نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1500م من السبت إلى الإثنين المقبلين    "روح الأسرة" بعيدا عن "سلطوية العام" و"شكلانية القانون" و"مصلحية الاقتصاد"    مديرية الضرائب تفتح شبابيكها يومي السبت والأحد للمهتمين بتسوية وضعيتهم الجبائية من الأشخاص الذاتيين    الحكم موقوف التنفيذ لمناهضين ضد التطبيع    إياب ساخن في البطولة تبدأ أطواره وسط صراع محتدم على اللقب وتجنب الهبوط    كافي: يجب مناقشة التعديلات المقترحة على قانون مدونة الأسرة بعيدا عن التعصب لرأي فقهي    هذا نصيب إقليم الناظور من البرنامج الاستعجالي لتعزيز البنيات التحتية بجهة الشرق    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    مديرية الضرائب تفتح شبابيكها نهاية الأسبوع لتمكين الأشخاص الذاتيين المعنيين من التسوية الطوعية لوضعيتهم الجبائية    رأس السنة الجديدة.. أبناك المغرب تفتح أبوابها استثنائيًا في عطلة نهاية الأسبوع    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    بيت الشعر ينعى الشاعر محمد عنيبة الحمري    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    وكالة بيت مال القدس واصلت عملها الميداني وأنجزت البرامج والمشاريع الملتزم بها رغم الصعوبات الأمنية    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحاضن القرآنية في عهد النبي والصحابة والكرام
نشر في العمق المغربي يوم 29 - 05 - 2019

للعناية بالقرآن الكريم تعلما وتعليما وحفظا أجر كبير عند الله تعالى، فالقرآن الكريم كلام الله تعالى الذي أنزله إلى عباده جميعا من أجل الهداية والإرشاد إلى الحق وإلى الطريق المستقيم، ومن تمسك به نجا وفاز، لأن القرآن الكريم حبل الله المتين الممدود من السماء إلى الأرض. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء والأرض” .
ومن اشتغل بالقرآن الكريم نال الخير كله، ونال الخيرية الموعودة في الحديث النبوي الشريف: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه” ، فيدخل في معنى خدمة القرآن تعلمه وتعليمه وتحفيظه..، يقول الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: “ولا شك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه مكمل لنفسه ولغيره، جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي، ولهذا كان أفضل، وهو من جملة من عنى الله سبحانه وتعالى بقوله: “ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين” . والدعاء إلى الله تعالى يقع بأمور شتى ومن جملتها تعليم القرآن وهو أشرف الجميع” .
ومن فضلِ الاشتغالِ بالقرآن الكريم نيل الدرجة الرفيعة عند الله تعالى، فأهل القرآن أهل الله وخاصته، كما جاء الحديث النبوي الشريف الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن لله أهلين من الناس” قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: “أهل القرآن هم أهل الله وخاصته” ، وهي أشرف المنازل وأسماها، ولا ينالها إلا من كرس حياته للقرآن الكريم دعوة وعملا وتعليما.
وروى الترمذي وأبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ، كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا” . ويدخل في الحديث من حفظ القرآن الكريم وعمل به في حياته الدنيا وأحسن تلاوته وأداءه.
ولقد كان المسجد النبوي الشريف منطلقا للدعوة الإسلامية وتعليم الدين الإسلامي للناس، حيث كان يجلس فيه النبي صلى الله عليه وسلم، يعلم الناس دينهم ويجيبهم عن أسئلتهم، ويعلمهم القرآن الكريم وبين أحكامه وحِكَمهُ. قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى: “كانت المساجد مجامع الأمة ومواضع الأئمة، وقد أسس صلى الله عليه وسلم مسجده المبارك على التقوى، فكانت فيه الصلاة والقراءة والذكر وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون كلما حزبهم أمر من أمر دينهم ودنياهم” .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحث المسلمين على القدوم إلى المسجد النبوي والاستفادة من خدماته العلمية والتعليمية فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”من جاء مسجدي هذا لم يأت إلا لخير يتعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة رجل ينظر إلى متاع غيره” .
وكان صلى الله عليه وسلم يحث الصحابة رضوان الله عليهم على الاشتغال بالقرآن الكريم في المسجد تلاوة وتدارسا، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده” .
