منذ السبعينيات من القرن الفائت، ما فتئت العلاقات المغربية القطرية تشهد تطورا لافتا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، عززته الأواصر المتينة التي تجمع البلدين في مختلف المجالات، ووطدته الزيارات المتبادلة بين قائدي البلدين واللقاءات الوزارية التي جمعت المسؤولين الحكوميين في كلا الدولتين، والتي كان آخرها اجتماع اللجنة العليا المشتركة القطرية المغربية في دورته السادسة خلال شهر أبريل الماضي، والتي جاءت كترجمة فعلية لتوجيهات كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والملك محمد السادس، للدفع بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية. ومنذ تأسيس اللجنة العليا المشتركة القطرية المغربية سنة عام 1996 وهي تحافظ على دورية الانعقاد؛ حيث استضافت الدوحة دورتها الأخيرة في شهر أبريل الماضي برئاسة الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية، وأسفرت عن توقيع الطرفين على مجموعة من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في مجالات عدة. كما جرى عقد اتفاقيات عدة ومذكرات تفاهم بين البلدين، من أهمها اتفاقية للتعاون في المجالين القانوني والقضائي، ومذكرة تفاهم بين اللجنة الوطنية للقانون الدولي والإنساني بدولة قطر واللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني بالمملكة المغربية، ناهيك عن اتفاقية في مجال النقل البحري واتفاقية تعاون بين الوكالة الوطنية للموانئ والشركة القطرية لإدارة الموانئ، إلى جانب مذكرة تفاهم للتعاون في مجالات النفط والغاز والطاقة المتجددة والكهرباء وكفاءة استخدام الطاقة بين وزارة الطاقة والصناعة بدولة قطر ووزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة بالمملكة المغربية. كما أبرم الجانبان، المغربي والقطري، اتفاقيات أخرى حول البرنامج التنفيذي الرابع في المجال الثقافي والفني، واتفاقية برنامج بذور للشباب المغربي بين مؤسسة صلتك ومؤسسة التوفيق للتمويل الأصغر بالمغرب، والبرنامج التنفيذي الأول في مجال الرياضة، ومذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية بدولة قطر وصندوق الإيداع والتدبير بالمملكة المغربية. وتطمح دولة قطر إلى تعزيز حضورها من خلال البوابة الاستثمارية، بالنظر إلى أن المغرب بلد واعد ومنفتح على الاستثمارات بشكل كبير، ساعده في ذلك استقراره ووضعه الاجتماعي والسياسي المتماسك، ومؤهلاته السياحية والطبيعية والبشرية، وهي الأمور التي تشكل نقاط جذب لرجال الأعمال القطريين والشركات القطرية، شأنها في ذلك شأن الإطار القانوني الداخلي الذي يمنح مجموعة من الامتيازات للمستثمرين الأجانب والاتفاقيات البينية الموقعة بين الرباطوالدوحة والتي عززت التعاون الاستثماري بين البلدين الشقيقين، خاصة تلك المتعلقة بتشجيع وحماية الاستثمارات وتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي في ما يتعلق بالضرائب على الدخل. إلى جانب التعاون الاقتصادي، تولي دولة قطر أهمية قصوى للتعاون في المجال الاجتماعي مع المغرب؛ حيث سعت في السنوات الماضية إلى تكثيف المساعدات في هذا المجال، الأمر الذي أثمر مجموعة من المشاريع المهمة كمشاريع بناء وتجهيز مستشفيات بعدد من جهات المملكة، ومشاريع للسكن الاجتماعي، ومشروع بناء مدرجات بالعديد من الجامعات المغربية، ومشروع بناء المعهد العالي للقضاء، وإنشاء محطات لمعالجة المياه العادمة، ومشاريع تأهيل تهم قطاعي الفلاحة والصيد البحري (تجهيزات الري، تأهيل قرى الصيادين…) بمختلف أقاليم المغرب. وهناك مشاريع أخرى كمشروع إنشاء مركز اجتماعي وثقافي ورياضي، ومركز للصناعات التقليدية، ومركز لتصفية الدم وغسيل الكلى، ومجمع مدرسي للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ومسجد كبير، بالإضافة إلى تجهيز جناح لأمراض القلب والشرايين، واقتناء ثلاث وحدات طبية متنقلة بالمناطق الجنوبية للمملكة، إلى جانب مشروع تشييد طريق على طول 29 كيلومترا، ومشروع تزويد 11 قرية بالماء الصالح للشرب.