كيف هي علاقة الصحافي بالسياسي؟ وكيف يساهم الصحافي في صناعة الرأي العام؟ وما تأثير الإعلام على التنشئة السياسية؟ كانت هذه الأسئلة وغيرها محور ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، بمشاركة صحافيين ومهتمين، مساء أول أمس بمقرها بسلا. وقدم أبو بكر الفقيه التطواني، رئيس المؤسسة أرقاما حول التركيبة السكانية للمغرب، ومدى تأثرها بالإعلام، فقد أشار إلى أن 25,77 في المائة، أي ربع السكان لا يتجاوز عمرهم 14 سنة، و42,82 في المائة دون 25 سنة، و42,32 ما بين 25 و54 سنة، و8,14 في المائة، ما بين 55و64 سنة، وما فوق 65 سنة يشكلون 6,74 في المائة. وتساءل عن دور الإعلام في ظل هذه الخصوصية العمرية في المغرب وعن نوعية الخطاب الذي يمكن أن يساهم في التنشئة، علما أن الإحصائيات تشير إلى أن 29 في المائة من المغاربة يشاهدون القناة الأولى يوميا، و35 في المائة من المغاربة يشاهدون القناة الثانية. وطرح التطواني الذي سير الجلسة تساؤلات على الصحافيين حول تصورهم لعلاقة الصحافي بالسياسي، وتأثير الإعلام، ودوره في دمقرطة المجتمع والدولة، فكان جواب يونس دافقير، رئيس تحرير جريدة الأحداث المغربية، متسائلا "هل فعلا كل إعلامي يضع هذا الهدف ويشتغل عليه؟"، معتبرا أن الصحافة وحرية التعبير أساسيان في كل ديموقراطية، لكنه تساءل عن "التوجهات المحافظة المتطرفة" التي تشتغل في الإعلام، وهل فعلا تساهم في تعزيز الديموقراطية؟ واعتبر دافقير، أن دمقرطة الدولة من خلال الإعلام يعد مسارا كلاسيكيا تحققت فيه مكتسبات وتراكمات، لكن وقع "إهمال لدمقرطة المجتمع، ما أدى لتصاعد الشعبوية، والعدمية". ومن جهته، أشار عبد الحق بلشكر صحافي "أخبار اليوم" إلى أن علاقة الصحافة بالسياسة "متشابكة ومتداخلة" لأن الحركة الوطنية هي التي أسست الصحافة في سياق مواجهة الإستعمار، وبعد الاستقلال كان مدراء الصحف أمناء عامون للأحزاب السياسية، ولكن في العهد الجديد تطورت الصحافة غير الحزبية، أو المستقلة، التي لعبت دورا مهما في تحريك النقاش السياسي، وساهمت في الانتقال السياسي. لكنه أكد أنه بقدر ما علاقة الصحافي بالسياسي "ضرورية وأساسية بقدر ما هي ملتبسة أيضا" لأن كثيرا من السياسيين يتصورون الصحافي مجرد "أداة" لتصريف مواقفهم وصراعاتهم. من جهة أخرى أشار إلى العوامل المؤثرة على دور الصحافي. فهناك من جهة تحديات الإعلام الجديد، و من جهة أخرى ظروف اشتغال المقاولة الصحافية، والبيئة السياسية. أما عمر الشرقاوي، الأستاذ الجامعي، فاعتبر أن علاقة الإعلام بالديموقراطية والسياسة هي "علاقة اعتماد متبادل"، فالصحافي لا يمكنه الاشتغال في بيئة "غير ديموقراطية"، لا تتسم بحرية التعبير، فكلما كانت الصحافة تعمل في مناخ ديموقراطي كلما ساهمت في تعزيز هذا المناخ، لأنه لا يمكن أن يكون هناك صحافة وإعلام ديموقراطي "في ظل نظام سلطوي"، ولهذا دعا إلى "توفير البيئة القانونية للإعلام التي تحمي الإعلاميين، وتضمن حريتهم في التعبير دون خوف أو رعب". وتحدث محمد لغروس، مدير موقع "العمق"، عن تأثر الإعلام بالبيئة التي ينشأ فيها، وعن علاقة السياسي والصحافي، اعتبرها تتسم بالتكامل أحيانا و التوتر والاستغلال أحيانا أخرى، مشيرا إلى وقوع سوء فهم أحيانا لأن بعض السياسيين يعتقدون أن الصحافي مجرد أداة يمكن استغلالها. وبدوره ركز كمال هشومي، أستاذ باحث، على أن علاقة الإعلامي بالسياسي تتسم أحيانا ب"العداء"، لاعتقاد بعض السياسيين أن دور الإعلامي هو تسويق ما يجب أن يقومون به، ولكن أحيانا "تتسم بالتعاون بين الطرفين" لكنه حذر من تمييع الإعلام، مع ظهور أشخاص محسوبين على المهنة.