ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستحقاقات المهنية.. بين ثنائية التغيير أو إعادة إنتاج الأزمة
نشر في العمق المغربي يوم 30 - 11 - 2023


تقديم:
لماذا الإنتخابات ؟ وسيلة أم هدف ؟ لماذا الترشح لمنصب النقيب و لشغل العضوية في مجلس الهيئة ؟ هل هي رغبة ذاتية ؟ أم أنها ضرورة مهنية ؟ و ما هو الهدف من الترشح؟ هل لتحقيق مكاسب شخصية و حماية مصالح خاصة ؟ أم لتجويد المكتسبات و حماية المهنة و تطويرها و عصرنتها وضمان حصانتها، وتوسيع مجال اشتغال المحامي (احتكار المهنة)؟ كيف يجب التعامل مع الحماية الإجتماعية للمحامي ؟ هل عن طريق تعميم آلية التكافل لتشمل جميع القضايا عوض اقتصارها على حوادث السير و القضايا الاجتماعية ؟ ما العمل أمام نظام جبائي غير عادل ؟ و تشريعات غير دستورية ؟ و تعطيل للأحكام (مثلا المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020)؟ ما موقفنا من تغول المندوبية العامة لإدارة السجون ؟ لماذا عرقلة نظام المساعدة القضائية ؟ و لماذا لم تعد الهيئات مهتمة بقضايا حقوق الإنسان و الحريات والديموقراطية ؟ أليست المحاماة برسالة نبيلة و مهنة شريفة ؟ و أليست مهنة المحاماة ضرورية في دولة القانون ؟ إذا كانت المحاماة مهنة حرة و مستقلة و جناح من جناحي العدالة تساهم في تحقيق العدالة، أليس من الطبيعي أن يتمسك المحامون بأن تظل المهنة مستقلة، و هو المبدأ الذي ورد في جميع القوانين المنظمة للمهنة منذ الإستقلال (قوانين: 1993،1979،1968،1959، و 2008)؟
هذه الأسئلة و غيرها من التساؤلات تساؤل ضمائرنا و تدفعنا إلى الجواب عليها بمهنية و بنفس حقوقي، علما أن إصلاح القضاء و المحاماة، لا يمكن أن يتحقق خارج الإصلاح السياسي و مبادئ دولة القانون، و كل معالجة خارج هذا الربط ستكون معالجة معزولة و محدودة النتائج.
أولا: المبادئ التي يجب أن تحكم الإستحقاقات المهنية:
إن من بين العوامل السلبية التي تكبح التغيير و ساهمت في الإبقاء على منطق "الريع المهني"، هو استمرار البعض لمدد طويلة في المسؤوليات، مما ساعد على تشكل لوبيات، و إفراز تحالفات و طوائف تتعارض و القيم النبيلة لرسالة المحاماة، مما إنعكس سلبا على تسيير و توجيه العمل داخل الهيئات على تحمل المسؤوليات و إنجاز المهام، هذا الوضع أنتج حالة من الإحتقان يتعين الإنهاء معها و الإنتقال إلى بناء الثقة بين المحامين، وشيوع ثقافة التسامح و الحوار المنتج و الخلاق.
1- إن المهنة في حاجة إلى من يدافع عنها و يحميها و يحصنها، و هي المهام الموكولة إلى المحاميات و المحامين من ناحية المبدأ، بواسطة مؤسستي النقيب و المجلس، لكن حصلت تراجعات لأسباب موضوعية (سياسات عمومية)، و ذاتية، الأسباب الموضوعية هي العامل الرئيسي التي ساهمت في ضرب المهنة بواسطة سياسات عمومية غير عادلة، و تشريعات مخالفة للدستور، و استشكل الوضع في ظل قيادات مهنية، إما مهادنة أو تفتقد إلى تصور إستراتيجي للمهنة نظرا لقناعاتها بأن المسؤولية تقتضي ذلك، و هو ما طوقها بحسابات خاطئة.
