فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع الأديبة السورية آداب عبد الهادي
نشر في طنجة الأدبية يوم 13 - 03 - 2008

الأديبة السورية آداب عبد الهادي اسم حاضر بقوة وجمال في المشهد الثقافي السوري، تكتب الرواية والدراسات والسيناريو، لها أكثر من مائة مقال متنوع بين البحث والدراسة والأسرة والمجتمع والأدب والفن منشورة في الصحف والمجلات السورية والعربية، وقد تم تكريمها مؤخرا من قبل الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب.
تعمل حاليا مدير التحرير، المدير التنفيذي لمجلة النقل ورئيسة قسم الثقافة والمجتمع في مجلة سوريا والعالم، وهي مؤسسة جريدة القرار السياسية الصادرة عن مؤسسة الرأي الآخر في قبرص. صدرت لها:
1 امرأة من خزف. رواية
2 مشبوه ممباسا. رواية
3 إبراهيم. رواية
4 قضايا خاصة بالمرأة. دراسات
أعمالها التلفزيونية:1 الشيطانة والبحر- مسلسل تاريخي 2 عناق الدم- مسلسل تاريخي 3 ليلة العرس- ثلاثية 4 فارس الأمل- مسلسل تاريخي5 حكايات بلون المطر- مسلسل كوميدي 6 شي بيجنن- مسلسل كوميدي.
التقينا بها في مبنى اتحاد الكتاب العرب بدمشق على هامش احتفال الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب بتوزيع شهادات التقدير على المكرمين السوريين، وكان لنا معا هذا الحوار الذي فتحت لنا فيه قلبها وتحدثت عن هموم إبداعية كثيرة.
بداية كيف جئت إلى عالم الإبداع، وإلى الرواية والسيناريو والدراسات، وكيف بدأت خطواتك الأولى في التكوّن.. وهل للشاعر والقاص إبراهيم عبد الهادي دور في ذلك؟
* أنا لم أكن بعيدة عن عالم الإبداع لآتي إليه، ربما لأنني ولدت في هذا العالم، ولدت لأجد أمامي الجرائد والمجلات والمؤلفات الضخمة وأمهات الكتب، وكبار الكتاب والشعراء والصحافيين والفنانين يترددون إلى بيتنا ويعقدون الندوات الأدبية وأنا محمولة على أكتافهم.
وكان والدي قد أخبرني أنه في يوم مولدي قال له أحد الأدباء ها قد أتت الآداب كلها إليك، حينها ابتسم والدي وقال وهي آداب وسيكون هذا اسمها، وبهذا الشكل يكون والدي وأصدقاؤه الكرام قد أوقعوني منذ اللحظة الأولى التي قدمت بها إلى هذا العالم في ورطة ستلازمني طيلة حياتي وهي ورطة كل كاتب وأديب.
طبعاً كانت الخطوة الأولى هي مرافقتي لوالدي الباحث والشاعر والصحافي إبراهيم عبد الهادي من سنوات حياتي المبكرة، خلال رفقتي معه كان يقرأ لي ما يكتب وأحياناً يطلب مني أنا أقرأ ما يكتبه قبل نشره، كما أنه طرح أمامي كل ما كتب من روايات في العالم العربي ونصف ما ترجم تقريباً خاصة ما ترجم عن الفرنسية والروسية.
ومن خلال عمل والدي بالبحث الأدبي أحببت البحث في التاريخ وقراءة التاريخ، وقبل ولعي بالتاريخ السياسي والاجتماعي أغرمت بتاريخ الأدب العربي وكنت مساعدة لوالدي أثناء إعداده لكتاب الآداب العربية في صحافة العرب، بعد ذلك تولدت لدي رغبة خاصة بالبحث عما أريده أنا وفي الاتجاه الذي أرغبه أنا، وربما كان ولعي في قراءة التاريخ السبب الأساسي لاتجاهي فيما بعد للدراما وكتابة المسلسلات التاريخية.
