العنوان المشار إليه أعلاه أخذته من إحدى الأغنيات الرائعة «من أد إيه كنا هنا «للموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب، وهو عنوان يناسب ما يحدث في الفيلم الأمريكي الجديد «آخر فرصة للحب» (93 دقيقة) الذي يعرض حاليا ببعض القاعات السينمائية ببلادنا و الذي قام بإخراجه السيناريست جويل هوبكينس و شارك في بطولته بأداء متميز ورائع الممثل المشهور ديستين هوفمان في دور «هارفي» والممثلة المقتدرة إيما طومبسون في دور «كايت». الفيلم طريف بشكله ورومانسي بنوعه، يحكي في البداية بواسطة المونطاج المتوازي قصتين تتعلق الأولى منهما بالسيد «هارفي» الموسيقي المتخصص في تلحين المقاطع الموسيقية القصيرة الموظفة في الإشهار وفي مقدمة بعض البرامج، وهو شخص أمريكي هادئ الطبع في سن الخمسين، يعيش وحيدا ومنعزلا بعدما طلق زوجته التي تزوجت برجل آخر. القصة الثانية لا علاقة لها في البداية بالقصة الأولى وتتعلق بالسيدة الإنجليزية والوسيمة «كايت » التي بلغت سن الخمسين تقريبا و لم تفلح بعد محاولات مختلفة في العثور على الرجل الذي يناسبها رغم كونها اجتماعية وحيوية و لبقة وكثيرة الكلام، الأمر الذي سبب لها الإحباط واليأس وجعلها تتفرغ للقراءة ولشغلها وللإعتناء بأمها التي لا تقلق راحتها بكثرة المكالمات الهاتفية في كل وقت وفي كل مكان. يتوقع المشاهد منذ البداية من خلال العنوان ومن خلال ملصق الفيلم أن «هارفي» الذي يعيش بأمريكا و«كايت» التي تعيش بلندن سيلتقيان حتما في هذا الفيلم في وقت ما وفي مكان ما طال الزمن أو قصر، وفعلا يحدث ذلك بصدفة مطبوعة بالتساهل في المطار ثم في الحانة بمدينة لندن التي سافر إليها «هارفي» لمدة يومين للحضور في حفل زواج ابنته التي أنجبها مع زوجته المطلقة. سيتطور الحوار بين «هارفي» و«كايت» ليتحول تدريجيا إلى علاقة عاطفية نسي فيها كل واحد منهما كل همومه السابقة، علاقة صعبة ومتقلبة تتأرجح أطوارها بين التردد والاستسلام، بين اليأس والأمل، بين الرفض والقبول وبين الفراق واللقاء، وهي تقلبات مقصودة من أجل إثارة المشاهد و تمويهه حتى يشعر بأنها علاقة هشة لن تعمر طويلا وحتى يبقى متشوقا ومشدودا لمعرفة مصير هذه العلاقة الغرامية في النهاية. الفيلم مسل و طريف و مثير رغم بساطة قصته و كونه يخلو من المفاجآت، فيلم يحرك العواطف في بعض محطاته وممتع بمناظره وبقوة وتلقائية أداء الممثلين عامة والبطلين خصوصا، جيد بحواره الديناميكي و بحرارته كأنها الحياة الواقعية فعلا. تستعرض أحداثه مختلف أنواع العلاقات البشرية والاجتماعية لتخلص أساسا إلى أن الغرام لا يرتبط بسن معين بل يمكنه أن يحصل في أي مرحلة من العمر وأنه يتطلب في البداية مبادرة وصمودا و إلحاحا من أحد الطرفين حتى لا تضيع الفرصة كما يشير إلى ذلك عنوان الفيلم، فرصة الخروج من النفق والتخلص من اليأس والإحباط من أجل الاستمتاع بالسعادة ولو كانت متأخرة.