2- المحامي مدعو بأن يمارس قناعته بحرية و إستقلالية لما يتعلق الأمر بإنتخاب الأجهزة المسيرة للهيئات (النقيب و المجلس)، و هو حق يكفله القانون المنظم لمهنة المحاماة، و سائر الأنظمة الإنتخابية، و المواثيق و الإعلانات الدولية، دون الإلتفات للتضليل الذي قد يتحول إلى وسيلة قمع لحرية الرأي و التعبير.
3- إن الإعلان عن الترشح يجب أن تحكمه إعتبارات موضوعية قبل أن تكون ذاتية، أمام دقة المرحلة، و الإستهدافات الممنهجة لمهنة المحاماة، التي تروم تركيع و استنزاف المحامين ماليا و إقتصاديا، و دفعهم أحيانا إلى الإنحراف عنوة، أمام عدم مواجهة المشاكل و الدفاع عن المهنة، في كثير من الملفات و المحطات، الأمر الذي خلق واقع اللامساواة في تكافؤ الفرص و "التوزيع غير العادل للثروة"، نتج عن ذلك بطالة مقنعة في صفوف المحامين، لذلك فالعمل بالتكافل المهني أصبح ضرورة، دون التعارض مع الطابع الحر للمهنة، و هو في حاجة إلى توسيع وعائه و تطوير أنظمته.
4- إن الإنتخابات وسيلة و ليست هدفا، و هي بذلك آلية لإختيار النقيب و أعضاء المجلس، لتحمل المسؤولية، و هي مسؤولية جسيمة و كبيرة، تتطلب في من يترشح أن يكون مؤهلا مهنيا و أخلاقيا، و يتميز بالإستقامة و النزاهة، يتمتع بتكوين قانوني و علمي، وأن يكون شجاعا ذو شخصية كاريزمية ينصر الحق و لا شيء غير الحق، خدوم للزميلات و الزملاء، بعيدا عن الفئوية و عن منطق اللوبيات و المحسوبية و الزبونية.
5- لذلك المطلوب من جميع المحاميات و المحامين أن يحكم ضمائرهم و إختيارهم للمترشح عامل الموضوعية و الحرية في التصويت، بعيدا عن أي تأثير أو ضغط أو مساومة، سواء كانت داخلية أو خارجية، لأن حرية الإختيار حاسمة في الإختيار، من أجل النهوض بالمؤسسات المهنية و الرقي بها، ورد الإعتبار لها للقيام بمهامها الحقيقية، و هي خدمة المصلحة العليا للمحاميات و المحامين.
6- إن المرحلة دقيقة، تقتضي إنخراط المحاميات و المحامين في التحولات المجتمعية الراهنة، بما ينسجم مع المبادئ المؤطرة لرسالة الدفاع، و بما يكفل مركزها الاعتباري كمهنة موكول إليها الدفاع عن الحقوق و الحريات و عن بناء دولة القانون، و تحقيق "مجتمع الكرامة المهنية"، لذلك فالنقيب مدعو بأن يمثل المحامين جميعا بإخلاص و أمانة و حيادية و تجرد عن طريق تبني رؤية مستقبلية نطاقها القضايا المهنية في جميع أوجهها (إجتماعية، ثقافية، حقوقية و رياضية، الخ)، و من أهمها ما يلي:
* المطالبة و الدفاع عن دسترة حق الدفاع و المحاماة؛
* إصلاح قانون المهنة بما يخدم مصالح المحامين، إعادة النظر في شروط الولوج للمهنة، التكوين و التكوين المستمر، حصانة الدفاع، احتكار المهنة و تعزيز دور الدفاع و توسيع مجال الإشتغال، إعادة النظر في الفئوية و تعزيز دور المحامين الشباب في تحمل المسؤولية، مراجعة المعايير المعتمدة للترافع أمام محكمة النقض، محاربة الفساد، تخليق المهنة بإحترافية بإعتماد مقاربة علاجية و ليست ردعية، ترشيد و تنمية مالية الهيئة، مقاربة النوع، مراجعة النظام الضريبي المطبق على المحامين، الدفاع عن التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب، تطوير نظام التكافل الإجتماعي و توسيع وعائه، إصلاح نظام التقاعد، إحداث دار المحامي بمواصفات عصرية تستوعب إدارة الهيئة و قاعات للندوات و ندوات التمرين و المحاضرات و الإجتماعات و مقصف، تبني سياسة مهنية تقوم على التعاون (السكن، النقل، الإقامة)، و إقامة شراكات مع مؤسسات الدولة و الجامعات و مؤسسات الحكامة و حقوق الإنسان، و إحداث ماستر متخصص للمهن القانونية و القضائية، مفتوح في وجه المحاميات و المحامين وفق معايير موضوعية.
