انتقد جامع المعتصم، رئيس اللجنة المركزية للانتخابات لحزب العدالة والتنمية، السلطات المحلية بأنها تكون أحيانا مشاركة في خرق القانون ومتفاهمة لصالح مرشح ضد آخر، وقال المعتصم إن مثل هذه الموقف يسهم في عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات، لأنهم يعتقدون أن السلطات تقبل من تريد وتبعد من تريد، مما يجعلهم يقتنعون أن صوتهم لا أهمية له. وأكد المعتصم في هذا الحوار مع التجديد استعمال العنف واختطاف مناضلي أحزاب كما حدث في فاس من لدن بعض المرشحين ضد آخرين دليل فشلهم، لأنهم غير قادرين على المنافسة الديمقراطية والحقيقية. وتوقع المعتصم أن يحصد حزب العدالة والتنمية المراكز الأولى في الدوائر التي ترشح فيها، مبرزا أن ثمة تجاوب كبير من لدن المواطنين مع مرشحي الحزب، وأكد أن مرشحي العدالة والتنمية تتوفر فيهم الكفاءة والنزاهة والاستقامة، مشددا على أن مرشحي العدالة والتنمية كانت أياديهم بيضاء ولم يختلسوا المال العام ولا استغلوا مواقعهم لخدمة مصالحهم الشخصية، وهو ما يفتخر به الحزب، وفيما نص الحوار: ثمة إجماع على أن الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية كان باردا، بنظركم ما هي لأسباب العميقة لذلك؟ وما هي توقعاتكم بشأن الأسبوع الثاني منها؟ أعتقد أن برودة الحملة في أسبوعها الأول ناتج عن برودة الحياة السياسية بصفة عامة في هذا البلد، بسبب عدم وضوح قواعد المنافسة الديمقراطية الحقيقية. ولذلك لم نلاحظ أن هناك انخراط بما يكفي للمواطن في هذه الحملة، أو على الأقل الأسبوع الأول منها، كما أن الأحزاب لا تتواصل بما يكفي على أساس الإقناع مع المواطنين، و طبيعة آليات التواصل مع المواطن لا زالت جد تقليدية، وهو ما يجعل تفاعل الناخبين مع الأحزاب يكون محدودا جدا، وبسبب ذلك وغيره، هم يعتقدون أن ليس هناك جدوى من المشاركة في الانتخابات، وهذا إشكال حقيقي. أما بالنسبة للأسبوع المقبل، فإني أقدر أن الحملة ستعرف تغيرا في وتيرتها، أظن أنه سيكون هناك تنافس أشد بين الأحزاب المشاركة، وهذا بدأت تظهر معالمه منذ الآن. وبالنسبة لحزب العدالة والتنمية فله برنامج تواصلي ينفذه منذ بداية الحملة مع المواطنين، وهو يتواصل يوميا في الدوائر التي ترشح فيها، ويقوم بحملات ومسيرات وتواصل مباشر، إضافة إلى مهرجانات متعددة قام بها لحد الآن، وهذا يندرج في إطار توعية المواطن وتحفيزه على المشاركة. وطبعا فحملة العدالة والتنمية فيها دعم مركزي تقدمه قيادة الحزب إضافة إلى تأطير محلي مباشر في الدوائر التي ترشح بها. حزبنا ليس كبقية الأحزاب التي يقوم فيها المرشح بكل شيء، حتى أننا في كثير من الدوائر نجد أنفسنا ننافس أفراد وليس أحزاب. وأيا كان المنافس، فإني أعتقد أن الأحزاب أو حتى الأفراد ستعمل على أن تخرج كل ما في جعبتها من أجل إقناع المواطنين خلال ما تبقى من أيام الحملة، كما أن ارتفاع وتيرة الحملة الانتخابية سيكون مرتبطا بحجم الخروقات المرتكبة من لدن المرشحين خلالها، ولا شك أن الأحزاب التي تحترم نفسها ستواجه هذه الخروقات، وهو عامل مهم لابد أنه سيساهم في رفع درجة حرارة الحملة الانتخابية، سواء خلال المهرجانات أو من خلال الشكايات التي سيكون موضوعها الاختلالات والخروقات التي من الممكن أن تشهدها الحملة الانتخابية. بناء على المعطيات التي تتوفرون عليها، إلى أي حدّ ستكون هذا الانتخابات نزيهة وشفافة؟ وهل السلطات تقوم بدورها في تطبيق القانون؟ مع الأسف، هذا واحد من الأسباب التي تجعل المواطنين لا يشاركون في الحملة ويعزفون عن المشاركة أصلا، فهم عندما يرون بأعينهم أن السلطات لا تطبق القانون، وليس هناك حزم تجاه المخالفين للقانون، وحرص من جهتها على احترام قواعد المنافسة الشريفة بين المرشحين، بل أكثر من هذا، عندما يرى المواطن أن هناك تضييق على المنتخبين الشرفاء والنزهاء، أو على الأحزاب في تجمعاتها ولقاءاتها والأساليب التي تتواصل بها مع المواطنين، حيث تتكون قناعة عنده مفادها أن السلطات المحلية في بعض الجماعات غير معنية بنزاهة هذه الانتخابات. بل أكثر من هذا تجدها متواطئة مع هذا المرشح وضد آخر، هناك يجد المواطن نفسه في حيرة، ويعتقد أن الأمر ليس مرتبطا بصوته واختياراته، بل بما تريده السلطات، فهو يحس أن لا قيمة لصوته وبالتالي لا يذهب إلى التصويت. خلال هذه الحملة مثلا، سجلنا استعمال ممتلكات الجماعات المحلية، وخروقات مفضوحة للقانون، ورغم أن السلطات تتوصل بشكايات في الموضوع من المتضررين إلا أن هناك تقاعس من جانبها عن تطبيق القانون، وغض للطرف عن هذه الخروقات، وهذا لا يدل على أن هناك حياد إيجابي، بل إنني أعتقد أن هناك مشاركة ومفاهمة بين بعض المرشحين والسلطات المحلية في بعض الجماعات. بناء على سير الحملة الانتخابية، ومدى انخراط الأحزاب فيها، هل يمكن توقع نسبة أكبر مقارنة مع 2003؟ لا أتوقع ذلك، في 2003 بلغت نسبة المشاركة 54 في المائة تقريبا، وإذا تحققت النسبة نفسها في هذه الانتخابات فهذا سيكون مهما. غير أني أؤكد أن حجم الناخبين الذي سيشاركون في هذه الانتخابات سيكون أقل من الذين شاركوا في ,2003 هذه الأخيرة شارك فيها نحو 7 ملايين من الناخبين،أما في هذه الانتخابات وبناء على الإقبال الذي شهده التسجيل في اللوائح الانتخابية، مقارنة مع عدد الذين تم التشطيب عليهم، هناك فرق كبير. أؤكد هنا أن هناك عدد كبير من الناخبين تم التشطيب عليهم ظلما وعدوانا بدعوى أنهم غيروا أماكن سكناهم، وهذا غير صحيح في العديد من الحالات التي توصلنا بها، ومثل هذه الممارسات التي لا تخفى خلفياتها أحيانا، ويرتكبها أعوان السلطات المحلية غالبا، تتعارض مع الغرض الأول أو الرهان الأساسي لهذه الانتخابات، ألا وهي الرفع من نسبة المشاركة. وبناء على الممارسات التي سجلناها، بالإضافة إلى مستوى الكتلة الناخبة، ومجريات الحملة ومدى انخراط الأحزاب فيها، إضافة إلى عوامل أخرى كثيرة، فإنني أتوقع أن نسبة المشاركة ستكون أقل مما كانت عليه في .2003 المثير للنظر في هذه الانتخابات هو ارتفاع وتيرة العنف والعنف المضاد فيها بين الأحزاب، وصل إلى تسجيل اختطافات كما حدث في فاس، بماذا تفسرون مثل هذه الظواهر؟ هذا دليل على افتقاد المرشحين للنزاهة والأخلاق، هناك مرشحين ألفوا وجودهم على رأس الجماعات المحلية، وكل تنافس ديمقراطي يعتقدون أنه سيكون في غير صالحهم، وهذا يدفعهم إلى استعمال العنف ضد منافسيهم، هذا دليل فشل قوي ضد مثل هؤلاء المرشحين، أن تستعمل العنف ضد منافسيك، وأن تختطف مناضلي حزب آخر كما حدث في فاس، يعني ليس لك القدرة على الإقناع والتواصل بالتي هي أحسن مع المواطن. المؤسف أكثر هو أن السلطات تعتبر ذلك يدخل ضمن إطار التنافس الانتخابي، في حين أن أحداث العنف التي شهدته عدة دوائر انتخابية كان تهديدا حقيقيا لأرواح الناس في حياتهم، التنافس يكون بالمنجزات والبرنامج والأفكار التي يتوفر عليها هذا المرشح أو ذاك الحزب، ولا يكون باستعمال العنف أبدا، والسلطات المحلية عليها أن تقوم بدورها ضد هؤلاء الذين يستغلون مواقعهم ونفوذهم للقيام بما يقومون به من عنف وإفساد وعمل إجرامي. كثير من الأحزاب تقدمت إلى هذه الانتخابات بدون برنامج انتخابي، ألا يؤثر ذلك على صورة الأحزاب لدى الناخب؟ هذا أكيد، ذلك أن رفع نسبة المشاركة مرتبط بمدى توفر الأحزاب المتنافسة على برامج انتخابية حقيقية ودقيقة، تعطي الثقة للمواطن في أن هذا المرشح أو ذاك الحزب لهم القدرة الفكرية والتدبيرية على النهوض بالجماعة، وبالبرامج الانتخابية تسهم في أن تكون هناك منافسة حقيقية بين الأحزاب. وغياب البرامج الانتخابية يعني غياب وسيلة مهمة في إقناع الناخب. وهذا هو السبب في أنه توجد اليوم منافسة مع أشخاص ومنتخبين يريدون الاستمرار ضدا على كل الأعراف الديمقراطية، وضدا على الأحزاب التي يترشحون باسمها نفسها، حيث تجدها تعيش تحت رحمة مثل هؤلاء المرشحين. دعني أحكي لك طرائف تقع في هذا الصدد، فخلال كل يوم تردنا طرائف مضحكة، مفادها أن بعض الأحزاب تعمد إلى سرقة برامج غيرها، بل وحتى شعاراتها أحيانا، هذا يعني أن هذه الأحزاب ليس القدرة ومقومات الحزب، وهناك من حاول سرقة المطبوعات والبرامج في المطبعة قبل أن تنزل إلى السوق، هذا دليل على فراغ حقيقي داخل الأحزاب السياسية، وهي قصة أخرى. كيف تقيمون أداء حزب العدالة والتنمية في الولاية السابقة 2009003؟ وما هي بنظركم التحديات التي تواجه الأحزاب في بناء جماعة محلية قوية؟ يمكنني القول أن نتائج حزبنا في العديد من الجماعات التي قاد التسيير بها، كانت جيدة، سواء على مستوى التدبير، سواء في مدينة تمارة أو القصر الكبير أو واد زم أو آزرو أو تادلا وغيرها، واستطعنا تحقيق أمور مهمة للساكنة، وتنفيذ جزء كبير من البرنامج الذي تقدمنا به، اليوم إذ نعود إلى الحملة الانتخابية فلأننا حققنا الكثير على مستويات شتى. لكن الأكبر من ذلك هو أن مرشحينا لم يختلسوا المال العام، ولا أخذوا الرشوة، ولا استفادوا لمصلحتهم الشخصية، مرشحينا كانت أياديهم بيضاء وبقيت، لم تتلطخ بأموال الشعب، ومن هنا مصداقيتنا اليوم كحزب، ومصداقية مرشحينا أيضا لهذه الانتخابات، ومن هنا تأكيدنا على النزاهة والاستقامة لأنها عامل أساسي في تخليق الحياة العامة. ولهذا اليوم نتقدم إلى هذه الانتخابات الجماعية ونحن لنا الثقة في أننا سنحصل على مراتب متقدمة، نحن نطمح إلى أن يكون وضعنا مريحا في المجالس التي سنشكلها، حتى نكون أقدر على تنفيذ برنامجنا الانتخابي. أما بالنسبة للتحديات التي تواجهها الجماعات المحلية، فهي كثيرة، في برنامجنا الانتخابي قلنا إنها أربعة. فالجماعات معروف أن مواردها المالية هي جد محدودة، ولكونها كذلك يجب التركيز على تخليق تدبير تلك الموارد، لأنه إذا كانت موارد جماعة محلية محدودة وكانت تعاني من الفساد وسوء التدبير فلن يبقى شيء للمواطن، نحن نؤكد على تخليق التدبير الإداري والمالي، عبر إرساء حكامة محلية جيدة، حتى يمكن تحقيق نتائج أفضل، وهذا يكون عبر ترشيد الموارد، بما يمكن من رفعها وتحسينها. ثم هناك العنصر البشري، كل الجماعات المحلية اليوم تحتاج إلى مرشحين أكفاء وذوي نزاهة واستقامة، كما أن تثمين الموارد البشرية في الجماعات مسألة مهمة أيضا، ونؤكد في برنامجنا الانتخابي أنها بحاجة إلى تكوين وتأهيل وتأطير. أما التحدي الآخر فهو الحاجة إلى بلورة مخطط استراتيجي للنهوض بكل جماعة حسب إمكانياتها وتحدياتها، مخطط يرفع من الإمكانات والموارد، ويتغلب على التحديات الموجودة عبر بلورة أفكار مبدعة وقدرة على التدبير الأمثل، بهدف تحسين شروط عيش الساكنة المحلية، سواء في المدينة أو القرية. ما هي توقعاتكم بشأن نتائج حزب العدالة والتنمية خلال هذه الاستحقاقات؟ هناك تجاوب كبير من لدن الساكنة مع برنامجنا ومرشحينا، وهذا يجعلنا نتوقع نتائج جيدة، معلوم أن حزب العدالة والتنمية يغطي أغلب المدن، وهو يحظى بتعاطف وشعبية كبيرين بها. كما أنه يغطي نسبة مهمة في العالم القروي أيضا، وهناك تجاوب كبير لناخبين مع مرشحينا أيضا، ومن خلال ما نلمسه فإننا نتوقع أن نتائج الحزب ستكون جيدة. وبدون تردد، أعتقد أننا سنحتل المراتب الأولى في هذه الانتخابات إن شاء الله. ما نتمناه اليوم هو أن ينتبه الناخب إلى أن هذه الانتخابات ستليها أخرى متعلقة بالمهن، نحن نأمل في أن يتم تخليقها أيضا، حتى لا تكون عرضة للفساد والمفسدين، هناك من المرشحين من يشتري الصوت الانتخابي من المواطن في هذه الانتخابات بدراهم معدودات، لكي يبيعها هو نفسه غدا في الانتخابات المهنية المقبلة بآلاف الدراهم. على الناخب أن يختار اليوم النزيه والكفء وذوي الأخلاق حتى يمكننا التقدم على درب بناء جماعات محلية قوية وديمقراطية.