وأما عن الرواية فأعتقد من كثرة ما قرأت من الروايات العربية والأجنبية في صغري وجدت نفسي ودون أن أدري قد وقعت في هذا البحر، وكنت في الرابعة عشرة من عمري عندما كتبت أول رواية وعندما أقرأها الآن تنتابني نوبات شديدة من الضحك. وبالمناسبة هذه الرواية كانت سبباً في انتقائي من بين ثلاث شبيبيين لتمثيل محافظتي في دمشق وعلى إثرها أقمنا معسكراً أدبياً في مدينة الشباب حينها. يعني في مرحلة الشبيبة المدرسية.
هل هناك تطورات طرأت على الرواية السورية، وما هي... وأين أنت على خارطة الرواية السورية؟
* أولاً، أين أنا على خارطة الرواية السورية لا أستطيع أن أقول لك أنا أين، ربما أنت تستطيع أن تحدد ذلك وربما النقاد أو الكتاب الآخرون، لكن أنا لا أستطيع أن أحدد.
ثانياً، نعم هناك تطورات كثيرة طرأت على الرواية السورية لكن مع الأسف ليست كلها إيجابية.
الرواية السورية كانت في فترة الخمسينات والستينات والسبعينات متصدرة للرواية العربية ولا أبالغ عندما أقول أنجبت تلك الفترة كتاب رواية عظماء لا تقل أهمية ما قدموه من فن الرواية عما قدم في مصر والعالم وما تزال رواياتهم تتصدر المرتبة الأولى في الرواية السورية كروايات عبد السلام العجيلي وحنا مينة وفارس زرور وكوليت خوري وغادة السمان وألفة الأدلبي وقمر كيلاني وغيرهم، لكن مع الأسف بعد هذا الجيل تراجع الفن الروائي في سورية ورغم كثرة ما يطرح الآن من أعمال روائية إلا أنها ضعيفة وتحمل طابع السير الذاتية والتجارب الشخصية. طبعاً هناك استثناءات لكن ما نشاهده الآن على الساحة يؤكد أن الزمان الذي ذهب لم يعد بعد، وتلك الأعمال المقدمة من عباقرة القرن الماضي لم تتكرر، ربما لعدم تمكن الكثيرين من كتاب الرواية من فهم هذا الفن بشكل صحيح، وربما لأن البعض يكتب كنوع من أنواع الترف والفخفخة ليس إلا.
ما هي المهمة التي تقع على الروائي، الشاعر، الكاتب، السيناريست برأيك؟
* هؤلاء هم أصحاب رسالة وكل مبدع حقيقي صاحب رسالة، وبرأيي الرسالة الواجب إيصالها إلى المواطن من قبل هؤلاء هي التنمية، الإنسان بحاجة إلى تنمية بشرية دائمة، بحاجة إلى تحسينه، تحسين كيفي وليس تحسين كمي، مهمة هؤلاء تكوين الإنسان القوي السليم، صاحب الخلق القويم والرأي السديد، مهمتهم تكوين المواطن الصالح، المواطن الفرد الذي هو أساس المجتمع بصلاحه يصلح المجتمع وبترديه يتردى المجتمع، مهمة هؤلاء الرقي بالمجتمع ورفع شأنه، ولا يتم هذا إلا إذا كان هؤلاء المبدعون على درجة عالية من الخلق السليم والرأي السديد. ولا أعني بذلك أن يعمل الأدباء والمبدعون على الوعظ والإرشاد ويأخذون دور الوعاظ بل أعني أن يكون فقط على درجة عالية من الخلق، لأن ما يقدمونه من آداب يعكس دواخلهم، فإن كانوا قويمي النفس كان أدبهم قويماً، وإن كانوا أصحاب مبادئ تصل أصواتهم بشكل أسرع، لأن الأديب الحقيقي والأديب المتمكن من أدبه يتبين الطريق السليم في عمله ويراه بوضوح ويعمل على إيصال رسالته المراد، إيصالها إلى المتلقي ضمن قالب فني راقي وبتصوير ممتع أنيق يعكس بحق داخل هذا الأديب.