* إعادة النفس الحقوقي للهيئات و الدفاع عن قضايا الرأي.
* تفعيل دور الهيئات وطنيا، و قوميا و دوليا.
ثانيا: التذكير بأهداف المؤسسات المهنية:
j- التأكيد بأن هيئات المحامين بالمغرب تعمل من أجل تحقيق ضمان حرية و حصانة و إستقلال مهنة المحاماة.
k- تأمين حصانة المحامي و حريته و استقلاله في أداء رسالته و حرمة عمله و مكتبه و ضمان كافة حقوقه المادية و الأدبية.
ƒ- المحافظة على التقاليد و الأعراف و على تنمية أخلاقيات المهنة.
„- العمل على تأهيل و تحديث مهنة المحاماة و ضمان التكوين و التكوين المستمر ورقمنة المكاتب.
…- العمل من أجل ضمان إستقلال القضاء (عضويا و شخصيا)، و نزاهته، و الدفاع عن استقلال مهنة المحاماة و حصانتها و حريتها.
†- الدفاع عن المصالح العليا للوطن و عن وحدته الترابية وقضاياه الإستراتيجية في جميع المحافل و المنتديات المهنية و القانونية و الحقوقية و الثقافية وطنيا و دوليا و قوميا.
ثالثا: على المستوى التشريعي:
بالنظر إلى كون وزارة العدل تعتبر الجهة الأساسية المكلفة بالإشراف على إعداد مشاريع القوانين المتعلقة بمهنة المحاماة، المسطرة المدنية، المسطرة الجنائية، القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين، وغيرها من القوانين ذات الصلة (إجرائية و موضوعية) و التي لها علاقة بحقوق الدفاع، و الحق في محاكمة عادلة، و حماية الحقوق و الحريات، فمن المفروض التنسيق بين الهيئات في إطار مقاربة تشاركية، من أجل التوافق حول صياغة قوانين جديدة ضمن مقاربة شمولية، أو التوافق على مجرد تعديلات ضرورية و مستعجلة إذا تعلق الأمر بالمقاربة الجزئية مع مراعاة موقع مهنة المحاماة المركزي في منظومة العدالة، كما يجب التأكيد على أهمية دسترة مهنة المحاماة.
رابعا: على مستوى تحديث و رقمنة المحاكم و معيقات تنزيلها:
تتولى وزارة العدل الإشراف على التحول الرقمي للمحاكم، و تسهر على تسيير مجموعة من التطبيقات الإلكترونية التي ترتبط بالعمل اليومي للمحاكم و بحقوق المتقاضين، وتعرف هذه التطبيقات أعطابا و توقفات تؤثر بشكل مباشر على حسن أداء المحامين لمهامهم، و تلقي ظلالا من الشك حول القدرة على الإنخراط في العدالة الرقمية، و يتجلى ذلك بالخصوص في:
j- عدم تحيين المعلومات و البيانات المتعلقة بالمحامين ببرامج التطبيقات الإلكترونية و هو ما يحرم مجموعة من المحامين من التصريح بالطعون لأن أسماءهم غير مسجلة ببرنامج التطبيقات.
k- التوقف المتكرر لهذه التطبيقات بشكل مفاجئ دون وجود بديل احتياطي، مما ينتج معه تعطيل الخدمات القضائية، و تقوض أسس المحاكمة العادلة.
