لا تتوقف إسرائيل عن لعب مختلف الأوراق السياسية والديبلوماسية و"الدينية" المعززة بالوساطة الأمريكية لجر المملكة العربية السعودية إلى حضيرة التطبيع، بعد نجاحها في إدخال عدة دول عربية فيها. ويبدو من التطورات الأخيرة أن التطبيع السعودي قد يخطو خطواته الرسمية الأولى من خلال صفقة على غرار التطبيع المغربي، بعد أن كشف موقع أمريكي عن معالم مشروع تطبيعي إسرائيلي يدور حول جزيرتين في البحر الأحمر تراقبهما إسرائيل كانتا تحت السيادة المصرية وتخلت عنهما للسعودية. وجاء الكشف عن المعالم الكبرى لمشروع إسرائيلي جديد لجر السعودية للتطبيع بعد خطوات تهم تيسير رحلات جوية إسرائيلية عبر الأجواء السعودية، تقدمت خلالها إسرائيل بطلب رسمي يهم نقل حجاج من تل أبيب. وحسب قناة الحرة بدأت السعودية فعليا في السماح لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق فوق أراضيها. مشروع إسرائيلي جديد: صفقة للتطبيع حسب قناة الحرة، قال موقع "إكسيوس" الأميركي، الخميس، إن الحكومة الإسرائيلية وافقت على معايير اتفاق حول جزيرتين استراتيجيتين في البحر الأحمر من شأنه أن يمهد الطريق أمام السعودية لاتخاذ خطوات نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وحسب نفس المصدر، نقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين القول إن بلادهم أبلغت الولاياتالمتحدة أنها مستعدة لتوقيع صفقة مع السعودية تتعلق بجزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، وهما جزيرتين تعتبران منزوعتا السلاح. وأضافوا أن معايير الصفقة تمت الموافقة عليها من قبل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع. وتشمل الصفقة نقل قوة المراقبين المتعددة الجنسيات المسؤولة عن تسيير دوريات في الجزيرتين إلى مواقع جديدة في شبه جزيرة سيناء المصرية، وكاميرات لمراقبة النشاط في الجزيرتين وفي ومضيق تيران، بحسب المسؤولين الإسرائيليين. وكجزء من الصفقة، ستتعهد المملكة العربية السعودية للولايات المتحدة بأنها ستلتزم بالالتزامات الواردة في اتفاقية السلام الموقعة بين إسرائيل ومصر عام 1979، وخاصة تلك المتعلقة بالحفاظ على حرية الملاحة في مضيق تيران للسفن الإسرائيلية، وفقا ل"أكسيوس". وستتيح الاتفاقية أيضا إبرام اتفاقية منفصلة مع المملكة العربية السعودية تسمح لشركات الطيران الإسرائيلية باستخدام المجال الجوي السعودي للرحلات الجوية المتجهة شرقا إلى الهندوالصين. وكذلك أشار الموقع إلى أن الاتفاق المنفصل سيسمح بتسيير رحلات طيران مستأجرة مباشرة من إسرائيل إلى السعودية لنقل الحجاج المسلمين الذين يرغبون في زيارة مكة والمدينة. بالمقابل ستمنح الولاياتالمتحدة إسرائيل ضمانات أمنية بشأن حرية الملاحة بناء على الالتزامات السعودية، بحسب الموقع. وقال المسؤولون الإسرائيليون إن من المتوقع الإعلان عن هذه الخطوات خلال زيارة الرئيس بايدن للسعودية المقررة نهاية الأسبوع الجاري. أهمية الجزيرتين كان البرلمان المصري قد وافق في 2017 على صفقة لنقل السيادة على الجزيرتين إلى السعودية، وهو القرار الذي وافقت عليه المحكمة العليا المصرية في 2018. وأعطت إسرائيل موافقتها من حيث المبدأ على نقل الجزيرتين إلى السعودية ريثما يتم التوصل إلى اتفاق بين القاهرة والرياض على مواصلة عمل قوة المراقبين المتعددة الجنسيات المسؤولة عن تسيير دوريات في الجزر وضمان بقاء حرية الملاحة دون عوائق. وتتحكم جزيرتا تيران وصنافير غير المأهولتين في مدخل خليج تيران الممر الملاحي الرئيسي للوصول الى ميناء إيلات