وأرجو ألا يفهم كلامي أنني أدعو إلى التزام في الأدب بل أدعو إلى الحرية الملتزمة التي تنتج أدبا رفيعاً يفيد الأمة وينفع أفراد المجتمع.
كيف تكتبين الرواية والسيناريو.. وهل لك أسلوب محدد تشتغلين عليه؟
* بالطبع لكل كاتب وأديب أسلوبه الخاص به والمختلف عن أي شخص آخر، فكما تختلف الميول والاتجاهات والأهواء تختلف أساليب الكتابة عند كل كاتب.
أنا عادة لا أبدأ بكتابة رواية، ولا سيناريو إلا بعد أن تعشش الفكرة بداخلي وتختمر ويكتمل العمل بوجداني ويصل إلى درجة يقلقني في نومي حينها أبدأ بصب ما بداخلي على الورق.
هل تعانين من رسم نهايات لأعمالك الروائية والتليفزيونية؟
* عادة لا أعاني لأني قبل أن أبدأ بالكتابة تكون النهاية موجودة بل العمل ككل موجود في ذهني لأني أخبرتك بالسؤال السابق أنني لا اكتب إلا بعد اختمار العمل في داخلي، وطبعاً هذا الأمر يحتاج للتفكير ليلاً ونهاراً كما أن التفكير بالعمل لا يقل أهمية عن بدء الكتابة به. النهايات تأتي بشكل تلقائي للمقدمات التي نأتي بها في العمل، والمقدمة الصحيحة تعطي نهاية مناسبة لها، لكن في بعض الأحيان قد يضطر الكاتب لتغيير نهايته لتتواءم بين الفرد والجماعة في المجتمع الذي سيقدم به هذا العمل أو ذاك.
الرواية كيف ترينها اليوم، وأين مكانها أمام هجوم الفنون الأخرى كالتلفاز مثلاً؟
* الرواية موجودة، وبقوة سيما الروايات القديمة لكتاب القرن الماضي سواء كانوا عرباً أو أجانب، والكثير من الروايات الأجنبية تتقاذفها الأيدي اليوم في العالم العربي وبكثرة، وهناك أسماء كثيرة في العالم ولامعة جداً يتسابق العامة ولا أبالغ إن قلت العامة لاقتناء رواياتهم بدءاً من همنغواي إلى ماركيز إلى تولستوي إلى أجاتا كريستي إلى ديكنز إلى فيكتور هيجو إلى إميل زولا إلى فرانسوا ساغان إلى جان دي موباسان، إلى الروائيين العرب والتي لا تغيب أعمالهم أبداً عن الساحة الثقافية العربية من نجيب محفوظ إلى صالح مرسي إلى يوسف السباعي إلى علي أحمد باكثير، إلى الروائيين السوريين إلى الكثير غيرهم، إضافة إلى الكتاب الجدد الذين برزت أعمال بعضهم في السنوات الأخيرة ولاقت رواجاً منقطع النظير ورواجاً لا يعني بالضرورة تميزاً ونجاحاً، ففي بعض الروايات يسعى الكاتب أو الكاتبة لخرق المحظور للفت الأنظار كالروايات الإباحية والتي تحمل أفكاراً جنسية أو دينية أو غير ذلك.