خامسا: في ضرورة توسيع عمل المحامي و احتكار المهنة:
إن القانون أو التشريع المهني يجب أن يتضمن مقتضيات صريحة تنص على مبدأ إحتكار المهنة و توسيع و تعزيز عمل المحامي، مع إعتماد صياغة ديباجة لقانون المهنة تحيل على مرجعية المبادئ الدولية لمهنة المحاماة، مع إعادة صياغة التعريف التشريعي للمهنة و كذا قسم المحامي بما ينسجم مع الإستقلالية الكاملة، إضافة إلى وجوب تعميم مبدأ تكليف المحامي و لو تعلق الأمر بإدارات الدولة.
سادسا: مسطرة التأديب و تأطير عمل المحامي:
يجب إعادة النظر بشكل جذري في مسطرة التأديب بما يتلائم مع حق المحامي في مسطرة تأديبية عادلة، مع الفصل بين سلطة المتابعة و سلطة التأديب، مع استبعاد النيابة العامة من التدخل في كل ما يتعلق بالمهنة، لأن نطاق عملها تحكمه القوانين الجنائية الموضوعية و الإجرائية.
و هكذا يتعين إخراج مدونة مضبوطة للسلوك المهني تكون مرجعا في التحديد الدقيق لمجال إعمال الأعراف و التقاليد.
كما يجب أيضا، تحديد و ضبط أشكال الممارسة المهنية و خاصة وضعية المحامي المساعد، و المحامي بأجر، و المحامي بالمقاولة المهنية، و غيرها من الصيغ المستحدثة بما يحفظ كرامة و إستقلالية المحامي، إقرار و تعزيز حصانة الدفاع، و عدم جواز مساءلة المحامي زجريا عما قد ينسب له بمناسبة قيامه بعمله.
إن المعركة الحقيقية مع الفساد بجميع مظاهره لكونه يزلزل الأدوار القانونية و الحقوقية لرسالة الدفاع، و يتحول إلى أداة لإغتيال المهنة تتضرر منه فئات واسعة من المحاميات و المحامين الذين يشتغلون في إطار الأخلاقيات المهنية الشريفة.
سابعا: الأمن الإجتماعي للمحامي:
إن الغاية من الحماية الإجتماعية هي توفير التغطية الصحية الإجتماعية عن المرض، وهو الدور الذي تقوم به تعاضدية هيئات المحامين بالمغرب، التي انطلق العمل بها في يناير 2008.
إن مؤسسة النقيب و مجلس الهيئة هما الوحدين المؤهلين بتفويض تشريعي لتدبير و تسيير الشؤون المهنية تطبيقا لأحكام المادة 91 من القانون رقم: 28.08 المنظم لمهنة المحاماة، و هو ما يعني أن القانون رقم: 98.15 (المادة 10) فيه مساس بإستقلالية المهنة، علما أن وظائف التعاضدية تتكامل مع أهداف نظام الحماية الإجتماعية (القانون رقم: 98.15 و القانون الإطار رقم: 09.21 و كذا القوانين و المراسيم ذات الصلة).
إن مجال التغطية الصحية مع التعاضدية يشتمل إضافة إلى التأمين الأساسي الإجباري عن المرض تأمينا تكميليا إجباريا يحدد نسبة التغطية و الإسترجاع إلى نسبة 100% حسب التسعيرة المرجعية الوطنية الشيء الذي لا يقدمه القانون رقم: 98.15.
و لذلك يتعين الدفاع عن التعاضدية للحفاظ عليها و العمل على تطوير أدائها لتشمل أيضا تقاعد المحامين و المحاميات.
