يعتبرالراحل الفنان ، الزجال والمخرج السينمائي حسن المفتي ، من أبرز الزجالين المغاربة الذين أخذوا على عاتقهم مهمة تحديث القصيدة الزجلية المغربية. من أشهرما كتب أغنية «صدقت كلامهم» للفنان عبد الهادي بلخياط ، «قالوا لي حب» للفنان الراحل عبد السلام عامر و «الثلث الخالي» للفنان عبد الوهاب الدكالي. كما يعتبر الراحل من رواد الفن السابع بالمغرب ، ومن أشهر أعماله فيلم «دموع الندم» الذي قام ببطولته الفنان الراحل محمد الحياني. الراحل حسن المفتي، كان قيمة فنية متعددة المواهب. وعنوان كبير، لأغنيات اخترقت بكلماتها وجدان كل المغاربة والعرب من دون استثناء.. حسن المفتي..من المبدعين الأصيليين، سيكتشف السينما، ليبدأ في التردد بشكل شبه يومي على قاعات السينما بتطوان مثل سينما «المنصور» و «فيكتوريا». كما سيتعرف في تلك الفترة على الصحافة الفنية والأدبية المشرقية التي كانت تصل حينها الى الشمال. كما سيقترب من عالم الأغنية . سيرتبط حسن، بصداقة وثيقة مع مجموعة من شباب تطوان المثقف، أمثال: محمد العربي المساري ، محمد الطنجاوي ، محمد العربي الخطابي،المهدي الدليرو ، محمد بنعيسى ، حسن الورياغلي ، خالد مشبال ، محمد شبعة ، ستؤسس مجموعة منهم ندوة «الأدباء الشباب» بتطوان التي ستصدر مجلة «الحديقة»، حيث سيظهر اسم حسن المفتي ، كناقد سينمائي له ركن «أفلام الشهر» وهو في سن الثامنة عشر، ثم لاحقا عبر جريدة «النهار» التطوانية. كما ستبدأ أولى محاولاته الشعرية التي كان يوقعها «ببيرم الصغير». كان لتعيين ،الزعيم عبد الخالق طريس ، سفير للمغرب بمصر بعد الاستقلال فرصة للشباب التطواني للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي بالقاهرة، حيث سيسافر إلى مصر سنة 1957. حيث سيلتحق ب «معهد الفنون المسرحية : قسم تمثيل» لكنه سيتركه بعد عامين. ليبدأ تداريبه باستوديو مصر، حيث كان أول عمل شارك فيه فيلم «جميلة بوحريد» سنة 58 ، بطولة ماجدة وإخراج يوسف شاهين ، إلى جانب اشتغاله مخرجا مساعدا إلى جانب بعض كبار المخرجين المصريين أمثال: صلاح أبو سيف وهنري بركات ، نور الدمرداش ومحمد الطنطاوي ... سيعمل طيلة 7 سنوات ، كمساعد مخرج في حوالي 300 عمل تلفزيوني بين سهرة ومسلسل ، وسيشارك في قرابة 36 فيلم من كلاسيكيات السينما المصرية مع كبار مخرجيها كمراقب حوار ثم كمخرج مساعد ثاني .. ليعود إلى المغرب ويخرج العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية المغربية، حيث أضاف إلى السينما المغربية الشيء الكثير بإخراجه فيلم «دموع الندم» سنة 1982، الذي لاقى نجاحا كبيرا أثناء عرضه بالقاعات السينمائية المغربية آنذاك، بفضل تجربته وشعبية الراحل محمد الحياني، الذي غنى في الفيلم نفسه من كلمات حسن الفتي أغنية «راضي بالكية». خلال مساره الفني، سيتعرف على الفنانين محمد الرگاب وحميد بنشريف حيث سيقدمون سوية عدد من برامج المنوعات التلفزيونية: «كاميرا 4» سنة 68 ، «وجه في الزحام» سنة 69 ، «صورة» سنة 70، وحازت إحدى حلقات البرنامج على جائزة المنوعات في مهرجان تلفزيونات البحر المتوسط (سنة 73). لم يكن الراحل حسن الفتي، محبا للأضواء، بل كان يفضل مواطن الظل طوال مساره الفني. اكتفى بتسجيل حضوره بأعماله وكلماته التي عبر فيها بإحساس عن هموم وانشغالات انسانية، بروح قل نظيرها، موظفا ملكاته الفنية في صنع أحلى الحكايات المغناة وأعذبها في الربيرتوار الغنائي المغربي. في مطلع السبعينيات ، نضجت التجربة الشعرية لدى الراحل المفتي، وظهر ذلك جليا في أعمال لحنها وأداها الفنان عبد الوهاب الدكالي، مثل «أنا والغربة»، «الثلث الخالي» و«مرسول الحب»، التي حققت نجاحا كبيرا، داخل وخارج الوطن، حيث تغنى بها أزيد من 30 فنانا من المغرب وخارجه، وشكلت آنذاك نقلة نوعية في مسار الأغنية المعاصرة. منذ ذلك، الحين عانق الراحل ، دائرة الزجل الهادف والبسيط النابع من عمق الحياة بحلاوتها ومرارتها، إذ قدم مجموعة كبيرة من الأغاني الناجحة منها : «صدقت كلامهم» للفنان عبد الهدي بلخياط، التي أداها سنة 1973 في فيلم «الصمت اتجاه ممنوع» ، أغنية «راضي بالكية» التي أداها الراحل محمد الحياني ، إضافة إلى أعمال زجلية خالدة، للفنان محمد المزكلدي والراحل عبد السلام عامر. هكذا تميز الراحل بكلماته وأسلوبه الذي اجتمع فيه مع مطربين متميزين وإلتقى مع أكبر الملحنين المغاربة ، أمثال: الراحل عبد السلام عامر ، عبد الوهاب الدكالي ، الراحل عبد القادر راشدي ، حسن القدميري وعبد القادر وهبي. وقد ناهز ما أبدعه حسن 300 أغنية مع كبار الملحنين والمطربين المغاربة من مختلف الأجيال وهو عضو في مكتب حقوق التأليف منذ 1958، وكذلك عضو اتحاد كتاب المغرب... ويشهد لهذا الفنان المتعدد المواهب كل من عرفه بالتواضع والخلق الرفيع والزهد في الأضواء، مع خلفية معرفية صقلتها القراءات والتجارب. أعماله ستبقى حية في الذاكرة الفنية الوطنية، وسيكتب اسمه بأحرف بارزة ضمن المبدعين المغاربة الخالدين الذين تمسكوا بالعطاء الفني الأصيل ، وصنعوا مجد الأغنية المغربية العصرية. * (انتقل الراحل إلى دار البقاء ، ظهيرة 1 نونبر 2008 بقسم الإنعاش في مصحة الشيخ زايد بالرباط. ثم كانت رحلة حسن الأخيرة ،إلى مسقط رأسه بتطوان، حيث دُُفِنَ تنفيذاً لوصيته إلى جوار أبويه).