“أتمنى أن تصلكِ رسالتي وأنتِ على خير وعافية”، عبارات وأخرى وردت في آخر رسالة تسلمتها والدة المعتقل المغربي بالسجون العراقية، عبد السلام البقالي…رسالةٌ استرجعت خلالها الأم جرعات من الأمل في عودة ابنها والتي تبدو صعبة المنال وهو الذي صدر في حقه حكم بالإعدام ببلاد الرافدين.. حكمٌ لا تعرف عائلته لحد الآن ما إن تم تنفيذه في حقه أم لا؟ وذلك بفعل انقطاع أخباره منذ سنة تقريبا. بقصة عبد السلام البقالي، المغربي المتهم ب”الإرهاب” في العراق والمدان بعقوبة الإعدام، نبدأ في جريدة “العمق” وعبر برنامج “في ضيافة المجهول” بتسليط الضوء على قصص عدد من المعتقلين والعالقين المغاربة بسورياوالعراق وتركيا، غُرِّرَ بهم بخطابات التطرف فارتموا في أحضان الجماعات الإرهابية، قبل أن يُعلنوا عن ندمهم بعد فوات الأوان. دوامة التطرف التي تبتلع شبابا مغاربة بشكل غير متوقع وفُجائي، جعلت عائلة البقالي بطنجة تجهل إلى حد اليوم سبب التحاق ابنها “عبد السلام” بالعراق، أواخر سنة 2003، “خرج دون أن نعرف وجهته، لم يخبر أحدا بشيء، كان عمره آنذاك 30 سنة، ويعمل خياطا للأفرشة”، يقول شقيقه عبد العزيز الذي تحدث إلينا وهو يتحسر ويستغرب من السلوك المفاجئ لشقيقه. شُهوراً بعد ذلك، يضيف عبد العزيز البقالي، “تلقينا اتصالا من الصليب الأحمر، مفاده أن أخي عبد السلام معتقل في العراق، قبل أن تصلنا رسالة منه يؤكد فيها خبر اعتقاله والحكم عليه ب8 سنوات”، دون أن يكشف لهم عن سبب اعتقاله والتهم التي وجهت له، وظل التواصل بينه وبين عائلته مقتصرا على رسائل الصليب الأحمر. انتظرت عائلة البقالي بطنجة أن تنقضي مدة 8 سنوات التي حُكم بها على ابنها بالسجون العراقية، ظنا منها أنه سيعانق الحرية بعد ذلك، وسيعود إلى أرض الوطن، وتطوى صفحة معاناتها مع فراق عبد السلام لكل هذه السنوات، “كنا ننتظر إطلاق سراحه وأن تقوم سلطات العراق بترحيله إلى المغرب بعد انقضاء عقوبته، غير أنه اختفى من جديد، لا رسائل ولا اتصال”، يقول شقيقه عبد العزيز. ويسترسل عبد العزيز البقالي كلامه وعلامات الحزن والتأثر بادية على محياه الذي خطت عليه المعاناة مشاعر الحزن وألم الانتظار: “ساءت حالة أمي كثيرا بعد أن انقطعت أخبار أخي، ظلت تردد على مسمعي يوميا، ابحث عن شقيقك عبد السلام”، قبل أن يصلهم خبر من بعض معارفه، “عبد السلام ظهر على قناة العراقية وأثار التعذيب على وجه، أخبروني أنه اعتقل في ملف جديد”. ما كان من عبد العزيز البقالي بعد أن سمع هذا الخبر إلا أن يقصد السفارة العراقية بالرباط، استقبله المسؤولون هناك، والأمل يحدوه لعله يجد جوابا لكثير من الأسئلة، أبرزها أين اختفى عبد السلام؟