الحملة الانتخابية التي انطلقت منذ أربعة أيام يجب أن تثبت جدواها وسلامتها بالنسبة للممارسة الديمقراطية المحلية في بلادنا ، كما ينبغى أن تتيح للمواطنين الانخراط في مساءلة مدبري الشأن العام والاطلاع على برامج المرشحين ، عبر تواصل مباشر ومفتوح .. إن الحملة الانتخابية مناسبة تفسح المجال للتفكير ، وتجعل المواطنين يقفون عند الأخطاء التي ارتكبها بعض الساهرين على التدبير المحلي في مجال الخيارات الإستراتيجية المرتبطة بالديمقراطية المحلية، والتي أدت إلى تسجيل توعكات ونقائص خطيرة في المجالات الاجتماعية و الاقتصادية ،بسبب انعدام الحكامة في التدبير المحلي . وتتزامن هذه الحملة مع قرار جلالة الملك محمد السادس تجديد الثقة في الوزير الأول عباس الفاسي ودعوة الحكومة إلى بذل جهود إضافية للنهوض بالإصلاحات والأوراش الكبرى والإنكباب على حسن خدمة المصالح العليا للوطن والمواطنين . وهي دعوة تبرز ضرورة مواصلة و تعزيز مسعى إعادة البناء الذي باشرته بلادنا منذ حوالي عشر سنوات ، في إطار مشروع شامل ومتكامل ، غايته جعل بلادنا، في مأمن من النوائب وتقلبات الظروف والأحوال . ولا شك أن هذه الدعوة تشكل مبعث ارتياح و تشجيع على الاستمرار في النهج الديمقراطي الذي يمثل صمام الأمان لمغرب الحاضر والمستقبل . ويبدو أن محطة 12 يونيو 2009 حاسمة بالنسبة لمجموعة من الرهانات الأساس ، وفي مقدمتها القطع بشكل نهائي مع ماضي التزوير والإفساد ، والانتقال إلى موقع متقدم في مجال التدبير المحلي الذي يستند إلى مؤسسات منتخبة قوية وذات مصداقية . ومن الرهانات التي يعلق المواطنون عليها آمالا عريضة تقوية النسيج الاجتماعي التضامني ، وتوفير الشروط الضرورية لتحقيق التنمية الاقتصادية المحلية ، ومحاربة الممارسات اللاأخلاقية والانحرافات بشتى أنواعها ، واستنهاض الروح الوطنية و ترجيح المصلحة العامة. إن المواطنين يراهنون على مجالس جماعية عصرية تعتمد على قواعد الحكامة والتدبير الجيد، وتستطيع المساهمة بفعالية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتلبية انتظارات المواطنين .. إن رهانات المواطنين تتجاوز حدود الجماعة التقليدية التي يقتصر دورها على منح الوثائق الإدارية ، والإبقاء عليها فضاء مغلقا تنتشر فيه مظاهر الإفساد والوصولية والرشوة والمحسوبية، وتستغل وسيلة للترقي الاجتماعي على حساب المصلحة العامة . إن المغاربة يراهنون على جماعات محلية متحررة من مختلف أشكال الوصاية ، و تمثل شريكا حقيقيا للفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين ، وقادرة على دعم النسيج الاقتصادي الوطني . إن هذه الرهانات تتطلب مشاركة الجميع في إنجاح الاستحقاق الانتخابي المقبل،بعيدا عن منطق المزايدات الظرفية، وهذا النجاح مهمة الأحزاب السياسية والنقابات والهيئات الوطنية الاجتماعية المهنية، ومنظمات المجتمع المدني ، وجميع المواطنين الذين يجب أن يتجندوا من أجل حماية هذا الموعد الانتخابي من أي انزلاق . ومهما قيل عن ضعف المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 2007 ، فإن ذلك لا يعني عدم وعي المواطنين بدورهم في ترسيخ دعائم المجتمع الديمقراطي ورغبتهم في تحصين المكتسبات التي تراكمت بفضل النضالات التي خاضتها القوى الوطنية خلال العقود الماضية ، وتمسكهم بثوابت الأمة ، وثقتهم بالمستقبل..