المغرب يحتل المركز ال87 عالميا متفوقا على الجزائر في مؤشر تميز الشبكات    فرنسا تمهد لمعاقبة نظام الجزائر وتتوعدها بإجراءات انتقامية في نظام التأشيرات    الغموض يلف العثور على ثلاث جثث لمغربيات داخل فندق بسان بيدرو (فيديو + صورة)    قائمة منتخب المغرب في مواجهة النيجر وتنزانيا تعاني من نزيف الإصابات    رصد 893 مليون محاولة تصيد احتيالي في 2024 وسط تصاعد التهديدات السيبرانية    رئيس الحكومة يستضيف رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي بالرباط    تفكيك خلية "داعش الساحل" .. هل ينهي نواة تنظيم متطرف بالمملكة؟    الصناعة التقليدية.. 19,17 مليون درهم من الصادرات نحو الدول الاسكندنافية برسم سنة 2024    أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء: أمطار متفرقة وأجواء باردة نسبيًا    توقيف شاب بطنجة بسبب السياقة الاستعراضية وتعريض مستعملي الطريق للخطر    بركة يترأس بالحسيمة مجلس إدارة وكالة الحوض المائي اللوكوس    بايرو يطلع على الفلاحة المغربية    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي يزور العيون لتأكيد دعم فرنسا لسيادة المغرب على الصحراء    وصفها بالإيجابية.. ترامب يعلن إجراء مباحثات "جدية" مع بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا    مهمة علمية جديدة تبحث عن مواقع المياه على سطح القمر    "ألبوم صامت" ينبه لقلق الموسيقيين من الذكاء الاصطناعي    السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين وتهديد الأمن القومي لدول المنطقة    الوزير قيوح يترأس حفل توشيح موظفين ومستخدمين بأوسمة ملكية (صور)    حسنية أكادير تنفي أخبارا حول ميزانية النادي ومدربه    برشلونة يُخطط لتمديد التعاقد مع فليك    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى أمير دولة الكويت بمناسبة العيد الوطني لبلاده    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    ابتكار زراعي في الصين: صنف جديد من بذور اللفت يضاعف الإنتاجية ويرفع نسبة الزيت إلى مستويات قياسية    النفط يصعد وسط مخاوف الإمدادات بعد عقوبات أمريكية على إيران    إحباط محاولة إغراق الناظور بالأقراص المخدرة "قرقوبي" عبر مليلية    أعمال عنف تستنفر أمن البيضاء    اعتقال جزائري في المغرب متهم بارتكاب جرائم خطيرة    توقيف ثلاثة أشخاص بإنزكان يشتبه تورطهم في ترويج مواد صيدلانية مهربة    الوقاية من نزلات البرد ترتبط بالنوم سبع ساعات في الليل    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    بوعياش تشيد ب"الإرادة المعلنة والصريحة للأمن في بلورة ممارسات ومقاربات مهنية تحيط باحترام حقوق الإنسان"    الشرع يشدد على وحدة سوريا و"احتكار" السلاح بيد الدولة في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني    دراسة: المريخ كان يضم شواطئ ومحيطات بأمواج ورياح    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه يحل بالعيون بالصحراء المغربية    حدث فلكي.. اصطفاف 7 كواكب في السماء هذا الأسبوع    تلاميذ طنجة أصيلة يتألقون في البطولة العربية لألعاب الرياضيات والمنطق ويحصدون ميداليتين ذهبيتين    العداؤون المغاربة يتألقون في ماراثون اشبيلية    الطالب الباحث مصطفى المحوتي يناقش رسالة الماستر حول البعد التنموي لقوانين المالية بالمغرب    استراتيجية المغرب في التعاون الدولي نهج استباقي، متعدد الأبعاد وشامل    رئيس الاتحاد الموريتاني لكرة القدم يستقبل فوزي لقجع    نايف أكرد يغيب عن مواجهة برشلونة بسبب تراكم الإنذارات    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    "زمن الخوف".. الكتابة تحت ضغط واجب الذاكرة    الجبل ومأثور المغرب الشعبي ..    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة : صاحب الوظيفة
نشر في طنجة الأدبية يوم 08 - 11 - 2007

ككل صباح عليه أن يقصد المحطة الطرقية لينتظر سيارة الأجرة التي تسع لستة ركاب دون السائق لتقله إلى مكان عمله بالبلدية. البلدة المعزولة عن العالم والمرتبطة به فقط بالصحون الهوائية وبالطريق المعبدة والمحفرة في بعض المقاطع، تبعد عن المركز بنصف ساعة بالسيارة، والمركز حيث توجد البلدية عبارة عن تجمع لمشاهد متفرقة تعطي الانطباع بوجود شبه حضارة : المقهى والبريد والمدرسة والمستوصف. وكعادته كان يستغرب في نفسه كيف يعتبر سكان البلدة المركز باب الترقي الاجتماعي حيث أن كل من يشتغل هناك ُيؤطر في خانة المحظوظين، لكن الأمر بالنسبة له خلاف ما يزعمون. فلم يشعر يوما أن الحياة منحته امتيازا دون غيره، فهو ملزم يوميا بأن يفتح عينيه في هذه المحطة المتعفنة بروائح البنزين المحترق والسجائر الرديئة التي يقبل عليها سائقو سيارات الأجرة وبائعو الحلوى المتكئين على السور المتسخ المقابل لمكان وقوف السيارات.
