بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط        خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال        مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تبديل قواعد الإشتباك بين دمشق وتل أبيب: هل تقود الغارة الصهيونية على سوريا إلى مواجهة روسية أمريكية
نشر في العلم يوم 21 - 03 - 2017


بقلم // عمر نجيب
صباح يوم الجمعة 17 مارس 2017 وعلى الساعة الثامنة و 47 دقيقة حسب توقيت غرينتش بثت وكالة أنباء رويترز خبرا جاء فيه:
أعلنت القيادة العامة للجيش السوري في بيان لها إن أربع طائرات عسكرية إسرائيلية اخترقت المجال الجوي السوري في وقت مبكر يوم الجمعة وهاجمت موقعا عسكريا قرب تدمر. وأضاف البيان "يأتي هذا الاعتداء السافر إمعانا من العدو الصهيوني في دعم عصابات داعش الإرهابية".
وأضاف "تصدت لها وسائط دفاعنا الجوي وأسقطت طائرة داخل الأراضي المحتلة وأصابت أخرى وأجبرت الباقي على الفرار".
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن من جانبه قبل ذلك وفي الساعة الرابعة و 49 دقيقة إن صواريخ مضادة للطائرات أُطلقت يومه على قواته الجوية أثناء مهمة في سوريا.
ودوت صافرات الإنذار من الصواريخ في مستوطنات إسرائيلية بغور الأردن في الضفة الغربية المحتلة وفي منطقة الجليل ووجه المستوطنون إلى الملاجئ. وقال الجيش في بيانه إنه تم اعتراض أحد الصواريخ المضادة للطائرات.
ووردت أخبار من مناطق مختلفة في شمال فلسطين المحتلة عن نشوب حرائق محدودة نتيجة سقوط بقايا صواريخ وأجزاء مشتعلة.
ولم يقدم الجيش الصهيوني المزيد من التفاصيل بشأن الأهداف التي قصفها ولا عدد القذائف التي أطلقت على قواته ولا نوعها.
وقال مصدر بالجيش الإسرائيلي إن شبكة الدرع الصاروخية الباليستية الإسرائيلية "السهم" رصدت "تهديدا قادما" وأسقطت إحدى القذائف.
ورغم ذلك صرح متحدث باسم الجيش الإسرائيلي "لم تكن سلامة المدنيين الإسرائيليين أو طائرات القوة الجوية الإسرائيلية في خطر في أي وقت".
بعد ذلك بفترة قصيرة بثت وكالة رويترز من مدينة القدس المحتلة خبرا جاء فيه:
دوت صفارات الإنذار من الصواريخ في الصباح الباكر بمستوطنات إسرائيلية في غور الأردن بالضفة الغربية المحتلة ومناطق أخرى شمال إسرائيل وسمع اثنان من مراسلي رويترز دوي انفجارات بعد ذلك بدقائق.
وقال الجيش في بيانه إنه تم اعتراض أحد الصواريخ المضادة للطائرات. وسمع دوي الانفجارات لمسافة وصلت إلى القدس. ولم ترد تقارير عن ضحايا أو تلفيات.
وذكر مصدر بالدفاع المدني الأردني أن قذيفة سقطت في قرية على مشارف مدينة إربد بشمال الأردن والتي تبعد نحو 20 كيلومترا عن الحدود السورية والإسرائيلية مما تسبب في أضرار طفيفة.
وأظهرت تسجيلات مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي أجزاء قيل إنها بقايا صاروخ ربما تكون من ذلك الذي استخدم في عملية الاعتراض لكن لم يتسن لرويترز التحقق من اللقطات بشكل مستقل.
في وقت لاحق يوم الجمعة اعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان الغارة التي شنها الطيران الاسرائيلي على سوريا استهدفت اسلحة "متطورة" كانت ستنقل الى حزب الله اللبناني، مؤكدا ان هذا النوع من الضربات سيتواصل.
وصرح نتنياهو للتلفزيون "حين نرصد محاولات نقل اسلحة متطورة الى حزب الله ونتلقى معلومات من اجهزة استخبارات في هذا المعنى، نتحرك لمنعها".
جاء ذلك فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، الجمعة، بأن موسكو استدعت السفير الإسرائيلي لديها وطالبته بتقديم إيضاح حول الغارة الإسرائيلية الأخيرة على سوريا.
وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن استدعاء السفير في موسكو يعتبر إجراء نادرا، مشيرة إلى أن السفير قدم أوراق اعتماده يوم الخميس، وأن الإستدعاء على عجل، عشية دخول يوم السبت، لا يمكن أن يفسر إلا اذا كان هذا يتعلق بقلق وغضب استثنائيين في الجانب الروسي. ومن غير المستبعد أن يكون الروس يشعرون بان هناك فجوة بين ما سمعوه من نتنياهو في لقاءاته مع بوتين قبل أسبوع وبين السلوك الاسرائيلي على الارض. وهذا ليس سوء فهم عملياتي آخر يبحث في اللجان المشتركة بين الجيشين، الاسرائيلي والروسي، او بين وزارتي الدفاع. هذه أزمة سياسية. المرجح أنه كانت هناك تحذيرات واضحة.
تبديل قواعد الإشتباك بين دمشق وتل أبيب: هل تقود الغارة الصهيونية على سوريا إلى مواجهة روسية أمريكية
تبدل قواعد الإشتباك
توالت الأخبار والتحليلات بكثافة بعد العملية حيث جاء في تقرير ورد من مدينة الناصرة في فلسطين المحتلة: أظهر نشر وسائل الإعلام الإسرائيلية بسرعة أخبار الهجوم بشكل واضح أن دولة الاحتلال لم تتوقع أن تقوم المضادات الجوية السورية باعتراض الهجوم، ذلك أن التفوق الإسرائيلي السائد منذ سنوات كان يمنع مثل هذا الرد لأنه سيكون غير مجد.
علاوة على ذلك، قال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" العبرية للمرة الأولى منذ ست سنوات تقوم المضادات السورية بعملية الاعتراض، وأكثر من ذلك، فإنها أطلقت بحسبه صواريخ متطورة جدا، ألزمت إسرائيل بتفعيل منظومة الدفاع ضد الصواريخ والمسماة "حيتس"، ومعناها بالعربية سهم، لاعتراض صاروخ كان في طريقه إلى مدينة القدس المحتلة.
وشدد المحلل في سياق استعراضه، على أن الجيش الإسرائيلي اعترف لأول مرة بتنفيذ هجوم عسكري ضد أهداف داخل الأراضي السورية، مع أنه خلال الستة أعوام الماضية، قام بحسب وسائل الإعلام الأجنبية، بتنفيذ هجمات عديدة ضد أهداف سورية أو ضد قوافل شحن أسلحة من سوريا إلى حزب الله في لبنان. كما أنه اعترف للمرة الأولى بأنه قام باستخدام منظومة الدفاع "حيتس" لاعتراض الصواريخ. ووصف الحادثة بأنها الأكثر خطورة التي تقع بين إسرائيل وسوريا منذ العام 2011.
وفي السياق عينه، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية، على أن صوت الانفجارات الكبيرة التي سمع دويها في أغوار الأردن والقدس وشمالي الضفة المحتلة تبين أنها ناتجة عن بقايا متناثرة من صواريخ المضادات السورية وصواريخ حيتس الإسرائيلية.
وذكر موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية على الإنترنيت في الليلة الماضية أطلقت صفارات الإنذار في كل من أغوار الأردن وفي القدس وشمالي الضفة الغربية، بعد دوي انفجارات في مستوطنة موديعين، وطلب الجيش الإسرائيلي من مستوطني الأغوار اللجوء للملاجئ.
إلى ذلك، قال محلل الشؤون العسكرية في موقع "فيلا" الإخباري العبري، أمير بوحبوط، إنه على الرغم من الحرب الدائرة في سوريا منذ ستة أعوام فإن الجيش العربي السوري ما زال يملك أفضل الدافعات الجوية وأكثرها تقدما. بالإضافة إلى ذلك، كشف المحلل العسكري النقاب عن أن عملية من هذا القبيل تحتاج إلى تخطيط مسبق في سلاح الجو الإسرائيلي، لافتا إلى أنه تمت مراقبة العملية من جانب كبار ضباط الجيش الإسرائيلي من مقر القيادة في تل أبيب، لاتخاذ القرارات في حال حدوث أي خطأً، على حد تعبيره، بما في ذلك تحضير طرق هرب للطائرات الإسرائيلية في حال تمت مهاجمتها.
