تعد مسيرات الأقطاب إحدى أهم المحطات النضالية التي سطرها المجلس الوطني لتنسيقية الأساتذة المتدربين بالمغرب، ويأتي هذا الشكل التصعيدي بعد محطات نضالية مختلفة للأساتذة المتدربين كان أبرزها المسيرة الوطنية الرابعة بالدار البيضاء القلب الاقتصادي للمملكة والتي عرفت مشاركة مايناهز 60 ألف مشارك من بينهم أكاديميين وسياسيين وأساتذة ممارسين ونقابات وفاعلين جمعويين والقاضي المعزول محمد الهيني.. تنزيلا للبرنامج النضالي القاضي بتنظيم مسيرات الأقطاب في كل من تازةوالقنيطرة ومراكش لبت جميع المراكز دعوة التنسيقية والتحق كل مركز بالقطب الأقرب له غير أن الداخلية كعادتها أبت إلا أن تخرق الدستور وتصادر حق الأساتذة المتدربين في السفر فمنعت السلطات مركز مكناس من الالتحاق بقطب القنيطرة وحالت دون دخول الأساتذة محطتي القطار لاقتناء التذاكر كما منعتهم من التوجه نحو الحافلات مما اضطر أساتذة الغد إلى الاقدام على تحد غير مسبوق أذهل السلطات واستنفرت كل أجهزتها ومسؤوليها بمختلف رتبهم وعناصر مختلفة من رجال الأمن والتدخل السريع والقوات المساعدات والدركيين.. لتحاصرهم وتقوم بقمعهم مما خلف إصابات مختلفة في صفوف الأساتذة وإغماءات من جانب الأستاذات بعد أن قطعوا ما يقارب 10 كلم مشيا على الأقدام تحت وهج الشمس محملين بالأغطية والأفرشة. ولم يسلم قطب تازة من تسلط الداخلية التي قام عناصرها بتكسير عظام الأساتذة ومطاردتهم في شوارع تازة بعد منتصف الليل وتقوم مجددا بتعنيفهم واعتقال بعضهم في التاسعة صباحا. لقد تجاوز تعاطي السلطات والحكومة مع الأساتذة المتدربين بهذا الشكل من التعنيف والحصار والتنكيل وتكسير العظام وإراقة الدماء طيلة خمسة أشهر مضت كل الحدود وأساء إلى دولة الحق والقانون ومس بهيبة دولة تدافع الديمقراطية وحقوق الإنسان وتسعى نحو التقدم والالتحاق بركب الدول المتقدمة، لقد قدمت الحكومة بتعاملها هذا صورة سيئة عن المغرب الجديد وجعلت المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية تستنكر وتقدم تقارير صادمة. كان الأجدر بحكومة منتخبة أن تجعل من مطالب الذي أولوية لها وتسعى إلى إيجاد حلول سريعة لأي مشكل قد يعصف بالتحول الديمقراطي الذي عقب دستور 2011 وتحافظ على مكتسبات الشعب المغربي والمدرسة العمومية لا أن تسعى إلى رفع يدها عن قطاعي الصحة والتعليم وتعبيد الطريق أمام الخواص والباطرونا للمتاجرة بأهم قطاع حيوي وأساس ازدهار كل أمة كقطاع التعليم. بعد أن أجمعت الأحزاب السياسية معارضة وأغلبية وكذا فقهاء القانون والمركزيات النقابية والمهتمين بالحقل التربوي ..على مشروعية وشرعية مطالب الأساتذة المتدربين أن تستجيب لمطالبها وتعيد النظر في قرارتها وفق مقاربة تشاركية وسياسة تشاورية واضعة نصب أعينها مصلحة المغاربة و مصلحة الوطن لا أن ترتمي في أحضان صندوق النقد الدولي وتنفذ أوامره على حساب البسطاء والمقهورين. إن ما اعتبره رئيس الحكومة حلا لمشكل الأساتذة المتدربين يفصح بجلاء عدم رغبة الحكومة في الخروج من الأزمة ولا يرقى إلى درجة الواقعية والمقبولية فتعليق مصير 3000 أستاذ متدرب بظفر ابن كيران أو أحد أتباعه بولاية ثانية لرئاسة الحكومة فيه عبث وضحك على الأذقان، واعتراض ابن كيران على كل المقترحات الجادة التي تقدمت بها سواء المبادرة المدنية أو النقابات أو المعارضة لحلحلة الملف يوضح بجلاء أن ابن كيران لايهمه مستقبل واستقرار البلد ولا يهمه التعليم العمومي والفئة البسيطة من المغاربة بقدر ما تهمه إملاءات صندوق النقد الدولي وخدمة أباطرة القطاع الخاص وتشريد الأساتذة المتدربين. لقد أكد الأساتذة المتدربون من خلال تنسيقيتهم أنهم يقدمون مصلحة الوطن ويقبلون بكل حل من شأنه أن يعيد الاستقرار ويفرج الأزمة شريطة أن يكون جاد ومعقولا وواقعيا، وأدانوا الشكل الذي يتعاطى به رئيس الحكومة مع مطلبهم وكذا التصريح الخالية من الصحة لكل من وزير الاتصال الخلفي والوزير المنتدب بالمالية الأزمي الذي خلق تصريحه الأخير نوعا من السخط الاجتماعي والاستنكار الشديد من قبل مختلف الأطياف إذ لا يحق لمسؤول حكومي أن يكذب ويتلاعب بمشاعر المغاربة والمقهورين. وختاما أشير إلى أن الحكومة راهنت منذ أشهر على انقسام وحدة الأساتذة المتدربين واتهمتهم بالتبعية لجماعات محظورة وعتمت عليهم إعلاميا وحاول تزييف الحقائق لتؤلب الرأي عليهم لكن كيدها رد في نحرها وانقلب السحر على الساحر وأضحت تعيش شرخا وتصدعا في تآلفها الحكومي في حين صمد الأساتذة المتدربون ولازالوا كلهم عزم وإصرار حتى استرجاع حقهم المسلوب وإنزال الرباط سيكون الفيصل والرائج أن الأساتذة قد أعدوا مفاجئات لم ولن تخطر ببال رئيس الحكومة وستكون تداعياتها خطيرة خاصة بعد أن عمدت الحكومة إلى ارتكاب مجازر في حق الأساتذة السلميين وأحالت عدة أساتذة مكونين بالمراكز الجهوية على المجالس التأديبية بذريعة التحريض على مقاطعة التكوين ومساندة الأساتذة المتدربين المحتجين.