فعمِل الصحابة رضوان الله عليهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يجتمعون على القرآن الكريم تعلما وتعليما، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمعهم ويقرئهم القرآن الكريم. ومن الصحابة الذين عرفوا واشتهروا بتعليم القرآن وتحفيظه للناس: عبد الله بن مسعود، وأبو موسى الشعري، وأبو الدرداء.
فعبد الله بن مسعود رضي الله عنه أول من جهر بالقرآن الكريم في مكة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستمع إلى قراءته ويبكي. وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، جلس ابن مسعود رضي الله عنه يعلم الناس القرآن الكريم، وأسس رضي الله عنه مدارس لتحفيظ القرآن الكريم في الكوفة، ومنها انتشر تعليم القرآن في البلاد على يد تلاميذته الذين تعلموا القرآن على يده، وقد زاره خباب بن الأرث فعجب لما رأه من حفظ تلاميذته، ف”عن علقمة، قال كنا جلوسا عند عبد الله ومعنا زيد بن حدير فدخل علينا خباب فقال يا أبا عبد الرحمن أكل هؤلاء يقرأ كما تقرأ فقال إن شئت أمرت بعضهم فقرأ عليك قال أجل فقال لي اقرأ فقال ابن حدير تأمره يقرأ وليس بأقرئنا فقال أما والله إن شئت لأخبرنك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقومك وقومه قال فقرأت خمسين آية من مريم فقال خباب أحسنت فقال عبد الله ما أقرأ شيئا إلا هو قرأه ثم قال عبد الله لخباب أما آن لهذا الخاتم أن يلقى قال أما إنك لا تراه علي بعد اليوم والخاتم ذهب” .
أما أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقد عٌرف بصوته الشجي في قراءة القرآن الكريم، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: “عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا أبا موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود” . وقد تولى في عهد عمر رضي الله عنه على البصرة، فأسس فيها مجالس لتحفيظ القرآن الكريم، جاء عنه في سير أعلام النبلاء: “كَانَ أَبُو مُوْسَى إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ اسْتَقْبَلَ الصُّفُوْفَ رَجُلاً رَجُلاً يُقْرِئُهُمْ” . وهنا أذكر شهادة لأنس بن مالك رضي الله عنه في أبي موسى الأشعري: “عن أنس بن مالك قال: بعثني الأشعري إلى عمر فقال عمر: كيف تركت الأشعري؟ فقلت له: تركته يعلم الناس القرآن” . فنعم الشهادة تلك.
وهذا الصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنه الذي يعد أول من سن حِلَقَ تعليم وتحفيظ القرآن بالمسجد في الشام، على شكل كتاتيب قرآنية، وذلك عند فتح الشام وانتشار الإسلام بين أهلها، أرسله عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتعليمهم القرآن الكريم في دمشق، فأنشأ حلقا لتحفيظ القرآن الكريم، قال عنه مسلم بن مشكم: “قال لي أبو الدرداء: اعدد من في مجلسنا. قال: فجاءوا ألفا وستمائة ونيفا. فكانوا يقرأون ويتسابقون عشرة عشرة، فإذا صلى الصبح، انفتل وقرأ جزءا، فيحدقون به يسمعون ألفاظه. وكان ابن عامر مقدما فيهم” ، وجاء في كتاب جمال الإقراء وكمال القراءة للسخاوي: “قال سويد بن عبد العزيز: كان أبو الدرداء إذا صلى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة، وعلى كل عشرة عريفا، ويقف في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفه، فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء فسأله عن ذلك. قال: وكان ابن عامر – من القراء السبعة وقارئ أهل الشام – عريفا على عشرة – كذا قال سويد – فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر” .
واستمرت العناية بالقرآن الكريم، بعد الصحابة رضوان الله عليهم، في عصر التابعين وتابعي التابعين، ومن تبعهم بإحسان. وعلى نهج الصحابة السلف الصالح سارالعلماء والدعاة إلى الله تعالى في تعليم القرآن ونشره بين أبناء المسلمين، وما أحوج المسلمين اليوم إلى هذه المحاضن القرآنية لما لها من دور كبير في ربط الأجيال الناشئة من المسلمين بالقرآن الكريم وقيمه وآدابه، ومن تربى في أحضان القرآن الكريم نال الخير كله، ومن اشتغال بالقرآن الكريم منذ صغره استقام لسانه وسلوكه وفكره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.