حلقة اليوم الجمعة، من برنامج "حكايات من زمن فات" يعدها "اليوم24″، عن أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي قيل عنه أنه أَقّرأ الناس بكتاب الله، وهو الصحابي الجليل أُبيّ بن كعب. وكان رضي الله عنه من أوائل من أسلموا، مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحد الاثنا عشر الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية، وبعد الهجرة آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعيد بن زيد رضي الله عنهم، وعُرف عن أُبي حفظه للقرآن وحبه لكلام الله وكثرة تلاوته، فكان أحد فقهاء الصحابة، وأحد كُتَّاب الوحي، فقال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرأهم لكتاب الله أُبيّ بن كعب، .." ومن فضله رضي الله عنه، أن الله عز وجل أمر النبي بأن يقرأ عليه سورة البينة، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأُبيّ "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ (لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ)، فقَالَ أُبيّ: وَسَمَّانِي؟! فقَالَ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ، فَبَكَى أُبيّ من عظمة ذكر الله له. أما عن علمه وتفكره واحساسه بالقرآن، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سأله ذات يوم وقال :"يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟"، فقال أُبيّ: "الله ورسوله أعلم، فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم "،مرة أخرى: "يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟"، فقال أُبيّ: "اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ"، فضرب صلى الله عليه وسلم على صدره وقال: "وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ" ومرة أُخرى يقول له الرسول صلى الله عليه وسلم: "ألا أعلمك سورة ما أنزل في التوراة ولا في الزبور ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها؟" فقال أُبيّ: "بلى"، فقال صلى الله عليه وسلم: "فإني أرجو ألا أخرج من ذلك الباب حتى تعلمها"، فقام صلى الله عليه وسلم وأخذ بيد أُبيّ يُحدثه حتى بلغ قرب الباب، فذكّره أُبيّ قائلاً: :يا رسول الله، السورة التي قلت لي"، فقال صلى الله عليه وسلم: "فكيف تقرأ إذا قمت تصلي؟" فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: "هي هي، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيتُه". وقال أنس بن مالك "جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار: أُبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد رضي الله عنهم جميعًا". وقال صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأُبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى حذيفة"، لذا فقد أسند إليه النبي صلى الله عليه وسلم مهمة تعليم الوفود القرآن وتعليهم أمور الدين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غاب عن المدينة استخلفه لإمامة المسلمين في الصلاة، لذا فبعد وفاة صلى الله عليه وسلم خطب عمر بن الخطاب فقال: "أيها الناس من كان يريد أن يسأل عن القرآن فليأتِ أبيَّ بن كعب." ومن وصاياه : "لا تعترض فيما لا يعنيك، واعتزل عدوَّك، واحترس من صديقك، ولا تغبطنَّ حيّاً إلا بما تغبطه به ميتاً، ولا تطلب حاجةً إلى مَنْ لا يُبالي ألا يقضيها لك" و"تعلموا العربية كما تتعلّمون حفظ القرآن" تعلموا العلم، واعملوا به، ولا تتعلموه لتتجملوا به، فإنه يوشك إن طال بكم زمان، أن يتجمل بالعلم كما يتجمل الرجل بثوبه. وقد توفي رضي الله عنه في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، سنة 32 هجريا، بعد أن جمع القرآن الكريم بأمر الخلفية عثمان.