نمهد لحديثنا عن جماليات التناص التراثي في ديوان (وقت بين المديح والرثاء) ، بصوغ دعوتين جماليتين تؤطران نظرنا في الإصدار الشعري الثالث للشاعر الزبير خياط[1] ، الموسوم ب(وقت بين المديح و الرثاء) ، الصادر عن مطبعة الأنوار المغاربية ، سنة 2012، في طبعة أنيقة نصا و مناصا. أ- الدعوة الأولى : نقدية، مفادها ، أن النظر السديد في الأقاويل الشعرية لا يتأتى بالمجازفة في التعميمات، و إنما بالنظر الكلي ، القائم على النظر، و التحليل المفصل، و الاستخراج التدريجي للجماليات الثاوية في النصوص و الآليات التي تحكمها،ذلك أن أي قراءة أحادية متسرعة لديوان من الدواوين عامة، أو الديوان الذي بين أيدينا(وقت بين المديح والرثاء) خاصة، هي قراءة قاصرة مختزِلة، تسقط صاحبها في آفة تغريب النصوص، بدل التقريب الجمالي لها، سواء أ كان النظر النقدي مضمونيا محصورا في غرض واحد– و إن شئت قلت: تيمة يتيمة-، أم إنتاجيايكتفي بالبحث في آلية من آليات الإنشاء النصي. ب- الدعوة الثانية: تدليلية، مفادها، أن من نظر في ديوان (وقت بين المديح والرثاء)، و قبلهما ديوانا(آدم يسافر في جدائل لونجا)، و ديوان (الطريق إلى إرم)، يجد أن الشاعر الزبير خياط شاعر ذو شاعرية عالية و جماليات متعالية يعز أن نجد نظائر لها في دواوين كثير من الشعراء الذين يسوقهم الإعلام الثقافي المأجور، ويطبل لهم النقاد المأجورون الذين لا يكتبون النقد إلا بالنقد. من هنا،و بناء على الدعوتين السابقتين، نجد أن الناقد الحق، هو الذي يتبنى رؤية شمولية في تحليل الأعمال الإبداعية. و لما كانت ورقتي النقدية رهينة حفل تكريم ، و أدبياته القائمة على الإيجاز في التعبير، و الاقتصاد في التدليل، فإني أعملت – في هذا المقام- نظرا جزئيا، اكتفيت فيه باستجلاء جماليات التناص التي احتفى بها ديوان (وقت بين المديح والرثاء) للشاعر، على أمل إعمال نظر كلي في مناسبة أخرى، من خلاله أقف عند مختلِف الجماليات التي ضمنها دواوينه المنشورة . 2- جماليات التناص التراثي في ديوان ( وقت بين المديح والرثاء) إن من أبرز الآليات الجمالية التي توسل بها الشاعر الزبير خياط في إقامة مشروعه الشعري عامة،و إنتاج نصوص ديوان ( وقت بين المديح والرثاء) خاصة، آلية التناص[2]، هذه الآلية التي قلما يخلو منها نص شعري/إبداعي سواء أ كان معاصرا، أم كلاسيكيا، باعتبارها آلية عنقودية موزعة في جل الأفضية النصية، العربية والغربية، فهي سلاح حواري فوق زمني، بموجبه تتعالق ذات المبدع -نصيا- مع ذوات وأصوات عدة معاصرة لها/ أو بعيدة عنها، عبر استراتيجية التفاعل الأفقي و الرأسي الذي يحدد نوع التعالق الحاصل بين النصوص و أدواته. و إذا كان قدر كل نص أن يتعالق مع نصوص أخرى ، تعالقا ظاهرا ، أو مضمرا ، كما صرح بذلك كل من جيرار جنيت و جوليا كريستيفا ، فما نوع التعالق الذي ارتضاه شاعرنا في ديوانه ؟ إن الناظر فيه ، يجد أن الشاعر الزبير خياط اختار من بين الامكانات التناصية المتاحة له التوسل بالتناص التراثي، و بخاصة التناص الديني في شقيه (القرآني و الحديثي) ، و التناص الشعري في شقه( الكلاسيكي)، حيث لجأ إلى التناص التراثي في إنشاء كثير من نصوص الديوان، وفق رؤية خاصة للتعالق النصي و طرائق مخصوصة في بناء الصور و ترتيب الأقاويل الشعرية المتناصة، إذ يظهر لنا التناص القرآني من أول قصيدة في الديوان، أعني قصيدة (الأسماء) التي اعتمد فيها الشاعر تناصا ظاهرا تولد عن طريق تقنية التعليق والتضمين، حيث قال معلقا في افتتاحية نصه ???? من أسماء آدم تلقفت قافية فقلت): ثم قفَّى هذا التعليق بقوله: ” وَ عَلَّمَنِي/ مِنَ الأَسمَاء قَافِيَةً/ فكان الحرف أقربَ/ مِنْ وَرِيدِ الرُّوحِ / لِي غَلَسٌ إلى الكِنَايَةِ/ ثم لِي فَلَقٌ إلى الرُّؤْيَا…”[3]، حيث تعالقت هذه الأقاويل الشعرية عبر تقنية التضمين مع قوله عز وجل “و علّم آدم الأسماءَ كلَّها”[4]، وفقَ استراتيجية خاصة، قائمة على التدرج الترتيبي، نقل من خلالها الشاعر فعل (علَّم) من دلالة إلَهية كلية مفادها (الله علم آدم) القيمَ المطويةَ في الأسماء كلِّها إلى دلالة ناسوتية جزئية (آدم علم الشاعر ) قيمة (الشعر ) و أنبأه بالجماليات المطوية في لفظته ،حيث مكن هذا التناص القرآني القائم على خطة التدرج -شاعرنا- من التوليد القولي و الدلالي لصيغة (علّم) ، فجعل الفعل الواحد يتدرج في نفسه و غيره، و يتوالد و يتشعب حتى يصير عبارة عن طبقات دلالية و رمزية متفاوتة متمايزة ( إلهية –ناسوتية) تتداخل و تتعالق فيما بينها، وفق منطق خاص، و تصوير مَخْصُوصٍ. و بهذا الإجراء التناصي القائم على خطة التدرج القولي و التوليد الدلالي، استطاع شاعرنا الخروج من ضيق التلقي الاسمي إلى سَعة الرؤيا،كأنه صوفي، رُفِع عنه الحجاب، و وُصِلَ أفقه الجمالي بآفاق عليا فوق أفق الإنسان العادي،حتى أضحى البانيَ الفعليَّ لها و لمعانيها،و في هذا قال: (و علَّمَنِي لِأُنْبِئَكُمْ بِأَسْمَائِي وَ ما ألْقَى الرَّقِيمُ إِليَّ في وَرَقٍ و فِي لَوْحٍ كَأَنِّي قَدْ خَسَفْتُ لَكُمْ عُيُونَ الشِّعر مِنْ جُرْحِي أَوَ نِّي عَاشِقٌ دَنِفٌ يَظُنُّ البُرْءَ فِي الْبَوْحِ بِكُمْ شَوْقٌ إِلَى كَلِمِي/ وَ بِي شَوْقٌ إلى الرُّؤْيَا[5]. و قوله في النص الثاني الموسوم ب “ليلى”: هَلْ غَوَى عِنْدَمَا شَقَّ مِنْ ضِلْعِهِ امْرَأَةً وَ اسْتَوَى ثُمَّ دَاخَ بِأَحْلَامِهِ بَيْنَ تُفَّاحَةٍ لِلْخُلُودِ وَ تُفَّاحَةٍ لِلْهَوَى)[6]. إذ يُظْهِر هذا المقطع أن الشاعر الزبير