المنتخب يرفع نبض الجماهير في وجدة    "الأسود" يشيدون بالدعم الجماهيري بعد الفوز في افتتاح "الكان"    انتصار البداية يعزز ثقة "أسود الأطلس" في بقية مسار كأس إفريقيا للأمم    الاستيطان يتسارع في الضفة الغربية ويقوّض فرص قيام دولة فلسطينية    أزيد من 60 ألف متفرج في المنتخب    رصيف الصحافة: النيابة العامة تنتظر نتائج تشريح جثة رضيعة في فاس    أسود الأطلس يبدأون رحلة المجد الإفريقي بالفوز على جزر القمر    المديرية العامة للأمن الوطني ترفع جاهزيتها لإنجاح العرس الإفريقي    أمطار غزيرة تعم جماعات إقليم الحسيمة وتنعش آمال الفلاحين    تعليق الدراسة بعدد من المؤسسات التعليمية بإقليم الحسيمة بسبب الامطار والثلوج            تصعيد ديموقراطي ضد إدارة ترامب لمحاولتها التعتيم على "وثائق إبستين"    تفوق تاريخي ل"الأسود".. تعرّف على سجل المواجهات بين المغرب وجزر القمر    تصعيد خطير بعد دعوات لطرد الإماراتيين من الجزائر    فرض مبالغ إضافية دون مقابل يثير الجدل في مقاهي طنجة خلال كأس أمم إفريقيا    في الذكرى الخامس للتطبيع.. تظاهرات بالمدن المغربية للمطالبة بإسقاطه ووقف الجرائم في فلسطين    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وهبات رياح من اليوم الأحد إلى الأربعاء المقبل    وكالة بيت مال القدس الشريف تقدم إستراتيجيتها لدعم قطاع التجارة في القدس برسم سنة 2026    ماكرون يبحث في أبوظبي فرص التعاون    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات عسكرية ميدانية بأقاليم أزيلال والحوز وميدلت    إنفانتينو يشيد بالمملكة المغربية مؤكدا قيادتها كرة القدم الإفريقية    دليلة الشعيبي نمودج الفاعلة السياحية الغيورة على وجهة سوس ماسة    أدب ومحاكمة ورحيل    "مجموعة نسائية": الأحكام في حق نزهة مجدي وسعيدة العلمي انتهاك يعكس تصاعد تجريم النضال    "محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة من خلال الصحافة المصرية" موضوع اطروحة دكتوراه بكلية عين الشق    أزمة المقاولات الصغيرة تدفع أصحابها لمغادرة الحسيمة ومهنيون يدقون ناقوس الخطر    مغربي مرتبط بالمافيا الإيطالية يُدوّخ الشرطة البلجيكية    ضيعة بكلميم تتحول إلى مخزن للشيرا    التعويض عن الكوارث جزء أصيل من إدارة الأزمة..    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    السعدي: أعدنا الاعتبار للسياسة بالصدق مع المغاربة.. ولنا العمل وللخصوم البكائيات    "فيسبوك" تختبر وضع حد أقصى للروابط على الصفحات والحسابات المهنية    حركة "التوحيد والإصلاح" ترفض إعلانًا انفصاليًا بالجزائر وتدعو إلى احترام سيادة الدول    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    اختتام حملتي "حومتي" و"لقلب لكبير" بجهة طنجة تطوان الحسيمة: مسيرة وطنية بروح التضامن والعطاء    نقابة التعليم بالحزام الجبلي ببني ملال تنتقد زيارة المدير الإقليمي لثانوية بأغبالة وتحمّله مسؤولية تدهور الأوضاع    أجواء ممطرة في توقعات اليوم الأحد بالمغرب    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    "أفريقيا" تحذر من "رسائل احتيالية"    خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ حسن الموس في خطبة منبرية: في رسالة المسجد والعناية به
نشر في التجديد يوم 15 - 05 - 2008


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا ولا نصيرا. أيها الإخوة المؤمنون، قال الله تعالى إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِين قال ابن كثير رحمه الله: شهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد، كما قال الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد، فاشهدوا له بالإيمان. قال تعالى إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر رواه الترمذي وابن مردويه والحاكم في مستدركه من حديث عبدالله بن وهب به. وعن أنس ابن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما عمار المساجد هم أهل الله رواه الحافظ أبو بكر البزار. وقال الإمام أحمد عن معاذ بن جبل، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان ذئب الإنسان، كذئب الغنم، يأخذ الشاة القاصية والناحية، فإياكم والشعاب وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد قال القرطبي