مقدمة الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خصنا بخير كتاب أنزل وأكرمنا بخير نبي أرسل، وجعلنا بالإسلام خير أمة أخرجت للناس، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونؤمن بالله، وأشهد أن سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فمن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً، اللهم صل وسلم وبارك على هذا الرسول الكريم وعلى آله وصحابته وأحينا اللهم على سنته وأمتنا على ملته واحشرنا في زمرته مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، أما بعد،،،، أريد أن أبكي وأن تبكوا معي على حال الأمة فيا أيها الأخوة المسلمون، لا أدري بأي لسان أنطق، وبأي لغة أتكلم، أأتكلم بلغة الرثاء والبكاء وعندي والله مخزون من الدموع أريد أن أفيض، أريد أن أبكي وأن تبكوا معي على حال هذه الأمة، لا نريد أن نبكي على الأرواح التي أزهقت ولا على المساجد التي دمرت، ولا على المنازل التي خربت، ولا على الدماء التي سفكت، ولا على الشهداء الذين سقطوا صرعى في سبيل الله، لا نريد أن نبكي على ضحايانا وعلى خسائرنا في فلسطين ونحن نشاهدها كل يوم وكل ساعة، لم يعد لنا عذر كما كان لأسلافنا من قبل حينما تحدث هذه الحوادث، ما كانوا يشاهدونها، كانوا يعرفونها بعد أشهر أو أكثر من أشهر، ولكننا نشاهدها أولاً بأول، فما لنا لا تذرف العيون عبرات، ومالنا لا تذهب النفوس حسرات؟، وما لنا لا تئن الصدور زفرات؟ أنبكي على ما نبكي؟ أنبكي على إخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا، في فلسطين الصامدة المجاهدة؟ أم نبكي على أنفسنا نبكي على حالنا ونحن نشاهد هذه الأحداث ولا نملك أن نفعل شيئاً، لا نستطيع أن نذهب إليهم ونقف بجوارهم ونؤدي لهم واجب الإسلام في النصرة، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، والمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى بعضه اشتكى كله، نبكي على أنفسنا ونحن عاجزون هذا العجز، أم نبكي على هذه الأمة؟ على الثلاثمائة مليون من العرب ووراءهم أكثر من ألف مليون من المسلمين وهم كما وصفهم الحديث الشريف "كثرة كغثاء السيل" أو كما قال الشاعر: يملئون الأرض من كثرتهم ثم لا يغنون في أمر جلل إني لأفتح عيني حين أفتحها على كثير ولكن لا أرى أحدا أنبكي على حال الأمة؟ أم نبكي على حال حكامنا؟ الذين اتخذوا الكرسي رباً فاتخذهم الكرسي عبيداً، الذين أرضوا أمريكا وأسخطوا ربهم وأسخطوا شعوبهم أنبكي على حكام تخاذلوا وزعماء استخذوا واجتمعوا في قمة بعد قمة ولكنهم لم يقدموا لهذه المأساة شيئاً يذكر. أأتكلم أيها الأخوة بلغة البكاء والرثاء؟ كما تكلم أبو البقاء الرندي الذي رثا الأندلس حينما سقطت آخر مدنها غرناطة بقصيدته الشهيرة التي قال في ختامها: لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان أأتكلم بلغة البكاء والرثاء أم بلغة الشكوى وكثيراً ما يضطر الإنسان إلى الشكوى كما قال الشاعر: شكوت وما الشكوى لمثلي عادة ولكن تفيض الكأس عند امتلاءها أأتكلم بلغة الشكوى؟ والله إن لأشكو ثم أشكو ثم أشكو ولي كبد مقروحة من يبيعني بها كبداً ليست بذات قروح أباها علي الناس لا يشترونها ومن يشتري ذا علة بصحيح لمن نشكو؟؟ لمن نشكو؟ لهيئة الأمم؟ لمجلس الأمن؟ وقد أصبحت أدوات في يد أمريكا مجلس الأمن الذي يحفظ أمن العالم أصبح لعبة في يد أمريكا، الفيتو الأمريكي يلاحقنا حتى حينما طلب مراقبين دوليين لأجل فلسطين قال الفيتو الأمريكي (لا)، كل شئ يمس إسرائيل من بعيد أو قريب فأمريكا ضده بالمرصاد، لمن نشكو؟ كثيراً من زعمائنا يشكون إلى أمريكا نفسها، إذا حدث شيء سارعوا بالسفر إلى أمريكا، أو لقاء السفير الأمريكي وأمريكا هي الخصم والحكم، أمريكا هي التي تقف ضدنا، أمريكا هي التي تسند إسرائيل بالمال والسلاح والتأييد المادي والأدبي، الرئيس الأمريكي اعتذر عن شارون وما فعله شارون وقال إنه رئيس لبلد ديمقراطي انتخبه شعبه، فهو ينفذ ما يريده شعبه، وهل إذا انتخب رجل من شعبه من حقه أن يعتدي على شعب آخر وأن ينتهك حرماته ويدوس مقدساته؟ والشعب الفلسطيني اختار عرفات، لماذا كان لشارون الحق أن يفعل ما يشاء؟. رسالة إلى مستر بوش يا مستر بوش ليس من حق شعب أن ينتهك حرمات شعب آخر، هذا هو موقف أمريكا، كيف نشكو لأمريكا وأمريكا هي الخصم والحكم؟ أم نشكو إلى من لا يشكى إلا إليه، نشكو إلى من شكا إليه يعقوب عليه السلام حينما قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، اللهم إنا نشكو إليك دماء سفكت، نشكو إليك أعراضاً هتكت، نشكو اللهم إليك حرمات انتهكت، نشكو إليك مساجد خربت ومدارس عطلت، وبيوتاً دمرت وأطفالاً تيتمت، ونساء تأيمت، وأمهات ثكلت، وبرآء سقطوا، نشكو إليك اللهم هذا كله، ونشكو إليك حكاماً خذلونا ونشكو إليك جيوشاً تملك الكثير الكثير بالمليارات من الأسلحة، ولم تستعمل منها شيئاً، نشكو إلى الله، إلى الله شكوانا وقديماً قال أسلافنا (الشكوى لغير الله مذلة). حيوا شعب فلسطين الذي أثبت أن هذه الأمة حية ولا يمكن أن تموت أنتكلم بلغة البكاء أم بلغة الشكوى أم بلغة الاعتزاز والفخر، من حقنا أن نعتز ونفخر بالشعب الفلسطيني، بأبناء هذا الشعب، بهؤلاء الأبطال، حيوا شعب فلسطين، حيوا هؤلاء الذين قال فيهم بنو إسرائيل من قبل: إن فيها قوماً جبارين، حيوا الشعب البطل الذي قدم الأنفس والنفائس وضحى بكل شيء من أجل كرامته وكرامة هذه الأمة، حيوا أبطال جنين الذين وقفوا أمام الجيش، الجيش الشاروني الصهيوني بكل ما يملك من عتاد وقوة، بما يملكون من أسلحة ضئيلة وقليلة وكان شعارهم (القتال حتى الموت)، وقال أخونا أبو الهيجاء هناك في جنين إنه جيش من كرتون والله، وصدق الله العظيم (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة)، (لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر) وقراهم المحصنة الدبابات يختبئون فيها لا يواجهون هؤلاء الأبطال، وظلوا ثمانية أيام صابرين مصابرين مرابطين، حتى نفذت الذخيرة، نفذت ذخيرتهم حتى آخر رصاصة في جعبتهم، وما أكثر الذخائر والرصاص والأسلحة في المخازن في بلادنا العربية والإسلامية، ماذا نقول أيها الأخوة؟ نحيي هؤلاء الأبطال، أبطال جنين ونابلس وطول كرم، ورام الله ورفح والخليل وكل هذه المدن وكل هذه المخيمات التي صدرت لنا أبطالاً، أعادوا لنا أسماء خالد وطارق وصلاح الدين، حيوا هذا الشعب، حيوه برجاله ونسائه، بأبنائه وبناته، بآبائه وأمهاته، حيوا آيات الأخرس، التي أخرست كل من يتحدث بسوء عن هذا الشعب، التي أنطقت بفعالها الحجارة، حيوا هذا الشعب، حيوا الأمهات التي تستقبل شهيدها بالزغاريد، حيوا الآباء الذين يرفضون أن يستقبلوا المعزين في أبنائهم وإنما يستقبلون المهنئين، حيوا الشعب الفلسطيني بكل فئاته، شكراً لهذا الشعب، لقد أثبت أن هذه الأمة لا تزال حية ولا يمكن أن تموت، أن هذه الأمة إلى خير، أثبتوا أننا أحياء، أن الدم لا زال يجري في عروقنا، اشكروا هذا الشعب وحيوا هذا الشعب وادعوا من أعماقكم لهذا الشعب. نعتز بالشارع العربي الذي تجاوب مع الانتفاضة نتكلم بلغة الاعتزاز بالشعب الفلسطيني، ونعتز كذلك بالشارع العربي، بالشباب العربي والإسلامي الذي تجاوب مع هذه الانتفاضة من جاكرتا إلى الرباط، هذا الشباب الذي يغلي وينفجر كالبركان ويهيج كالإعصار، هؤلاء الشباب الذين رأيناهم في شوارع القاهرةوالإسكندرية والزقازيق وطنطا والمنصورة وكفر الشيخ من أسوان إلى الإسكندرية، ينادون، بأن افتحوا لنا الحدود، حيوا شهيد الإسكندرية الطالب الذي مات في سبيل هذه القضية وحيوا شهيد البحرين وحيوا الشباب الذي خرج في المسيرات يعبر عن سخطه ويعبر عن نقمته ويعبر عن طموحه في يوم المسيرة القطرية من عشرة أيام، وجدت شاباً لا يشارك في المسيرة، فقلت له لماذا لم تشارك معنا؟ فذرفت عينه الدموع وقال أرى أخواني وأخواتي يذبحون ويقتلون ويكون كل همي أن أصيح في الشوارع؟ لم يرضه هذا، إنه يريد أن يجاهد، ولكن ما حيلة الأمة؟ حيوا هؤلاء الذين خرجوا في هذه المسيرات، صحيح المسيرات لا تستطيع أن تفعل شيئاً لكنها تعبير، يريد الناس أن يتنفسوا، نريد أن نشعر الحكام أن الأمة لها إرادة وتريد شيئاً وأن الأمة إذا أرادت لا يستطيع أحد أن يقف في سبيلها، حيوا هذه المسيرات في قطر وفي عمان وفي الكويت وفي البحرين وفي الشارقة وفي دبي وفي غيرها من بلدان الخليج والبلدان العربية، حيوا المسيرة المليونية في الخرطوم والمسيرة المليونية في الرباط، حيوا كل من وقف غاضباً من أجل الحق، يريد أن يثبت وجوده، حيوا هؤلاء جميعاً، كل من قدم لهذه القضية نحييه حيوا العراق الذي أوقف ضخ النفط حيوا العراق الذي أوقف ضخ النفط، ثلاثين يوماً قابلة للتجديد إذا لم تتغير الأوضاع، حيوا العراق الذي وقف فريداً في هذه القضية ولم ينضم إليه أي قطر آخر، وقال من قال إن قطع النفط يضرنا ولا ينفعنا، لا والله، لن ينفعنا إذا ضاعت كرامتنا إذا ديست حقوقنا إذا أصبحنا كالأنعام نساق كما يريد الجزارون لنا، ليس هذا في مصلحتنا، إذا لم نفعل كما فعل العراق، فلنفعل ما طلبناه في بيان المسيرة الشعبية في قطر ، تخفيض إنتاج النفط، خفضوا إنتاج النفط خمسين في المائة، ماذا يضر؟ في وقت من الأوقات كان النفط يباع بعشرة دولارات وأعلنت الدول النفطية التقشف وخفضت ميزانيتها، ليكن هذا، ألا تستحق كرامة الأمة وحقوق الأمة هذا الأمر؟ أين الملك فيصل رحمه الله حينما قال للأمريكان والغربيين إننا مستعدون أن نعود إلى حياة الخيام ونكتفي بالتمر واللبن ولا نفرط في كرامتنا. نريد هذا اللون من الناس، ألا يوجد هذا اللون من الناس؟ بماذا نتكلم أيها الأخوة؟ بلغة البكاء والرثاء أم بلغة الشكوى أم بلغة الاعتزاز؟ والفخر والحماس؟ ونقول ما قاله الفرزدق من قبل: أولئك آبائي فجئني بمثلهم، وأنا أقول: أولئك أبنائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع هؤلاء أبناء الأمة أبناء العروبة أبناء الإسلام، أم نتكلم بلغة الاستنهاض والاستصراخ، نستصرخ القادرين من هذه الأمة، نستصرخهم أن يقفوا موقفاً رجولياً يليق بشهامة العرب، العرب عرفوا بالنجدة والشهامة وإذا استجار بهم مجير قالوا فداؤنا لك، إذا قالوا: نعم نجيرك، ويقول قائلهم: ولا أقول نعم يوماً وأتبعها بلا ولو ذهبت بالمال والولد إذا استجار بهم مجير أجاروه ولو بذلوا في ذلك الأرواح والأموال، ولكن عرب اليوم كما قال الشاعر: المستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار أين أمجاد العرب وبطولاتها يا عرب اليوم أين أمجاد العرب وبطولات العرب، العرب في سنة 48 دخلوا بجيوشهم السبعة، كانت الجامعة العربية سبعة دول، ودخلت الجيوش العربية السبعة لتحارب في فلسطين وحاربوا حوالي سنة، أتعجز الجامعة العربية وقد أصبحت أكثر من عشرين دولة وتملك ما تملك من أسلحة أتعجز أن تقف ضد هذا التجبر الصهيوني؟ إنه الجبن إنه الفشل إنه الخوف إنهم زعموا أن إسرائيل قوة لا تقهر أسطورة شاعت ولكن هذه الأسطورة كذبها الواقع، كذبها صراعنا مع إسرائيل، انتصرنا عليها في العاشر من رمضان سنة 73 حينما أحسنا التخطيط وأحسنا التدبير واعتمدنا على الله وكان شعارنا (الله أكبر)، انتصر عليها حزب الله وخرجت من الجنوب اللبناني، انتصر عليها أبناء الانتفاضة هذه، قال شارون في مائة يوم أقصاها سأقضي على هذه الانتفاضة، ومضت مائة ثم مائة ثم مائة ثم مائة، والانتفاضة تزداد قوة على قوة، كذبت وخسئت يا شارون، يا شارون الملعون، يا شارون السفاح، خسئت وكذبت، ستظل الانتفاضة، ما دام هذا الشعب باقياً وما دام الدم يجري في عروقه، دم العروبة والإسلام، دم الإيمان، ما دام يجري في عروقه ستظل هذه الانتفاضة لا نخاف مقاومة إسرائيل ومعنا قوة لا تقهر لماذا يخاف العرب هذا الخوف من مقاومة إسرائيل؟ يقولون إن وراءها أمريكا، فليكن وراءها أمريكا، معها أمريكا ومعنا القوة التي لا تقهر قوة الله عز وجل، (إنهم يكيدون وأكيد كيدا)، (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين)، (وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا)، نحن أصحاب الحق، والحق لابد منتصر وصاحب الحق لا يفكر هذا التفكير، إنه حينما يعتدى عليك أو على أهلك على زوجتك على ابنتك لا تفكر فيما لا يملكه عدوك، تفكر في أن تقاتل ولو خررت