خياط ، لم يكتف بخطة التدرج والترتيب في تناصاته فقط، بل اعتمدهما حتى في ترتيب موضوعات مناصاته العَتَبَاتيَة ، فاستثمر في ترتيبهما الترتيب و التدرج المعتمدين في(قصة آدم) و تدرج من موضوعة التلقي” تلقين الأسماء —- في القصيدة الأولى الموسومة (بالأسماء)” إلى موضوعة الخلق (خلق حواء من ضلع آدم/ شق ليلى من ضلع الشاعر —- في القصيدة الثانية الموسومة ب (ليلى)”. و مما تجدر الإشارة إليه ، أن هذا التناص الظاهر الذي أقامه الشاعر مع (قصة آدم) بواسطة آلية التضمين والتعليق قد مكنه من فتح آفاق جمالية مكملة لقصة آدم ، و مغايرة لها في الآن ذاته. و من التناصات القرآنية التي اصطبغت بصبغة المغايرة نسوق النماذج النصية الآتية : * قوله في قصيدة ليلى” دَلَّهَا هُدْهُدٌ/ كَانَ دَلَّ سُلَيْمَانَ يَوْمًا عَلَى عَرْشِ بَلْقِيسَ/ أَوْ دَلَّهَا طَلَلٌ/ رَاسِبٌ بَيْنَ عُذْرَةَ وَ الذَّاكِرَهْ”. * و قوله :” وَ لازِمَتِي:/ لِإِيلَافِ الجْوَى/ إِيلَا فِهِ جَنْبِي// وَ إِيلَافِ الْهَوَى/ إِيلَا فِهِ قَلْبِي”[7]حيث يحيلنا مركب(لإيلافِ) مباشرة على سورة (قريش) . * وقوله:” الَّتِي سَرَقَتْ / وَرْدَةَ الْحُبِّ مِنْ جَنَّةِ اللهِ / أَغْوَتْ بِهَا عَبْدَهُ/ هِيَ مَنْ عَمَّرَتْ/ بِالْوَرَى أَرْضَهُ /هَكَذَا مِنْ زَمَانٍ سَدِيم / إَلَى زَمَنِ الْكَهْرَبَاءِ / لَمْ تَزَلْ سَكَنًا/ شَبَقًا دَافِقًا/ بَيْنَ مَاءٍ وَ مَاءْ”[8] * وقوله (فَمَا كَلَّمْتُكُمْ رَمْزا/ و لكن ضاقتِ الكلمات لما جلَّتِ الرُّؤْيا )[9]، المتعالق مع قصة زكرياء الواردة في سورة (مريم)، عَالقَ توْسيع وقلب دلالي. * و قوله” لَعَلِّي بَاخِعٌ نَفْسي/ عَلَى آثارِ شَارِدَةٍ/ أَرُدُّ بِهَا هَوَى عَجُزٍ/ عَلى صَدْرٍ لِآبِدَةٍ” المُتَعَالِقِ تَعَالُقَ تَكْمِيلٍ. * مع قوله عز و جل في سورة الكهف ((فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفًا”[10]. * و يتجلى تناص المغايرة الصميمية مع القَصَصِ القرآنيِّ أيضا، من خلال قوله في قصيدة(موطني) المُتَعَالِقَةِ تَعَالُقَ تَضَادٍّ مع (قصة يوسف) : ” يَمْلِكُ حُبًّا خَزَائِنَ مِصْرَ/ فَيُعْطِي المْسَاكِينَ/ شَيْئًا مِنَ الْقَمْحِ/ يُعْطِي زُلَيْخَةَ/ شَيْئًا مِنَ الحُْبٍّ/ ثم يُحَاسِبُ إِخْوَتَهُ/ يُوسُفُ الْيَوْمَ/ لَا يَسْجُدُ القَمَرَانِ لَهُ/ لَا يَشْرَحُ الْحُلْمَ كَيْ تَأْكُلَ الطَّيْرُ/ مِنْ رَأْسِ صَاحِبِه”. أما التناص الحديثي، فيتجلى من خلال قوله في قصيدته التأبينية الموسومة بالوعد،( هَلْ وَجَدْتِ الَّذِي.. / قَدْ وُعِدْتِ/ وَجَدْتُ فِرَاقكِ هَوْلًا ثَقِيلَا) [11]حيث تناصتِ البنية التركيبية للسطر الأول مع الخطاب النبوي الذي خاطب فيه الرسول الكريم، أبا