تنطلق غدا الأربعاء مساء، فعاليات الدورة الثالثة من المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمدينة خريبكة، على إيقاع إصرار نخبة من فعاليات المجتمع المدني الذين يمثلون مختلف أطياف سكان المدينة والإقليم، وذلك لجعل هذه التظاهرة السينمائية العالمية، محطة دولية للحوار والتواصل، ورافدا أساسيا من روافد التنمية. والواقع ان هذا المهرجان الذي يستمر حتى السبت المقبل رغم حداثة سنه، بالنظر إلى العديد من المهرجانات الأخرى على الصعيد الوطني، رسم لنفسه طريقا قويما يؤدي بكل اختصار إلى طريق سيار من الفعل الثقافي والفني المسؤول والحقيقي، بالمفعم بفيض من الغيرة الثقافية والإبداعية على المدينة. ان المهرجان الدولي الذي يستضيف 11 دولة من مختلف أنحاء العالم، ومنها ايطاليا كضيف شرف، يعيش نوعا من العزلة الممهنجة من قبل عدد من الجهات من أجل محاولة إقباره أو إفشاله، وذلك بإغلاق صنبور الدعم المالي الموجه إليه، وفي وقت يعطى فيه الدعم، لتظاهرات ومهرجانات أخرى، وعلى رأس تلك الجهات المجلس البلدي وعمالة الإقليم، وعددا من الجهات المحلية والاقليمة التي من واجبها دعم هذه التجربة التي رفعت رأس المدينة عاليا، وبخاصة على مستوى الإشعاعي والإعلامي. عمالة الإقليم والمجلس البلدي، بشهادة عدد من المتتبعين للفعل الثقافي والإبداعي في المدينة، كانا دائما سباقان إلى تشجيع العمل الثقافي، ودعم كل تجربة فاعلة قادرة على خلق التميز، في المجال الثقافي والاجتماعي والرياضي والاجتماعي، والتنموي، ومن ثمة من واجبهما دعم هذا المهرجان دعما حقيقيا، بدل تركه يترنح مثل ديك جريح، فيما المسؤولون يتفرجون، ومن هنا يتم طرح السؤال: ماهية الأسباب الحقيقية، وراء عدم تكمين المهرجان من دعم مستحق، في وقت يقوم فيه المهرجان بمبادرات حقيقية، تتوخى التعريف بالمدينة والإقليم عالميا، وخلق مزيد من التواصل، وكسب رهانات متنوعة عدة. ان مثل هذه الجهات وجهات أخرى كالمجلس الإقليمي والجهة من الضروري عليهم دعم المهرجان، وذلك في إطار رهانات العهد الجديد، وقيم الجهوية الموسعة، ومضامين الدستور الجديد، لجعل فعاليات المجتمع المدني، والقطاع الثقافي مشاركا حقيقيا ورافد أساسيا في التنمية الثقافة، تماشيا مع توجيهات جلالة الملك محمد السادس نصره الله. إذا كان المركز السينمائي المغربي، والمكتب الشريف للفوسفاط وغيرهما من الجهات الداعمة لهذا المهرجان، قد كانوا افياء لدعم كل المبادرات الحقيقية في تنمية القطاع الثقافي بالمدينة والإقليم، فان تلك الجهات الأخرى ومنها عمالة الإقليم والمجلس البلدي، عليها ان تقيم حدود التوازي والتوازن والموضوعية، في دعم كل تظاهرة ثقافية جادة، بدل تغليب غير المنطقي في تجاهل المهرجان وتركه وحيدا في زرق بلا مجاديف داخل بحر متلاطم الأمواج من الحيف التهميش والإقصاء. ان الاهتمام بضيوف المهرجان الذي يقدرون بأزيد من 100 ضيف من ادخل وخارج المغرب، يتطلب إمكانيات مالية مهمة، وبخاصة ما يتعلق بالإيواء والتغذية والنقل وما إلى ذلك، الأمر الذي