شهيدا، "من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد"، نحن نقاتل دون ديننا، دون أهلينا، دون دمائنا، دون أموالنا، نقاتل دون كل المقدسات، التي يقاتل من أجلها الناس، ونقاتل شر قوة في الأرض وأعتى قوة في الأرض إنها قوة بنو صهيون، نقاتل الاستعمار، العنصري الإحلالي الاستيطاني، الاستعمار الذي يطرد أهل البلد ليحل محلهم، كان هناك استعمار استيطاني في الجزائر ولكنه لم يكن إحلالياً، استوطن الجزائر مع أهلها، لم يطرد أهلها منها، أما هذا استعمار إحلالي، يريد أن يستوطن وأن يطرد أهل البلاد، وشارون الآن يريد أن يفعل ما فعله بيجن قديماً، حينما أقام المذابح الرهيبة فأرعبت الناس وتركوا قراهم وديارهم، أهل فلسطين تعلموا الدرس، لن يتركوا قراهم لن يدعوا هذه البيوت والقرى ولو تحولت إلى مقابر، نستنهض الدول العربية أن تقاتل كما قاتلت سنة 48، سنة48 لم تدع الفلسطينيين يدافعون عن أنفسهم وكان هذا هو الأولى، الآن بعد أن أصبحت إسرائيل خمسة ملايين وأصبحت تملك ترسانة هائلة من أسلحة الدمار والأسلحة النووية والأسلحة التقليدية والأسلحة المتطورة، الآن تركوا الشعب الفلسطيني المسكين يأكلها وحدها، يقاوم هذه القوة وحده، أين أنتم يا عرب؟ أين الجامعة العربية؟ أين رابطة العروبة؟ أين الدفاع العربي المشترك؟ لا أثر لهذا حتى اليوم، إذا لم تستطيعوا أن تقاتلوا بأنفسكم فاسمحوا للمقاتلين أن يذهبوا، والله لقد سمعت إحدى الفتيات في لقاء في مصر تقول: تقولون إننا مجرد كلام افتحوا لنا الحدود وسترون ماذا نصنع، فتاة تقول هذا، سترون ماذا سنصنع أحد الشباب يريد أن يجاهد والله إن الشباب يغلي وقد جاءني أحد الشباب يقول أريد أن أجاهد، يقول أنت قلت الجهاد أصبح فرض عين، وأريد أن أسقط الفرض عني، قلت هو فرض عين لمن يقدر عليه لمن يستطيعه وستمنعك دول الطوق، قال سأحاول، وأنا أريد أن أذهب وأن أعلن هذا، من يريد الذهاب إلى الجهاد فليأت معي بشروط كذا وكذا وكذا، قلت: لن تمنعك دول الطوق فقط بل ستمنعك دول الطريق إلى الطوق وأنت ذاهب بسيارتك ورافع علم الجهاد، هل تسمح لك هذه الدول أن تمر في أرضها؟ يا لله، الشباب في كل مكان يقول افتحوا الحدود، غضوا الطرف عمن يتسلل من الحدود، ليس من الضروري أن تكون هناك جيوش وكتائب كبيرة، اسمحوا لا تشددوا ليدخل هؤلاء الشباب الراغبون في الجهاد والاستشهاد، ولكن دول الطوق لا تسمح، لا تسمح بأن ينفذ هواء ليصل لمساعدة إخوتنا في فلسطين، إلى متى تظل هذه الأمة هكذا؟ اسمحوا للشباب أن يذهب إلى هناك، ابعثوا بالأسلحة إلى الانتفاضة، سلحوا الانتفاضة، سربوا الأسلحة إلى الانتفاضة إلى المقاومة إلى فصائل المقاومة، هؤلاء الشباب كتائب عز الدين القسام، سرايا القدس، كتائب شهداء الأقصى فصائل المقاومة المختلفة، نحييهم ولكنهم في حاجة إلى أسلحة، سيسجل التاريخ العار على هذه الأمة حينما نفذت ذخائر أبناء جنين واضطروا للاستسلام وجرفتهم الجرافات ودفنوا تحت الأنقاض وأخفيت المعالم، إسرائيل تفعل هذه الجرائم ثم تخفي المعالم، ولكن التاريخ لن