بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. أحبابي الكرام: يقول الله تعالى في صدر سورة الإسراء (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا..). يظهر لنا من هذه الآية الكريمة تلكم الصلة الوثيقة التي لا تنفصم بين المسجدين العظيمين.. المسجد الحرام.. والمسجد الأقصا بالقدس الشريف.. لقد ربط الله العظيم بينهما في كتابه الكريم.. في آية الإسراء.. إعلاما مبينا ودون مُوَارَبة.. حتى لا ينفصلا عند أي مؤمن بهذا الدين.. لا فصل أبدا بين المسجدين.. ولا تفريط في واحد منهما.. وزاد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فرغب في شد الرِّحال.. إلى تلكم المَحَالّْ.. والاعتكاف بها.. وجعل الصلاة فيها مضاعفة متقبلة.. وذلك حتى تٌتفَقَّدَ تلكم المواقع وتكون موصولة من المؤمنين عناية وصيانة ورقابة.. إن المسجد الأقصا منتهى مسرى نبينا صلى الله عليه وسلم.. ومنطلق معراجه.. وفي هذا إشارة إلى أنه لا عروج لنا أبدا ولا ارتقاء.. وأقصانا أسير في أيدي المعتدين.. لقد ربط الله بين المسجدين العظيمين.. حتى لا تهون علينا حرمة المسجد الأقصا الذي بارك الله حوله.. إن القدس أرض النبوءات.. روَّاها جيل الصحابة والتابعين فَمَنْ بعدهم بدمائهم.. وقدموا من أجله شهداء خالدين.. فلا ينبغي للمسلمين أبدا أن يفرطوا في أقصاهم ويضيعوه.. ماداموا يؤمنون بالاسراء معجزة لنبيهم.. وماداموا يتلون سورة الاسراء.. إن قضية القدس هي قضية كل مسلم يقول لا إله إلا الله.. إن الله توعد اولئك الغاصبين.. فقال: (وإن عدتم عدنا) إن عدتم إلى الإفساد.. عدنا إلى تسليط العباد.. إن قضية القدس الشريف.. لن تنصر بالأغاني ولا الاناشيد.. ولا التعويل على الأماني الكاذبة.. إنما تنصر بتنشئة الجيل تنشئة دينية.. يلتقي فيه القول بالعمل.. وتُوَرَّثُ فيها معاني العزة جيلا بعد جيل.. إننا ونحن نشاهد مشاهد الظلم المروعة.. لا نملك إلا أن نقول بملء فينا (اللهم إن هذا منكر) مجازر تتلوها مجازر.. وجرائم تعقبها جرائم.. على مرأى ومسمع من هذا العالَم الظالِم.. وإننا لنرفعُ شكوانا إلى الله.. ضاعت منا الكلمات.. وتاهت العبارات.. وحسبنا الله ونعم الوكيل وحسبنا الله ونعم الوكيل.. وإننا نثق بموعود الله بالنصر لمن أتى بشرطه.. والله المستعان.. وعليه التُّكلان.. ولا حول ولا قوة الا بالله.. والله غالب على أمره.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.