نظمت مؤسسة الفقيه التطواني لقاء تواصليا، أمس الثلاثاء، حول موضوع الإعلام والسياسة شارك فيه صحافيون وأساتذة باحثين لمناقشة أهمية الإعلام في المشهد السياسي وكذا العلاقة التي تربط بينهما. وفي هذا الإطار، قال الصحافي يونس دافقير إن الإعلام ارتبط بالديمقراطية والتعددية وحرية التعبير، مضيفا أن قياس حرية الصحافة مؤشر مهم لقياس مدى ديمقراطية أي دولة، غير أن التطور السياسي انعكس بدوره على تطور الصحافة والإعلام. وشدد دافقير على ضرورة ارتباط الإعلام بمشروع ديمقراطي، فالأنظمة الشمولية والاستبدادية لا يمكن أن تطلق على ما تنشره إعلاما، حيث يرى دافقير أن كل تيار خارج التوجه الديمقراطي لا ينتمي للمجال الإعلامي بقدر ما ينتمي لمجال التعبئة السياسية، مشددا على أهمية نشر الثقافة الديمقراطية في المجتمع والعمل على دمقرطة الدولة من جهة والذي يتم حسب رأيه من خلال الإعلام والمجتمع من جهة أخرى. واعتبر المتحدث نفسه أنه للتمتع بحقوق الصحافة يجب العمل من داخل النسق الديمقراطي، وأن كل خروج عن هذا النسق يجرد الإعلامي من هاته الحقوق الديمقراطية ويسحب ما ينتجه من صفة صحافة وإعلام، لأن هذا التصور يحصر المشهد الإعلامي ويحدد بشكل دقيق أرضية النقاش. من جانبه أوضح الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عمر الشرقاوي، أن العلاقة بين الإعلام والسياسة هي علاقة ثابتة تقوم على أساس الاعتماد المتبادل بين كل طرف، باعتبار الإعلام هو الوسيلة التي تسوق وتؤثر في صناعة الديمقراطية، لذلك فالإعلام يتأثر سلبا أو إيجابا بالبيئة وبمنسوب الديمقراطية في كل دولة، نظرا للدور المهم الذي يلعبه الإعلام في المجتمع بكشف الحقائق، وبذلك يقوم بتغذية وتطعيم المسار الديمقراطي. وبالمقابل يرى الشرقاوي أن منسوب الديمقراطية ينعكس بشكل مباشر على الإعلام، فلا إعلام ديمقراطي في ظل نظام سلطوي، مشددا على ضرورة توفير بيئة قانونية لحماية الإعلاميين. ويعتقد كل من عمر الشرقاوي ويونس دافقير أن تنوع المشهد الإعلامي يساهم في اختلاف وظائف التنشئة الاجتماعية التي يرى أنها متضمنة في الأدوار الأساسية للإعلام، لكن هذا التأطير الاجتماعي ليست وظيفة أساسية للإعلام إذا ما قارناه بدور الأسر والمؤسسات التعليمية والنقابات. وتفاعلا مع هذا الموضوع أوضح الصحافي محمد لغروس مدير نشر جريدة العمق المغربي، أن الإعلام يتأثر بالبيئة القانونية والسياسية التي يعمل بها، مؤكدا أن الأصل في العلاقة بين الإعلام والسياسة هي علاقة تكامل، غير أنه يرى أن هذه العلاقة عادة ما يشوبها التوتر والصراع من جهة نتيجة سوء الفهم وانعدام التواصل بين الطرفين، أو استغلال السياسي للإعلامي من جهة أخرى، لتمرير خطابات وأفكار سياسية. وأشار لغروس إلى تجاهل بعض الأحزاب والفاعلين السياسيين لأهمية دور الإعلام في المجتمع حيث يتم التعامل أحيانا حسب المتحدث نفسه مع الإعلام خارج المنظومة الإعلامية، مشيرا إلى أن جزءا من تاريخ الصحافة بالمغرب ارتبط بالصحافة الحزبية. وأضاف المتحدث نفسه أن أحد أهم أدوار الصحافة هو الوساطة بين الفاعل السياسي وبين المجتمع، مشيرا إلى أن مصطلح التنشئة السياسية والتأهيل على المشاركة السياسية يعبر بشكل أكثر إنصافا من التنشئة الاجتماعية، كما نبه لغروس إلى جدلية الدعم المقدم من الدولة للمقاولات والمنابر الصحافية ومدى تأثيرها على العمل الصحافي، وشدد على دور الرقابة الذي يلعبه الإعلام في العمل السياسي. وأكد الصحافي عبد الحق بلشكر، أن العلاقة بين الإعلام والسياسة هي علاقة متشابكة لأن الصحافة أنشأت منذ القدم بالمغرب من طرف فاعلين سياسيين خلال فترة الحركة الوطنية حيث ساهم ذلك في بناء علاقة متداخلة بين الفعل السياسي والعمل الصحافي، غير أنها تبقى أساسية في المجتمع لما تكتسيه من أهمية للطرفين. وأشار بلشكر إلى أهمية الصحافة المواطنة التي باتت تهيمن على وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها تشكل رقابة على الفاعل السياسي والصحافي المهني، غير أن محمد لغروس يرى ضرورة التمييز بين الصحافي المهني والصحافي المواطن فالأول تؤطره ضوابط وأخلاقيات المهنة عكس الثاني. من جانبه قدم الأستاذ الباحث كمال الهشومي جرذا تاريخيا لمكانة الإعلام في الدساتير والقوانين الوطنية والدولية معتبرا أن العلاقة بين الإعلامي والسياسي هي علاقة ملتبسة لا غنى فيها لأحدهم عن الآخر. وأردف الهشومي أن هذه العلاقة تقوم على ثلاث مستويات أولها العداء المتواصل بين الإعلامي والسياسي، والمستوى الثاني الذي اعتبره المتحدث نفسه تبادليا بين الطرفين يقوم على التعاون بينهما دون تأثير أحد على الآخر، والمستوى الثالث يقوم على التكييف والاعتماد، منبها إلى أن المس بحرية التعبير هو مس مباشر بالعملية الديمقراطية.