سجلت حوادث السير بسبب الأعطاب الميكانيكية للسيارات سنة 2002 ما مجموعه 21300 حادثة، منها 210 بسبب الإنارة، و228 بسبب الفرامل، و237 بسبب العجلات، و103 بسبب انفتاح الأبواب، و102 بسبب أعطاب ميكانيكية، و67 حادثة بسبب الحمولة الزائدة، فيما الباقي يرجع لأسباب ميكانيكية أخرى. وقامت مندوبيات وزارة النقل خلال السنة الماضية والأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية بمراقبة مجموعة من مراكز الفحص التقني، وأغلقت 6 منها نهائيا، و7 أغلقت بصفة مؤقتة إلى غاية تسوية الوضعية، و5 أعطيت لها مهلة 48 ساعة لتسوية الوضعية، و33 مركزا أغلقت مؤقتا بسبب أعطاب في تجهيزات المراقبة. ولما كانت نسبة مهمة من حوادث السير بسبب الحالة التقنية للسيارات، خصوصا وسائل النقل العمومي التي تكون سببا في رفع معدل الوفيات، حاولت التجديد الاقتراب أكثر من موضوع الفحص التقني، والمراكز المخصصة لها، فكان التحقيق التالي: ماهو الفحص التقني؟ الفحص التقني للسيارات يدخل في الإجراءات من أجل السلامة الطرقية، وهو عملية دورية للتأكد من حالة السيارة هل هي صالحة للاستعمال في الطرقات أم غير صالحة. وقد نص الفصل 33 مكرر من مرسوم 24 يناير 1954 على أن أي عربة أو سيارة مجرورة مجبرة على المراقبة التقنية من أجل التيقن من أنها في حالة جيدة وأن أي عطب ميكانيكي لا يشكل خطرا على مستعمل الطريق، وأن فراملها تعمل بشكل طبيعي، وتستجيب للمواصفات المفروضة والتي توفر الضمانة في السير، وأنها لم تتعرض في ما بين فحصين تقنيين قانونيين لأي تغيير من شأنه أن يغير من خصوصياتها التقنية، وهذه المعايير تخضع لها حتى سيارات النقل العمومي للمسافرين، كما تشمل هذه الفحوصات احترام الخاصيات المتعلقة بسلامة نقل المسافرين. والفحص التقني يكون إجباريا سنويا على السيارات الخفيفة التي يفوق عمرها 5 سنوات، أو السيارات المستعملة التي يفوق وزنها ألفي كيلوغرام، والعربات المجرورة التي تفوق حمولتها ألف كيلوغرام. ويكون الفحص التقني كل ستة أشهر بالنسبة للسيارات المستعملة في النقل العمومي أو الخاص للأشخاص وسيارات التعليم، والسيارات المكتراة بدون سائق. وهو ضروري في حالة أي تغيير ما بين فحصين تقنيين إجباريين، وكذا بالنسبة لكل سيارة مرفوضة بعد حادثة سير من قبل خبير في ميكانيك السيارات، عندما يطلب مالكها إعادة استخدامها. ويترك دفتر التحملات الخاص بفتح مركز للفحص التقني هذا النشاط لفعاليات خاصة مرخص لها من قبل وزارة التجهيز والنقل مسماة تحت اسم: مراكز الفحص التقني. ورخص فتح واستغلال مراكز الفحص التقني ممنوحة حسب الحاجيات للمرشحين المتوفرين على الوسائل المادية، والمستجيبين لشروط دفتر التحملات رقم 18 بتاريخ 9 فبراير 1998 ويحدد هذا الدفتر شروط فتح وتهيئة المحلات، كما يعرف بتجهيزات الفحص، وشروط الاستغلال، والكفاءات البشرية للفحص، والعمليات الواجب القيام