رحمه الله: إنما يعمر مساجد الله دليل على أن الشهادة لعمار المساجد بالإيمان صحيحة، لأن الله سبحانه ربطه بها وأخبر عنه بملازمتها. وقد قال بعض السلف: إذا رأيتم الرجل يعمر المسجد فأحسنوا به الظن. أيها الإخوة المؤمنون، إن الأصل الذي ينبغي أن يكون هو صلاح واستقامة و إيمان عمار المساجد، لذا نجد العلامة الزمخشري يقول في تفسيره لهذه الآية: أي إنما تستقيم عمارة هؤلاء وتكون معتداً بها، والعمارة تتناول رم ما استرم منها وتنظيفها وتنويرها بالمصابيح وتعظيمها واعتيادها للعبادة والذكر، ومن الذكر درس العلم بل هو أجله وأعظمه وصيانتها مما لم تبن له المساجد من أحاديث الدنيا فضلاً عن فضول الحديث. وقال الفخر الرازي رحمه الله: اعلم أنه تعالى قال: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله أي من كان موصوفا بهذه الصفات الأربعة و {إنما} تفيد الحصر، وفيه تنبيه على أن المسجد يجب صونه عن غير العبادة فيدخل فيه فضول الحديث وإصلاح مهمات الدنيا. وقوله ولم يخش إلا الله أي ولم يخف إلا من الله تعالى ولم يخش سواه فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ...وكل عسى في القرآن فهي واجبة. وقال بعض المفسرين: لا يعتني ببيوت الله ويعمرها إلا الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ولا يخافون في الله لومة لائم، هؤلاء العُمَّار هم المهتدون إلى الحق. أيها الإخوة المؤمنون، يا من ترغبون في الأمن والأمان يوم العرض على الله، إن نبيكم يبشركم بالأمن إذ يفزع الناس، وباستحقاق أن تكونوا في ظل الله عز وجل يوم القيامة: روى الإمام مالك عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ ذَاتُ حَسَبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ. ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه معناه - والله أعلم - ينوي الرجوع إليه، ويرتقب وقت توجهه نحوه، فهذا مما يستديم الحسنات، لأن من نوى حسنة فلم يعملها كتبت له حسنة وإن عملها كتبت له عشرا. إن المسجد يا عباد الله رمز الحياة الإسلامية ومحور اهـتمام المسلمين، ومركز المدينة أو المحلة الإسلامية، وحوله يتجمع نشاط المسلمين بكل مظاهره وصوره، فمنه انبثقت أفكارهم وتطلعاتهم، إليه يعودون بعد ضربهم في الأرض، وخوضهم في كل المجالات والمسجد تجسيد لأهداف المسلم وغاياته في حياته، وهو الطريق لتحقيق هذه الأهداف والغايات فبناؤه يعد أول خطوة من أجل ذلك، وهدمه قضاء على هذه الأهداف والغايات في مهدها، ومحاولة قضاء على مجرد التفكير فيها أيضاً. لذا فقد كان أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة إلى المدينة المنورة، هو بناء المسجد النبوي: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَة، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا قَالُوا: لا وَاللَّهِ لا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلا من اللَّهِ . أيها الإخوة المؤمنون، يجب على كل أصحاب النوايا الخيرة أن يبادرووا لتقديم كل ما يمكن تقديمه خدمة لبيوت الله عز وجل - فمن منا سيكون كتلك المرأة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدرها، وحرص على أن يصلى عليها، لأنها جعلت من تنظيف المسجد و إزالة القمامة عنه رسالتها و وظيفتها... إن تنظيف المسجد لا ينبغي أن يترك للقائمين عليه فقط، فهم لن يقووا على ذلك لوحدهم، وإنما الواجب وخاصة على الشباب، وكذلك بعض النساء المتفرغات أن يتعهدوا المسجد تفريشا وتنظيفا وتزيينا وتطهيرا. - ومن المسلمين من وسع الله عليه في الرزق، فهذا ينبغي أن يسعى ليكون ممن ينفقون على المسجد بناءا وإنارة وتفريشا وتجهيزا بما يحتاجه المسجد في أداء رسالته ، فمكبرات الصوت يجب أن تتعهد في كل مسجد وتكون في مستوى ما تبثه من كلام الله وسنة رسول الله في الصلوات والجمع والدروس، كما أن الإنارة يجب أن تكون في المستوى المطلوب، وكذلك يمكن التنافس في مد المسجد بالمصاحف وكتب التفسير والحديث والسيرة النبوية بالتنسيق مع قيمي المسجد ليجد كل جالس في بيت الله ما يحقق ضالته العلمية... وإن من فضل الله أن يتنبه المحسنون والقائمون على الشأن الديني في بلادنا إلى أهمية جعل المسجد مؤسسة جامعة كما كان في عهد أسلافنا، يضم قاعات لتعليم القرآن وأخرى لطلب العلم. إن البخاري رحمه الله تعالى جعل آية