جهل، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، بعد مقتلهم قائلا:( هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وُعِدْتُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا)[12]، و تتجلى صبغة المغايرة –هنا- ،من خلال التعدد الصوتي الذي مكَّنَ الشاعر من الانتقال من مقام المخاطِب/ السَّائِلِ(هل وجدتِ؟) إلى مقام المخاطَب المجيب(وجدتُ)، و التوليد الدلالي للصور بواسطة أسلوب الالتفات التراثي الذي نقل البنية التركيبية للحديث النبوي من دلالة السياق الحديثي (غزوة بدر) إلى دلالة سياق آخر مغاير و معاصر ( تأبين الأم). * و قوله ( قَدَرِي/ أَنْ أُسَاكِنَ حُبًّا غَضِيضًا/ وَ مُلْكًا عَضُوضًا / وَ قَافِيَةً لِلشَّجَنْ)[13] حيث أحالتنا عبارة “مُلْكًا عَضُوضًا” مباشرة على حديث النبوة ( ( الخلافةُ بَعْدِي ثلاثون سنة ثم تكونُ مُلْكًا عَضُوضًا))[14]، و لا يخفى أن هذا الصنف من التناص التركيبي أقرب إلى التَّفَارُقِ منه إلى التَّعَالُقِ، إذ يروم الشاعر من خلال توظيفه لهذه البنيات التركيبية الحديثية (هَلْ وَجَدْتِ الَّذِي./ قَدْ وُعِدْتِ- مُلْكًا عَضُوضًا) ترويض بنياتها الدلالية و نقلها من سياقها التاريخي الذي وردت فيه إلى سياق جمالي مُبَايِنٍ ، بِقدرِ ما يُظْهِرُ تعالقا تناصيا،يُضْمِرُ قطيعة سياقية. أما عن تناص نصوص ديوان ( وقت بين المديح والرثاء) مع التراث الشعري الكلاسيكي فنمثل له بالنماذج الآتية: أ- تناص قوله ( أَنَا مِنْكُمْ / وَ مَا لِي دُونَكُمْ أَهْلُونَ/ لَا بِيدٌ، وَ لَا سِيدٌ)[15] مع قول الشنفرى ( وَ لِي، دونكم، أَهْلُونَ:سيدٌ عَمَلَّسٌ/ وَ أَرْقَطُ زُهْلولُ و عَرفَاءُ جَيْأَلُ)[16] عبر آلية التحويل من الإيجاب “ولي دونكم أهلون” إلى النفي” وَ مَا لِي دُونَكُمْ أَهْلُونَ “. ب- تناص قوله:” قَسَمًا/ بالذي كُنْتِ مَسَّحْتِ كَعْبَتَهُ/ و ضَرَبْتِ له/ كَبِدَ الرَّاقِصاتِ على الجوِّ/ حتى مِنًى”، مع قول جميل بثينة في مطلع نونيته ” حَلَفْتُ بِرَبِّ الرَّاقِصَاتِ إلى مِنًى/ هُوِيَّ القَطَا يَجْتَزْنَ بَطْنَ دَفِينِ”[17]، عبر آلية التضمين. ج- تناص قوله في قصيدة “نستالجية الاسم و الحب” ???? رُبَّمَا سَتَقُولِينَ:/ هَذَا جَنَاهُ أَبِي/ رَبَّمَا سَتَقُولِينَ/ أَهْلًا بِهَذَا القَدَرْ)[18] مع قول المعري ( هَذَا جَنَاهُ أَبِي عَلَيَّ/ وَ مَا جَنَيْتُ عَلَى أَحَدٍ)[19] عبر آلية الاقتباس. د- تناص قوله في قصيدة “موطني” ( أَحْمِيهِ مِنْ شَارِبٍ حَفَّهُ الجَهْلُ / أَوْ عِمَّةٍ شَرْعُهَا القَتْلُ)[20]، مع قول المتنبي( أَ غَايَةُ الدِّينِ أنْ تحفوا شَوَارِبَكُمْ/ يَا أُمَّةً ضَحِكَتْ مِنْ جَهْلِهَا الأُمَمُ)[21]، عبر آلية