قالت روسيا إنها ستعيد النظر في علاقاتها مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، على خلفية أزمتها الأخيرة مع جورجيا، في الوقت الذي ينتظر فيه العالم بدء انسحاب القوات الروسية من جورجيا، إيذانا بتنفيذ خطة سلام أوروبية، وعودة الهدوء للمنطقة بعد نحو عشرة أيام من المعارك. وقال ممثل روسيا الدائم في الناتو ديمتري روغوزين إن موسكو ستعيد النظر في علاقاتها مع الحلف، على خلفية التصريحات «غير المقبولة» التي أدلى بها مسؤولون فيه حول دور روسيا في النزاع بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية. وأكد روغوزين أن علاقات بلاده مع الناتو ستخضع للمراجعة في كل الحالات، «لأن تصريحات الأمين العام للناتو، ياب دي هوب شيفر حول الاستخدام المفرط للقوة من قبل روسيا، غير مقبولة إطلاقا»، واصفا التصريحات بأنها لا تنم عن جدية. وكانت دول الناتو قد أدانت خلال اجتماع لسفرائها في الحلف في بروكسل يوم الثلاثاء الماضي «الإفراط في استخدام القوة» من قبل الجيش الروسي ضد القوات الجورجية. كما ألغى الحلف في آخر لحظة الأسبوع الماضي اجتماعا كانت طلبته موسكو لتوضيح «حقيقة تداعيات الأزمة وأبعادها»، وذلك بسبب تغييب الأميركيين عن لقاء تحضيري. وفي تطور يوحي ببدء انفراج الأزمة خفف الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي من لهجته تجاه روسيا لأول مرة منذ اندلاع الحرب، إذ دعاها لإصلاح ذات البين، ومغادرة الأراضي الجورجية فورا. ودعا ساكاشفيلي في كلمة تلفزيونية موسكو إلى مفاوضات جادة لإعادة بناء العلاقات بين الجانبين بعد انسحاب القوات الروسية، قائلا «دعونا لا نبث الشقاق من أجل الأجيال المقبلة، لا أخاطب رحمتكم ولكنني أناشد واقعيتكم وفكركم الصائب، أعتقد أن الوقت حان لاتخاذ القرارات السليمة». في الأثناء بدأت جورجيا تقطف ثمار التعاطف الغربي عمليا، إذ تعهدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بتبليسي أمس، بحصول جورجيا على عضوية الناتو، يذكر أن ألمانيا وفرنسا كانتا الدولتين اللتين رفضتا في أبريلالماضي انضمام جورجيا للناتو. وفي مقابل التعاطف الغربي مع جورجيا، واصلت الولاياتالمتحدة ودول أوروبية ضغوطها على موسكو، مطالبة إياها بسحب قواتها فورا من جورجيا. فمن جانبها دعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس موسكو للوفاء بتعهداتها، مذكرة بأن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف سبق له أن حنث بتعهدات سابقة بوقف العمليات العسكرية. وقالت كوندوليزا رايس إن واشنطن ستتباحث مع حلفائها حول عواقب أعمال روسيا فيما يتعلق بالانخراط في المؤسسات، في تلميح إلى اجتماع طارئ سيعقده الثلاثاء وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي في بروكسل لبحث الحرب الجورجية. كما أن ميركل اعتبرت أن الانسحاب الروسي من جورجيا يمثل أولوية قصوى، وأنه اختبار لمدى صدق موسكو. أما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، فقد أكد أن الانسحاب الروسي من جورجيا مسألة غير قابلة للتفاوض. ومن ناحيتها عقدت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بعد ظهر أمس في فيينا اجتماعا لاتخاذ قرار بإرسال 100 مراقب إضافي إلى جورجيا في إطار خطة وقف إطلاق النار. ومع أن الروس تعهدوا بيدء سحب قواتهم من جورجيا ا إلا أنهم لم يحددوا موعدا نهائيا لاستكمال الانسحاب، ويقولون إن ذلك يعتمد على الاستقرار في جورجيا، إذ إن موسكو ربطت في وقت سابق موعد الانسحاب بترتيبات أمنية على الأرض.