الاسرائيلي على خليج العقبة. وكان "أكسيوس" أفاد في وقت سابق بأن إدارة بايدن تتوسط منذ أشهر بهدوء بين السعودية وإسرائيل ومصر بشأن صفقة من شأنها وضع اللمسات الأخيرة على نقل السيطرة على الجزيرتين من مصر إلى السعودية. وكان اغلاق خليج تيران أمام السفن الاسرائيلية بقرار من جمال عبد الناصر في 23 مايو عام 1967 شرارة أشعلت بعد اقل من أسبوعين الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة التي احتلت خلالها اسرائيل هضبة الجولان السورية والضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وجزيرتي تيران وصنافير اللتين كانتا آنذاك في حماية الجيش المصري. استعادت مصر السيطرة على تيران وصنافير إثر انسحاب اسرائيل منهما بموجب معاهدة السلام التي ابرمها البلدان عام 1979. وبموجب معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية، فإن جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر تعتبران منطقة منزوعة السلاح. قرب السماح لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق فوق أراضي السعودية حسب قناة الحرة، قال مسؤول أميركي لوكالة رويترز إن السعودية ستسمح قريبا لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق فوق أراضيها بلا قيود، وستسمح برحلات طيران عارض مباشرة من إسرائيل للمسلمين خلال موسم الحج. وأشار المسؤول إلى أن من المتوقع أن يتم الإعلان عن هذا الإجراء خلال زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن للسعودية. ويركز بايدن على اندماج إسرائيل في منطقة الخليج، وخاصة السعودية. وحسب نفس المصدر بدأت السعودية في السماح لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق فوق أراضيها عبر ممر جوي خاص للرحلات الجوية من وإلى الإمارات والبحرين، بعد توقيع اتفاقيات إبراهيم التي أدت إلى تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وهاتين الدولتين. لكن إسرائيل لم تحصل بعد على مثل هذا الامتياز للرحلات الجوية المتجهة إلى آسيا والقادمة منها، بما في ذلك الصينوالهند. وردا على سؤال لرئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية يائير لابيد الخميس في مؤتمر صحفي مشترك مع بايدن، عما إذا كانت السعودية ستوافق على فتح المجال الجوي، قال لابيد إن هذا متروك لبايدن ليعلنه. وأجاب بايدن قائلا "أنا متفائل". ولم ترد الحكومة السعودية على طلبات للتعليق، بحسب رويترز. وقال الرئيس التنفيذي لشركة الطيران الإسرائيلية يسرائير، أوري سيركيس، لمحطة إذاعة تل أبيب "103 أف.أم" حول التوسيع المحتمل للممر الجوي فوق السعودية "سيتم اختصار الوقت إلى الشرق بنحو ساعتين في المتوسط. ستكون حقبة جديدة ستجعل آسيا أقرب إلى إسرائيل". وكان وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي قد طلب الأسبوع الماضي من السعودية السماح برحلات جوية مباشرة من تل أبيب للحجاج. وقال المسؤول الأميركي إن من المتوقع أن توافق السعودية على الطلب. وتستقبل السعودية حاليا الحجاج الذين يصلون من إسرائيل إلى مكة، لكنها تطلب منهم السفر عبر دولة ثالثة. وقال الباحث في شؤون السياسة الخارجية في معهد بروكينغز، بروس ريدل إن هذه الخطوة تمثل تحسنا تدريجيا، لكنه أشار إلى إمكانية استخدامها كوسيلة ضغط في المستقبل. وأضاف "فتح المجال الجوي هو لفتة صغيرة تمنح السعوديين نفوذا. في أي أزمة إسرائيلية فلسطينية في المستقبل، وهي مسألة وقت فقط، يمكنهم سحب الامتياز لإبداء اعتراضهم على إسرائيل. يمكنهم فعل الشيء نفسه مع رحلات الحج".