التوبة التي جعلناها محور خطبتنا اليوم، أصلا في التعاون على بناء المساجد فقد بوب في جامعه الصحيح: بَاب التَّعَاوُنِ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ، قال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ. وبوب أيضا: بَاب الِاسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ فِي أَعْوَادِ الْمِنْبَرِ وَالْمَسْجِدِ - كما أن التسابق إلى دعم بناء المساجد يعتبر من أوجب الواجبات فكل مسجد جديد يبنى يساوي تحصين للكثير من الشباب من الضياع والانحراف، لأن الفراغ وقلة ذات اليد وعدم تيسر أسباب العيش الكريم، إذا لم يواكبه إيمان يجعل صاحبه يتحلى بالصبر والثبات، أقول إن ذلك قد يؤذي للكثير من الأزمات النفسية... فما أحوج المواطن إلى عمارة المسجد ليجد فيه الطمأنينة النفسية و السكينة: روى أبو داوود في سننه عن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاة، قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ، قَالَ: قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُلْ: إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي. - والمسجد يجب أن يقام في كل تجمع بشري، تيسيرا للناس على حضور الصلوات في وقتها ومع الجماعة فكتب السيرة تخبرنا كيف كان الصحابة رضي الله عنهم، يسارعون إلى بناء المساجد القريبة التي تنوب عن المسجد الجامع في حال البعد والمطر، بل من الصحابة من دعا النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي له في مكان من البيت يجعله مسجدا له و لأهل بيته، وهذا يمكن مقارنته بما يمكن أن يكون من مساجد في بعض العمارات والمجمعات السكنية أو الوظيفية وكذلك الثانويات والإعداديات. فمن غير المقبول أن يتواجد أبناؤنا طيلة اليوم في مؤسساتهم التعليمية ولا يجدون قاعة للصلاة، وهذا العبء يقع على عاتق جمعيات الآباء و المحسنون الذين يمكن أن يساعدوا في بناء و إيجاد هذه القاعات. روى البخاري عن عُثْمَان بْن عَفَّانَ أنع قال - عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ. لقد وعى الصحابة رضي الله عنهم رسالة المسجد فكانوا يحرصون على عمارته، و لا يتركوا الجماعة حتى ولو كانوا في جهد و مرض شديدين: روى الترمذي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ، فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ: كَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ فَوَاللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ، قَالَ جُبَيْرٌ: فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قُلْتُ: أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُولُ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَالَ صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِنْ شِئْتَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ النَّاسِ الْخُشُوعُ، يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَلَا تَرَى فِيهِ رَجُلًا خَاشِعًا - كما أنه لكي يقوم المسجد برسالته كاملة لابد من التأدب بآدابه وتجنب كل ما يشوش عن طمأنينة رواد المساجد فمما تصان عنه المسجد الروائح الكريهة والأقوال السيئة وغير ذلك. وقد صح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في غَزْوة تَبُوك: من أكل من هذه الشجرة ـ يعني الثُّوم ـ فلا يأتِيَنّ المساجد (الدخان و غيره) .. روى الترمذِيّ من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلّق الناس يوم الجمعة قبل الصلاة. - وفي الحديث: روى بن ماجه عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَاتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ. - قال أبو عمر بن عبد البر: وقد شاهدت شيخنا أبا عمر أحمد بن عبد الملك بن هشام رحمه الله أفتى في رجل شكاه جيرانه واتفقوا عليه أنه يؤذيهم في المسجد بلسانه ويده فشُووِر فيه؛ فأفتى بإخراجه من المسجد وإبعاده عنه، وألا يشاهد معهم الصلاة؛ إذ لا سبيل مع جنونه واستطالته إلى السلامة منه، فذاكرته يوماً أمره وطالبته بالدليل فيما أفتى به من ذلك وراجعته فيه القول؛ فاستدل بحديث الثُّوم، وقال: هو عندي أكثر أذًى من أكل الثوم، وصاحبه يُمنع من شهود الجماعة في المسجد.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.