، فكان الجواب “أن شقيقي معتقل في سجن الناجي، ومتهم بالإرهاب”. ولم يقف عبد العزيز البقالي مكتوف الأيدي بعد ما بلغه عن شقيقه من أخبار، فقد راسل المقرر الأممي المعني بمناهضة التعذيب، والبعثة المغربية لدى الأممالمتحدة، قبل أن يتصل به شقيقه المعتقل عبد السلام هاتفيا، ويخاطبه “وقف هادشي راه ممنوش”، “لم أستجب له في الأول لكنه استمر في الضغط علي”، يضيف عبدالعزيز. ويقول المتحدث ذاته، إنه زار السفير العراقي بعد تواصله مع عبد السلام، “تحدثت معه في الموضوع، وقال لي إنك تتهم السلطات العراقية بأنها عذبت شقيقك، أخبرته أنني لا أتحدث من فراغ، فهناك صورة تثبت ذلك، إضافة أن عبد السلام فُبرك له ملف من جديد”. جُل الرسائل التي كان يرسلها عبد السلام إلى عائلته بطنجة عبر الصليب الأحمر، والتي اطلعت “العمق” على نسخ منها، لا يذكر فيها أي شيء عن محاكمته والتهم الموجهة له، حتى أن معتقلا مغربيا كان رفقته بسجن الناجي، رفض بعد ترحيله إلى المغرب أن يتحدث عن أي شيء يَخُص المعتقل عبد السلام البقالي. واستطرد عبد العزيز البقالي، قائلا: “كان معه في الزنزانة، لكنه لم يقل لنا بأن عبد السلام محكوم بالإعدام، لكن قد يكون شقيقي أرغمه على ذلك”، ويضيف رئيس تنسيقية عائلات المغاربة المعتقلين والعالقين في العراقوسوريا، “توصلت بعد ذلك بمعلومات تفيد بأن عبد السلام حُكم ابتدائيا بالإعدام، وأحيل ملفه على المحكمة العليا للنظر فيه، ولحد الآن لا علم لنا بما قررته”. في هذا السياق، يشير عبد العزيز البقالي، إلى أن قضية شقيقه عبد السلام، هي التي دفعته في 2011 إلى تأسيس “تنسيقية عائلات المعتقلين المغاربة في العراق”، وظل يناضل للتعريف بملفات المعتقلين المغاربة بسجون بلاد الرافدين. ويضيف المتحدث، “بعد الصدى الذي حققته التنسيقية، تلقيت اتصالات كثيرة من عائلات يوجد أبناؤها بسوريا، ضغطوا علي كثيرا من أجل أن أتسلم ملفات أبنائهم وأُعرف بها أيضا، وقد قبلت بعد إطلاعي على مآسي النساء والأطفال بعدد من المخيمات بسوريا”. بعد ذلك، يردف البقالي، “أسسنا التنسيقية منذ شهرين بالرباط، والآن لدينا 100 ملف بين رجال ونساء، و60 ملف لأطفال مغاربة يعيشون ظروفا مآساوية بسوريا، برد قارس في المخيمات، وفيضانات، وتفشٍ للأمراض الخطيرة، ومحاولات لاغتصاب النساء، ومخاوف من تسليمهم للسلطات السورية”. عبد العزيز وعائلات أخرى، ستأتي الجريدة على تسليط الضوء عليها في حلقات قادمة من برنامج “في ضيافة المجهول”، تنتظر من الدولة المغربية أن تتحرك من أجل وضع حد لمعاناة عائلات هؤلاء المعتقلين والمعتقلات، وتتدخل من أجل ترحيلهم إلى المغرب، وإعادة محاكمتهم. إن ما تتمناه عشرات العائلات، بحسب البقالي، أن “تتحرك السلطات المغربية، وأن تتعاطف معنا، وليس الدولة فقط، فنحن نخاطب أيضا الجمعيات الحقوقية، والأحزاب.. هذه معاناة إنسانية، يجب تضافر الجهود لإنهائها، هناك أطفال ونساء بحاجة إلى الرعاية والتطبيب”، موجها نداء إلى سفير المغرب بتركيا لتسهيل مساطر دخول المغاربة العالقين هناك لأنهم يعانون هناك وعائلاتهم تعاني أكثر بالمغرب. جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة 1. الإعدام 2. الارهاب 3. السلطات العراقية 4. العراق 5. داعش 6. سوريا