كنا ثلاثة والنحس رابعنا . وقفنا سنوات نقشّر الصدأ عن وجداننا . نحلم بغيمة تطل من خلف تعب العمر . هل قلت تعب العمر .؟ . هل حقيقة مازلنا نراوغ الدنيا بموّال حزين وبعض النكات الناتئة كالضرس على رغبتنا في العيش والفرح والجنون .؟. لم تشفع لنا تلك القفزة . المبادرة . محاولة قبض التنين من الجهة التي تؤلمه . ربما مرّ الغباء بيننا ذات زمن كان لهم فيه كل شيء . ربما حميرا كنا . حاشا . فالحمير لها ذكاء وقّاد . يشفع لي شيء واحد وهو أن الحمير إذا لم تستبن صوت صاحبها عند المسير أو الوقوف ترفع أذنيها متسمرة في مكانها . صاحبي بوحفص قال لي أنها تستطيع مرافقة الطرق المحفوفة بالمخاطر وتتذكرها آناء غدوها وإيابها . هي تكره ذلك لكنها ملزمة . مأمورة . تخاف عواء السوط حين يأتي على ردفيها أو جنبيها . ولشدة دهشته وإعجابه بها إقترح علينا أن ننسخ وجودنا كأدميين ونحيا حياة الحمير . تجربة . إمتحان لمن عاصر اللغو والمكاء . بالمناسبة امس سمع قويدر صوتا منطلقا من فم التنين الذي رأيناه عبر مناماتنا في ليلة واحدة . هذا الصوت الذي سمعناه في المنام يشبه تماما صوت الإنسان . ورجع إليّ أمر التفسير بإعتباري إبن سيرين زماني على حد زعمهم . قلت لهما. " سوف تسيران . تضربان أمداء بعيدة . يشع النور أمام أعينكما فتحسبانه قطعة ليل شتائي . تكونان في الهامش وتظنان أنكما في وسط الدرب . موتكم بطيء وحياتكم لعبة قذرة ." إحتار الإثنان . ركبتهما دهشة . قلق . ضيق . وخوف رهيب . لعق بوحفص طرفي شاربه . ضيّق عينيه كأنه يريد إغماضهما ثم تنهد أسفا " ياربي لماذا ." . لم أكن أحكمهما . حمارا . كذلك كنت . لكني وهبت أسرار التفسير والنبأ المبين لي وحدي . قطعنا سنوات . أحيانا ننسى . نتغابى . نبتغي الحران . فتقع الجلدة على متن واحد منا من قبل التنين الذي تركنا حائرين حتى رفعنا إحتمالا مفاده إما أن يكون أصل التنين إنسانا أو العكس . مرة أردنا أن نجرب مقدار الحرية التي نتمتع بها فى حياتنا البسيطة . فاتحدنا أن لا نخطو شبرا مهما كان فعل السياط على كاهلنا فسجنا شهرا كاملا . يؤتى إلينا بالتبن مرة في آخر الأسبوع وحين إنتهت مدة السجن غطس التنين (الإنسان) قدرا لا نعلمه في مملكته النهرية ثم أمر بصوته الغريب أن نحمله الى جزيرة أميرها تنين مسن ربما يكون في أواخر أيامه . كنا نجهل سبب الزيارة وحتى نكون صرحاء لم نكن نفكر في شيء سوى في نجاتنا . تركنا هناك وقفل راجعا على حمار أختاره له الأمير الذي في أواخر أيامه . حين تقدم منا هذا الأخير أشجعنا سكن ذيله بالرغم من أن الذباب الأزرق المشاغب لم يبرح دبرنا ومتنا الذي تقرح وتقيح نتيجة السياط .. قال ." هنا ستجدون ماتبتغون والحرية هي أول حلمكم الذي سيغدو حقيقة أمام اعينكم . نهق قويدر . " كيف " . فأشار التنين بجناحه الى مكان غير بعيد وقال ابقوا واقفين ريثما أعود . خمس دقائق وعاد . وراءه سبعة تنانين صغار كل واحد يحمل علبا معدنية . " إستديروا على أعقابكم وأنتظروا" . أمرنا التنين المسن ثم أوكل كل تنين صغير بتعليق علبه المعدنية التي تشبه علب الطماطم في ذيولنا و و تزحزح كل منا للضربة القوية التي زارت أردافنا فانطلقنا نركض لا نرى يميننا من شمالنا كأننا في ساحة لعب . حتى غم علينا غير أن التنانين الصغار كلما رأت رؤوسنا تضرب بعضها البعض غرقت في الضحك .. " لقد أعجبتهم اللعبة " نهق بوحفص فرد عليه قويدر إن إبن سيرين على حق في تفسيره للمنام ..