الصعود إلى الشجرة
الخبير الإسرائيلي اليكس فيشمان كتب:
ان المنطق الذي قبع حتى الان في أساس النشاط العسكري الاسرائيلي على طول الحدود، كان يقول انه يجب عمل كل شيء من أجل ابعاد المواجهة العسكرية المباشرة. وهكذا تبلورت المعادلة التي في أحد طرفيها عملت اسرائيل في نهاية الاسبوع لمنع انتقال سلاح بعيد المدى ودقيق من سوريا الى حزب الله. وفي الطرف الثاني من هذه المعادلة عملت اسرائيل كي لا يحشر العدو في زاوية تلزمه بالرد بشكل يؤدي الى مواجهة شاملة. غير أنه في الاسابيع الاخيرة تضع إسرائيل نفسها هذه المعادلة في اختبار متطرف. يبدو وكأن احدا ما عندنا لن يأسف حقا اذا ما عاد جدول الاعمال الامني ليحتل العناوين الرئيسة في الصحف.
من أحداث نهاية الاسبوع في الشمال يمكن أن نفهم بان اسرائيل تهاجم في سوريا ليس فقط كي تمنع قوافل السلاح الى حزب الله. فاسرائيل تستعرض حضورا في سوريا وذلك ايضا كي توضح للروس اساسا، لن تكون أي تسوية في سوريا بدونها.
وحسب بيان الجيش السوري، فقد هاجم سلاح الجو مطار تي4، بين حمص وتدمير، المنطقة الحساسة بشكل خاص من ناحية الروس، إذ مؤخرا انتهى في هذه الجبهة هجوم ناجح من الجيش السوري بمساعدة روسية مكثفة. ورفع الهجوم الجوي واعتراض الصاروخ السوري الذي اطلق ردا على ذلك، رفع مستوى المراهنة التي تأخذها اسرائيل على طاولة القمار السورية. نحن نقترب خطوة اخرى نحو تدهور عسكري في الجبهة السورية. فقد صعد الطرفان الى شجرة عالية وهما يتمترسان في مواقفهما.
اذا لم ينزل السوريون عن الشجرة وواصلوا تهديد حرية العمل الاسرائيلية ضد قوافل السلاح لحزب الله، فان الصدام مع الجيش السوري ليس فقط في الجولان بل وايضا في عمق سوريا يكون محتما.
في الجيش يفحصون اليوم بأثر رجعي اطلاق صاروخ حيتس الذي اعترض الصاروخ السوري. هذه عملية لم تستغرق أكثر من ثوان معدودة، من اللحظة التي يشخص فيها هدف باليستي يطير باتجاه اسرائيل وحتى اطلاق صاروخ الاعتراض. أحد المقاييس المركزية في اتخاذ القرار هو ألا يعرض اطلاق الحيتس للخطر طائرات سلاح الجو في ساحة الاعتراض. ما يعزز الفرضية بان الصاروخ السوري اطلق نحو هدف ما، ولكن هذه لم تكن الطائرات القتالية لسلاح الجو. فهي لم تكن هناك.
قيود على الإعلام الإسرائيلي
يوم 18 مارس جاء في تقرير صدر في فلسطين المحتلة: لا يمكن قراءة الخطاب الإسرائيلي الرسمي وغير الرسمي حول تغيير قواعد الاشتباك مع سوريا، دون الأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل مهمة تتعلق بما يحدث في تل أبيب: أولا، الإعلام العبري على مختلف مشاربه هو إعلام متطوع لصالح الإجماع القومي الصهيوني، ويقوم بالتغريد وفقا لموسيقى المستويين السياسي والأمني في تل أبيب بهدف تمرير الرسائل إلى دمشق، الثاني، الإعلام الإسرائيلي يخضع للرقابة العسكرية الصارمة في تل أبيب، والتي ما زالت تعمل بحسب أنظمة الطوارئ الانتدابية، بكلمات أخرى، فإن الإعلام المقروء المسموع والمكتوب والمشاهد يلتزم بقواعد ضبط ذاتي بما بتناسب مع الرواية الإسرائيلية الرسمية.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر، من متابعة الإعلام الإسرائيلي لا يفهم المواطن العادي لماذا لجأت إسرائيل إلى استخدام منظومة صواريخ "حيتس 3′′ لصد الصواريخ السورية، مع أن هذه المنظومة المتطورة معدة لمواجهة الصواريخ الباليستية، أي العابرة للقارات. كما أن الرقابة العسكرية منعت الإعلام من تفسير أوامر الجيش لسكان غور الأردن بالنزول إلى الملاجئ خوفا على حياتهم، وهذه التصرفات، أي إخفاء الحقائق، تؤكد بما لا يدعو مجالاً للشك بأن وراء الأكمة ما وراءها، وبأن الرد السوري على الهجوم الإسرائيلي فاجأ صناع القرار من المستويين الأمني والسياسي على حد سواء.
