علوم القرآن جمع المصحف الجمع الأول في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لقد تم حفظ القرآن الكريم وجمعه على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عبر حفظه في الصدور والسطور، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن عن ظهر قلب لا يفتر لا سيما في الليل. ولزيادة التثبيت كان جبريل يعارضه بالقرآن كذلك. وتوفي الرسول صلى الله عليه وسلم وعدد مهم من الصحابة يحفظون القرآن عن ظهر قلب. وإلى جانب هذا اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن، فكان كلما نزل عليه شيء منه دعا الكُتّاب منهم: علي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان فأملاه عليهم. وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم جهد هؤلاء الكتاب في كتابة القرآن، فمنع من كتابة غيره إلا في ظروف خاصة أو لبعض أناس مخصوصين. الجمع الثاني في عهد أبي بكر الصديق عن زيد بن ثابت قال: أرسل إليَّ أبو بكر، مقتلَ أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني، فقال : إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف تفعل شيئاَ لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هو والله خير، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك شاب عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتّبع القرآن فاجمعه... ويضيف: فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُب واللِّخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، ولم أجدها مع غيره: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ...)، التوبة: 128 ,129 حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهم. وبهذا التثبت والتحفظ تم جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق في مصحف واحد مرتب الآيات والسور. وقد اعتمد الصحابة كلهم وبالإجماع القطعي هذا العمل وهذا المصحف الذي جمعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه. الجمع الثالث في عهد عثمان بن عفان مع توالي الفتوحات الإسلامية ودخول ثقافات متعددة اللغات في الإسلام، اختلف الناس في وجوه قراءة القرآن حتى قرؤوه بلغاتهم، فأدى ذلك بعضهم إلى تخطئة بعض، فخُشي عثمان بن عفان من تفاقم الأمر في ذلك، فأمر بالمصاحف التي كتبت على عهد أبي بكر فنسخت في مصحف واحد مرتباً لسوره واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش. عن أنس بن مالك: أن حُذيفة بن اليمان قدم عَلى عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف. حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة.