زخات رعدية قوية مصحوبة بحبات البرد وبهبات رياح مرتقبة غدا الأحد بعدد من الأقاليم    البكوري: عملنا يستند على إعمال مبدأ القانون في معالجة كل القضايا مع الحرص على المال العمومي    هنغاريا تدعم الشراكة بين أوروبا والمغرب    من قرية تامري شمال أكادير.. موطن "الموز البلدي" الذي يتميز بحلاوته وبسعره المنخفض نسبيا (صور)    استجواب وزيرة الانتقال الطاقي أمام البرلمان عن الفجوة بين أسعار المحروقات في السوقين الدولية والوطنية    السكوري يُطلق منصة رقمية لخدمة التشغيل    "أطباء لبنان" تطلق نداء عاجلا لوقف "مجزرة" إسرائيل بحق الجهاز الصحي    هيئة: أكثر من 100 مظاهرة في 58 مدينة مغربية تخليدا للذكرى الأولى لمعركة "طوفان الأقصى"    جيش إسرائيل يقصف مسجدا بجنوب لبنان    شركات يابانية تلجأ إلى الذكاء الاصطناعي لتعويض نقص العمالة    حزب الله يستهدف قاعدة جوية في حيفا    الجامعة تحدد أسعار تذاكر مباراة الأسود وإفريقيا الوسطى    "البيجيدي": قرار محكمة العدل ابتزاز سياسي    انتقادات للبطء الشديد في عملية إعادة إعمار مناطق زلزال الحوز    رسالة بنموسى في اليوم العالمي للمدرس        دراسة: 40 بالمائة من أطفال العالم سيعانون من قصر النظر بحلول 2050    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون قرار محكمة العدل الأوروبية    وزير الإعلام الفلسطيني يزور مقر الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالدار البيضاء    اعتداء على رجل سلطة بعد دخوله منزل مزارع للكيف دون استئذان    قافلة المقاول الذاتي تصل الى اقليم الحسيمة    انطلاق بيع تذاكر مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره من إفريقيا الوسطى    قرار محكمة العدل الأوروبية: نواب أوروبيون يعبرون عن امتعاضهم من قرار يمس بالمصالح الاقتصادية الأوروبية    استياء أوربي وردود فعل قوية على حكم محكمة العدل الأوروبية: المغرب سيظل شريكًا استراتيجيًا للاتحاد الأوروبي    بعد قرار محكمة العدل الأوروبية.. هنغاريا تؤكد على الشراكة الاستراتيجية مع المغرب وتدرس تطويرها وتوسعتها لمجالات عدة    الحسيمة.. تخليد الذكرى 69 لانطلاق العمليات الأولى لجيش التحرير بالشمال    محكمة التحكيم الرياضي تخفف عقوبة توقيف بوغبا        المحكمة تأمر بإفراغ بركة زوج المنصوري بالقوة من منازل قرب ضريح مولاي عبد السلام    كيوسك السبت | مثقفون ورجال قانون وأجانب قاطعوا الإحصاء العام للسكان والسكنى    طقس السبت ممطر في بعض المناطق    "ميتا" تعلن عن إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي جديد    مدرسة التكنولوجيا تستقبل طلبة بنصالح    مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في الدورة الثانية من مناظرة الصناعات الثقافية والإبداعية    التعادل ينصف مباراة المحمدية والسوالم    هكذا تفاعلت الحكومة الإسبانية مع قرار محكمة العدل الأوروبية    مصدرو الخضر والفواكه جنوب المملكة يعتزمون قصْدَ سوقي روسيا وبريطانيا    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة: قرية بلا موز

الظلام يحتل مساحة كبيرة من المكان و من قلبي أيضا ؛ و هذه الساحة تخلو من كل شيء يدعى البشر ، سوى تلك الشجرة العظيمة فوقها غراب أسود لا يغادرها عقدت حولها عقد كثيرة أملا في شيء ما ، هناك على الواجهة منزل خرب شبه آيل للتلاشي قيل أنه "مسكون" تعود القصة الى امرأة ذات حسن و جمال بارعين أحبت شابا من خارج القبيلة كان ذلك خطيئة فأحرقها شيوخ الدوار بالمنزل نفسه. مذ ذلك الأمد لا أحد يدنو منه الا و سمع أصواتا غريبة ؛ الشجرة الكثيفة تحذوها مقبرة سقط سورها في ليلة ما .لا أحد يذكر تلك القبور التي هتكت بفعل قساوة الزمن أو ربما بسبب أيادي البشر، قيل أن شيئا أبيض يسطع منها كالقمر في ليلة حالكة ما ……
لا شيء يغرد في هذه القرية الشقراء سوى موت جميل يتم الاشعار به قبل وقت مسمى ، الناس تخشى كلمة الموت إن ذكرت على موائد "الطلبة" أو القبور أو المحتضر ، حتى على لسان "صالح المسطي" الذي يعرف كيف يسرد سيناريو القرية لاينفك يكرر لازمته المعروفة يرددها دائما و أبدا "القرية المحكومة" .