بها أثناء الفحص. وثمن الفحص التقني بالنسبة للسيارات هو 120 درهما. وسيارات الكراء تقوم بالفحص التقني كل ستة أشهر. شروط فتح مركز للفحص التقني: يجب على المرشح أن يقدم ملفا إداريا وشهادة بنكية تشهد أن صاحبها يتوفر على المال الضروري لتحقيق المشروع. ويجب أن تكون مساحة المحل 300 متر مربع، ويتوفر على حفرتين للمراقبة، واحدة للسيارات الخفيفة، وأخرى للوزن الثقيل، فضلا عن محل إداري متكون من مكاتب، ومحل للأرشيف، وقاعة للانتظار، ومرافق صحية. وفي ما يخص التجهيزات، يجب أن يكون المركز متوفرا على الآليات العصرية للفحص، والمتكونة أساسا من جهاز مراقبة الفرامل، وكرسي لمراقبة التوازن، وجهاز لمراقبة النوابض، وأجهزة لمراقبة دخان عوادم السيارات. ويشرف على الفحص التقني عمال حاصلون على شهادة التأهيل المهني مسلمة من لدن وزارة التجهيز والنقل بعد إجراء الامتحان. ويجب على المرشحين الاستجابة للمعايير المنصوص عليها في دفتر التحملات. كما يجب على الفاحص التقني أن يفحص السيارة داخل مركز الفحص التقني، وهذا الفحص يشمل تسعين نقطة سلامة، موزعة على 9 محاور أساسية وهي: تعريف السيارة، وذلك بمراقبة الورقة الرمادية، الفرامل، والمقود، والرؤية، والإنارة والمنبهات الضوئية والعلاقة بالأرض، ونوعية هيكل السيارة، والأجهزة الميكانيكية، ثم التلوث. يقول عبد الفتاح الشحلي، رئيس مصلحة المشاريع المعلوماتية بمديرية سلامة النقل الطرقي: «قبل فتح مركز للفحص التقني تكون هناك معاينة قبلية للوزارة لترى هل احترم المركز جميع الشروط الموجودة في دفتر التحملات، وإذا كانت الشروط محترمة يتم إعطاؤه الترخيص ليبدأ في ممارسة عمله». الفحص التقني لوحده لا يكفي عبد القادر، مسير مركز للفحص التقني بالرباط، ويشتغل في هذا الميدان منذ سنة ,1967 أول عمل يقوم به عندما تأتي سيارة في أول وهلة، هو مراقبة الورقة الرمادية، ثم يتأكد من أن الأرقام متطابقة مع السيارة، بعدها يراقب الإنارة، ثم المقود، والحالة الميكانيكية، ثم النوابض، و(ليشاب)، و(الروتيلات)، والهيكل العام للسيارة، ثم الصباغة هل هي في حالة جيدة، وإذا كان الشخص تحتاج سيارته لبعض الإصلاحات، لا يقبل سيارته في المراقبة حتى يصلح ما يلزم إصلاحه. ثم يقوم في المرحلة الموالية بفحص الفرامل، وإذا كانت السيارة في حالة جيدة، يجيزه، ويلتقط صورة تذكارية للسيارة هذه الصورة التذكارية يتم اللجوء إليها في حالة ما إذا كان هناك فحص مضاد، وتم الشك في الواجهة الأمامية للسيارة أو الصباغة. وإذا كانت السيارة في حاجة إلى إصلاح، يعطيه ورقة ليقوم بالإصلاحات اللازمة. الاستعارة من أجل اجتياز الفحص يتناقل الكثير من السائقين أن بعض أرباب السيارات عندما يلجؤون إلى الفحص التقني، يستعيرون من عند أصدقائهم العجلات، أو حتى الكراسي بالنسبة لسيارات الأجرة، وسرعان ما يستبدلونها بمجرد الخروج من مركز الفحص التقني. وعن هذا يقول ع.