أقصد من كل هذا الكلام أن الرواية موجودة ولها مكانها بين الفنون ولا يمكن أن يلغي فناً فن آخر، فلكل نوع جمهوره ومحبيه ومتابعيه ونقاده، فلا التلفاز ولا غيره يؤثر على مكانة الرواية ولكل منهما طعمه الخاص وتذوقه عند الجمهور، وبالطبع تذوق العمل التليفزيوني يختلف عن تذوق النص الأصلي للعمل المكتوب. وقد لاحظت عند البعض أنهم يسعون لاقتناء وشراء الروايات بعد أن يشاهدونها على الشاشة الفضية، سواء مسلسل أو فيلم ومثال بسيط على ذلك لقد تضاعف بيع نسخ روايات نجيب محفوظ بعد تصوير أعماله التليفزيونية، وفي سوريا تم بيع عدد كبير من نسخ نهاية رجل شجاع للروائي السوري حنا مينة بعد عرضها على حلقات مسلسل، وربما بهذه الطريقة يكون التلفاز قد قدم خدمة للرواية، من هذه الناحية فالكثير من الناس يرغبون بقراءة النص الأصلي للعمل التلفزيوني.
أداة الكاتب هي الكلمة وهي وسيلة نحو الإبداع الأدبي.. كيف تفعل هذه الوسيلة فعلها في إبداعك، طبعاً هذا إلى جانب الأحاسيس والخيال والحرفة الأدبية؟
* الكلمة هي اللغة، واللغة هي أهم أداة من أدوات التعبير لأي مبدع مهما كان نوع إبداعه،
نجاح العمل الأدبي وفشله يعود إلى اللغة كما أن تباين مستوى الأعمال الأدبية الإبداعية المطروحة أمامنا يعود إلى اللغة وقدرة الأديب على استخدام الرمزية اللغوية وتوظيفها. كما أن فشل بعض الأعمال سببه افتقارها إلى التنوع الرمزي الضروري للتعبير عن المشاعر والجوانب المعرفية والانفعالية، وهذا التنوع يأتي فقط من التمكن باللغة الفصحى، بالنسبة لي أدقق جيداً في اختيار كلماتي وتوظيفها، وفي طريقة طرحها وتسلسلها. الكلمة هي التي تترجم الخيال، وهي الكاميرا التي تظهر الصورة للمشاهد، والمشاهد في النص الأدبي هو القارئ، وبالتالي إن لم يكن الكاتب متمكن من هذه الكلمة ويعرف أسرارها وخفاياها بالطبع لن يتمكن من الوصول، أحياناً أدع الكلمة جانباً وأقرأ ما تخفيه بين أحرفها وأنت تعلم أن الكلمة هي السر الخطير في اللغة العربية، مهما بلغت درجة الحساسية ومهما كان الخيال واسعاً إذا لم تتمكن من القبض على الكلمة بالشكل الصحيح فلن تستطيع أن تقدم صورة جميلة تسعد القارئ وتلبي تطلعه نحو كل جديد.
كمنتجة للنص الأدبي، هل لك غنى عن فعالية النقد سواء كانت مكتوبة أو مسموعة؟
* بالطبع لا.. ويسعدني النقد مهما كان سلباً أم إيجاباً.
في النقد هل يمكن قول الكلمة الأخيرة، أو إصدار الحكم النهائي على الرواية أو السيناريو أو أي جنس أدبي آخر وكيف يجب أن تكون العلاقة بين النقد والأدب؟
* المشكلة في النقد والنقاد عندنا أنهم ينقدون انطلاقا من منطلقين أحدهما التحامل والثاني المجاملة، ويؤسف أنهم لا يستطيعون الوقوف على الحياد حيال نقدهم لأي عمل كان. ومن المفروض ألا تكون الكلمة الأخيرة للنقاد سواء في الإعمال الأدبية أو حتى التليفزيونية، الكلمة الأولى والأخيرة للقارئ وللجمهور. أولا، إن القارئ يستطيع أن يصل برأيه السديد وبحصافته إلى التمييز بين العمل الجيد وبين العمل السيئ، والقارئ للرواية أو المشاهد للعمل التليفزيوني أصدق في نقده من الناقد المحترف أو الهاوي، لأن هذا القارئ أو ذاك المشاهد عندما يبدأ بالنقد ينقد من نفسه إلى نفسه، ولا يبغي من ذلك مصلحة أو ينتظر ثناء من أحد، أما الناقد ولأنه يكتب للآخرين وينقد من أجل الآخرين وله مصلحة بالطبع من خلاله نقده الذي ربما يساير جماعة ضد أخرى أو يعادي جماعة من أجل أخرى لقاء أجر معنوي أو مادي، وبالتالي فإن نقده ليس صحيحاً ورأيه ليس صائباً ولا يكون الناقد على درجة من الصدق إلا إذا ابتعد في نقده عن الأهواء والمحاباة، بالإضافة إلى إنه، أي الناقد، من المفروض أن يتمتع بثقافة عالية وإطلاع واسع يساعده في المقاربات التي يبتغيها جراء نقده.