ثامنا: أنظمة التكافل ووجوب توسيع وعائها:
أصبحت المرحلة تستدعي توسيع وعاء أنظمة التكافل الإجتماعي لتشمل قضايا أخرى وفق تصور موضوعي يراعي خصوصية المهنة، و بما يتوافق مع مقاصد الأمن المهني للمحامي، أمام ممارسات مهنية غير متكافئة و غير مشروعة انعكست سلبا على ما هو حياتي و أسري و إجتماعي و مهني و أصبحنا أمام "حالة البطالة المقنعة"، لفئة واسعة من المحامين الشباب، و يلاحظ تمركز الملفات و بشكل كبير لدى بعض المكاتب و إغتنائها الفاحش، في حين أن المحامي الشاب قد لا يتمكن حتى من توفير مداخيل لأداء مصاريفه المهنية و الأسرية.
إن الفئة المستفيدة ماديا من المهنة لا تقوم بأي مجهود أو دور رسالي لفائدة المحامين، همها الوحيد هو مراكمة المال، و توسيع دائرة الإغتناء على حساب المحامين الشباب، و العمل على تحصين مراكزهم الإجتماعية و الرافضة ضمنا للقانون و الأعراف و التقاليد و للتخليق.
و لذلك من واجب النقيب أن يتصدى بالجدية و الحزم المطلوبين لمواجهة كل الحالات الفردية التي تمس بالمهنة لما يتعلق الأمر في الإخلال بحقوق المحامين و حصانة الدفاع بكل صورها، لأن كل واقعة فردية قد تتحول إلى فعل منظم و منتظم آخذ في التوسع و الإنتشار، و لذلك أصبح وجوبا إتخاذ تدابير من أجل حماية الفئة العريضة من المحامين الشباب ماديا ومعنويا و هو ما يقتضي "توسيع وعاء أنظمة التكافل الإجتماعي"، لأن المحاماة تقوم على التضامن، الضمير، والنزاهة، و الإستقلالية، و الإنسانية، و لأن الحفاظ على المهنة أمانة في عنق المؤسسات المهنية.
تاسعا: في التكوين الأساسي للمتمرنين و التكوين المستمر:
يعتبر "التكوين الأساسي و التكوين المستمر"، المدخل الأساسي للحفاظ على المركز الإعتباري للمحامي، و لضمان الجودة في إنتاج المعرفة القانونية عن طريق الإحاطة الشاملة بالتطور التشريعي، و الإجتهاد القضائي، في شقيه الإجرائي و الموضوعي.
و هكذا، فالمحامي و بالنظر إلى كونه يتولى و يمارس مهام الدفاع، و تقديم الإستشارات القانونية، و إعداد الدراسات، وتحرير العقود، الأمر الذي يستوجب عليه أن يكون عارفا ومطلعا على مختلف القوانين و التشريعات و الإجتهادات القضائية.
و بناء عليه، و أمام قيام علاقة جدلية بين جودة التكوين و جودة الإنتاج الفكري، فإن المحامي يتأثر بدوره بهذه المعادلة، و هو الأمر الذي تعكسه مذكراته، و مرافعاته، و المقالات الإفتتاحية للدعاوى، و عرائض الطعون العادية أو الإستثنائية، و التي تعتبر و بحق مرآة تعكس شخصية المحامي المهنية.
و لذلك يجب الإنتقال إلى مرحلة جديدة من الفعل الثقافي القانوني و القضائي و المهني، و الحقوقي، بعد فترة "ركود"، أملتها الشروط الذاتية للهيئات.
و لذلك من الواجب على المؤسسات المهنية وضع برامج ثقافية طموحة، تشمل الولاية المهنية المقبلة 2024-2026، و التي يجب أن تتخللها ندوات وطنية و محلية، و موائد مستديرة، و محاضرات و لقاءات خاصة، و التي ستغني لا محالة المشهد الثقافي و المهني و الرفع من جودة التكوين الأساسي (ندوات التمرين) و التكوين المستمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.