أ: «أسمع بين الفينة والأخرى أن حافلة وقعت لها حادثة سير، وعند التحقيق في ملابسات الحادث، وجدوا أن عجلاتها في حالة سيئة ومتدهورة، رغم أنه لم يمر على الفحص التقني الذي أجرته سوى شهر ونصف، وسقط في الحادث ضحايا أبرياء، وعندها يرجعون إلى مركز الفحص التقني، وهذا الأمر حسب ع.أ غير معقول لأن الفحص التقني الذي تتعرض له السيارة، والشهادة المسلمة لهذا الغرض مكتوب عليها: «هذه الشهادة تتعلق بحالة العربة في وقت خضوعها للفحص، ولا تنطبق على ما تتعرض له السيارة من تغييرات بعد الفحص». ويضيف: «في كثير من الأحيان يأتي إلينا سائقون وتكون بسياراتهم بعض الأعطاب، من قبيل وجود شقوق في الواجهة الأمامية للسيارة، أو عجلات متآكلة، وعندما نناشدهم إصلاح عرباتهم يقولون لنا: «الله يخليكم، اعتبرونا استعرنا هذه العجلات وسنغيرها عندما نخرج من مركز الفحص»، ويرجع ع.أ هذا السلوك إلى ضمير السائق، وصاحب مركز الفحص التقني. ويقول متحدثا عن نفسه: «أنا لا يسمح لي ضميري بالقيام بهذا العمل، فأنا كبرت في هذه المهنة، وهذا المركز يزاول مهمته أزيد من 40 سنة». ويقول مؤكدا أن الفحص التقني غير كاف لوحده: «عندما يأتيني صاحب شاحنة، ربما قد يأتي بالعجلات في حالة جيدة، وربما يغيرها بمجرد الخروج من الفحص التقني، أنا ضميري مرتاح، ولا أعرف هل العجلات قد غيرها أم لا؟ ودائما أعرف بأنني مراقب وتحت الأعين، لكن، هل هذه الشاحنة التي تقطع الآلاف من الكيلومترات، هل لا توجد مراقبة في الطرقات؟». ويؤكد ميكانيكي ما ذهب إليه ع قائلا: «المراقبة التقنية للسيارات هي التي تكون في الطرقات، فصاحب الشاحنة أو الحافلة، دائم التحرك في الطرقات، يوقفه الأمن، والدرك، ومراقبو الطرق... لذا فإن المراقبة التقنية غير كافية، لأن السائق قد يلجأ إلى التغيير والتبديل، وتلزم المراقبة في الطريق، أنا في نظري، لا ينبغي أن تخرج من المحطة، إذ يجب أن تخضع للمراقبة قبل الإقلاع، وإذا سمح لها بالخروج، تعطى للسائق ورقة الطريق، ومن كانت عجلات حافلته في حالة سيئة، لا ينبغي أن يغامر بحياة العشرات الذين يركبون معه، وهذا الإجراء ينبغي أن يتخذ لتفادي وقوع الكوارث، حتى لا نضرب كفا على كف عندما تقع الحادثة، إذ ينبغي الحزم قبل وقوع الحوادث، فالفحص التقني ينبغي دعمه». تغيير العجلات وبعض الأجزاء قبل الفحص وبعده يلحظه مجموعة من السائقين ومستعملي الطريق. يقول ماجد محمد نور الدين، رئيس قسم التسجيل ورخص السياقة بوزارة التجهيز والنقل: «مشكلة العجلات أنها تركب وتتم إزالتها، أما الآن فقد أصبحت مراكز الفحص التقني تسجل رقم سلسلة العجلات، لأنه في حالة المراقبة المضادة نرى هل العجلات هي نفسها التي مرت في الفحص التقني». ويرى نور الدين أن الفحص التقني في صالح المواطن الذي يستعمل الطريق، ويضيف: «أنا ليس في صالحي استعمال سيارة بعض أجزائها غير صالحة وتهددني في أي