المحلل للشؤون الإستراتجية في صحيفة "معاريف" العبرية، يوسي ميلمان، الذي لا يخفي علاقاته الوطيدة بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، أكد على أن ما حدث ليلة الخميس الجمعة هو الحادث الأخطر منذ بدء الحرب في سوريا قبل ستة أعوام، لافتا إلى أن الرد، السوري يشير إلى احتمال انفجار الأوضاع الأمنية وتطورها، وإمكانية التصعيد، وتحديدا في ظل الواقع المركب التي تعيشه سوريا مع وجود حزب الله الطامح إلى فتح جبهة أخرى في الجولان، إضافة إلى جبهة لبنان.
وبحسبه، فإنه لولا تفعيل منظومة الدفاع، لما اضطرت إسرائيل إلى الاعتراف بالضربة التي وجهتها، وكانت ستستمر في سياسة الضبابية، موضحا أن هناك شعورا بالحرج دفع المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي إلى التصريح في وقت مبكر حول الغارة، وذلك بعدما أُطلقت صفارات الإنذار في منطقة غور الأردن والقدس، تزامنا مع تبليغ مواطنين سماعهم دوي انفجارات شديدة.
اللافت جدا ما نقله ميلمان عن مصدرٍ رفيع في الجيش، الذي أكد على أن إسرائيل ليست معنية أبدًا بتصعيد الأوضاع وتأجيجها، لكنها ستستمر في ردها وفق ما حددته من خطوط حمر بهدف منع حزب الله من امتلاك وسائل متطورة وإستراتيجيّة وكاسرة للتوازن، مضيفا أن حزب الله وسوريا غير معنيين أيضا بالدخول في حرب جديدة ما لم تنته الحرب في سوريا.
المحلل العسكري لموقع "ينيت" التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، قدر أن الأسد يشعر بالأمان: أطلق صواريخ اس 200 باتجاه طائرات إسرائيلية. وأضاف قائلا إن الرئيس الأسد يشعر بالثقة والطمأنينة في أعقاب الدعم الروسي، وهو ما يفسر إطلاق الجيش السوري صواريخ لأول مرة باتجاه طائرات سلاح الجو. بالإضافة إلى ذلك أوضح أن الصواريخ التي أطلقها الجيش السوري، هي روسية الصنع، وحصلت دمشق على النموذج المحدث منها مؤخرا، والأخير يتميز بخصائص اعتراضية عالية، ويصل مداه إلى مئات الكيلومترات، لكنه ليس حديثا مثل أس 300 أو، أس 400 التي يملكها السوريون كذلك.
المحلل بن يشاي لفت إلى أنّ ما حدث يعبّر عن تغير مهم في سياسات النظام السوري، المعززة بثقة الرئيس الأسد بسبب الوجود العسكري الروسي، إضافة إلى الانتصار في حلب، والأسلحة الإستراتيجيّة التي تزود بها الجيش السوري في الآونة الأخيرة، فضلا عن كون الضربات ضد إسرائيل ذات قيمة معنوية مهمة بالنسبة إلى النظام. وخلص بن يشاي إلى القول إن الرد السوري نذير شؤم، ويشير إلى إمكانية ارتفاع التوتر وقابلية الانفجار، وصدامات قد تتطور إلى حرب، على حد تعبيره.
إلى ذلك، أفاد موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" على الإنترنيت أن سفير تل أبيب في موسكو، جيري كورين، والذي قدم أوراق اعتماده يوم الخميس 16 مارس، للرئيس الروسي استدعي على عجل، ونقل الموقع عن مصادر رفيعة في تل أبيب قولها إن الحديث يدور عن خطوة نادرة وغير مسبوقة، ذلك أن روسيا درجت على تجاهل الهجمات الأخيرة لإسرائيل على أطراف الأراضي السورية، على حد تعبيرها.
استدراج وفخ
مصادر رصد أوروبية تستقي معلوماتها من القوات البحرية الغربية ومن ضمنها قوات البحرية الألمانية الاتحادية، التي تقوم بدوريات منذ سنوات أمام السواحل اللبنانية في نطاق قوة اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة، أفادت أن سفنا تابعة للأسطول السادس الأمريكي التي تتابع نشاط البحرية الروسية في شرق المتوسط سايرت طلعة الطيران الإسرائيلي منذ إنطلاقه وعبر مروره بالأجواء اللبنانية حتى وصوله إلى هدفه وأن موجات بث لتضليل شبكات الرادار صدرت من سفينة داخل منطقة 200 ميل بحري من شرق المتوسط.