في هذه اللحظة التي يهم فيها بركوب السيارة، يكون المتشردون والمعتوهون والتائهون في ركاب الزمن قد استيقظوا من سباتهم العميق والمتقطع على صوت المحركات وزعيق الوسيط المتهدم الأسنان والمكلف بتنظيم أدوار السيارات واستخلاص النقود من الركاب. دون الوسيط يكون السائقون في شجار وخصام حاد حول الدور.
تنتهي المحطة من وظيفتها الإيوائية ويفيض المكان بشرا غريبا يملأ عينيه بشاعة وقبحا. شيء منفر أن تبدأ صباحك بمشاهد البؤس. هكذا يسر لزملائه عندما يصل، مرة يلتصق بجبينه وقفاه عرق مختلط بالغبار ومرة أخرى يتبلل رأسه بالماء وندف من الوحل الرمادي تلتحم بحذائه الذي كان أسودا.
يرتق اكتمال عدد الركاب بالشرود والملل الذي يتفاقم إلى درجة القرف الذي تصبح عنده الحياة أضيق من ثقب الإبرة، فيجتاحه الإحساس بأن الهالة التي تمنحه البلدة مجرد حلوى تفسد بالتعرض لضربات الشمس والاحترام الذي يحسه في تعامل الآخرين معه يشك في أحقيته له. لو عرف أهل البلدة الغارقين في السكون المنبعث من الأرض الجافة، لما بادروه حتى بالسلام. تضيق الأرض عليه بما رحبت حينما يخمن أنه مجرد بطل من ورق.
يستفيق من نومه كفارس مغوار فلا يجد أمامه سوى صور الشقاء والتعب تتدفق أمامه. غربة يحسها وسط من يفترض أنه منهم. يمتاز عنهم ببذلة وحيدة اشتراها منذ سنوات وربطة عنق تضعه قسرا في وسط علية القوم، رأسه وسطها يقترب من الانفجار تساؤلا عن وضع معنوي لا يستحقه وليس كما هو مرسوم في أذهان سكان البلدة. هو مجرد موظف في البلدية، عمله لا يتطلب مجهودا فكريا ولا عضليا: يقوم بنقل تاريخ ورود وبعث مراسلات البلدية في سجل كالح. هذا هو العمل الذي يحتم عليه ركوب هذه السيارة وترك ثلث راتبه المخزي فيها ورؤية كل هذه الوجوه الذي لا تحمل لا حقدا ولا حبا، تعلق جهلا بعدم معرفتها إلى أين تمضي ببقية زمنها.
يحترق حيرة في المدة التي سيظل فيها متمسكا بحمل قناع الزيف الذي اختارته له البلدة، المتباهية به لأنه ابنها وأنها أنجبته وربته إلى أن كبر وأصبح موظفا... في البلدية.
يرتبك ويحتقن الخوف بداخله إذا ما أدرك بعض الحاقدين عليه من البلدة حقيقة عمله وقيمة راتبه، بم سيجيب؟ وهل سيستمر ذاك الاحترام والتقدير؟ يغرق في سيل الاحتمالات ويشمئز من رؤية مظاهر القهر أمامه ويتشاءم من عناء الطريق التي حفظها ومل من رؤيتها. غاب في الشرود زمنا لا يدري حسابه، لكنه عاد منه مجهدا قبل أن يصل عمله على صوت الوسيط المتهدم الأسنان يطلب منه ثمن مقعده، فقد اكتمل عدد ركاب سيارة الأجرة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.