يعرض حاليا في بعض القاعات السينمائية ببلادنا فيلم أمريكي جديد عن النازية يحمل عنوان « فالكيري» (110 دقيقة)، قام بإخراجه الممثل و المنتج و السيناريست بريان سينجيرالذي اشتهر ببعض الأفلام الناجحة من بينها «إيكس مان» و «أوزوال سوسبيكت» و «عودة سوبرمان». الممثل طوم كروز هو الذي يقوم ببطولته في دور الكولونيل الألماني «ستاوفينبيرغ» الذي حركه ضميره خلال الحرب العالمية الثانية ضد الهيمنة المطلقة للدكتاتور النازي «هتلر» و ضد فظاعة الإبادة و الجرائم التي يرتكبها جيشه في حق الأبرياء و الأسرى، و هو أمر دفع به إلى الاقتناع بضرورة الدخول في مواجهة الآلة الهتلرية الجهنمية و وضع حد لهذه الوضعية الكارثية من خلال تنظيم و تخطيط مؤامرة لقتل قائده «هتلر» الذي أصبح يعتبره ليس عدوا للعالم فحسب، بل عدوا لألمانيا أيضا. الكولونيل « ستاوفينبيرغ « سيفقد ذراعه الأيمن و عينه اليسرى في هجوم مباغت للحلفاء، و هو حادث خطير لم ينل من عزيمته و رغبته في القضاء على الدكتاتور «هتلر»، بل سيقرر بعد شفائه المغامرة بحياته و بحياة زوجته و أبنائه في ارتكاب ما يسمى بجريمة الخيانة العظمى في حق قائده المتجبر و المتسلط، و سينطلق في محاولة صعبة و خطيرة لإقناع العديد من زملائه الضباط بالمساهمة معه في عملية «فالكيري» التي أنشأت أساسا لحماية القائد النازي الأعظم و التي سيتم تحويلها بذكاء إلى عملية لقتله. ستنطلق الاستعدادات السرية لتحقيق هذه العملية الانقلابية العسكرية المحفوفة بالمخاطر في أسرع وقت ممكن و فق خطة ذكية بمشاركة بعض الضباط المعارضين المتذمرين هم أيضا من النظام الدكتاتوري النازي. الفيلم تاريخي حربي مأساوي مأخوذ عن قصة واقعية، فيلم متقن بأكسسواراته و بأجوائه المثيرة و المرعبة، وهو عبارة عن تكريم هوليودي للمقاومة الألمانية المعارضة للنازية، و يقف ضمنيا إلى جانب الكولونيل «ستاوفينبيرغ» في محنته و مهمته. تتوالى الأحداث وفق حكي مشوق و إخراج محكم، و وفق حوار مثير و بناء جيد بدون تساهل أو مبالغة، تتناوب فيه لقطات التوتر و الاسترخاء و لقطات السكون و الضجيج، سكون يشبه الهدوء الذي يسبق العاصفة. النهاية تشكل في هذا الفيلم محطة أساسية و حاسمة لكونها هي التي تجيب عن السؤال الكبير المتعلق بنجاح هذه المؤامرة أو بفشلها، أي بمقتل «هتلر» أو نجاته من القتل، و إذا كان بعض المشاهدين يعرفون نهاية هذه القصة التاريخية الواقعية فإن ذلك لا ينقص من قيمة الفيلم لأن عنصري الإثارة و التشويق تم توظيفهما أيضا في الأحداث المؤدية إلى هذه النهاية، و هي نهاية مأساوية غير سعيدة و غير مألوفة، نهاية تختلف عن نهايات الأفلام التي لا يموت فيها البطل و لو قتلوه.