أجمع فاعلون إعلاميون على غياب الجامعة المغربية عن الإعلام العمومي الوطني باستثناء مناقشته لبعض القضايا الجانبية، وذلك في ندوة حول "الجامعة المغربية في الإعلام الوطني"، بمشاركة كل من الحاج علال العمراني نائب رئيس تحرير جريدة التجديد، وعبد الرحيم شلفوات الباحث في الإعلام، والكاتب الصحفي محمد لغروس، ضمن الملتقى الوطني للإعلاميين الشباب لمنظمة التجديد الطلابي. وقال عبد الرحيم شلفوات في مداخلته، إن حضور الجامعة في الإعلام العمومي يأخذ نصيبا قليلا، ويتم عن طريق استضافة أساتذة جامعيين أو أكاديميين لتنشيط برامج حوارية، أو عن طريق بث برامج تتناول قضايا الجامعة، لكنها قضايا ثانوية ولا تتناول محورية الجامعة، مركزا على الإعلام العمومي لمحورية التلفزيون في المجتمع المغربي، وفق ما أكدته دراسات متعددة. واعتبر الباحث في الإعلام أن هناك مجموعة من التمظهرات السلبية تظهر الجامعة في نفس صورة المثقف، والتي قال عنها المتحدث إنها إلى حد كبير سلبية. شلفوات لم يقف عند هذا الحد، بل قدم مقترحات لتحسين صورة الجامعة بالإعلام العمومي، والتي حددها في الحاجة لمغربة الإعلام العمومي، ومزيد من إشراك كل الفاعلين في هذا القطب، وأيضا تفعيل دور القناة الرابعة (الثقافية)، وإطلاق ودعم مبادرات إعلام بديل. من جانبه، قال الحاج علال العمراني نائب رئيس تحرير جريدة التجديد، إن علاقة الاعلام العمومي بالجامعة المغربية وقضاياها المختلفة والمتنوعة لا تخرج عن واقع الاعلام العمومي وعلاقته بالمجتمع بصفة عامة. وأضاف أنه لا يمكن الحديث عن هذه العلاقة دون إثارة قضية هذا الاعلام الذي ما يزال لم يتحرر بعد من اليات التحكم التي تتحدى ارادة الشعب والقوى الديمقراطية وتتنصل من الالتزامات والنصوص القانونية التي تحققت بفعل نضالات الحقوقيين والمؤسسات المدنية وبفضل الآلية السياسية سواء بإصلاحات ما بعد الربيع المغربي ودستور 2011. وأشار العمراني إلى أن هناك مفارقة بين ما جاء في قوانين الاتصال السمعي البصري ودفاتر التحملات التي تدعو إلى التعددية والحرية والتعبير عن الأفكار وتوفير الحق في الاعلام والاحترام المطلوب للقيم الحضارية وواقع الإعلام الذي تطغى عليه ثقافة الإلهاء وبرامج اللهو والتسويق. وذكر العمراني أن علاقة الجامعة بالإعلام العمومي تمحورت حول العنف من زوايا متعددة، منها تغطية أحداث العنف الجامعي بصورة مشوهة تغيب عنها الحقيقة والدقة والموضوعية، وتوظيف هذا العنف في محطات سابقة لتصفية حسابات سياسية ، وهو ما نتج عنه تكريس صورة نمطية تظهر الحرم الجامعي مسرحا للجريمة لا غير، ودون وضع الأحدث في سياقها وحجمها الحقيقي. وكشف العمراني أن الجامعة المغربية تنتج المئات من الأنشطة والتظاهرات الثقافية والعلمية وكذلك الشأن بالنسبة لمنظمة التجديد الطلابي والمكونات الطلابية الأخرى لكن دون أن يكون لهذه الأنشطة أثر في الإعلام، داعيا إلى إحداث قناة جامعية تتولى متابعة أنشطة الجامعة، بالإضافة إلى التنصيص في دفاتر تحملات القنوات العمومية على تخصيص برامج خاصة بالجامعة. وأكد المتحدث أن اوراش الإصلاح لا يمكنها أن تنجح دون النهوض بما يصطلح عليه "القوة الناعمة" أي التعليم والإعلام ولن يتحقق ما لم تتم المصالحة بين الجامعة كفضاء للعلم والمعرفة وأكبر حاضن للشباب الفاعل، مع الأعلام كأكبر صانع للرأي العام وكاشف ومحاصر للفساد، وداعم للمسلسل الديمقراطي الذي قطعت فيه بلادنا أشواطا مهمة. وأوضح العمراني في ختام مداخلته "أن في عصر ثورة الاعلام الجديد والقفزة النوعية التي حظيت بها الصحافة الإلكترونية لم يعد مسموحا بخطاب المظلومية من تعتيم الإعلام التقليدي". من جهته، اعتبر محمد لغروس الكاتب الصحفي والمسؤول الإعلامي السابق لمنظمة التجديد الطلابي، أن تغييب الجامعة المغربية من الإعلام العمومي وراءه رغبة في إقصاء الطلبة من المساهمة في الانتقال الديمقراطي بالمغرب، وكذا عزل هاته الشريحة الحساسة من المشاركة في معركة التغيير. وأضاف لغروس أن الجامعة المغربية تعاني من تعتيم إعلامي مقصود، إما عن طريق التغاضي عن قضايا حساسة وتجاهل أحداث مهمة تشهدها الجامعة، أو عبر تضخيم أحداث أخرى لا تكاد تلقى لها تجاوبا من طرف الطلبة. وأكد لغروس مدير شركة جسور الإعلامية، أن حضور الجامعة في المشهد الصحفي المغربي، تغلب عليه المقاربة السياسية أكثر من المهنية، خصوصا لما يتعلق الأمر بقضية العنف الجامعي، ضاربا المثال على ذلك بربط قضية شهيد منظمة التجديد الطلابي عبد الرحيم حسناوي رحمه الذي اغتالته عصابات البرنامج المرحلي أبريل الماضي، بأحداث وقضايا أخرى منفصلة. كما استنكر المتحدث التضليل الذي تمارسه بعض الجرائد الخاصة، "أو التي تسمي نفسها بالمستقلة" حسب توصيف لغروس، وتتجاوز سرد الخبر وتفاصليه إلى محاولة تبرير جرائم العصابات المتورطة في أعمال عنف ضد مختلف الفصائل الطلابية، بدعوى استحضار الرأي الآخر والسعي إلى الحياد، هذا في وقت يغلب على معظم هاته الجرائد منطق الإثارة المبالغ فيها، بما يخل بأخلاقيات وضوابط مهنة الصحافة. من جهة أخرى، شدد لغروس الذي خصص كلمته للحديث عن "حضور الجامعة المغربية في الخبر اليومي: العنف الجامعي أنموذجا"، (شدد) على ضرورة ربط نقاش تعاطي الإعلام العمومي والصحافة مع الجامعة، بمعركة الانتقال الديمقراطي ومساهمة كل فصيل وحزب على حدة فيها، مؤكدا أنه لا يمكن الحديث عن إعلام نزيه يعطي لكل ذي حق حقه دون تمتع البلاد بوضع ديمقراطي متقدم.