وأضافت إلى أن الطائرات الصهيونية ملأت الأجواء في خط سيرها برقائق عاكسات تشويشية مغناطيسية في محاولة لإعماء مواقع الدفاع الجوي.
هذه المشوشات عبارة عن رقائق ووريقات معدنية أو مخاليط ليفية خفيفة للغاية لذا فهي تتساقط على الأرض في بطء شديد وخلال هذه الفترة الطويلة نسبيا منذ لحظة انطلاقها حتى وصولها إلى الأرض يكون المجال الجوي نظريا مغلقا بالنسبة للراجمات الصاروخية ولوسائل الاستطلاع الأخرى.
مصادر الرصد الأوروبية أفادت أن الدفاعات الجوية السورية والسفن الروسية رصدت رغم ذلك الطائرات الصهيونية ومنذ البداية، وهذا يفسر تصدي الصواريخ لها بسرعة وتتبعها حتى وهي تعود إلى سماء فلسطين المحتلة في مسافة صغيرة يستغرق عبور الطائرات لها عشرات الثوان. نفس المصادر ذكرت أنه وحسب المعطيات المحصل عليها بمختلف الطرق ومنها الأقمار الصناعية، فإن الهجوم على الموقع أو القافلة الناقلة للأسلحة حسب بيانات إسرائيل لم تترك إنفجارات جانبية مما يرجح أنها كانت أهدافا غير حقيقة، زيادة على ذلك فإن تفعيل إسرائيل لمنظومة حيتس 2 و3 والأخيرة هي آخر صيحات التقنية الأمريكية الإسرائيلية المشتركة التي يستغل جزء منها في منظومة الدرع الصاروخي الأمريكي الذي يستهدف حصار قدرات روسيا والصين في الرد على هجوم نووي معادي، سمح للقوات الروسية في قاعدة حميميم السورية ولسفن الأسطول الروسي بفك جزء مهم من شفرات عمل أجهزة الدفاع الإسرائيلية الأمريكية. هذا الأمر يفسر صخب بعض ساسة إسرائيل بشأن تشغيل أحدث وسائل الدفاع لديهم.
مراكز بحث وتحليل حذرت من أن إفلات التحكم في مسار المواجهات السورية الإسرائيلية وخاصة ما يتعلق بدعم الجيش الصهيوني للعديد من التنظيمات المسلحة التي تقاتل ضد الجيش السوري تهدد بإحتمال توليد مواجهة ساخنة بين الكرملين والبيت الأبيض.
كشف شفرات الصورايخ
يوم السبت 18 مارس انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع الأسبق إيهود باراك استخدام إسرائيل لمنظومة السهم المضادة للصواريخ، قائلا إنها "فضحت الغارة الإسرائيلية في سوريا وسببت حرجا لنا أمام روسيا اللاعب الأبرز في الساحة هناك".
وبنظر رئيس الوزراء الأسبق فإن واشنطن أخطأت مرتين، المرة الأولى عندما رفضت اقتراح أردوغان بإنشاء منطقة حظر جوي على الحدود السورية الشمالية. والمرة الثانية، "وضع خط أحمر بربط التدخل الأمريكي باستخدام السلاح الكيميائي في سوريا وهذا ما دفع بوتين إلى التدخل" بحسب تعبير باراك.
من جانبه قال وزير البناء والإسكان يوآف غالانت إن المظلة الروسية والرد السوري على الغارات الإسرائيلية "خطير" وإن النجاحات التي حققها الجيش السوري في الميدان منحته "الثقة والأمن".
وأشار الوزير الإسرائيلي في حديث للقناة الثانية الإسرائيلية "أعتقد أن ما يوجد هنا هو عملية خطيرة، نحن لا نقاتل ضد السوريين، نحن نعمل كي لا يصل سلاح كاسر للتوازن إلى حزب الله عبر سوريا، وليس لنا أي شيء ضد السوريين" حسب تعبيره.
وفي رده على سؤال حول وقف الهجمات في سوريا قال غالانت "أعتقد أن كل الاحتمالات موضوعة أمامنا، ونحن نعرف ما الذي يمكن أن نفعله، ويجب أن نقوم بتركيز النظر على الوضع بشكل عام لفهمه"، مضيفا "نحن نعرف كيف ننفذ الأمور بحكمة.. كما نقوم بذلك في كل الجبهات على مدى سنوات سواء في الحروب أو تحديدا بين الحروب".
