طرفا كاملا في عملية الكتابة تلك. إن عملية المشهدة والإخراج التي يقوم بها المؤلف منسجمة تمام الانسجام مع منظوريته الثقافية والفكرية، وهي لذلك لعبة كتابة وإنتاج للمعنى والتحليل في الآن نفسه فهي تمكن من ولادة جديدة للموضوع، ومن ولادة متحركة للنص التحليلي ومن المساهمة في خلق القارئ الذكي النشيط وغير السكوني. ليس علينا إلا أن نرى لمعطيات الثقافة المغربية منذ الثمانينات والحرية الخطابية التي بدأت تتناول بها موضوعات الثقافة الشعبية والجسد العربي، كي نجد أن الكثير منها قد منح من هذا الكتاب بعضا من مشروعية التحرير والتجديد المنهجي والفكري والموضوعاتي. فهل استطعنا في تلك المرحلة تمثل كل ما حبل به من نتائج؟ هل تمكن الكتاب المغاربة من التجاوب بالإيقاع نفسه والقوة نفسها مع مؤلفات من قبيل هذه. وهل كانت الدراسات اللاحقة في الثقافة الشعبية والوجود العربي بنفس النَّفَس ومعاصرة لنا نحن القراء في مطالع القرن الحادي والعشرين هذه.