بعد تجميد الاتحاد المغاربي لما يقرب 30 سنة من تأسيسه، تُحاول الجزائر بكل ما أوتيت من بترولها وغازها أن ترهن مستقبل الاتحاد الإفريقي. إنها جعلت من تقسيم وحدة المغرب وتهديد سلامة أراضيه هدفها الأوحد في كلّ تحركاتها الدبلوماسية. ويجب أن نتذكر أنها حاولت عرقلة عودة المغرب إلى أسرته المؤسساتية الإفريقية إلى آخر رمق وبكل الطرق بما فيها غير المشروعة، كما حدث عند تعطيل توزيع طلب المغرب الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي عكس ما يُنصّص عليه الفصل 29 من الميثاق الحالي للمنظمة القارية. واستمر التآمر على عودة المغرب بتنسيق بين الجزائر ورئيسة المفوضية الإفريقية آنذاك السيدة زوما، من جنوب إفريقيا، في كواليس القمة 28 بأديس أبيبا حيث تمّ تداول وثيقة تطالب بتأجيل انضمام المغرب وإحداث لجنة "للتأكد من التزامه بكل الشروط"! والمقصود هنا بالشروط هو التخلي عن المطالبة بطرد "جمهورية تندوف" التي لا تتوفر على مقومات العضوية، ولا على مقومات الدولة كما هي معرفة في القانون الدولي. ولكن خاب ظن دبلوماسية العسكر الجزائري مرّة أخرى إذ لم يتجاوز عدد الموقعين على الوثيقة المذكورة 10 دول منها جنوب السودان التي أصدرت فيما بعد بياناً تسحب فيه توقيعها وتؤكد تعرضها "للتضليل". ولكن الجزائر لم تستسلم، فوجهت مدفعيتها نحو استغلال منبر مجلس السلم والأمن الإفريقي الذي ترأسته منذ 2008 لمهاجمة المغرب، وتجاوزت كل الاخلاقيات السياسية والأعراف الدبلوماسية من خلال ترويج وثائق مزورة من قبيل المحاولة البئيسة لسفيرها إسماعيل شركي الذي خان الأمانة عندما كلفته المفوضية الإفريقية بترجمة البيان الختامي الذي كان سيعرض على القمة الإفريقية 34، المنعقدة في يناير 2021، فأقحم جملة تدعم الانفصال في الصحراء رغم أنها غير موجودة في النسخة الأصلية بالإنجليزية. وهذا السلوك لوحده يمثل عنواناً للحرب القذرة التي تشنها الجزائر منذ نصف قرن على المغرب في المنظمات الدولية والقارية والتي استعملت فيها سلاح تزوير الحقائق وسلاح شراء الذمم بحقائب البترودولار، كما أكدت ذلك الوقائع وشهادات دبلوماسيين من كل الجنسيات كان آخرها شهادة وزير خارجية تونس الأسبق السيد أحمد ونيس. ومما يوضح أن التزوير والخداع هو سياسة دولة لدى الجزائر وليس مجرد هفوات أو زلات، هو قيام النائب الثالث لرئيس البرلمان الإفريقي، المدعو جمال بوراس من جنسية جزائرية بإقحام فقرات مناهضة للمغرب في بيان نسبه إلى البرلمان الإفريقي في نونبر 2020، مستغلاً في ذلك غياب رئيس البرلمان الإفريقي، السيد روجي نكودو دانغ بسبب جائحة كورونا، وسرعان ما تحول الأمر إلى فضيحة حيث وجه السيد نكودو دانغ رسالة إلى وزراء الخارجية الأفارقة يُدين فيه التدليس والاحتيال الذي قام به نائبه الثالث الجزائري الجنسية. هذا إلى جانب العديد من المرات التي تمّ فيها حجب الترجمة الفورية إلى الإنجليزية عن الوفد المغربي في البرلمان الإفريقي بتواطؤ بين الجزائر وحليفتها جنوب إفريقيا التي تحتضن فوق أرضها مقر البرلمان الإفريقي. وفي نفس الاتجاه، خرقت الجزائر ميثاق أخلاقيات ترؤُسِها لمجلس السلم والأمن الذي أحدث لجنة «إخراس الأسلحة في أفق 2020 « وأوْكلها إلى رمطان العمامرة، الوزير الأسبق للخارجية الجزائرية، فالجزائر دفعت بأداتها جبهة "البوليساريو" الانفصالية إلى العودة للسلاح بشكل رسمي منذ 13 نونبر 2020، في ردّ انفعالي على عملية تطهير معبر الكركرات. ولم تكتف بذلك إذ أطلقت تهديدات بالحرب على المغرب على لسان قائد جيشها الجنرال شنقريحة وعلى لسان أعضاء حكومتها الذين اعتبروا قضية الصحراء مسألة أمن قومي للجزائر، وهم بذلك يكشفون عن دورهم الحقيقي كطرف مباشر في نزاع الصحراء. وواصلوا مهمتهم في "إسكات السلاح" بالانتقال من التصريحات العدائية إلى الأعمال الاستفزازية حيث باشرت الجزائر عدة مناورات ضخمة وغير مسبوقة على التّماسّ مع حدود المغرب كان آخرها مناورات يناير 2021 في منطقة تندوف المحتلة وبالذخيرة الحية. ولم تقف جزائر الجنرالات عند هذا الحد، بل حاولت استصدار قرار للتدخل العسكري إلى جانب جنوب إفريقيا تحت ذريعة دعم "عضو" في الاتحاد الإفريقي، والمقصود به هو جمهورية تندوف الورقية. وبهذا السلوك كانت الجزائر تدفع إلى إشعال حرب جديدة قد تكون الأعنف والأخطر التي تشهدها القارة الإفريقية منذ استقلالها عن المستعمر الأوربي. كل ذلك وهي ترأس إفريقيّا "مجلس السلم" منذ 2008 ولجنة إسكات الأسلحة" منذ 2017!