لحظة، وفي صالحي إذا رفض مركز الفحص التقني إعطائي شهادة الفحص إذا كانت سيارتي غير صالحة، وعلى المواطن أن يعرف حقوقه، مثلا إذا كان راكبا في حافلة، فلا يسمح بركاب إضافيين، والراكب لا يسمح لنفسه أن يكون راكبا إضافيا بدون مقعد، لأنه لا يدري هل هو مؤمن أم غير مؤمن». يقول صاحب مركز للفحص التقني: «نحن متهمون كثيرا، لكن عملنا لا يتجاوز ربع ساعة»، ويضيف: «العمالات والجهات نفسها تشجع على أن تكون حظيرة سياراتها في حالة جيدة، في حين أن هناك بعض العمالات حظيرة سياراتها في حالة متردية... والمدينة التي تكون حظيرة سياراتها في حالة جيدة، تشجع مراكز الفحص التقني». شاب في الثلاثينيات من عمره، يعمل سائق سيارة أجرة، رفض ذكر اسمه خوفا من أن يقرأ مالك السيارة اسمه في الجريدة وينزع منه مفاتيح السيارة، يقول: «ينبغي تشجيع اقتناء السيارات الجديدة، فمالك هذه السيارة التي أشتغل فيها أراد شراء سيارة (بوجو 206)، لكن المسؤولين رفضوا طلبه حتى يأتي بستة أشخاص آخرين يريدون شراء النوع نفسه». الفحص التقني لا وجود له كثيرون هم المسافرون الذين يشتكون من الحافلات التي يتنقلون بواسطتها بسبب هدير محركاتها، أو كراسيها غير المريحة، أو هيكلها المتهالك. يقول ع.أ: «تصور معي، محطة القامرة كم فيها من حافلة، ومع ذلك لا تأتيني إلى المركز للفحص إلا أربع حافلات في السنة، وأغلب أصحاب الحافلات يهربون من هذا المركز بسبب (الزيّار)، فمركزنا معروف على الصعيد الوطني». كنا داخل مكتبه، والسيارات تمر الواحدة تلو الأخرى، وقال: «انظر، هل رأيت من الصباح إلى الآن حافلة أو شاحنة؟». عبد القادر، ميكانيكي في الثلاثينيات من عمره، كان منهمكا في إصلاح محرك لحافلة تابعة لوزارة التربية الوطنية، يرتدي لباسا أزرق علاه سواد بسبب قطع الغيار، وشحوم وزيوت المحركات، يقول: «الفحص التقني لا وجود له في المغرب»، ويبرر هذا بقوله: «في كثير من الأحيان أصحاب السيارات لا يصحبون سياراتهم إلى مركز الفحص التقني، ويكتفون بإعطاء الورقة الرمادية للمركز، مرفوقة بثمن الفحص زيادة على 50 درهما (تدويرة)، أما في أوروبا فيأتي السائق بسيارته ويعطي الفاحصون بمركز الفحص للسائق جردا بقطع الغيار التي يجب إصلاحها أو تغييرها، وبعدها يتسلم شهادة الفحص التقني، وعندما يصلح سيارته يكون ملزما بإعطاء فاتورة الإصلاحات التي أجراها الميكانيكي للتأكد». ويضيف: «الآن نجد مجموعة من الميكانيكيين، أو المختصين في بعض أجزاء السيارة، لا يتم اللجوء إليهم إلا نادرا، لأن السائق في بلدنا عندما يطالب بإصلاح سيارته، يذهب إلى (لافيراي)، ويشتري قظع الغيار عشوائيا من سيارة مصابة في حادثة سير، ويضعها مكان الأخرى التي طلب منه استبدالها ثم يذهب ثانية للفحص التقني، بدون فاتورة وبدون ضمانة». وحسب عبد القادر، فإن أغلبية الحوادث التي تقع في المغرب سببها الحالة الميكانيكية للسيارات والكهرباء والسرعة. أما بالنسبة للحافلات، ف»الحالة السيئة للعجلات، ثم الفرامل، والمقود، والحالة النفسية للسائق». الحميوني.