تعيش الأمة الإسلامية اليوم ذكرى مولد خير البرية، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وسماه الله **السراج المنير**، وجعله على **صراط مستقيم**، فاللهم صل عليه صلاة تليق بمقامه الكريم، وزده رفعة ومهابة وتعظيماً. تمتزج هذه السنة فرحة ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم ببلوى الحزن على ما يقع في بلد إسرائه ومعراجه! **عام** مضى على الهجمة الشرسة التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني على أرض الإسراء والمعراج، وعلى شعبها الأبي الأعزل، على مرأى ومسمع من كل العالم بحكامه ومنظماته الدولية وشعوبه. **عام** من تحطيم كرامة المسلم ومقدساته، **عام** من تجويع المسلمين وحرمانهم من الأدوية والتطبيب، على مسمع ومرأى من كل الخليقة، ولا أحد حرك ساكناً! طالت علينا منذ سنين كذبة المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان والمرأة والطفل والحيوان والأرض، فلم تتمكن أي منها من وقف النزيف الذي يحدث في بلد الأنبياء. **لا إنسان** سلم من بطش بني صهيون، ولا أرض ولا حيوان. فأظهر المحتل الغاصب لبلد الإسراء والمعراج أنه لا يوجد قانون دولي يوقفه عن جرائمه، ولا إنسانية تحترم، ولو قليلاً، الأطفال والنساء والشيوخ. كما بدا جلياً أن من يحكم العالم ويسيره كيفما يشاء ليس أمريكا ولا أوروبا ولا غيرها من الدول الملقبة بالعظيمة والقوية، وإنما هو **جنس واحد وكيان واحد**، وهو الكيان الصهيوني الذي انتشر كالسرطان في كل دواليب العالم، فتحكم في اقتصاده وسياسته، وأصبح يقلبها كما يشاء. لكن السؤال المطروح ونحن نعيش أجواء الاحتفال بذكرى مولد سيد الأنام هو: أين المسلمون من كل هذا؟ أين الحب المكذوب لرسول الله؟ أين غيرتنا على الإسلام ومقدساته؟ أين عبارات الدفاع عن حمى الملة والدين؟ **كل هذه العبارات ذهبت هباء منثوراً** أمام الفعل الشنيع لهذا السرطان الذي ملأ الدنيا حروباً وكراهية. فهل ستوقظنا هذه الذكرى، الممزوجة بدماء الأبرياء، لتثير فينا الغيرة على ديننا ومقدساته، وننهض كرجل واحد، حكاماً ومحكومين، لمقاطعة هذا الكيان والرد عليه بما يستحق؟ ليعلم أن **صبرنا قد نفد**، وأن كل شيء يمكن أن يُهان إلا مقدساتنا. ألم يأن للذين لا تزال فيهم ذرة إيمان وحبة حب لرسول الله أن يقوموا بواجبهم الديني والإنساني تجاه القضية الفلسطينية، لننقذ على الأقل ما تبقى من هذا الشعب الذي عانى ولا يزال يعاني **أكثر من سبعين سنة** وطأة الكيان الصهيوني؟ أيرضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما نحن فيه من انهزام وخنوع وتواكل، ونحن ننتظر شفاعته يوم لا ينفع مال ولا بنون؟ أيرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحدث لبلد إسرائه ومعراجه ولقائه بكل الأنبياء والرسل؟ إذا لم نجد جواباً فعلياً لهذه الأسئلة، فسيصدق فينا قول: **"لقد أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض!"** وبهذه المناسبة، أناشد جلالة الملك محمد السادس، حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورئيس لجنة القدس، أن يتخذ **قراراً جريئاً** كما عهدنا منه، لوقف سفك دماء الفلسطينيين وحماية القدس من الخراب. كما لا تفوتني هذه المناسبة لأبارك لجلالة الملك محمد السادس، أيده الله، ذكرى مولد جده رسول العالمين وخير البرية أجمعين. وحسبنا الله ونعم الوكيل.