واعتبر الوزير الإسرائيلي في حديثه التلفزيوني أن الروس يفهمون جيدا مصالح إسرائيل، مشيرا إلى أن لروسيا شؤونها واهتماماتها، وتحاول التوصل إلى تسوية وتجري مفاوضات".
وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي أفيغدور ليبرمان المعروف بتصريحاته العنترية الجوفاء هدد من جانبه بتدمير منظومات الدفاع الجوي السورية في حال عاودت دمشق إطلاق النار باتجاه الطائرات الإسرائيلية. واضاف ليبرمان "في كل مرة نرصد فيها نقل اسلحة من سوريا باتجاه لبنان، فاننا سنتحرك لوقفها. لن يكون هناك اي تسوية حول هذا الموضوع′′. وتابع "على السوريين ان يفهموا انهم سيتحملون مسؤولية نقل الاسلحة الى حزب الله وطالما سيواصلون السماح بذلك، فاننا سنقوم بما يتعين علينا فعله".
وتدارك "اكرر اننا لا نريد التدخل في الحرب في سوريا ولا التسبب بمواجهة مع الروس، ولكن امن اسرائيل يأتي اولا".
غير أن مراقبين سخروا من تهديداته مشيرين أنه بهذا يريد الدخول في حرب مع روسيا لأن قواتها موجودة إلى جانب السوريين في أغلب مواقع الدفاع الجوي.
ويذكر أنه في شهر ابريل سنة 2016، اقر رئيس الوزراء نتنياهو بأن اسرائيل هاجمت عشرات شحنات الأسلحة الموجهة الى حزب الله في سوريا. كما استهدفت مدفعيتها مرارا مواقع سورية في هضبة الجولان ردا على اطلاق نار.
وضمت اسرائيل عام 1981، الجزء الذي ظلت تحتله من هضبة الجولان بعد حرب 1967، وكان الجيش السوري قد تمكن من تحرير حوالي نصف الهضبة "1200 كلم مربع" في حرب أكتوبر 1973.
موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" ذكر في خبر رئيسي تحت عنوان "سوريا تهدد سلاح الجو الإسرائيلي بقدراتها الدفاعية الجوية" أن دمشق نشرت صورا لمنظومتها الدفاعية الجوية كاشفة بذلك عن قدراتها الردعية، وذلك بعد فترة وجيزة من تهديدات ليبرمان.
يذكر أنه خلال منتصف شهر يناير 2017، تسلم سلاح الجو الإسرائيلي، منظومة دفاعية خاصة باعتراض الصواريخ الباليستية طويلة المدى، طورتها إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية. وقال موشيه باتيل في حينها، مدير منظمة الدفاع الصاروخي التابعة لوزارة الأمن الإسرائيلية: إن سلاح الجو الإسرائيلي تسلم منظومة حيتس 3 الدفاعية، وأضاف باتيل، خلال كلمة له في حفل استلام الصواريخ الجديدة، إن المنظومة الجديدة ستدخل إسرائيل في عهد جديد لنظم الدفاع.
وشارك في حفل استلام المنظومة الدفاعية، بحسب موقع وزارة الأمن الإسرائيلية الذي لم يشر إلى مكان التسليم، ممثلون عن وزارة الأمن الإسرائيلية وسلاح الجو وشركة "بوينغ" الأمريكية التي تساهم بتصنيع المنظومة. وبحسب الخبراء الأمنيين في تل أبيب، يعمل صاروخ "السهم 3′′ على اعتراض الصواريخ الباليستية عندما تكون لا تزال خارج الغلاف الجوي للأرض، ويعتبر واحد من أفضل الصواريخ الاعتراضية في العالم نظرا لقدراته التكنولوجية العالية. كما تتميز منظومة "السهم 3′′ عن "السهم 2′′ الموجود قبله في الخدمة بالقوات الجوية الإسرائيلية، بأن أساس عملها يعتمد على التصادم الجسدي للرأس بالصاروخ الهدف، وفي هذا التصادم فإن الطاقة النشطة الهائلة تكفي لتدمير الهدف بدون الحاجة إلى مواد ناسفة. وأشارت المصادر الإسرائيلية إلى أن مشروع هذه الصواريخ أطلق عام 1988، في إطار برنامج أمريكي مضاد للصواريخ البالستية عرف باسم "حرب النجوم". وقد تسارع هذا البرنامج بعد إطلاق صواريخ عراقية خلال حرب الخليج في العام 1991 على إسرائيل، والتي وصل عددها إلى 39 صاروخا، وأنتج البرنامج في البداية صواريخ السهم 2 قبل أن يطور نظام السهم 3.