م سائق متمرس، مع وزارة التربية الوطنية، ومربي لأصناف نادرة من الطيور، رغم أجره الهزيل الذي لا يتجاوز ألفي درهم بما فيها التعويضات، فإنه يعمل بتفان وجد، فضل العمل بهذا الأجر الزهيد على البقاء بإيطاليا لحبه وطنه ولأنفته، يصل عمله اليومي إلى 15 ساعة في اليوم، من الساعة السادسة صباحا إلى التاسعة ليلا. لم يدع مكانا في المغرب إلا زاره، حاصل على خمسة أصناف من رخص السياقة، بدءا من الدراجة النارية وانتهاء بالحافلة، هذه الرخص جميعها تفيده في مهنة السياقة، فإذا كان يسوق دراجة نارية من الحجم الكبير، فإنه يعرف كيف يتجاوز. يقول: «الذي له خبرة بجميع أصناف السيارات يحترم قانون السير أكثر». يقول سائق سيارة أجرة رابطة بين المدن رفض الكشف عن اسمه: «الفحص التقني مسلكنا، وإذا ما تم تطبيقه، غادي نمشيو نسعاو»، والمشكل حسب قوله، في أن «الحديد مدكوك، وأن المشكل في الديوانة»، وبهذا الفحص غير النزيه فإن كلشي واكل طرف ديال الخبز، وصاحب مركز الفحص التقني يقول: «المهم أن داك الشي ما يكونش معيّق» في إشارة للحالة السيئة للسيارة». فاقد الشيء لا يعطيه يقول ميكانيكي، لا يتسع المحل الذي يشتغل به لسيارة واحدة من النوع الخفيف، إن أهم شيء تتم مراقبته أثناء الفحص التقني للسيارات هو: الروتيلات، وليشاب، والبلاكيط، والفرامل، والفيردوات، والنوابض، والكاردات، والمقود، والأضواء، وقال: «إن الإمكانيات تلعب دورها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والإنسان الذي يمشي في الطريق وتكون حالته المادية ضعيفة، فإنه لا يقدر على إصلاح جميع الأعطاب التي قد تلحق بسيارته، ويلجأ إلى (الترقاع)». ويثير هذا الميكانيكي مشكل الحافلات الرابطة بين المدن، ولا يرجع المشكل كله إلى الفحص التقني، فالأساس بالنسبة إليه هو رب الحافلة الذي قد لا يلقي بالا لما يخبره به السائق ببعض الأعطاب، وقطع الغيار التي يجب تغييرها، ويكون جوابه: «إذا لم تعجبك السياقة في حافلتي فسأبحث عن غيرك، لهذا فالسائق الذي يركب معه أكثر من 60 شخصا، يكون في حالة نفسية متدهورة، فضلا عن حالته المادية». ويضيف قائلا: «أصحاب الشكارة ليس لهم ضمير، لأن الشخص الذي يستثمر في هذا الميدان، بمجرد أن تطأ قدماه الساحة لا يهمه إلا مقدار مدخوله السنوي. ويقاطعه العلمي.ص، مستخدم في ريضال كان واقفا بباب محله لإصلاح سيارته قائلا: «الوزير نفسه ليست له دراية بالسيارة ومكوناتها، لأنه عندما يخرج من المنزل يجد كل شيء مرتبا كما يريد، وما عليه إلا أن يدير مفتاح سيارته إن كان يسوق بنفسه». السائقون يشتكون يقول ع.