يرحم، والله تعالى بالمرصاد أدنى الجهاد أن نقطع كل علاقة بالكيان الصهيوني نستطيع أيها الأخوة أن نفعل أشياء كثيرة، إذا لم نستطع الجهاد العسكري الذي أصبح فرض عين على كل من يقدر عليه، فليكن هناك أنواع أخرى من الجهاد نستطيع أن نقوم به، تستطيع الأمة أن تقوم بها، من ذلك: الجهاد السياسي، وأدنى هذا الجهاد أن نقطع كل علاقة بهذا الكيان الصهيوني، سواء كانت علاقة اقتصادية تجارية سياسية ثقافية سياحية سموها ما تسموها، هذه العلاقات إثم وعار، إثم وعار، إثم من الناحية الدينية وعار من الناحية القومية، لا يجوز أن يبقى في بلد عربي ولا بلد مسلم صلة بإسرائيل، أي صلة، ولا قنوات دبلوماسية، لا نريد أن تظل بيننا وبينهم أي قناة، لابد من قطع العلاقات، لابد من طرد السفراء، لابد من إغلاق السفارات، لابد من سحب سفرائنا هناك، هذا أول الواجبات وأضعف الإيمان أن لا يكون بيننا وبين هؤلاء صلة، بأي وجه نلقى الله؟ بأي وجه يتحدث عنا التاريخ؟ وإخواننا يلقون ما يلقون ويعانون ما يعانون ونحن نفتح الأبواب لمن يمثلون الصهاينة الغادرين السفاحين الجزارين، هذا هو الجهاد السياسي. شراء البضائع الإسرائيلية والأمريكية كبيرة من الكبائر وهناك جهاد اقتصادي، وهو أن نفعل الفتوى التي أصدرتها وأصدرها معي عدد من علماء الأمة بتحريم التعامل مع البضائع الإسرائيلية والأمريكية، المقاطعة، مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية، هذا واجب الأمة، كل ما يشير إلى أمريكا، مجرد الإشارة حتى ولو كانت وطنية، (كولا) كلمة كولا يعني أمريكا، هامبورجر، ماكدونالد، بيتزا، هذه الأشياء أمريكية، ارحمونا، كلما رأيت هذه العناوين ثارت نفسي وثار البركان في صدري، نريد أن تقاطع الأمة هذه البضائع، من زجاجة البيبسي إلى السيارة إلى الطائرة البوينج، نطالب الحكومات ونطالب الشعوب، أن تقاطع هذه البضائع وأن تنظم اللجان الشعبية لتفعيل هذه المقاطعة وترتيب الأولويات فيها، كل ما له بديل يجب أن يقاطع، ما الذي يجعلني أركب سيارة أمريكية وأستطيع أن أشتري سيارة يابانية أو سيارة ألمانية؟ لن أخسر شيئاً، المقاطعة، هذه المقاطعة واجبة على الجميع، الكبير والصغير، وفي أول الانتفاضة رأينا العجب والله، رأينا الصغار الأطفال يقولون لآبائهم: لا يا أبي لا يا أمي هذه بضاعة أمريكية حرام، رأينا الأخوة في الهند في كيرالا يجتمعون في يوم الجمعة مثل هذا وكل واحد في يده زجاجة كوكاكولا ويكسرها إشارة إلى المقاطعة، ما الذي جعل الأمة تسترخي، نريد من الأمة من رجالها ونسائها من الأمهات في البيوت أن لا يشترين البضائع الأمريكية، وربما تكون هناك بضائع إسرائيلية تتسلل تحت أسماء وعناوين، من عرف ذلك فعليه أن يقاطع، حرام أي حرام، حرام بل كبيرة من الكبائر أن تشتري في هذا الوقت البضائع الإسرائيلية والأمريكية، هذا جهاد نوع من الجهاد، لابد أن نفعله ونتواصى به. علينا أن نجاهد بأموالنا حتى تستمر الإنتفاضة وهناك جهاد آخر، الجهاد بالمال، الله تعالى يقول (انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله)، القرآن دائماً يقدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس لأنه لا يمكن أن يستمر جهاد إلا بالمال، إخواننا يجودون بأنفسهم، يضعون رؤوسهم على أكفهم ويقدمونها رخيصة في سبيل الله، أفنبخل نحن بأموالنا؟ علينا أن نبذل هذه الأموال، الأموال من الزكاة المفروضة لأنها في سبيل الله وهم فقراء وأبناء السبيل ويستحقون الزكاة من أكثر من وجه، وأموال الصدقات التطوعية، من يريد أن يقدم شيئاً يضعه في رصيده عند الله وأموال الصدقات الجارية الأوقاف، من ثمار الأوقاف، وأموال الوصايا، وصايا الأموات، وصايا أبيك وجدك، والأموال المشبوهة، من اجتمع له أموال من فوائد في البنك أو نحو ذلك فهذا مصرفها، هي حرام عليك حلال لأخوتك في فلسطين، علينا أن نبذل من أموالنا وشكر الله للأخوة الذين نظموا ذلك في أكثر من بلد وأول أمس نظمت قطر جمع هذه التبرعات وتبرع الأمير وولي العهد بعدة ملايين ولا زالت الأمة تنتظر المزيد، وعلينا أن نقدم لهؤلاء المواد الإغاثية والمواد الطبية بكل وسيلة ممكنة، هناك الجهاد المالي. كيف نغني ونرقص وأخوتنا يقدمون التضحيات وهناك الجهاد الثقافي، وأعني بالجهاد الثقافي أن تتغير الحياة الثقافية للأمة، هذا الذي نراه في وسائل الأعلام، الأغاني والرقص وهذه الأشياء، كيف نغني ونرقص وأخوتنا يقدمون هذه التضحيات يوماً بعد يوم، هذه المآسي التي نشهدها والتي تقشعر لهولها الأبدان وتشيب لهولها الولدان، كيف نسمح بهذا السيل من الأغاني والأفلام والمسلسلات، آن لهذه الأمة أن تعرف أننا في وقت جد وأوقات الجد لابد أن تقابل بمثلها، حينما قتل كليب ابن ربيعة آل أخوه المهلهل ابن ربيعة على نفسه أن يمتنع عن كل طيبات الحياة وألا يخلع ثوبه عن بدنه وقال في شعره: ولست بخالع درعي وسيفي إلى أن يخلع الليل النهار وحينما هزم المشركون من قريش في بدر أبى أبا سفيان وحلف على نفسه ألا يمس امرأته ولا يمسه ماء لغسل جنابة حتى يثأر من محمد وأصحاب محمد، هكذا كان العرب، كيف نعيش هذه الحياة العادية، أعراس ومهرجانات وسباقات وأشياء كأننا لسنا في حالة حرب، كأننا لسنا في كارثة حقيقية، يا لله، ماذا جرى لهذه الأمة يا قوم؟ ماذا جرى للناس؟ أليس فينا أحاسيس تشعر؟ ماذا نقول؟ ننادي حكامنا وزعماءنا، فهل لحكامنا وزعماءنا آذان تسمع؟ وإذا كانت لهم آذان فهل لهم قلوب تتوجع، وإذا كانت لهم قلوب فهل عندهم عزائم تتشجع؟ وإذا كان عندهم عزائم فهل عندهم سيوف تشهر وأيد تتحرك؟ الأمة في حاجة إلى أن تتغير، جهاد ثقافي، تشعر الأمة بالحزن، بالأسى، أمن الإسلام أو من الإيمان أو حتى من الإنسانية أن تجمع على مائدتك ما لذ وطاب من الطعام والشراب وأن تعيش بين أهلك وأولادك في بيتك الظليل المدفأ في الشتاء والمبرد في الصيف وإخوانك هناك قد أخرجوا من ديارهم، هناك عائلات أخرجت من ديارها ولا تعرف أين ذهب أولادها، بالأمس سمعت الأم تقول: لا أعرف أين ذهب أولادي، هي في مكان وهم في مكان، لم يجتمع شمل الأسرة، ألا نحس بآلام هؤلاء، الأمة الواحدة يجب أن يحس بعضها ببعض، ماذا أقول أيها الأخوة؟ الكلام كثير وفي الجعبة الكثير والكثير، الجهاد الثقافي، وهناك جهاد آخر هو الجهاد الروحي. أقل ما نقدمه أن نستشعر آلام إخواننا وندعو الله لهم الجهاد الروحي، أن نستشعر آلام إخواننا ونصطحبها دائماً وتعيش في وجداننا وأن ندعو الله لهم في صلواتنا، في خلواتنا، في أسحارنا، في سجودنا، ندعو الله لهؤلاء الأخوة، أقل ما نقدمه أن ندعو الله لهم، أن ندعو دعاء القنوت، قنوت النوازل الذي قرره الفقهاء عندما تنزل بالمسلمين نازلة، تدعو في الصلوات وخصوصاً في الصلوات الجهرية وخصوصاً صلوات الجمعة، نصلي صلاة الغائب على الشهداء الذين يدفنون بالعشرات ولا يصلي عليهم أحد، علينا أن نصلي على هؤلاء، علينا أن نمسك بالجذوة بالجمرة ملتهبة حتى لا تستحيل إلى رماد، إن أمتنا تملك الكثير، الكثير والكثير من أنواع الجهاد، من لم يقدر على نوع قدر على نوع آخر، كل واحد يستطيع أن يبذل من عنده وأن يتعاون مع إخوانه وأن نعيش في المأساة حتى ينتصر إخواننا وإنهم لمنتصرون، إنهم لمنتصرون رغم عوامل الإحباط ورغم تخاذل المتخاذلين، واستخذاء المستخذين، رغم هذا ستنتصر الانتفاضة، وستنتصر المقاومة إن لم يكن اليوم فغداً، وإن غداً لناظره قريب وسيجعل الله بعد عسر يسرا وسيجعل الله بعد الظلام فجرا، إن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا، (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)، (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم وكان حقاً علينا نصر المؤمنين)، أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم وادعوه يستجب لكم. دعاء الخاتمة الحمد لله، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، واشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله البشير النذير والسراج المنير، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته واهتدى بسنته وجاهد جهاده إلى يوم الدين، أما بعد،،، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا، وأهلينا وأموالنا، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا واحفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اللهم انصر أخوتنا في فلسطين، اللهم انصر أخوتنا في فلسطين، اللهم انصر أخوتنا في فلسطين، اللهم سدد رميتهم وقو شوكتهم واجمع على الحق كلمتهم، اللهم افتح لهم فتحاً مبينا، واهدهم صراطاً مستقيماً وانصرهم نصرا عزيزاً، اللهم أيدهم بملأ من جندك وأمدهم بروح من عندك واحرسهم بعينك التي لا تنام واكلأهم في كنفك الذي لا يضام، اللهم عليك بالصهاينة المعتدين، اللهم عليك بشارون وعصابة شارون وكل من عاون شارون اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر، اللهم زلزل أقدامهم ونكس أعلامهم، اللهم أدر الدائرة عليهم وسق الوبال إليهم، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد الإسلام، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. اللهم آمين، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. يوسف القرضاوي