تحيي النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة، بتعاون مع مقاطعة المعاريف، يوم السبت المقبل، بمركب ثريا السقاط بالدارالبيضاء، حفلا تكريميا بمناسبة الذكرى الأولى لوفاة الشاعر والمخرج المغربي حسن المفتي.يشارك في هذا الحفل التكريمي، الذي سيحمل اسم ليلة الوفاء، مجموعة من الفنانين والزجالين المغاربة، الذين جمعتهم علاقات صداقة وعمل مع الراحل، طيلة مساره الفني، من خلال تقديم مجموعة من الشهادات في حق الراحل، إضافة إلى تقديم جملة من أعماله، التي طبعت مسيرته الفنية الطويلة، وعرض فيلمه الطويل "دموع الندم"، الذي أدى بطولته الراحل محمد الحياني. وقال رئيس النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة، إن النقابة قررت الاحتفال بالذكرى الأولى لوفاة الراحل حسن المفتي، المتزامنة مع ذكرى المسيرة الخضراء، التي خلدتها أعمال بعض الفنانين المغاربة المشاركين في هذا الحفل التكريمي، باعتباره من مؤسسي النقابة، وواحدا من أبرز الفنانين، الذين أغنوا الريبيرتوار الفني المغربي بأعمال ستظل خالدة في الذاكرة. وأضاف مصطفى بغداد في تصريح ل"المغربية" أن الراحل، الذي بدأ رحلته الفنية بداية الخمسينيات من القرن الماضي، كان من أوائل الفنانين المغاربة، الذين زاروا القاهرة وسجلوا فيها العديد من الأغاني المغربية، التي دخلت "صوت العرب"، مع نخبة من المطربين المغاربة، أمثال محمد المزكلدي، وعبد الوهاب الدكالي، وعبد الهادي بلخياط، كما كان الراحل من ألمع المخرجين المغاربة، الذين بصموا الإنتاجات الوطنية، من خلال العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية المتميزة. وأبرز بغداد أن النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة، أحدثت في وقت سابق، جائزة تحمل اسم الفنان الراحل حسن المفتي "1935- 2008"، خصصتها لأحسن إبداع يقدم، في إطار مهرجان الأغنية العربية، في دورته الحادية عشرة، التي نظمت بمدينتي الدارالبيضاء والمحمدية، وحملت اسم دورة "حسن المفتي"، كما عملت النقابة على توثيق مسيرة الفنان الطويلة، من خلال جمع أعماله. وكانت العديد من المهرجانات السينمائية، من بينها مهرجانا طنجة الوطني وتطوان المتوسطي، احتفت بالراحل، في إطار الاحتفال بخمسينية السينما المغربية، باعتباره من أهم المخرجين السينمائيين المغاربة، إذ التحق بمعهد السينما بمصر في خمسينيات القرن الماضي، حيث تلقى دروسا في السيناريو على يد المخرج صلاح أبو سيف، الذي عمل معه عقب تخرجه مساعد مخرج في فيلم "القاهرة 30"، كما عمل مع يوسف شاهين في فيلم "جميلة بوحيرد"، وحسين كمال في "البوسطجي"، ومع هنري بركات في "الباب المفتوح". وبعد عودته إلى المغرب في ستينيات القرن الماضي، انكب على إخراج العديد من الأعمال التلفزيونية، قبل أن تتاح له فرصة إخراج فيلمه الوحيد "دموع الندم" سنة 1982، الذي استوحاه من الأفلام الاستعراضية المصرية، التي تتلمذ على يد أبرز روادها هنري بركات، فصاغ للمطرب محمد الحياني سيناريو يبرز مساره كفنان فقير سرعان ما يتسلق سلم الشهرة بفضل صوته وموهبته، وهو السيناريو نفسه، الذي اعتمدته بعض أفلام كبار المطربين في مصر، أمثال عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش. يذكر أن الساحة الفنية المغربية فقدت الراحل الشاعر والمخرج حسن المفتي، عن سن يناهز 73 سنة في أحد مستشفيات الرباط، بعد صراع مرير مع المرض. وأجمع عدد من الفنانين المغاربة، أن رحيل حسن المفتي يعد خسارة للأغنية والمسرح والسينما بالمغرب، بالنظر لدوره الكبير في إغناء ريبيرتوار الفن المغربي، من خلال إنجازاته المتميزة التي طبعت جميع الميادين، مشيرين إلى أن المفتي شكل بالفعل قيمة فنية متعددة المواهب. "الثلث الخالي"، و"أنا والغربة"، و"راضي بالكية"، و"صدقت كلامهم"، و"مرسول الحب"، وعناوين أخرى لأغنيات اخترقت بكلماتها وجدان كل المغاربة والعرب دون استثناء، كانت بعضا من رصيد الشاعر المتميز حسن المفتي. لم يكن الراحل حسن الفتي محبا للأضواء، بل كان يفضل مواطن الظل طوال مساره الفني، مكتفيا بتسجيل حضوره بأعماله وكلماته، التي عبر فيها بإحساس عن هموم التائهين والمحبين والعاشقين، بروح قل نظيرها، مسخرا ملكاته الفنية في صنع أحلى الحكايات المغناة وأعذبها في الربيرتوار الغنائي المغربي. في مطلع سبعينيات القرن الماضي، نضجت التجربة الشعرية لدى الراحل المفتي، وظهر ذلك جليا في أعمال لحنها وأداها الفنان عبد الوهاب الدكالي، مثل "أنا والغربة"، و"الثلث الخالي"، و"مرسول الحب"، التي أثارت الكثير من الجدل بعد نجاحها المدوي، داخل وخارج الوطن، حيث تغنى بها أزيد من 30 فنانا من المغرب وخارجه، وشكلت آنذاك نقلة نوعية في مسار الأغنية المعاصرة، "ومنذ ذلك الحين عانق الراحل المفتي دائرة الزجل الهادف والبسيط النابع من عمق الحياة بحلاوتها ومرارتها، إذ قدم مجموعة كبيرة من الأغاني الناجحة منها "صدقت كلامهم" للفنان عبد الهدي بلخياط، التي أداها سنة 1973 في فيلم "الصمت اتجاه ممنوع"، وأغنية "راضي بالكية" للراحل محمد الحياني، إضافة إلى أعمال زجلية خالدة، للفنان محمد المزكلدي، والراحل عبد السلام عامر. ليس من الغرابة أن يعتبر بعض النقاد في المغرب والعالم العربي الراحل المفتي، امتدادا لشعراء العامية من أمثال بيرم التونسي، وصلاح جاهين، وعبد الرحمان الأبنودي، لما لكلماته وأسلوبه من وقع على عموم الناس، مكنت من منح تأشيرة الدخول إلى عالم الشهرة للعديد من المطربين، بعد أن التقى على أرضيتها مع أكبر الملحنين أمثال الراحل عبد السلام عامر، وعبد الوهاب الدكالي، والراحل عبد القادر راشدي، وحسن القدميري، وعبد القادر وهبي. سيظل حسن المفتي حاضرا، رغم الغياب، بقوة في المشهد الفني والثقافي، بأعماله التي ستظل تتحدث عنه، من خلال الأصوات الجميلة والألحان العذبة، التي تغنت بكلماته أصوات فنانين، من قبيل عبد الهادي بلخياط، وعبد الوهاب الدكالي، والراحل محمد الحياني.