أكد الدكتور سعد الدين العثماني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قلق الحزب من الخروقات المتوالية التي عرفتها الحملة الانتخابية. وقال إنه يخشى من أن تؤثر هذه الخروقات على سير ونتائج انتخابات شتنبر 2002. كما توقع أن تنقل تمثيلية العدالة والتنمية بالبرلمان من تمثيلية صغيرة إلى تمثيلية متوسطة. ويرى العثماني أن استطلاعات الرأي الأخيرة حول نتائج الانتخابات تفتقد المصداقية، وأن الحديث عن مشاركة العدالة والتنمية في الحكومة المقبلة سابق لأوانه. الدكتور سعد الدين العثماني، كيف مرت الحملة الانتخابية؟ بسم الله الرحمان الرحيم، حزب العدالة والتنمية انطلاقا من المبادئ التي يؤمن بها، والتي يسعى إلى الالتزام بها، وخصوصا مبادئ الشفافية والنزاهة واحترام القانون، فإنه عزم على خوض حملة انتخابية نظيفة، يوصل بها مبادئه وخطابه إلى عموم المواطنين، ليتواصل معهم ويشرح لهم برنامجه. ولحد الآن جميع ردود الفعل في جميع أنحاء المغرب تبين تجاوبا واسعا لفئات عريضة من الشعب المغربي مع حزبنا ومع خطابه ومرشحيه. حيث هناك تواصل يومي مستمر من خلال المهرجانات واللقاءات والمسيرات. وهناك تعبئة قوية لمناضلي الحزب لإنجاح هذه المحطة لمصلحة بلادنا ولمصلحة المسار الديمقراطي بها، وحفاظا على استقرارها السياسي وبناء لمستقبل أفضل، انطلاقا من الشعار الذي وضعناه لبرنامجنا الانتخابي، وهو >نحو مغرب أفضل<. ماهي أهم المشاكل التي اعترضت مناضليكم في الحملة الانتخابية؟ أكبر مشكلة هي الخروقات الكثيرة التي، وللأسف الشديد، يرتكبها كثير من المرشحين في دوائر متعددة، وأفظعها استعمال العنف من بعضهم، وتسخيرهم لعصابات مسلحة، لبث الرعب والفوضى، ونهج أسلوب الترهيب والتخويف، وهذا واقع في بعض الدوائر، وكان حظ مناضلي حزب العدالة والتنمية منه وافرا، لكنه أصاب أيضا مناضلي كثير من الأحزاب الأخرى، وقد حرصنا في هذه الدوائر على أن نتعاون مع مرشحي الأحزاب الأخرى لمواجهة هذا الخرق والأسلوب الذي ليس قانونيا ولا ديمقراطيا ولا إنسانيا. وأصررنا على عدم التراجع أمام حملة التخويف هذه، لأن ذلك بالفعل هوما يهدف إليه أصحابها. وقد وجهنا الرسائل والشكايات إلى الجهات المختصة، وأعذرنا وأصدرنا بيانات مشتركة مع بعض مرشحي أحزاب أخرى، لكن وقعت أيضا خروقات أخرى بعضها يستهدف العملية الانتخابية عموما، وذلك مثل قيام كثير من المرشحين بشراء البطائق من عند الناخبين، وهذا خرق يمكن أن يؤثر في نتيجة الانتخابات في بعض الدوائر لأن شراء عشرات، وأحيانا مآت البطائق في دائرة واحدة من قبل مجموعة من المرشحين سيؤدي إلى التأثير على النتائج. وهم يهدفون بهذا إلى استعمال هذه البطائق من أجل التصويت بها من قبل بعض أتباعهم. لذا فنحن نطالب الجهات المختصة، وخاصة السلطات المحلية، بالحرص على إثبات هوية المصوتين، وبمتابعة المسؤولين على مثل هذه الخروقات التي تسيء إلى سير العملية الانتخابية. هناك أيضا خرق ثالث، وهو خرق تقليدي يستعمله الكثير من المرشحين في استحقاقات انتخابية سابقة وهو استغلال إمكانات البلديات والجماعات القروية للتأثير على الناخبين، أو استغلالها لتمويل الحملات الانتخابية. وهذا وقفنا عليه في كثير من الدوائر، ووجهنا شكايات بشأنه إلى السلطات المعنية التي أوقفت كثيرا منها، إلا أنه لا يزال بعض المرشحين