ثانياً، لا يمكن للعمل الأدبي أو الدرامي أن يستغنى عن النقد بل إنه بحاجة إلى النقد لأن ليس كل قارئ ذا رأي سديد ولا كل مشاهد يتمتع بدرجة عالية من الوعي، وبالتالي يجب أن يكون هناك نقد ليعمل هذا النقد على تقويم الاعوجاج في حال حدوثه سواء على الصعيد الأدبي أو لدرامي، وهذا يقتضي أن يكون الناقد حاملاً لإيديولوجية معينة ينطلق منها في نقده وينظر إلى العمل الأدبي انطلاقا من هذه الإيديولوجية، وبناء عليها يقول كلمته الأخيرة التي تتوافق مع هذه الإيديولوجية أو تخالفها، وفي حال مخالفتها هذا أيضا لا يعني أن العمل رديء بل لم يتناسب مع انتمائه وكفى، أم أن يكون الناقد غير منتم فهذا يعني أن نقده الأدبي لن يكون مستقيما. أما عن علاقة الأدب بالنقد أرى أن النقد خادم للأدب.
دمشق عاصمة للثقافة العربية هذه السنة، وهي سنة الثقافة في سورية.. كيف تنظرين إلى هذه السنة وهل هذا المشروع الثقافي يعبر عن مستوى الثقافة العربية؟
* إعلان عاصمة للثقافة العربية في كل عام عادة اعتادتها جامعة الدول العربية، لكن مع الأسف غالباً ما يكون الأمر بعد الافتتاح سيان عند المسؤولين، بالطبع يوجهون ويعملون لإنجاح هذا الحدث العظيم لكننا لم نر تميزاً ثقافياً ملفتاً للنظر في أي عاصمة أعلنت في السنوات السابقة، ونأمل أن تكون هذه المرة على مستوى دمشق ومكانة دمشق الرفيعة المستوى، أن يكون هذا الحدث يليق بدمشق وموضعها في التاريخ البشري باعتبارها أول مدينة مأهولة في التاريخ وتملك من الآثار والأوابد الأثرية والتاريخية ما يجعلها عاصمة دائمة للثقافة العربية، لأنها تستحق هذا التكريم وتستحق أن تكون من أول العواصم التي أعلنت عاصمة للثقافة العربية، أنا آمل أن يكون هذا العام بحق عاماً للثقافة العربية وأن يرى المثقف العربي نفسه بحق في هذه التظاهرة الثقافية، وألا تقتصر هذه الاحتفالية على البعض، بل أن تكون عامة لها من سعة الصدر ما تحتوي كل المثقفين والمبدعين العرب أينما كانوا وأنى كانوا.