أحمد سائق سيارة أجرة: «الناس متضررون كثيرا من الفحص التقني، هناك من يذهب بسيارته على أحسن حال، وإذا بسيارته ترفض في الفحص، وهناك سيارات مهترئة ومع ذلك يتم قبولها، وهذا يقع بالأساس بالنسبة للفحص الذي يقوم به أصحاب سيارات الأجرة مرة كل 6 أشهر، رغم كون الفحص التقني لسيارات الأجرة يكون بالمجان في المستودعات البلدية»، ويضيف: «المفروض هو احترام القانون، وخلاصة القول إن القانون لا يطبق». ع.أ يلاحظ مجموعة من الخروقات أثناء الفحص التقني، وبعض السيارات التي تتجول في الشارع، بتلويثها للبيئة، أو مهترئة الهياكل، فكل هذا يعطي انطباعا لديه بأن الفحص التقني لا يتم القيام به على أحسن وجه. ويسجل بعض الخروقات أثناء قيام السيارات بالفحص التقني، حيث يضع مالكوها ورقة نقدية من فئة 50 درهما في دولاب أمتعة السيارة، وهو ما سجله مجموعة من الذين التقينا بهم. يقول صاحب مركز للفحص التقني: «في السنين الأخيرة، كثرت مراكز الفحص التقني، فتجد هم البعض هو الربح السريع، ولا يحترم المهنة بتاتا، ويتساءل: هل ننتظر منه أن يقوم بعمله على أحسن وجه؟». كنا متوجهين إلى وزارة النقل والتجهيز، والتقينا صاحب سيارة أجرة، فقال: «إن الفحص التقني شكلي، وهناك سيارات لا تستحق أن تمشي على الطرقات، والذي يعاني هو السائق، أما (مول الشي مزيان بالنسبة إليه في الحقيقة). سائق سيارة الأجرة يرى أن السيارات التي تشتغل مثل سيارات الأجرة، والحافلات، يجب ألا تتعدى عشر سنوات من العمل، ويشدد على وجوب تطبيق القانون على الجميع بغض النظر عن المعارف، والفلوس. يقول : «نحن مشكلتنا أن السيارة تكون مشتتة وتمر في الفحص التقني، ولا ترفض». ويطالب الجهات المعنية بالتسهيلات لشراء السيارات الجديدة. عبد الحفيظ، شاب من الجالية المغربية المقيمة بالنرويج، منذ سنتين، لم يشاهد إلا حادثتين في هذا البلد الاسكندنافي، ففي الشارع هناك لا يكاد يسمع منبهات السيارات، في حين عندما يدخل إلى المغرب، وعند الوقوف أمام الضوء الأحمر، وبمجرد أن يتغير اللون إلى الأخضر، يسمع وابلا من الكلاكصون يمطر أذنيه، وهذا التصرف ينم عنده على عدم احترام الإنسان لأخيه الإنسان. التقينا به وهو يجري الفحص التقني لسيارة اكتراها صرح لنا قائلا: «هذه السيارة أكتريها، والمشكل الأساس بالنسبة لحوادث السير هو عدم الاحترام، وعدم تجهيز الطرقات، وغياب علامات التشوير، والدولة لا تقوم بواجبها كما ينبغي أن يكون، ثم السياقة بسرعة جنونية بدون جدوى لا لشيء، وتجد الشخص يتصارع في الطريق، وعندما يصل إلى المكان الذي يريد الوصول إليه، يجلس ليرتشف فنجان قهوة، ثم هناك بعض السيارات التي لا يحق لها أن تتجول في الشوارع، إما بتلويثها للبيئة بعوادمها، أو بهدير محركاتها، أو الخطر الذي يحدق في كل وقت وحين بركابها». ويضيف: «المشكل في المغرب أن الإدارة نفسها لا تقوم بواجبها، وليس لدينا وعي كامل، فرغم المكانة الاجتماعية والعلمية لبعض الأشخاص، إلا أن تصرفاتهم تعكس غير ذلك». ويستحضر عبد الحفيظ مخالفة سير ارتكبها ولي عهد النرويج، فتم سحب رخصة