كثيرة هي الأحداث التي مرت بنا، أحيانا يتكون لدينا يقين تام، أن الحكومة التي بوأنها المرتبة الأولى في الانتخابات، لا تخدم مصالح من نادته يوما عبر القنوات العمومية، من أجل أن يساهم في إصلاح البلاد. وكانت تقول بالحرف شارك في الانتخابات لتكون مسهما في هذا الإصلاح. وبعدها انتقلوا إلى الشوارع والأزقة، يريدون أن يجروا شعبا ويستعطفوه، من أجل أن يدلي بصوته. اليوم يمكن أن نقول بأنه لم يكن هدفهم أن نصوت لأحد دون الآخر، بل كان الهدف أن نصوت للجميع حتى لا يصعد أحد. بعد سنة ونصف أو أكثر، من عمر هذه الحكومة، لا بد أن نحاسبها. فما الذي تغير ؟ هل حقا نحن الذين ذهبنا بكثافة لصناديق الاقتراع ولمَ لا قد نكون شاركنا في حملة انتخابية لحزب معين، ودون أن نعي أسهمنا في إصلاح البلاد ؟ أولا لا بد أن نتفق على أن الدول العربية لا تتجسد ديمقراطيتها في صناديق الاقتراع. لا أريد أن أكون متشائما، لكن للأسف الحقيقة أننا بعيدون عن الديمقراطية قريبون من التسلط والتحكم. لا التحكم في الانتخابات فقط، بل التحكم كذلك في الشعوب نفسها. أليس منع قول الحقيقة والصراحة تحكما ؟ أليس الزج في السجون بالذين ينادون بالتغيير تحكما من نوع آخر ؟ أليس الزج بالصحفيين وإلفاق التهم لهم المفبركة ولما لا حتى المساهمة في تصفيتهم الجسدية تحكما من نوع آخر ؟ إذا كانت الحرية على الأقل غير مكفولة لشعب فكيف ستكون هذه الديمقراطية ؟ حكومتنا التي بوأناها المرتبة الأولى، أين هي اليوم من هموم الشعب ومعاناته ؟ هناك من يلقي بنفسه للحيتان لتلتهمه، ويضحي بأغلى ما يملك وعمره لا يتجاوز الثلاثين. وهو يعلم أن نسبة وصوله إلى التي يعتبرها جنة الدنيا “أوروبا” ضئيلة وضئيلة جدا. لكن ليس بوسعه شيء، فأن يأتي رئيس حكومته ويقول بأنها ظاهرة كونية، فهو مؤسف. إنها ليست كذلك، بل هي توضح بالملموس سياستكم الفاشلة في التعاطي مع القضايا التي تهم الشاب، فلو كانت كما قال ظاهرة كونية لوجدت المتوافدين إلى المغرب من أوروبا بالعشرات أو المئات. أصعب شيء هو أن تبرر الفشل، فهذا يزيدك فشلا في فشل. منذ زمن قريب كان لنا رئيس حكومة عظيم قد لا يكون ساهم في إصلاح البلاد بشكل كبير لكن مع ذلك لم نكن وصلنا معه إلى درجة البؤس الذي وصلناها مع رئيس حكومتنا الحالي. ل ابد أن نعترف بأنه ضعيف سياسيا، ولم يكن وقف تطلعات الشعب المغربي ولا غريب في الانتخابات المقبلة أن لا يبقى. المنتخب الذي يكون همه الإصلاح والتغيير يسعى إلى أن يكون قريبا ممن ضعوا ثقتهم فيه. لكن للأسف لا نجد رئيس حكومتنا إلا بعدا في بعد، ففي القضايا التي نحتاج منه توضيحا لا يكون حاضرا، ويفضل المراقبة وفقط أو الاحتجاج كذلك عن طريق تدوينات عبر الفايسبوك، كموضوع الساعة الذي أتقن فيه لغة الخشب ولغة المراوغة. نحن غير راضين أبدا عنها، فلما يأتي بدراسات غير موجودة ليبررها والشعب الذي يهمه الأمر غير راض. ومن بين سياسة فشل الرئيس الحالي هو طبيعة التعامل مع قضية الأساتذة المتعاقدين. لا يمكن أن نختلف حول أن مستوى الحاصلين على الإجازة في السنوات التي سبقت أرقى وأفضل بكثير من الحاصلين عليها في السنوات القريبة، وهذا كذلك يجرنا إلى الفشل في التعامل مع التعليم العالي شكلا والتخبط و العشوائية الذي هو فيه, كيف سيكون المستوى والامتحان يجتاز في ساعة ونصف ؟ في أي شيء سيسأل الأستاذ الطالب ؟ التعاقد مهما اتفقنا حوله إلا أنه عشوائي مئة بالمئة لأنك تجعل الأستاذ معرض لجبروت وتحكم المدير ونحن نسمع العشرات من الأستاذة تم طردهم لأن لديهم مشكل مع المدير. أليس هذا بؤس ؟ أليس هذا فشل في سياستكم ؟ أليس هذا عشوائية في التعامل مع موضوع حساس يهم الآلاف من أبناء هذا الشعب الذي جئتم البارحة وقلتكم أن تريدون أن تخدموا مصالحه ؟ أي مصلحة هذا ؟ أي نعيم عشنا فيه معكم اليوم ؟ ولابد أن نطرح سؤال هل صناديق الاقتراع تأتي بقليل من التغيير ؟ ليس لدي قراءة للمستقبل لكن أخشى أن يفقد شعبنا الثقة الكاملة في أحزاب كانت تقول إلى حد كبير أنها إصلاحية، أحزاب كانت على رأسها الأهرام الحقيقية قبل أن يصبح في واجهتها سوى الذين يسعون إلى تحمل المسئوليات و الحصول على الامتيازات و الوزارات. لا غريب إن قاطع المواطنون الانتخابات ومنهم الذين تعاطفوا مع حزب معين لأن الوضع ازداد تأزما, للأسف. لو أنه على الأقل طبقوا التوجيهات في كل مرة والتي تخص إعطاء الشباب الفرصة ليقول كلمته و يدلي بدلوه لكان خيرا حقا.