دشن مساء الجمعة 2 دجنبر الجاري المهرجان الدولي للفيلم بمراكش عشرية جديدة من مساره الحافل بالفرجة والدهشة والجمال، معلنا عن انطلاق دورته الحادية عشر كاحتفال أنيق بالحياة وبجمالية الحواس وبالتواصل الغني بين مختلف الثقافات الإنسانية من خلال الصورة السينمائية. حفل الافتتاح الذي اختار المنظمون في موقف مؤسف إقصاء جريدتنا من حضوره، سيظل مطبوعا في ذاكرة المهرجان وتاريخه، الذي نأمل أن يكون طويلا، بتلك اللحظة الرائعة التي اجتمع في صنعها هرم السينما الهندية شاه روخ خان والممثلة المغربية هدى الريحاني وهما يمنحان للجمهور استثناء مبهرا تمتزج فيه العفوية بالفرح الصادق و المتعة. كانت المناسبة حينها تكريم الممثل والمنتج الهندي الذي تجاوب مع رقصة الفنانة المغربية التي لم تتردد في التعبير عن عشقها للسينما الهندية واعتزازها بهذه اللحظة التي انتظرتها طويلا. مسابقة الفيلم الطويل التي يرأس لجنة تحكيمها المخرج والموسيقي الصربي إمير كوستوريكا انطلقت بعرض شريط «عاشقة من الريف» للمخرجة المغربية نرجس النجار المستوحاة وقائعه من رواية «نساء في صمت» للكاتبة نفيسة السباعي والدة المخرجة. وشخصت أدواره الممثلة الشابة نادية كوندة والممثل مراد الزكندي إضافة إلى وداد إلما ونادية نيازي وفهد بنشمسي وعمر لطفي وسهام أسيف وراوية. وتواصلت يوم السبت بعرض شريط «سبعة أعمال للرحمة» للمخرجين الإيطالين الأخوين التوأم جيانلوكا وماسيميليانودي سيريو المزدادين سنة 1978 بمدينة تورينو الإيطالية، والذين شرعا معا في العمل سوية منذ سنة 1999، حيث أخرجا مجموعة من الأفلام القصيرة وكذا أفلاما وثائقية. وفي حصة المساء من اليوم الثاني عُرض في إطار مسابقة الفيلم الطويل شريط «أرض للنسيان» للمخرجة الإسرائيلية ميشال بوكانيم التي ولدت سنة 1975 و قصدت فرنسا لدراسة الأنثروبولوجيا والسينما بباريس وبعد عودتها إلى إسرائيل درست الفلسفة وعملت بالتصوير الفوتوغرافي إلى جانب متابعة لدروس في الإخراج بالمدرسة الوطنية للسينما والتلفزيون. «أرض النسيان» الذي يستعيد فاجعة المفاعل النووي تشيرنويبل ((1986 بالاتحاد السوفياتي أدت أدواره أولكا كوريلينكو عن دور أنا و إليا لوسيلوف عن دور فاليري وأندري شيرا عن دور ألكسي. كتبت سيناريو الشريط ميشال بوناكيم وآن ويل وأنطوان لاكومبليز. وتواصلت المسابقة يوم الأحد بعرض شريط «بلفدير» للمخرج البوسني أحمد إيماموفيتش الذي يحكي قصة كائنات نجوا من مذابح سريبرينيتشا الشهيرة في مواجهتهم لعالم من المتناقضات، فهم من جهة يسعون جاهدين في بحثهم عن الحقيقة ومن جهة أخرى يعيشون وسط تفاهات مجتمع يمر بمرحلة انتقالية تحت تأثير برامج تلفزيون الواقع والسطحية التي تولد في فكر كل فرد. كما تتبع الجمهور عرض شريط « 180 درجة» الذي يمثل سويسرا في المسابقة الرسمية لمخرجه سهان إنان. مهرجان مراكش ضاعف إشعاعه كالمعتاد خارج أسوار قصر المؤتمرات المطوقة بالمئات من حراس الأمن، موفرا فرجة مفتوحة بساحة جامع الفنا عبر شاشة ضخمة و منصة تستقبل يوميا نجوم الفن السابع الذين قدموا للمشاركة في هذه الدورة، حيث عاشت الساحة لحظات استثنائية مع الممثل والمخرج شاه روخ خان الذي تجاوب مع أمواج بشرية من عشاقه الذين تدفقوا على الموقع الأسطوري لمشاهدة نجمهم الهندي المفضل الذي لم تدم إقامته طويلا بمراكش، حيث غادرها في اليوم الموالي في اتجاه دبي الإماراتية. انطلاق الدورة الحادية عشر لمهرجان مراكش الدولي كان مصحوبا بحالات غضب وخيبة من قبل جهات متعددة. أولها الجسم الثقافي والفكري بالمدينة الحمراء الذي تُواصل إدارة المهرجان تجاهله، حيث لم تكلف نفسها حتى عناء استدعاء رموزه مع العلم أنها تستقدم المئات من الضيوف من خارج المدينة و خارج الوطن أيضا، دون أن تنتبه أن هؤلاء المبدعين من كتاب وشعراء و مفكرين ونقاد الذين تتجاهلهم هم الحاضن الحقيقي للقيم التي تضمن استمرار مثل هذه التظاهرة، وتهميشهم فيها هو تهميش لأهمية هذه القيم نفسها و تجاهل لها. والأسوأ في الأمر هو أن من يتحمل وزر عشقه للفن السابع وإيمانه بقيمته من هؤلاء الكتاب و يتنقل إلى مقر المهرجان بحثا عن رخصة لمتابعة أنشطته يكون ملزما بتقبل معاملة مهينة لا تليق باسمه ولا بدوره الحضاري من قبل حراس الأمن أولا وكذا من المسؤولين عن تسليم بطاقات الولوج . أما الجهة الثانية التي لم تكن راضية عن المهرجان أيضا فهي نقاد السينما الذين اشتكى الكثير منهم من إقصائهم من التظاهرة وتهميشهم. والجهة الثالثة هم مراسلو الصحافة الوطنية الذين اختارت إدارة المهرجان إبعادهم عن حفل الافتتاح لأسباب ظلت مجهولة. ويحفل برنامج التظاهرة خلال هذا الأسبوع بأحداث كثيرة ينتظرها المتتبعون بشغف كبير في مقدمتها تكريم الفنان المغربي محمد بسطاوي يومه الإثنين وتكريم السينما المكسيكية والممثل والمخرج الأمريكي فورست وايتيكر وكذا المخرج والسيناريست ومخرج الأوبرا الأمريكي تيري كيليان والمخرج الإيطالي ماركو بيلوتشيو .