مع الناس: كيف تنبأ حزب الاستقلال بمخاطر تقسيم فلسطين.. بقلم // د. عادل بنحمزة في عمود أول أمس تحدثت عن علاقة الزعيم الراحل علال الفاسي بالقضية الفلسطينية منذ نهاية العشرينيات من القرن الماضي، وقد كان حزب الاستقلال رافضا دائما أي مشروع لتقسيم أرض فلسطين وقيام دولة يهودية، وأصدر في ذلك بيانا شهيرا وقعه باسم قيادة الحزب، الراحل السي أحمد اليازيدي، ومما جاء في ذلك البيان الذي صدر على ما يتوفر لي من معلومات يوم 12 يناير 1946: " إن الصهيونيين غير محقين في مطالبتهم بتأسيس وطن قومي في أرض فلسطين بعد أن تثبت البراهين التاريخية أن العرب يسكنون تلك الديار منذ عشرات القرون، وأن الحكم كان فيها للمسلمين منذ ثلاثة عشر قرنا بدون اٍنقطاع، بينما لم يعمرها اليهود خلال أربعة قرون، وفي عهود متقطعة وبدون استقرار. فمطالبهم إذن هي محض تعد على حقوق أهل البلاد الطبيعية، ووعد بلفور الذي يؤيدها لا يرتكز على أساس شرعي أو منطقي، وليس لقرار هجرة اليهود الى فلسطين من معنى اٍلا اٍستعمارها من جديد، بل استعمارها بأفضع أنواع الإستعمار". و أنا على أرض فلسطين الآن، أجد كل هذه التوقعات وهذا التحليل الذي قامت به قيادة الحزب في تلك الفترة، مجسدا حرفيا على أرض الواقع، وزادت قيادة الحزب في توضيح موقفها والتصريح بمخاوفها على المستقبل في منطقة الشرق الأوسط، حيث عبرت بوضوح عن ذلك بالقول في ذات البيان: " زد على هذا أن إنشاء دولة صهيونية في الشرق العربي في وسط الدول العربية سيكون لا محالة مصدر مشاكل وقلاقل لا نهاية لها بتلك المنطقة". لقد أثبتت قيادة الحزب وعيها بالمحن التي تعرض لها اليهود خاصة إبان الحرب العالمية الثانية، لكنها أوضحت رفضها توظيف ذلك في الدعاية لقيام وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، وفي ذلك جاء في البيان ما يلي: "وليس هناك من ينكر أن اليهود تحملوا في السنوات الماضية نكبات شديدة وابتلوا بلاء قاسيا خصوصا بأوروبا الوسطى. فالمسلمون أول من يعتقد بأن اليهود جديرون اليوم بالرأفة والشفقة من بعد محنتهم، ولكنهم أيضا أول من يرى أنه ليس من العدل أبدا أن يكون ذلك التخفيف كله على حساب فلسطين، لاسيما وأن المسلمين لم يصلوا اليهود بأذى في القرون الغابرة، بل طالما آسوهم وأكرموا ضيافتهم، فينبغي إذن أن تساهم أمم العالم كلها في تضميد جراحات اليهود وتخفيف آلامهم، كما اقترحت ذلك جامعة الدول العربية". " هذا ونحن بلسان حزب الإستقلال نؤكد القول من جديد بأن الشعب المغربي الذي طالما آوى المهاجرين من اليهود والذي عرقلت حكومته تطبيق القوانين التي سنتها حكومة فيشي أيام احتلال فرنسا، لاينوي أي عداء لعامة اليهود، فأحرى لمن يعيشون منهم وإياهم في آن واحد، وإنما احتجاجنا موجه ضد مطامع الصهيونية بفلسطين، وآمالنا أن يجد لهذا المشكل رؤساء الدول الحليفةباتفاق مع ممثلي الشعب الفلسطيني ومع الجامعة العربية حلا تحفظ معه لعرب فلسطين حقوقهم المشروعة". إن هذه الفقرات -التي فضلت نقلها حرفيا- تبرز وعي قيادة حزب الإستقلال بطبيعة النزاع على أرض فلسطين وتبعات تأسيس الكيان الصهيوني، حيث توقعت قيادة حزب الاستقلال منذ 1946، أن ذلك سيدخل المنطقة في عدم إستقرار لا ينتهي، وهو ما نحن شهود عليه على إمتداد العقود الماضية وإلى اليوم. لقد تعامل حزب الاستقلال باستمرار مع القضية الفلسطينية بالإرتكاز على ثلاثة مبادئ رئيسية وهي: 1- أن منظمة التحرير الفلسطينية، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. 2- الجلاء عن كل الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل بالقوة إبان حرب يونيو 1967 وإنشاء الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف . 3 – اعتبار الوحدة العربية و الإسلامية هو الطريق لتحرير فلسطين. رام الله 30 نونبر 2016 للتواصل مع الكاتب: [email protected] *كيف تنبأ حزب الاستقلال بمخاطر تقسيم فلسطين