في عرض خاص نظمه المخرج جمال السويسي مؤخرا بالرباط لفيلمه الروائي الطويل الأول “مرجانة” (2020)، حضرته ثلة محدودة جدا من الفنانين والنقاد والتقنيين السينمائيين، تفاعل الحاضرون بشكل إيجابي مع هذا الفيلم المغربي الجديد، شكلا ومحتوى. يحكي الفيلم في قرابة مائة دقيقة قصة شابة مغربية (مرجانة) مهووسة بفن الأوبرا، تعيش بباريس وترغب في العودة إلى مسقط رأسها طنجة، لتحقيق حلمها المتمثل في ترسيخ هذا الفن بوطنها الأم بعد إقامة عرض أوبرالي، يحيلنا على “أوبرا كارمن” المشهورة عالميا، تشخص من خلاله الدور الرئيسي إلى جانب شاب يحبها وتحبه. إلا أن هذا الحلم لم يتحقق في البداية بسبب حريق شب في مكان العرض وأودى بحياة حبيبها. كما يحكي أيضا قصة نضال امرأة أمام واقع اجتماعي قاسي وظالم بعقلية متحجرة وسلبية … تناضل بطلة الفيلم من أجل حريتها الشخصية في وضعها الجديد حيال إكراهات المجتمع وعقم حلوله البديلة… فيلم “مرجانة” يدخل في خانة سينما المؤلف، لأنه يحبل بالعناصر التي تحيل على ثقافة مخرجه ومنتجه في آن واحد واهتماماته وميولاته الفنية وغير ذلك من الجوانب الذاتية لمبدعه. الفيلم فيه مجهود ملحوظ على مستويات كثيرة: الإخراج، الكاستينغ، إدارة الممثلين، التصوير، المونطاج، الملابس، الديكور، الحوار، الموسيقى التصويرية… لم يبخل مخرجه في الجانب الإنتاجي أيضا، حيث صور بعض المشاهد بباريس وأظهر مدينة طنجة في حلة جميلة خاصة بالليل، واختار بعناية ديكورات المشاهد الداخلية وملابس الشخصيات المختلفة وانفتح على مبدعين شباب لا يتعدى عمرهم الثلاثين سنة في تخصصات سينمائية عدة (الصورة والصوت والتشخيص والديكور والملابس وإدارة الإنتاج والمشاركة في كتابة السيناريو وإنجاز ملصق الفيلم…)، كما استعان بخبرات عالية في التشخيص من المغرب والجزائر وفرنسا وإسبانيا (الممثل الجزائري سيد أحمد أقومي، هناء البواب، نادية نيازي، سمية أكعبون، فريدة أوشاني، نسرين آدم، نادية كوندة، ريم الهاشمي، سميرة الكثيري، عبد الله بن سعيد، حمزة اليملاحي…) والموسيقى التصويرية (المبدع الموسيقي كمال كمال) وجوانب أخرى. يمكن اعتبار هذا الفيلم، المشرف لسينمانا الوطنية، بمثابة احتفاء بمجموعة من الفنون كالموسيقى والغناء والمسرح والتشكيل… وفيه إشارة بمثابة تكريم لبعض رواد المسرح المغربي كالطاهر واعزيز وعبد الصمد الكنفاوي وغيرهما.