الاعتراف سيد الأدلة
موقع روسيا اليوم ذكر: ترك نبأ تصدي الجيش السوري للطائرات الهجومية الإسرائيلية في سماء سوريا أصداء مدوية وأفرز تحليلات صدر جلها عن عسكر وساسة تل أبيب حول أبعاد الحادث ومسار الصراع القادم في المنطقة.
قناة "20" التلفزيونية الإسرائيلية، نقلت عن الخبير العسكري نوعام أمير قوله في ما حدث، إن الصدام الذي وقع فجر الجمعة بين سلاح الجو الإسرائيلي والجيش السوري، كان تطورا دراماتيكيا يحتم على الجيش الإسرائيلي رسم مسار جديد له في ما يتعلق بأي حرب جديدة.
وأضاف أن "جدية الحادث" أجبرت الجيش الإسرائيلي على إصدار بيان غير مسبوق، اعترف فيه بأنه هاجم أهدافا لم يذكرها في سوريا، وأن الدفاعات الجوية السورية تصدت لطائراته.
وتابع: كسر السوريين المعادلة بهذا الشكل، قد يحد نشاط سلاح الجو والجيش الإسرائيلي في المنطقة ويزعزع قدرة إسرائيل على ضرب مواقع العدو وراء الحدود. وإن لم يستعد سلاح الجو الإسرائيلي تفوقه، فإن الأمر سينتهي ب"تغير جذري في العلاقة بين الجيشين الإسرائيلي والسوري، حيث ما من أدنى شك في أن حادث الجمعة، قد أجج المواجهة".
"يديعوت أحرونوت" من جهتها وفي تغطيتها للحدث، نقلت عن الخبير الإسرائيلي رون بن يشاي، أن "الرئيس السوري بشار الأسد أطلق مستفيدا من الدعم الروسي، وللمرة الأولى صواريخ باتجاه الطائرات الإسرائيلية التي كانت تعتزم ضرب أسلحة استراتيجية تعود لحزب الله" في سوريا.
إذاعة صوت ألمانيا من جهتها لم تتجاهل الحادث، ونقلت عن إيال أليما المحلل السياسي والعسكري في إذاعة إسرائيل قوله إن تل أبيب "اضطرت هذه المرة للاعتراف بغارتها على الأراضي السورية لأنها تركت آثارا واضحة، حيث اشتغلت صفارات الإنذار الإسرائيلية آليا، وتصدت الدفاعات الإسرائيلية للصاروخ السوري الذي لاحق طائرات تل أبيب، حتى استيقظ الإسرائيليون على صوت هذه الصفارات".
وأضاف: "في السنتين الأخيرتين شنت إسرائيل حوالي عشر غارات ضد أهداف سورية وتمكنت من التستر على ذلك أو تجاهله. أما هذه المرة، واستنادا إلى ما ذكرته، فقد اضطرت إسرائيل لتتحمل تبعات هذه العملية والمسؤولية عنها، رغم أن ذلك ليس في صالحها".
وأضافت إذاعة صوت ألمانيا أن مراقبين إسرائيليين اعتبروا الرد السوري تحولا في سياسة الأسد، وساقت طرح كبير الباحثين في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي إساف آوريون في حديث ل"فرانس برس"، الذي اعتبر أن "الرد السوري تحول كبير، فحتى الآن كان قصف إسرائيل لقوافل حزب الله في الأراضي السورية يمر عادة بلا رد، أو برد غير مهم من قبل الجانب السوري.
وختم بالقول: "النظام السوري يحاول هذه المرة القول لإسرائيل إنه لا يمكنه تحمل أي هجوم بعد اليوم، وأن الاعتداءات من هذا القبيل لن تترك بلا رد من الآن فصاعدا".
لا نريد تصعيدا
جاء في تقرير نشر في العاصمة اللبنانية بيروت يوم 20 مارس: صارت إسرائيل متيقنة من أن الحد من خياراتها العملانية في الساحة السورية، بمعنى تقليص قدرتها على اللجوء إلى الخيارات العسكرية، يحد بدوره من قدرتها على فرض مصالحها، إذ لا يمكن لأي طرف أن يفرض مصالحه أو يحاول ذلك، وحتى في حدها الأدنى، في حال لم تكن لديه القدرة على الضغط الميداني، أو صدقية التهديد به. مع هذا، من المبكر القول إن قواعد الاشتباك قد تغيرت.