يستعملون هذه الإمكانات ضدا على القانون وضدا على الأعراف النزيهة. هناك كثير من الخروقات الأخرى ذات التأثير، إما القليل أو الكثير في الانتخابات، مثل استعمال المال، وتنظيم الولائم ونشر الإشاعات ضد الأحزاب والمرشحين المنافسين. وقد كان حظ حزب العدالة والتنمية من هذه الإشاعات وافرا، لا في بعض صحف الأحزاب المنافسة، ولا من قبل "مناضلي" بعض الأحزاب، وأحيانا من قيادات بعض الأحزاب، الذين يشيعون الكذب والافتراء والمعلومات الخاطئة والمغلوطة، لكن الشعب المغربي والحمد لله يقظ، وهو عندما يسمع إشاعة يحللها على ضوء ما يعرفه، بناء على الاحتكاك اليومي المباشر بمناضلي الحزب، الذين لم يعرف عنهم إلا الوفاء والاستقامة والوطنية والالتزام بالقانون. هذه أنواع فقط من الخروقات التي تهم الأحزاب السياسية ومرشحيها، وهناك نوع ثان من الخروقات، تهم السلطات المحلية، وقد فوجئنا مع الأسف الشديد، بكون بعض أعوان السلطة يعملون في بعض الدوائر لصالح مرشحين معينين، كما قام بعض هؤلاء الأعوان بالتضييق على بعض مرشحي الحزب وبعض مناضليه ومنعهم من الاتصال المباشر بالمواطنين، ويقع هذا بالخصوص في بعض البوادي، ولهذا فإننا نطالب السلطات المحلية في جميع تراب الممكلة بالالتزام بالحياد، ونريده حيادا إيجابيا، يفرض الالتزام بالقانون والضرب على أيدي المفسدين، وحيادا أيضا يضمن للأحزاب السياسية التمتع بكل الحقوق التي يكفلها لها القانون للقيام بحملاتها الانتخابية بكل حرية وأمان. بغض النظر عن المراسلات التي وجهتموها إلى السلطات المختصة، هل من وسيلة أخرى سيتعامل بها الحزب مع هذه الخروقات؟ الوسيلة الأولى هي القيام باللازم قانونيا لدى الجهات المختصة إداريا وقضائيا، لكننا أيضا مصممون على مواجهة هذه الخروقات، وعلى الصمود وعدم التراجع أمامها، وسيبقى نضالنا قويا ضد كل ما يمكن أن يشوش على سلامة العملية الانتخابية، ومناضلو الحزب عازمون على أن تكون هذه محطة نضالية قوية يضحون فيها بكل ما يملكون في سبيل النزاهة والشفافية. ولذلك أوجه كلمة إلى إخواني مناضلي الحزب أن يتحلوا باليقظة الكافية لفضح هذه الخروقات وأن يقوموا بواجبهم في هذا المجال. اعتبرتم الانتخابات التشريعية لسنة 7991 في بيان لكم فور انتهائها بأنها خطوة إيجابية في المسار الديمقراطي للمغرب رغم ما شابها من تزوير، ورغم كون حزب العدالة والتنمية ضحية لهذا التزوير. هل ترون أن الضمانات التي أحاطت بها السلطات المختصة انتخابات 2002 كافية لأن لا تكون مزورة. كانت هناك وعود من قبل الإدارة لتكون هذه الانتخابات شفافة ونزيهة، فبعد توجيهات جلالة الملك، كانت هناك وعود صريحة من وزير الداخلية، ولذلك، فإننا قد فوجئنا بكثرة الخروقات التي علمنا بها في مختلف الأقاليم، على الرغم من أننا نعتبر أن وجود بعض الخروقات في المرحلة الانتقالية من التطور الديمقراطي أمر طبيعي، لكن نوع هذه الخروقات مثل التهديد والعصابات المسلحة ومنع المرشحين من الاتصال بالمواطنين، نوع هذه الخروقات، وكون السلطات المحلية لا تقوم دائما بواجبها في التدخل السريع والمستعجل والمناسب، هذا جعلنا نتخوف فعلا من أن يكون هناك تأثير لهذه الخروقات على نتائج انتخابات 72 شتنبر في كثير من الدوائر، وبالمناسبة، فإن كثيرا من أنصار الحزب في دوائر متعددة قد توصلوا بتهديدات إما عن طريق مكالمات مجهولة أو رسائل عبر البريد الإلكتروني أو رسائل مكتوبة على هواتفهم المحمولة، ورغم ذلك، فإن مناضلي الحزب لا يمكن أن يتراجعوا أمام هذه التهديدات، وسيستمرون في القيام بواجبهم.. ما مضمون هذه التهديدات؟ هي تهديدات بالانتقام في حال الدخول إلى بعض القرى والقيام فيها بالحملة الانتخابية، لأن بعض المرشحين يعتبرون قرى معينة ضيعات خاصة لا يجوز لأحد أن يدخل إليها وينافسهم فيها. لو حدث أن زورت انتخابات شتنبر 2002، ماذا سيكون موقف حزب العدالة والتنمية؟ نحن نستبعد تزوير الانتخابات، لأن هذا الزمن لم يعد زمن التزوير، ونحن على ثقة في صدق وعود بعض المسؤولين، لكننا بالمقابل نتخوف من أن يزداد حجم الخروقات المسجلة، وأن تزداد فظاعتها في كثير من الدوائر، مما يمكن أن يؤثر على النتائج إجمالا، وأن يضر بمصداقية هذه الانتخابات وبالتالي مصداقية المؤسسات المنبثقة عنها. وفي هذه الحال فإن حزب العدالة والتنمية سيقوم بواجبه، كما قام به دائما، في فضح هذه الخروقات والتصدي لها والتنديد بها ومواجهتها بالطرق الإدارية والقانونية المشروعة. لكنه لن يتراجع أمامها، ولن تكون مثبطة لعزيمة مناضليه ليمضوا في طريق العمل نحو مغرب أفضل كما أسلفنا. على بعد أيام قليلة من نهاية الحملة الانتخابية، كيف تتوقعون نتائج حزب العدالة والتنمية؟ نتوقع أن حزب العدالة والتنمية سينتقل من حزب ذي تمثيلية صغيرة في البرلمان إلى حزب ذي تمثيلية متوسطة، وهذا هو الطبيعي في سير الحزب، وهذا هو التطور المعقول والمتدرج الذي نسعى إليه. وما رأيكم في بعض استطلاعات الرأي التي نشرت مؤخرا، وتعطي لحزبكم حجما أقل من هذا الحجم الذي تتوقعونه؟ قلنا مرارا إن استطلاعات الرأي هذه غير ذات مصداقية، ولا تلتزم بالمعايير الموضوعية والعلمية الضرورية في مثل هذه الاستطلاعات، ولذلك فإن نتائجها غير ذات أساس، وسيقول الشعب المغربي يوم 27 شتنبر قوله، والخريطة النيابية، إن شاء الله، إذا تمت محاصرة الخروقات الموجودة، ستعكس التوجهات العامة للشعب المغربي في المجال السياسي. يتساءل الكثيرون حول ما بعد نتائج الانتخابات، وعن تشكيل الحكومة، هل ستشاركون وبأي حجم؟ المشاركة في الحكومة المقبلة رهين بالخريطة السياسية التي ستفرزها الانتخابات، وليس عندنا الآن موقف مسبق، وإنما سنتخذ موقفنا انطلاقا من المعطيات التي ستستجد، والتي سيدرسها الحزب، وسيأخذ بعين الاعتبار مصلحة البلاد وسيتخد الموقف المناسب. ولا يمكن أن نحدد موقفا مسبقا من المشاركة أو عدم المشاركة. وإن كانت هناك من مشاركة، فسترتبط بشروط البرنامج العام للحكومة، والذي نريده أن يكون برنامجا يفي بأسس الإصلاح الكبرى التي يؤمن بها والتي يسعى إليها الشعب المغربي كله. كلمة أخيرة للناخبين نطالب جميع المواطنين بالتوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع، وبالإدلاء برأيهم بنزاهة كاملة، لأن هذا وحده هو الذي سيقطع الطريق على السماسرة وعلى المفسدين وعلى المطبعين، وعلى الذين أدوا بالمغرب إلى الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي يعيشها حاليا. إنه لا يمكن لبلادنا أن تنهض إلا بتظافر جهود جميع القوى الشريفة هوالصالحة لتحقيق هذا الهدف. وإن لم يشارك الشرفاء والصالحون، سيبقى المفسدون والمطبعون يسيرون البلاد ويسيرون بها إلى طريق الهاوية. حاوره: محمد أعماري