وجه الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي خطابا بمناسبة انعقاد القمة الأولى للتعاون التركي الإفريقي المنعقدة في إسطنبول بين 18 و 20 غشت الجاري هنأ في مستهله تركيا الشقيقة على هذه المبادرة الطيبة بعقد هذه القمة التركية الإفريقية؛ لاسيما أن المغرب يتقاسم مع تركيا مأثورا كبيرا من أواصر الأخوة والتعاون التي تؤكدها جودة ومتانة العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والتي تبلورت على الخصوص، في اتفاقية التبادل الحر المبرم بين المغرب وتركيا في أبريل من سنة 2004. وقال إن هذه القمة تعتبر تقديرا مستحقا لتركيا الحديثة، الحيوية والمقدامة، ولدينامية نسيجها الاقتصادي ومقاولاتها، ولروح الابتكار المبدعة لشعبها. كما أنها تمثل اعترافا منصفا بالمكانة والدور الذي تلعبه تركيا على الصعيدين الجهوي والدولي مضيفا أن لقاءنا اليوم، الذي يندرج منذ سنة 2005 في سياق «سنة إفريقيا بتركيا»، يشهد على إرادتنا المشتركة في إقامة شراكة استراتيجية افريقية تركية طموحة وخلاقة، مبنية على المساواة والمصالح المشتركة والتعاون الشامل، وأن إفريقيا وتركيا، تتشبثان بنفس القيم الأساسية وتدافعان عن نفس المبادئ الرامية الى إشاعة السلم واستتباب الأمن والاستقرار في العالم. وبجعلها هذا الملتقى فضاء للحوار والنقاش البناء حول القضايا الكبرى التي تهم إفريقيا، فإن تركيا تؤكد توجهها الإفريقي. وسجل في هذا السياق التطور الذي عرفته علاقات التعاون بين تركيا والبلدان الإفريقية خلال السنوات الأخيرة. والاقتناع بأن هذه القمة تشكل مناسبة متميزة لإعطاء دفعة قوية لهذه الشراكة الواعدة، اعتبارا للمؤهلات الضخمة والطاقات التي تتوفر عليها بلداننا. وأكد عباس الفاسي أن المملكة المغربية تقدر حق القدر الدور الذي ستضطلع به الجمهورية التركية، لاسيما عبر الإسهام بتجربتها الناجحة في مجال التنمية الاقتصادية وخلق الثروات، وتأمين شروط العيش الكريم للمواطن. ومن جهته، فإن المغرب، وفاء بالتزامه المتواصل من أجل تنمية تعاون جنوب جنوب ، متجاوب مع تطلعات الدول النامية، لتطبيق سياسة للتضامن الفعلي والشراكة الخلاقة لفائدة البلدان الإفريقية الشقيقة على الخصوص. وسيعمل المغرب، مدعوما بعلاقات الصداقة الراسخة التي تربطه بتركيا، على بذل كل الجهود لتعزيز دينامية التعاون التركي الإفريقي لمصلحة الجميع. وتبقى الجهود المبذولة من لدن المؤسسات والآليات العمومية غير كافية إذا لم يتم مواكبتها ودعمها بالمساهمة الفعلية للفاعلين الاقتصاديين الخواص. ولذا، فإن خلاصات أشغال هذه القمة يتعين أن تؤكد على أهمية القطاع الخاص؛ إذ أن الفاعلين الخواص مطالبون بالمشاركة في برمجة وتنفيذ البرامج التنموية المحددة، وبإيجاد الصيغ المفيدة للتعاون مع الفاعلين العموميين وهيئات المجتمع المدني. وأبرز الوزير الأول أن المغرب التزم ببذل كل الجهود لتحقيق «أهداف الألفية من أجل التنمية» ، من خلال إعطاء الانطلاقة لمبادرات ملموسة للتعاون في قطاعات ذات أولوية كالفلاحة، والصيد البحري، وتدبير الموارد المائية، والصحة، والتكوين، بوضع تجربته وخبرته في هذه المجالات رهن إشارة البلدان الإفريقية الصديقة. وفي هذا الإطار نظم في أبريل من سنة 2007، «المؤتمر الإفريقي الأول حول التنمية البشرية. وقد مكن هذا اللقاء البلدان الإفريقية من الانخراط في مسلسل يتمحور حول إبرام شراكات استراتيجية، ووضع آليات للتتبع والتنسيق، وإعداد أرضية لتعاون جنوب جنوب موسع ومنفتح على جهات أخرى من العالم. كما أن المغرب، اقتناعا منه بأن الرأسمال البشري يشكل الدعامة الضرورية لكل استراتيجية للتنمية المستدامة، جعل من تكوين الأطر الإفريقية إحدى الدعائم الاساسية لسياسة التعاون التي ينهجها تجاه بلدان قارتنا. وهكذا يستضيف المغرب أكثر من 7000 طالب ينتمون لحوالي أربعين دولة افريقية. كما أن آلاف الخريجين الأفارقة من المؤسسات المغربية يساهمون اليوم في تنمية بلدانهم وتنمية القارة الإفريقية برمتها. ويستقبل المغرب من جهة أخرى سنويا، مئات المتدربين الذين ينهلون من التجربة القيمة للمغرب في مجالات السياحة، والصيد، والفلاحة، والصحة، والصناعة التقليدية، والدبلوماسية وغيرها. وبخصوص التعاون الثلاثي، أوضح أن الخبرة التي حصل عليها المغرب في عدة ميادين، وخاصة في الفلاحة ، والصيد، وتدبير الماء الشروب، والبنيات التحتية، تؤهله للمساهمة بفعالية، بشراكة مع تركيا، في تنمية تعاون ثلاثي يستجيب للحاجات الحقيقية للبلدان الإفريقية.