بالطبع هذا المشروع هام بل على درجة كبيرة من الأهمية، لكن قد نظلم أنفسنا إن قلنا إنها تعبر عن مستوى الثقافة العربية، لا.. لا تعبر، لأسباب كثيرة أهمها أن الكثير من المثقفين ما زالوا مغيبين أو غائبين عن المشهد الثقافي، ربما للإسفاف الحاصل في عالمنا العربي، كما أن اللقاء الثقافي العربي- العربي شبه معدوم، وفي مثل هذه الاحتفالية فرصة للقاء الأدباء العرب من كل الدول من خلال الوفود الثقافية القادمة، لكن ما نراه مع الأسف أن الكثير من الوفود القادمة لا علاقة لها بالثقافة بل أكثر ما في الأمر هو أنهم موظفون في وزارات الثقافة ويعتبر قدومهم ضمن الوفود للمصلحة المادية، وبهذا الشكل يصبح المثقف الحقيقي والأديب الحقيقي بعيدا عن الحدث. وبالمناسبة علمت أن السيدة الدكتورة حنان قصاب حسن الأمين العام للاحتفالية ورئيس مجلس الإدارة أكدت أن الاحتفالية ستركز على صورة دمشق، كما يجب أن تبدو كعاصمة للثقافة العربية والعالمية، وكما سيتم تقديم صورة أخرى للثقافة وعلاقتها بالمدينة، وقالت: إن المدينة بشوارعها وساحاتها ستتحول إلى مكان ثقافي بحيث يستطيع الإنسان العادي أن يرى نفسه داخل الفعالية وهو يسير في الشارع، وأضافت أن الأماكن العامة بما فيها المدارس والمستشفيات والأماكن المهجورة ستستمر في الفعاليات، كما أن الاحتفالية ستطول كل فئات المجتمع وستمتد الأنشطة لتطال محافظات ومدن بعيدة، وسيتم تأهيل الأماكن البديلة كالحدائق والمدارس والأماكن المهجورة لتقديم العروض المسرحية والمعارض والأمسيات الموسيقية، كما ستشارك في الاحتفالية جهات عربية وأجنبية. على كل حال نحن ما زلنا في البداية ونأمل الخير.
هل في حياتك الأدبية رائد ما.. هذا الرائد ليس بالضرورة أن يتجسد في إنسان ما قد يتجسد في فكرة أو هدف محدد؟
* نعم في حياتي الأدبية الرائد الإنسان والفكرة والهدف، الرائد الإنسان فهو الراحل والدي إبراهيم عبد الهادي وأستاذي المخرج السينمائي الكبير والسيناريست أحمد أبو سعدة، أما عن الفكرة فهناك الكثير من الأفكار وكل واحدة أعتبرها رائدة ولن أفصح عنها الآن، كما أن لي من الأهداف الكثير أهمها أن أتمكن من تقديم الأدب الداعي إلى القيم والأخلاق.
لو سمحت لي أستاذة آداب أن أذهب إلى الجانب الذاتي الآخر.. آداب الإنسانة طبعاً لا انفصام بينها وبين آداب المبدعة.. هذه الأسئلة: ماذا تحبين.. ماذا تكرهين.. مما تتألمين؟
* طبعا الإنسان كل متكامل فهو الإنسان ذاته المبدع، ما أحب.. الإنسان أحب ما لدي في الوجود، وصراخ المرأة بوجه زوجها وبكائها المستمر أكثر ما أكره، أما ما يؤلمني بحق فقداني لوالدي وحال أمتنا العربية المنكوبة من أقصى شرقها إلى أقصى غربها ودرجة الانحطاط التي وصلت إليها.
الروائية والناقدة وكاتبة السيناريو، والتي تلمع وتتوهج كمنارة في بحر المشهد الأدبي السوري، ابنة الشاعر والقاص الراحل إبراهيم عبد الهادي، لا شيء يبقى غير الكلمات، غير الإبداع.. ماذا تقولين في نهاية هذا الحوار؟ لك حرية الكلام؟
* أود أن أقول إن الأدب حاجة أساسية وضرورية للإنسان.
ولتلبية هذه الحاجة بالشكل الأمثل على الأديب الحقيقي أن يكون كما قال عنه عباس خضر في الآتي (الأديب الحقيقي إنسان مثقف يعطي من ثقافته في إنتاجه، فإن لم يشتمل النتاج على عطاء، ولم يضف إلى متلقيه شيئاً ولو كان هذا الشيء انطباعا حميداً فهو كلام فارغ لا يصح أن يسمى أدباً)
استمتعت بهذا الحوار وبأسئلتك الذكية والقوية، أشكرك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.