كان القايد حمو الذي يحكم القرية بكفه اليمنى يبيت الليل جله يحلم بالمرأة التي أحرقهارجال القبيلة ؛ رجل قوي البنية طويل القامة يضع على رأسه طربوشه الأحمر لا يفارقه الا ليلا ، تكلم كثيرا عن الأراضي و السواقي كان همه الوحيد أن يضع تحت إبطه "الخانز" جميع أراضي القرية و تحويل مجرى الساقية صوب حقوله اليانعة . كان يتحدث عن أمنا الأرض و "الجماعة" بما فيها من شيوخ و أعيان يصغون الى اقتراحاته العذبة و المنمقة …. يصفقون و بزغردون أحيانا مثلهم مثل "الوليات" يتقاسمون مع نسائهم صفات كثيرة لكنهم يعرفون ان الموت لا تميز بين القائد و ماسح الاحذية .
حتى الحاج صالح صاحب اللحية الكثة البيضاء و العمامة المزركشة بجلبابه الابيص لا تأخذه سنة و لا نوم ، كلما تذكر أهل القبور أو مر بجانب المقبرة قفزت الى مخيلته هادمة الملذات الموت ؛ رجل وقور تطفو فوف تجاعيد وجهه سمات الوقار و الاحترام ،كلمته ينفذها الكببر قبل الصغير ،كلما تجادل الناس فيما شجر بينهم من خصام عادوا يجرون تعب النزاع ليحكموه ، كان وحده يعرف مآل أهل القبيلة كبيرهم و صغيرهم ، كانت الموت تأتيه خلسة فيتبادلان أطراف الحديث إلى وقت متأخر من الليل ، كانت هذه المرة تصر على أن تأخذ فردا من أفراد القرية الى العالم الآخر بينما كان يجاملها و يتوسل إليها أحيانا حتى تعود في وقت اخر . قال لها وهو يداريها :
_إن له أم و إخوة وهو الوحيد الذي يعيلهم .
ردت بصون متموج :
-لدي بطاقة تعريفية له تقول البطاقة أني طرقت بابه ذات يوم لكن شيئا ما حال دون إزهاق روحه .
– فإن له أخت و قد اقترب موعد زفافها فدعيه يحضر الزفاف ثم…
_اليوم مشرق و الجو صحو و هو مناسب …كما أني أنفذ الاوامر فقط . و حتى لا أنسى سأزور أسرتك في الشهر السابع ابتداء من اليوم في ليلة مقمرة خلالها يكون البدر قد شرع في الاكتمال .
حالما سمع الحاج صالح زيارة مرتقبة تغير لون وجهه الى الاصفرار و ارتعدت فرائصه كأن الأرض لا تكاد أن تحمله . ثم شرع يخمن :
_من يا ترى هذه المرة ابني سعيد لكنه لا يشكو من ألم هل يموت الناس بدون ألم لابد من سبب كي يموت الانسان او يحيا ،أو ابنتي فاطمة نعم قد بدأت في الآونة الاخيرة تحس بمغص في جنبها الايمن .
أمسك الحاج صالح لحيته و هو يفركها بأصابعه النحيلة كأنها الماء ينساب من بين الأنامل، أحس هذه المرة بيده لا تكاد تقف على حال، قشعريرة تذب في جسده من أخمص قدميه الى رأسه و أسنانه البيضاء تصطك كأن برد أيلول قد حط الرحال في هذه القرية البئيسة .
رفع رأسه الى السماء كان الظلام ينشر أجنحته الكسيرة، العصافير تصدر أنينها بحثا عن المبيت و الحاج صالح ينصت بكل جوارحه، يتأمل رواح العصافير و سدول الليل و أفول القمر .
كل الحيثيات توحي بالليلة الموعودة الليلة السابعة من الشهر المسمى بعد اكتمال البدر .وقفت عند رأسه بلباسها الابيض عيناها عسليتان شبه نائمتين و خدود بشدة الاخضرار و وشاح متدل على رأسها تظهر من تحته شعيرات خفيفة على جبهتها زادتها جمالا. بادرها بالسؤال :
-انتظرتك في أجلك المسمى .بعد صمت قصير أردف:
-أعرف أنك لا تخلفين …
نظرت في عينيه بتركيز شديد لأول مرة لمحت الخوف ينام فيهما هي لم تجرب الخوف من الموت لكنها أحست بشيء يشدها إليه تمنت لو عادت ….
ربتت على كتفه مستفسرة وهي تحرضه على التخمين:
-من هذه المرة ؟
لم يتردد في الرد :
-أحد ما من أسرتي ابني البكر او زوجتي تصغرني بسنة فقط ؟
انتبهت الى وشاحها الابيض و هو يتمايل للسقوط جرته من تلابيبه لتلفه لفتين او اكثر حول عنقها ، خفضت رأسها كأنها تجيب عن سؤاله بإشارة بين نعم و لا . ابتسمت في وجهه كأنها تودعه ، بعدما ابتعدت عنه بأمتار قليلة التفتت إليه تدس في جيبه نظرة غريبة فهم منها شيئا ما .
في الصباح الباكر جدا و بعد الخيط الابيض من الفجر كانت جثة الحاج صالح مرمية تحت الشجرة العظيمة كأنها نائمة تقريبا.
حميد المعروفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.