نعم، توجد فرصة، هي تهديد من جهة إسرائيل، تمكن الدولة السورية من فرض إرادتها، لكنها أيضا مشروطة بتأمين مستلزمات نجاحها، وفي المقدمة الموقف الروسي الذي رفع "البطاقة الصفراء" في وجه إسرائيل، وفق التعليق العبري، بعد استدعاء الخارجية الروسية للسفير الإسرائيلي لدى موسكو، طلبا لما قيل في العلن إنه "استدعاء لتوضيح الموقف".
تغيير قواعد الاشتباك، أو بعبارة أدق محاولة تغييرها، يفرض على إسرائيل أن تبادر إلى فعل وقول يمنعان مساره، مقابل سعي أعدائها إلى نقيضه. وهذا ما بادرت إليه، سريعا، عبر تأكيد رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، أنه سيواصل شن هجمات في سوريا. وكما كان متوقعا، أعقبت تصريحات نتنياهو تصريحات لوزير الأمن أفيغدور ليبرمان، تؤكد بدورها "ثبات المقاربة" الإسرائيلية للساحة السورية، وأنها لن ترضى بأي حال تغيير "قواعد اللعبة"، مترافقة مع إطلاق تهديدات ضد الدولة السورية، هي محل شك في إمكان تطبيقها، لكنها من ناحية إسرائيل، تهديدات تلجأ إليها لجوء الضرورة، للتشديد على "ثبات الموقف"، مع أو من دون، انكباحها عن استئناف اعتداءاتها لاحقاً.
بعيدا عن رفع مستوى التهديد الكلامي الذي صدر عن ليبرمان، وهل سينفذ أم لا، لكنه يهدف ابتداءً إلى رفع مستوى الردع ضد القيادة السورية ومحاولة منعها من مواصلة "تغيير قواعد اللعبة"، كما يحمل كلام ليبرمان بصورة أساسية رسالة إلى موسكو فيها أن إسرائيل معنية "فقط" بمنع نقل أسلحة من سوريا إلى لبنان، من دون أن يجر ذلك إلى التدخل في سوريا بما يؤثر سلبيا في المصالح الروسية، علما بأن تنفيذ تهديداته باستهداف الجيش السوري، إذا رد على اعتداءات إسرائيلية، لن يكون تدخلا في سوريا وحسب، بل يحمل مخاطرة باتجاه مواجهة أوسع بين الجانبين، لا تتسبّب في توتر مع موسكو فقط، بل أيضاً قد تدفعها إلى التدخل.
هذا التدخل وإمكاناته والتحذير منه، كانت مدار التحليلات الإسرائيلية. ومن بينها تحليل القائد السابق للمنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، عضو الكنيست ايال بن رؤفين، الذي أكد أن الوضع على الجبهة الشمالية "يتعقد"، وأن حرية العمل الإسرائيلية في الأجواء السورية تغيرت، وليس نحو الأفضل، نتيجة الوجود الروسي في المنطقة.
صحيفة "معاريف" كانت أكثر مباشرة في تحذيراتها، وأكدت أنه في حال هاجمت إسرائيل من جديد "شحنة أسلحة" إلى لبنان، فلن تواجه فقط خطر رد سوري، بل أيضا خطر رد روسي كبير جدا. وهذه المخاطرة يجب أن تكون حاضرة لدى تل أبيب، مع فرضية أن "كل قافلة تهاجم، هناك قافلة أخرى تنجح في العبور إلى لبنان، ومحملة بالأسلحة المتطورة".
كذلك، حذرت صحيفة "هآرتس" من المخاطرة، وشددت على أن إطلاق الدفاعات السورية صواريخها باتجاه الطائرات الإسرائيلية جاء في سياق إفهام إسرائيل أن إمكانية تغاضي نظام الرئيس بشار الأسد عن هذه الهجمات لم يعد كما كان. و"ذلك يعود إلى النجاح الذي يحققه الأسد في الأشهر الأخيرة، وفي مقدمتها دخول جيشه مدينة حلب، والثقة بالنفس"، الأمر الذي يفرض، وفق الصحيفة، أن "تقرر إسرائيل من الآن، هل الحاجة إلى إحباط نقل سلاح إلى حزب الله تبرر المخاطرة بإسقاط طائرة مقاتلة إسرائيلية، والتسبب في مواجهة واسعة مع سوريا".
عمر نجيب
للتواصل مع الكاتب:
[email protected]
تبديل قواعد الإشتباك بين دمشق وتل أبيب: هل تقود الغارة الصهيونية على سوريا إلى مواجهة روسية أمريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.