السياقة منه، ويقول: «إذا ارتكب مسؤول كبير مخالفة سير فهل سيحاسب؟». ويتذكر مخالفة سير ارتكبها رجل أعمال، وكانت الذعيرة التي أداها تقارب خمسة ملايين، وعندما سأل عن سبب ارتفاع الذعيرة أجابوه بأنه رجل أعمال، ولا يمكن أن يؤدي الثمن مثله مثل الآخرين، لأن ذعيرة بقيمة 500 درهم لا تساوي شيئا بالنسبة إليه ولا تردعه. يقول بوجمعة، طالب في السنة الثانية جامعي: «الفحص التقني هو من أسباب الحوادث، وليس كل الأسباب، والفحص التقني تشوبه عدة شوائب، لأن مشكل الرشوة (دايرا بزاف)، فالسائق يدخل سيارته سليمة، ولا بد أن يعطي الرشوة مثل صاحب السيارة المهترئة، وكلاهما يمر في الفحص التقني، وبعدها يخرج الإثنان، وعندما تقع حادثة سير بسبب خلل ميكانيكي، فإن المتضرر هو صاحب السيارة الذي دفع الرشوة على سيارته، والمواطن الذي أصيب في الحادثة، في حين يكون صاحب مركز الفحص التقني بعيدا عما يحدث. رأي المسؤولين عن القطاع الوصي السيد ماجد محمد نور الدين، رئيس قسم التسجيل ورخص السياقة بوزارة التجهيز والنقل، يقول: «إن الفحص التقني غير كاف لوحده، لأن الحوادث بسبب تقني لا تشكل نسبة مائوية كبيرة، ولا تتجاوز 5 أو 6 في المائة، في حين أن الأسباب الأخرى تشكل 90 في المائة». وأضاف أن «هذه المراكز يرخص لها طبقا لدفتر تحملات معلوم، والوزارة تراقب بدورها هذه المراكز، وتكون المراقبة دورية كل ثلاثة أشهر، تقوم بها لجنة يترأسها المندوب في عين المكان، ويرسلون تقارير في هذا الشأن، وتتم مدارستها، والمركز الذي تبين أنه مخالف يعاقب إما بالإغلاق، أو إعطائه مهلة لتجهيز محله، أو توجيه رسائل إنذارية». الخروقات التي تقترفها مراكز الفحص غالبا ما تتعلق بعدم احترام الشروط الواردة في دفتر التحملات، يقول ماجد محمد نور الدين: «نوع المخالفات التي ترتكبها المراكز التقنية تهم غالبا دفتر التحملات، فهناك من له تجهيزات معطلة ولم يصلحها، وهناك من له مركز للفحص التقني لا يقوم بالصيانة اللازمة». ولمزيد من ضبط هذا المجال الحيوي، قالماجد «إن الوزارة حاليا لا تقوم بالفحص المضاد، والدرك الملكي هو من يقوم بهذه المهمة لتوفره على المعدات، والوزارة الآن بصدد شراء 10حافلات مجهزة للقيام بالمراقبة المضادة على الطرقات، وبعدها سيتبين هل المراكز التقنية تقوم بدورها أم لا». وقال: «الشهادة التي يتسلمها صاحب السيارة من عند مركز الفحص التقني تعني أن سيارته صالحة إلى غاية الفحص المقبل، لأن صاحب المركز إذا تبين له تآكل بعض قطع الغيار لا ينبغي أن يسلمه شهادة الفحص، إلا إذا قام بالإصلاحات الضرورية». خلاصة القول إن الفحص التقني ليس إجراء زجريا ومفروضا، بقدر ما يفيد الجهات الساهرة على السلامة الطرقية في ضبط حظيرة العربات على المستوى الوطني في إطار مزيد من تفعيل المراقبة، والتخلص من السيارات الأشباح التي تهدد سلامة المواطنين وبيئتهم. إنجاز: عبد الغني بوضرة