الامتصاص. ه- تناص قوله في قصيدة “طلل الملاحم”:( وَزَّعْتُ حُبِّي / بَيْنَ هِنْدٍ و الرّبَابِ/ و قُلْتُ هَذَا اليَوْمُ خَمْرٌ/ ثُمَّ أَمْرٌ، و انْكَسَرْتُ)[22] مع قول امرئ القيس عندما بلغه مصرع أبيه ( لا صَحْوَ اليَوْمَ وَ لا سُكْرَ غدًا ، اليوم خَمْرٌ وَ غَذًا أَمْرٌ)[23] عبر آلية الاستدعاء. و تجدر الإشارة، إلى أن آلية الاستدعاء من الآليات التي توسل بها الشاعر كثيرا في تناصاته ، حيث استدعى أحداثا تاريخية واقعية مشرقية (قصة الحسين-الخوارج)[24] ومغربية( أمجاد الأندلس- المغاربة)[25]، و أسطورية( أسطورة أوديب) [26] و أقوالا مأثورة وأمثالا مِثل مَثل(عاد بخفي حنين) الذي يضرب في الشخص الذي لا يصل إلى مبتغاه، كما مزج بين هذه الاستدعاءات في النص الواحد مثل نص “الرهان” الذي استدعى فيه واقعة تاريخية ومثلا عربيا في آن واحد قائلا:( عِنْدَمَا جَاءَ قَيْصَرُ/ يَحْمِلُ فَوْقَ البَنَادِقِ قُرْآنَهُ/ وَ يُخَبِّئُ لِي طَلْقَةً/حِينَ أَوَّلَ أُغْنِيَتِي/ كَيْ يُكَفِّرَنِي/ ثُمَّ عَادَ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ/ وَ عُدْنَا بِخُفَّيْ حُنَيْنِ)[27]، هذا فضلا عن استدعائه لألفاظ من دارة الشعر الكلاسيكي من قبيل ( عذرة- وادي القرى-تهامة، شاردة، آبدة- بيد- سيد- أنجد-طلل –خدر- ظبية- مهرة نافرة- الجوى-السنون العجاف-الهتون- غضيضا-عضوضا-مهمه-النفير-السنان- مآقي الزمان-المرقش-..إلخ) ، حيث بعثها بحمولتها التاريخية وطبقاتها الدلالية بطريقته الخاصة وألبس مبانيها ألبسة دلالية نقلتها من الدلالة المعجمية المفردة إلى الدلالة الرمزية، كما عَبَرَ بها عَبْرَ وسيط التناص من زمن التراث النصي الذي نشأت فيه إلى زمن الحداثة الذي تنتمي إليه نصوص الديوان. 3- إجمال: إذا تقرر في مقدمة ورقتنا أن الشاعر الزبير خياط استثمر التناص التراثي في إنتاج نصوص ديوان ( وقت بين المديح والرثاء)،فقد تعين/ثبت من خلال النماذج النصية التي مثلنا بها، أن تناصاته قد اصطبغت بصبغة المغايرة الصميمية و تلونت بلون الحداثة،حتى صارت سياقتها الدّالية ، و الدلالية، و التاريخية ، لوحة نصية رمزية قزحية تزدوج فيها ألوان التراث بألوان الحداثة ، وفق اِستراتيجية تناصية متفردة مكنت نصوص الشاعر من مجاوزة النصوص المستدعاة و مغايرتها مغايرة جذرية. و على الجمُلَةِ ، فإن قارئ ديوان ( وقت بين المديح والرثاء)، يجد أنه معمار فني طوابقه النصية تَتْرَى بالمعارف و الجماليات (الأصيلة والمعاصِرة) الدالة على عمق الشاعر و موسوعيته التي كان من ثمرتها الوعي بحداثة التراث ، و الاقتدار على ترويض الخطاب التراثي و بعثه بعثا حداثيا مغايرا لا إحيائيا مماثلا كالذي مارسه شعراء التجربة الإحيائية . إسماعيل علالي