يعرض حاليا ببعض القاعات السينمائية ببلادنا فيلم أمريكي جديد يحمل عنوان «Les sept vies» (123 دقيقة) من إنجاز الممثل و المنتج و السيناريست و المخرج الإيطالي غابرييل موتشينو الذي سبق له أن أخرج أفلاما أخرى من بينها فيلم «البحث عن السعادة» من بطولة النجم الأمريكي الأسمر الممثل ويل سميس الذي تم اختياره للاشتغال مرة أخرى مع نفس المخرج في فيلمه الجديد و القيام ببطولته (في دور» بين طوماس») إلى جانب الممثلة المتألقة روزاريو داوسون التي تشخص فيه دور حبيبته «إيميلي» المريضة بالقلب. يحكي هذا الفيلم قصة الشاب « بين طوماس» الذي يسكنه سر مأساوي دفين يؤنب ضميره في الليل و النهار، سر يزعجه و يفزعه في يقظته و نومه، و جعل منه شخصا مهموما و مريضا نفسيا كارها الحياة و فاقدا للذة العيش و مقتنعا بضرورة وضع حد لحياته بالانتحار. سيقرر بين طوماس إذن أن ينتحر، كما سيقرر قبل انتحاره أن يتظاهر بالرشاقة و السعادة و أن يقوم كمفتش للضرائب بالبحث عن سبعة أشخاص طيبين لا يعرفهم و لا يعرفونه كي يمنحهم هدايا ثمينة تشفيهم من المرض و تطيل عمرهم، أي أنه أراد قبل موته أن يمنحهم مزيدا من الحياة، و لن أكشف للقارئ عن نوعية هذه الهدايا حتى لا أفسد عليه متعة المشاهدة، لأن نوعية هذه الهدايا هي اللغز الخفي في هذه القصة المحبوكة و المثيرة. الفكرة نبيلة و غنية بالدلالات الإنسانية، و الموضوع متفرد بنوعه و متناول بكيفية مثيرة و محركة للعواطف بأحداثها و بالأداء الجيد لكل الممثلين و الممثلات و على رأسهم ويل سميس الذي يقوم فيه بدور لم يسبق له أن قام بمثله في أفلامه السابقة. يجمع الفيلم بين الهزل الخفيف و المأساة ، بين الحزن و السعادة، بين اليأس و الأمل، فيه معاناة نفسية، فيه إنسانية و تضحية و سخاء و حب، فيه إثارة و غموض و مفاجآت و أسرار يتم الكشف عنها تدريجيا مع الاقتراب من النهاية، هو فيلم يدفع إلى التأمل و التفكير في موضوعه ، قد يحرك عواطف البعض و قد يبكي البعض الآخر. السر الذي يسكن بطل الفيلم هو الذي يحرك كل خيوط هذه القصة، و بالرغم من الإيقاع البطيء الذي تتوالى به اللقطات فإنها قصة تشد المشاهد و تثير انتباهه بمضمونها و بطريقة سردها ، و قد بعثرت عملية المونطاج أحداث هذه القصة و جعلت الفيلم ينتهي ببدايته و ينطلق بنهايته.