يقوض السير الطبيعي للمهرجان، ومن ثمة حري بتلك الجهات، وبخاصة عمالة الإقليم والمجلس البلدي بعيدا عن كل مزايدات سياسوية، النظر إلى المهرجان بعين الرحمة والموضوعية، ودعمه وتمكنيه من دعم مالي معقول، بدل تركه يغرق في الديون والهموم. ان المهرجان الذي يقام في أجواء عيد الأضحى، ينتظر من ذوي النيات الحسنة، في تلك الجهات تمكينه من دعم مناسب، حتى تتحول هذه التظاهرة الثقافية الدولية إلى احتفال جماعي، يفخر المدينة باحتضانها، لان الرهان الحقيقي من خلال هذا الكرنفال السينمائي الذي يكرم في العمق السينما التوثيقية في العالم، هو خلق إشعاع دولي للمدينة والإقليم، وللوطن، وجعل مدينة خريبكة واحدة من المدن العالمية، والتي وان كانت مشهورة بكونها عاصمة للفوسفاط، إلا أنها أصبحت زاوية للحلم الثقافي والخلق الإبداعي، والحوار الكوني، وتكريس قيم التعايش والتسامح، وذلك من خلال عدد من المهرجانات الأخرى كمهرجان السينما الإفريقية، وغيرها من المهرجان التي وصمت المدينة بالسحر والتميز والرقة الورديغية التي لا تقاوم. يشار أن البلدان المعنية في المشاركة في هذا المهرجان الدولي الكبير الذي سيكرم عبد الرزاق لحرش من المغرب، ونبيل العتيبي من قطر، هي ايطاليا بلجيكا وإسبانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدةالأمريكيةفلسطين وتونس ومصر والجزائر، ثم البلد المنظم المغرب، الذين سيتبارون للفوز بجوائز المهرجان وارفعها الجائزة الكبرى، فضلا عن جائزة لجنة التحكيم، وجائزة الإخراج، وجائزة النقد، وجائزة الجمهور، وجائزة المؤسسة التربوية. وتتكون لجنة التحكيم لهذه الدورة، التي يرأسها المخرج نبيل العتيبي رئيس قسم الإنتاج بالجزيرة الوثائقية بقطر، الناقد المغربي سعيد يقطين والصحفية بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة فاطمة يهدي والمخرجة الإيطالية جيوفانا تافياني والمخرج الجزائري عبد المالك لكون، فضلا عن الناقد والجامعي يوسف آيت همو والناقد الإعلامي أحمد سجلماسي ورئيس جمعية النقاد السينمائيين بالمغرب خليل الدامون. وتشتمل فقرات برنامج هذه التظاهرة الفنية والثقافية، التي تقام بدعم من المركز السينمائي المغربي والمجمع الشريف للفوسفاط والمعهد الوطني للتهيئة والعمران والمركز الثقافي الإيطالي، أنشطة خصبة منها ندوة فكرية حول موضوع "الهجرة في الفيلم الوثائقي". إضافة إلى تنظيم مسابقة لأحسن فيلم وثائقي مفتوحة في وجه المخرجين الهواة الشباب بالمدينة ونواحيها. كما سيتم بالمناسبة، تنظيم أمسية شعرية معرضين تشكيلين، وعرض أشرطة وثائقية بعدد من المؤسسات التعليمية، إضافة إلى عرض شريطين وثائقيين ضمن بانوراما المهرجان بساحة المجاهدين، وهما"تاريخ مقاومة .. وكفاح امرأة" للمخرج المغربي عبد العزيز العطار. و"كل ما أريد" للمخرجة الأمريكية ميشال ميدينا. وكانت فعاليات الدورة الثانية من المهرجان، قد توجت فيلم" أبو القاسم الشابي" لمخرجته التونسية هاجر بن نصر بالجائزة الكبرى، كما فازت نفس المخرجة بجائزة النقد عن نفس الفيلم.